بن زايد: «قيصر يعيق سوريا»
تقود الشراكة الروسية – الإماراتية رأس الحربة في محاولة إعادة تأهيل النظام السوري عربياً ودولياً، وحشد التأييد لمقترح عودته إلى الجامعة العربية، وهو ما برز مجدداً يوم الثلاثاء عبر انتقاد وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، «قانون قيصر» الأمريكي الذي يفرض عقوبات على شخصيات وكيانات مرتبطة بالنظام السوري، مشيراً إلى أن «التحدي الأكبر» أمام العمل المشترك مع دمشق يتمثل في قانون قيصر الأمريكي.
وعقب مباحثات أجراها بن زايد مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي، في مستهل جولة خليجية تتواصل حتى الجمعة وتقوده إلى السعودية وقطر، قال وزير الخارجية الإماراتي «عودة سوريا إلى محيطها أمر لا بد منه، وهو من مصلحة سوريا والمنطقة ككل (..) التحدي الأكبر الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سوريا هو قانون قيصر».
تنسيق روسي – إماراتي لإعادة تأهيل الأسد عربياً… ولافروف لتسوية في المنطقة كلها
وبطبيعة الحال، لا يستغرب التنسيق الروسي – الإماراتي في دعم النظام السوري، إذ التقت مصالح الإمارات التي اختارت لنفسها وفق مراقبين وخبراء، موقعاً يقوم على التحالف مع الحكومات العسكرية والمستبدة، في هذه النقطة، مع السياسة الروسية، كما أنه لا يعتبر طرح الملف والترويج له مستغرباً خلال الزيارة الرسمية الروسية، في ظل تلاقي المصالح، على أن تتولى الإمارات حشد الدعم المالي وتوفير الغطاء العربي لهذا المقترح، والهدف كبح النفوذ التركي في سوريا، فضلاً عن محاولتها زيادة نفوذها الإقليمي، والتأثير على التفاعلات بين الدول الإقليمية في المنطقة.
وعلى ضوء ما تقدم، أكدت الإمارات على ضرورة «التعاون والعمل الإقليمي» لعودة سوريا إلى محيطها العربي، حيث قال «بن زايد» إن «إبقاء قانون قيصر كما هو اليوم يجعل هذا المسار في غاية الصعوبة ليس لنا كدول فقط بل أيضاً على القطاع الخاص». وبالرغم من أن قانون قيصر، قد أنجز بجهود جبارة للجالية السورية في واشنطن، بهدف الضغط على النظام السوري، ودخل حيز التنفيذ في حزيران/يونيو 2020، لفرض عقوبات مشددة عليه، إلا أن دولة الإمارات اعتبرت القانون يعيق العمل والتعاون مع سوريا. وحسب الوزير الإماراتي فإنه «لا بد من وجود مجالات تفتح سبل العمل المشترك مع سوريا (..) قانون قيصر يعقد عودة سوريا لمحيطها العربي وعودتها إلى الجامعة العربية، ويجب ان يكون جزءًا من الحوار الذي نتحدث به بشكل واضح مع اصدقائنا في الولايات المتحدة أيضًا».
لافروف: دعم التسوية في المنطقة
و»قيصر» هو الاسم المستعار لمصوّر سابق في الجيش السوري خاطر بالفرار العام 2014 من البلاد وبحوزته 55 ألف صورة لأعمال وحشية ارتكبت في سجون النظام السوري، وبموجب عقوبات «قانون قيصر» بات أي شخص يتعامل مع النظام معرضاً للقيود على السفر أو العقوبات المالية بغض النظر عن مكانه في العالم.
بدوره، قال لافروف، خلال المؤتمر الصحافي ذاته، إن بلاده تدعم التسوية السياسية في سوريا وليبيا واليمن، مرحباً باتفاقية السلام بين الإمارات وإسرائيل، وبجهود أبو ظبي بشأن حل القضية الفلسطينية.
الخبير في الشؤون الروسية د.محمود حمزة، اعتبر أن دعوة الإمارات إلى عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية ليس بجديد و»الإمارات لا تجد حرجاً في تلميع صورة الأسد، لأن الدور الذي تقوم به في المنطقة، يقوم ضد مصالح الشعوب، إذ أنها سارعت للتطبيع مع إسرائيل مجاناً، كما لعبت دوراً قوياً في فرض الحصار على دولة قطر دون فهم الأسباب، وبدون وجود موجبات له، كما عملت ضد الجيش اليمني الذي يحارب الحوثيين، ولعبت دورًا هامًا في تقسيم اليمن، وهي أول دولة قامت بترميم سفارتها في دمشق، وأعلنت افتتاحها».
وقال الخبير في العلاقات السورية – الروسية لـ«القدس العربي»: «تم تجميد عضوية النظام، بسبب قتل السوريين وجرائم بحق المدنيين، ولم تزل هذه الأسباب بعد، فمن يطالب بعودة نظام الأسد إلى الجامعة العربية، يساهم بارتكاب جرائم ضد السوريين لأنه يحاول تلميع صورة الأسد ويبرئه من الجرائم التي ارتكبها». وأضاف «الإمارات معروف تماماً أنها تدعم نظام الأسد، كما أنها تدعم الثورات المضادة، وتحارب تركيا وتتعاون مع روسيا وهناك تسريبات قوية أن الإمارات تكفلت بكل الحملة الروسية وتدخل الجيش الروسي في سوريا، وهذا ما قاله خبراء روس، مؤكدين أن موسكو لم تدفع تكاليف التدخل العسكري وهناك من طلب هذا الشيء منها، وقد لا تكون لوحدها».
وتحدث د.محمود حمزة، عن رغبة إماراتية واضحة في تسريع عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، وتخليها عن شروط كانت قد دعت إليها عام 2019 حيث قال «خلال الزيارة السابقة التي أجراها وزير الخارجية الروسي لافروف إلى الخليج العربي، وزار كلاً من السعودية وقطر الإمارات والكويت، داعياً وزارات خارجية هذه الدول إلى الموافقة على عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، حيث صرحت الإمارات حينئذ أنها موافقة على العودة، لكن مقابل أن يقدم النظام السوري على خطوات تغير سياسي، أما اليوم فيبدو أنها تخلت عن هذه الشروط ولم يجّرم الأسد لكونه سبب الكارثة السورية وقتل واعتقال وتهجير الملايين» وأضاف «الموقف السعودي والقطري يختلف عن الموقف الإماراتي بخصوص بعودة النظام إلى الجامعة».
وقال «الإمارات صرحت هذه المرة بشيء كبير من الجرأة، حول مناقشة الإدارة الأمريكية بإعادة النظر بقانون قيصر، الذي أقر بسبب جرائم النظام، والأصل في هذا المطلب هو روسيا، التي تسابق الزمن من أجل عودة عمل الشركات الروسية التي تعاني من قانون قيصر». وأعادت الإمارات والبحرين فتح سفارتيهما في العاصمة السورية في كانون الأول/ديسمبر 2018. وفي يونيو/حزيران 2020، دخل «قانون قيصر» حيز التنفيذ. وفي الشهر ذاته، حذر المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، الإمارات من إمكانية تعرضها لعقوبات بمقتضى «قانون قيصر» إذا واصلت مساعيها لتطبيع العلاقات مع النظام السوري.
دعم الحكومات المستبدة
الباحث لدى المركز العربي في واشنطن «رضوان زيادة» قال لـ«القدس العربي» إن «الإمارات اختارت لنفسها موقعاً يقوم على التحالف مع كل الحكومات المستبدة التي ترفض التغيير في المنطقة، رغم أنها كانت من أوائل الدول التي دعمت التغيير والثورة في كل من ليبيا وسوريا، وهذا التغيير تقوده بشكل كامل بالاعتماد على مواردها المالية وتدرك أن أحد أهداف روسيا الآن إرجاع نظام الأسد للجامعة العربية، ولذلك هناك شراكة اماراتية – روسية في هذا الاطار، وصدور مثل قانون قيصر تحطيم لهذه السياسات».
وأبدى المتحدث اعتقاده بأن الإدارة الأمريكية الحالية ستبقى متمسكة بالقانون كسيفٍ ضد تأهيل الاًسد عربياً أو دولياً، وأضاف «في الحقيقة ليست هناك فوائد اقتصادية وهذا ما يثير التساؤلات حول النوايا المعلنة، ويمكن تصنيف هذا الحراك ضمن خانة حرب المحاور، لكن لا يوجد حليف للإمارات في هذه الجهود ولذلك ربما تتراجع عنها بعد ضغوط أمريكية». وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، قررت الجامعة العربية تجميد مقعد سوريا، على خلفية لجوء نظام الأسد إلى الخيار العسكري لإخماد الثورة الشعبية المناهضة لحكمه، فيما تصاعدت في الفترة الأخيرة الدعوات من أطراف عربية، بينها الإمارات، لإعادة سوريا إلى الجامعة.
القدس العربي