د. عبد العزيز الخاطر يكتب: القبيلة والدوائر الانتخابية

د. عبد العزيز الخاطر

في دراسة قيمة للدكتور حسن السيد استاذ القانون الدستوري في جامعة قطر بعنوان “هل تكون القبيلة اساساً لتحديد الدوائر الانتخابية للانتخابات القادمة في مجلس الشورى المرتقب؟”.
أظهرت الدراسة أن هناك تراجعاً في الوعي الرسمي لمفهوم الديمقراطية ذاته من خلال رحلة مجلس الشورى القطري منذ انشائه في عام 1972، حيث كان المجلس الاول اقرب الى روح الديمقراطية، حيث لم يكن التعيين على اساس قبلي، وقد اشرت الى ذلك في عدة مقالات سابقة كتبتها، حيث كان الجاه والتجارة والمكانة، وهي قيم فردية، هي المحدد الاساسي في تعيين ذلك المجلس الاول، بينما كان المحور القبلي واضحاً واساسياً في التعيينات، لما تلى ذلك المجلس من مجالس مع بعض التفاصيل التي لا تراوح بعيداً نطاق القبيلة او البيئة الواحدة، وهذا شيء مستغرب لمجتمع يريد التطور، فبدلاً من الانطلاق لاذ بالانكماش.
الآن نحن امام انتخابات قادمة، ويبدو ان هاجس القبيلة مسيطر وبشكل واضح، وهو سهل ويعفي الحكومة من كثير من المسؤولية، فعدم تعزيز وجود المجتمع المدني منذ اول انتخابات منذ نصف قرن تقريباً أضعنا فيه الفرصة أمام رؤية اكثر وضوحاً وتطوراً.
الآن نحن أمام مجال عام خال ليس فيه من لاعب سوى القبيلة وتجمعات صغرى عائلية وما شابه ذلك، لكن الخيار القبلي أو اعتبار القبيلة اساساً لدوائر الانتخابات خيار له تداعياته المستقبلية الكارثية، لعدة أسباب؛ منها أن القبيلة وتاريخ القبيلة لا يزال يعتمل داخل المجتمع بشكل يخفي حتى وجود الدولة التي تحمله في احشائها بشيء من التناقض، ثم ان القبيلة كانت ضحية لتجاذبات الريع منذ مدة طويلة، فأحدث ذلك انقسامات في داخلها، الامر الذي سيضع الانتخاب والترشيح كذلك امام مقصلة الريع وتجاذبه، فيصبح الامر صورة ربما صورة متقدمة من مهرجان عرضات القبائل ايام الاحتفال باليوم الوطني قبل ازمة الحصار، واخيراً أن القبيلة أو الاسرة الحاكمة كانت ولا تزال خارج هذه المنظومة، فالثقل الكبير خارج هذه المنظومة مما يجعلها قلقة وقابلة للاهتزاز والتجاذب وعدم الثبات، لأن المحرك الاول والاساسي خارجها، فهي تنجذب وتبتعد في محيطه وحركته، وهو أمر ملحوظ في تجارب إقليمية مشابهة، لو أنه مجتمع مدني لكان الوضع مختلفاً.
أخشى التأسيس للقبيلة في هذا الجانب بالذات، أتمنى إيجاد معايير اكثر ثباتاً وحيادية، ولديها القدرة على ابراز الشخصية الفردية على الرغم من وجود حصة معتبرة للتعيين إلا أن الانتخاب هو الانطلاقة التي تحتاج الى الوعي بها بشكل حاسم وواضح، ومع ذلك فإنني لا أزال في حيرة، لماذا كان الوضع كذلك ولتجربتنا ما يقارب نصف قرن من الزمان؟. فهو خيار يبدو وحيداً إلا أنه مُر لمجتمع مستغرق في مرجعيته الأولى فيزيده ذلك استغراقاً.

abdulazizalkhater@yahoo.com

الشرق القطرية

Comments (0)
Add Comment