قال محاميان ينشطان في مجال حقوق الإنسان إن حملة الاعتقالات التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدات ومدن الداخل الفلسطيني المحتل وتهديدها بزج الآلاف من عناصرها لتنفيذ حملة جديدة، تهدف لمعاقبة وردع فلسطيني الداخل عن نصرة قضيتهم ومؤازرة شعبهم، ولاسيما في حي الشيخ جراح بالقدس.
وأعلنت شرطة الاحتلال أمس عن تصعيد حملة اعتقالاتها ضد الفلسطينيين في البلدات العربية داخل الأراضي المحتلة عام 1948 على خلفية الأحداث التي شهدتها نصرة للقدس والأقصى وقطاع غزة وتنديدا باعتداءات المستوطنين. وقال مصدر إسرائيلي كبير “إن الشرطة الإسرائيلية ستغلق الحساب مع مثيري الشغب” على حد زعمه.
ووفق بيان لشرطة الاحتلال فإنها ستعتمد في حملتها التي أطلق عليها “القانون والنظام”، على تنفيذ اعتقالات وأعمال تفتيش وتحقيق مع المتظاهرين حتى تقديم لوائح اتهام وفرض عقوبة السجن بحقهم.
وقال مدير مركز “عدالة”، حسن جبارين، إن حملة الاعتقالات حرب عسكرية بوليسية ليلية، تستوجب ردا بمقدارها من كافة القوى السياسية والأحزاب ولجنة المتابعة.
وأوضح جبارين أن “هدف حرب الاعتقالات الانتقام من المواطنين الفلسطينيين على مواقفهم السياسية والوطنية مؤخرًا”.
ويقول المحامي والناشط الحقوقي من مدينة اللد المحتلة خالد زبارقة لوكالة “صفا” إن حكومة الاحتلال وأجهزتها الأمنية القمعية تهدف لمعاقبة وإرهاب فلسطيني الـ48 بعد فشلها بفرض روايتها فيما يتعلق بالأحداث الأخيرة.
وأوضح المحامي زبارقة أن حكومة الاحتلال تخوض حرب روايات برفقة الأحزاب الإسرائيلية المتطرفة لتصوير المجتمع الفلسطيني بالداخل وكأنه ” همجي ومعتدي”، على الرغم من مظلوميته التي دفعت أبناءه للتدافع لحماية بلداتهم ومدنهم أمام تغول ميلشيات وعصابات المستوطنين.
ولفت إلى أن الاحتلال فشل في فرض إرادته على الشعب الفلسطيني في كل المدن العربية بالداخل، “كما فشل في احتلال وعيِنا، لذلك سارع إلى تنفيذ حملات الاعتداء والتنكيل من خلال عصابات المستوطنين، وبالموازاة معاقبة المتصدين لهم بقوة الاعتقال تحت ذريعة فرض القانون والأمن”.
وحول هذه الحملة، أشار زبارقة إلى أن أهدافها سياسية وبعيدة عن النظام والقانون بعد فشل السياسات العنصرية بتكريس “يهودية الدولة” و”الدونٍية العربية” عن طريق إحلال الرواية الإسرائيلية.
وأضاف “الحملة أيضا تهدف لإخماد نار الثورة بالداخل المحتل بعد أن تفاجأ المستوى السياسي الإسرائيلي من ردة الفعل الوطنية والقومية لدى عرب الداخل الفلسطيني، ما يشير إلى فشل كل محاولات فرض الهوية الإسرائيلية وأسرلة الوعي الفلسطيني من خلال فرض حسم وصبغ هوية البلاد بالهوية اليهودية”.
وتابع “الحملة أيضا، خطوة انتقامية لتوحد الشعب الفلسطيني بالداخل حول روايته الدينية والوطنية والقومية”.
ويؤكد زبارقة أن “وعي الشعب الفلسطيني بالهوية في الداخل غير مسبوق، كونه يعيش العنصرية الإسرائيلية على مدار الـ24 ساعة في اليوم بالشارع والمؤسسات والمرافق العامة، وهذه الحملات لن تبقي الأمور عند هذا الحد وربما نشهد تصعيدا للأحداث”.
بدورها، قالت المحامية في مركز عدالة ميسان موراني لوكالة “صفا”، إن اعتقال شرطة الاحتلال نحو 1500 فلسطيني وتهديدها عبر الإعلام العبري باعتقال 500 آخرين، على خلفية المشاركة بنصرة القدس وأهالي الشيخ جراح، يكشف نوايا هذه الحملة الشرسة وغير المسبوقة بغرض إرهاب وقمع فلسطينيي الداخل.
وأكدت أن السلطات الإسرائيلية تهدف إلى ترويع وتخويف المجتمع الفلسطيني ولا سيما الشبان القاصرين لتحييدهم عن نصرة قضايا الشعب الفلسطيني والقدس، بالإضافة إلى إخماد أي نية من هؤلاء للثورة على واقع العنصرية الإسرائيلية بالداخل المحتل.
وأوضحت المحامية موراني أن هذه الاعتقالات شابها الكثير من العنف والعنصرية من قوات الاحتلال، عبر الاعتداء على الشبان وأهلهم واقتحام منازلهم وتحطيم أثاثهم، مشيرة إلى العديد من الصعوبات التي تواجههم كمحامين بالتعامل مع ممثليهم، بالإضافة لخروقات أثناء التحقيقات وتدخل جهاز الشاباك في كثير من الملفات.
وأضافت “هذه الحملة مثيرة للسخرية كونهم يحاولون إعطاءها صبغة قانونية؛ فالمستوطنون هم الذين اقتحموا البلدات العربية وحطموا ممتلكات الفلسطينيين واعتدوا على منازلهم وحرقوا سياراتهم، لكن المفارقة أن من يُعتقل هو المواطن العربي الفلسطيني”.
وأبدت المحامية بمركز عدالة استغرابها من محاولة السلطات الإسرائيلية تغطية هذه الحملة بغلاف قانوني وربط الأحداث بشكل جنائي تحت مبررات الحفاظ على الأمن والاستقرار، في الوقت الذي لم تكترث سابقا ولم تحرك ساكنا أمام انتشار الجريمة والقتل في المجتمع العربي.
وأشارت إلى ضرورة تجند المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل للدفاع والتصدي لهذه الحملة الإسرائيلية غير المسبوقة.
المصدر: صفا