فشل جديد لدبلوماسية السلطة.. الاحتلال عضو في القارة السمراء

شيماء رزق

تمدد جديد للاحتلال الإسرائيلي هذه المرة نحو القارة السمراء، فقد حصلت (إسرائيل) رسمياً على صفة عضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، وهو هدف عمل الدبلوماسيون الإسرائيليون منذ نحو عقدين لتحقيقه.

وقدم السفير (الإسرائيلي) لدى أثيوبيا أليلي أدماسو أوراق اعتماده كمراقب في الاتحاد الأفريقي إلى رئيس مفوضية الاتحاد موسى فقي محمد في مقر المنظمة في أديس أبابا.

ليست المرة الأولى التي تنضم فيها دولة الاحتلال لاتحادات أفريقية، فقد سبق أن حصلت على صفة مراقب في منظمة الوحدة الأفريقية، لكن بعد حل منظمة الوحدة عام 2002 واستبدالها بالاتحاد الأفريقي جرى إحباط محاولاتها لاستعادة هذه الصفة.

والأخطر أن الاحتلال يقيم علاقات حالياً مع 46 دولة أفريقية من أصل 55 و”لديها شراكات على نطاق واسع وتعاون مشترك في مجالات مختلفة بينها التجارة والمساعدات”.

ومن الواضح أن (إسرائيل) كثفت تواجدها في القارة السمراء، بما يتناسب مع المصالح الحيوية لها في هذا الصدد والتي تشمل على سبيل المثال ضمان الحصول على منفذ بحري في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وضمان الاتصال بالجاليات اليهودية مع استمرار هجرة اليهود من إفريقيا إلى (إسرائيل)، وتلبية احتياجات الاقتصاد الإسرائيلي في مجالات التسويق والعمالة والمواد الخام وتصدير الأسلحة.. وغيرها.

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، هناك تصاعد واضح في علاقات (إسرائيل) وتعاونها سياسيًّا وتجاريًّا واقتصاديًّا مع عدد من الدول الأفريقية، خاصة في شكل مساعدات اقتصادية وعسكرية لهذه الدول.

كما أن هناك حضوراً إسرائيلياً على نحو خاص في إثيوبيا، لمحاصرة الأمن القومي المصري من خلال التهديدات المرتبطة بمياه النيل بما يشمله ذلك من تهديد مشروعات الري والكهرباء بمصر.

وتتمتع فلسطين أيضا بصفة عضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، الذي شكلت بياناته الأخيرة فيما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني مصدر إزعاج للدولة العبرية.

وفي أيار/مايو أدان فقي “القصف” الإسرائيلي على قطاع غزة وكذلك “الاعتداءات العنيفة” لقوات الأمن الإسرائيلية في المسجد الأقصى، قائلا إن الجيش الإسرائيلي يتصرف “في انتهاك صارخ للقانون الدولي”. وعادة ما تتسم لهجة بيانات الاتحاد في قممه السنوية بالتأييد للفلسطينيين.

واستغل فقي انعقاد قمة الاتحاد الأفريقي عام 2020 للتنديد بخطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، وعندها قال إن هذه الخطة “داست على حقوق الشعب الفلسطيني” فنال التصفيق في القاعة الرئيسية للاتحاد.

الخطورة تكمن في أن الدبلوماسية الفلسطينية تتجاهل هذه المواقف ولا تتحرك للتقدم في العلاقات الفلسطينية مع هذه الدول التي لها تاريخ في دعم القضية الفلسطينية خاصة الدول العربية، ما منح الاحتلال الفرصة للتقدم في علاقاته الدولية.

ويمكن القول إن الاحتلال الإسرائيلي يلعب على وتر حساس في المنطقة ويتمدد شرقاً وجنوباً ويسجل إنجازات في علاقاته مع دول كانت تاريخياً مناهضة للاحتلال وداعمةً للقضية الفلسطينية.

ويقدم الاحتلال نفسه في المنطقة على أنه وكيل الولايات المتحدة والقائم بدورها وأن العلاقات مع أميركا يجب أن تمر عبر بوابة “إسرائيل”، إلى جانب الحوافز الاقتصادية الكبيرة التي يشجع بها تلك الدول لإقامة علاقات، خاصة وأن الكثير من دول القارة السمراء تعاني من أزمات اقتصادية طاحنة.

وهنا يطرح الاحتلال نفسه كأفضل دولة في المنطقة قادرة على تقديم خبرات وتعاون مهم في مجالات عدة منها الزراعية والصناعية، وخاصة التكنولوجية وفي مجال الأسلحة والاستخبارات والأمن، إلى جانب الورقة الأهم وهي العلاقة مع الولايات المتحدة.

في المقابل فإن السلطة الفلسطينية تقيم علاقاتها مع الدول ليس على قاعدة المصالح وإنما على قاعدة المعونات وما ستقدمه هذه الدول من أموال ومساعدات.

انضمام (إسرائيل) للاتحاد الأفريقي يعني أن علاقاتها في أفريقيا ستخرج للعلن بعد أن بقيت سنوات طويلة تعمل وتتمدد في الخفاء، بل إن البعض يربط بين أزمات القارة والاحتلال ويعتقد أن (إسرائيل) تقف خلف الكثير من الإشكاليات القائمة هناك من ضمنها سد النهضة.

وبناء على قرار الانضمام سيكون (لإسرائيل) الحق في الاطلاع على نشاطات الاتحاد الأفريقي وكل القضايا الخاصة به بل وطرح رؤيتها فيها ما يعني التدخل في الشئون الأفريقية.

ويأتي انضمام (إسرائيل) للاتحاد الأفريقي في إطار تعزيز العلاقات مع إثيوبيا دولة مقر الاتحاد، وذلك بالتزامن مع أزمة سد النهضة التي يتورط فيها اسم (إسرائيل) كونها الداعم الأكبر له.

ويشار إلى أن العلاقات بين أفريقيا و(إسرائيل) توترت منذ ستينيات القرن الماضي على خلفية اندلاع حركات التحرر الوطني في القارة السمراء وتصاعد الصراع العربي الإسرائيلي.

وفي وقت لاحق، دفعت الحروب الإسرائيلية مع الدول العربية عامي 1967 و1973، إلى قطع الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى علاقاتها مع (إسرائيل)، قبل أن تبذل تل أبيب على مدار السنوات التالية مساعي كبيرة لتحسين العلاقات مع العديد من دول القارة.

الرسالة نت

Comments (0)
Add Comment