عادل أبو هاشم
” الأغلبية الساحقة إن لم يكن كل الحضور ومن اتصل هاتفياً قد عرض أن يقوم بالتغطية المالية، فرفضت ، ورفضت من أبناء آخرين أعزاء على قلبي وتاريخي ومحبتي، لكي لا أُثقل عليهم معك يا ‘ فخامة الرئيس ” .
” لقد أسقطتك من حسابي نهائياً، حيث أعرف أنك إنسان شكاك بالسليقة وباطني الغريزة، ولا تحب أحداً في الدنيا سوى نفسك وأولادك والآن أحفادك ” .
ما سبق جزء من رسالة الشهيد القائد أبوعلي شاهين التي خطها ــ رغم المعاناة المتواصلة والآلام التي لا تنتهي ــ وهو على سرير المرض قبل ساعات من وفاته إلي الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، والتي كشف فيها عن معاملة عباس له كعدو لدود حيث رفض تغطية تكاليف علاجه ، ورفض زيارته في فتره علاجه ، بل و تمنى له الموت .!
لقد شعر الفلسطينيون في كل مكان بالعار والخزي و الشنار من تصرفات محمود عباس رئيس فلسطين الذي لا يعرف قيمتها ، ولا أقدارها ، ولا جغرافيتها ، ولا تاريخها ، ولا عظمة قادتها ، ولا جهاد شعبها ، وحول فلسطين “الأرض والشعب والمقدسات” إلى تكية لعائلته ، وللصوص المقاطعة في رام الله .!!
وأدرك الفلسطينيون بأن رئيسهم لا يملك من الرئاسة مؤهلاتها، فلا فوائض عقل ، ولا زاد من بصيرة ، ولاحس بالسياسة ، ولا شرعية حتى بالحق أو بالباطل .!!
و أنه لا يخلص لدم شهداء شعبه ، وعذابات أسرى وجرحى وثكلى هذا الشعب ، ويتصرف كموظف أرشيف جاءت به الصدفة إلى رئاسة الأرض التي باركها الله . !!
و أن رئيس فلسطين وهو الشخص الذي كانت غاية أحلامه منصب سفير في دولة خليجية ، أو رئيس لشركة طيران ، أو مدير علاقات عامة في أحد الفنادق ، قد أخذ الوطن إلى حرب أهلية ، وحرض على حصار أكثر من مليون و نصف من أبناء شعبه إلى درجة الموت..!!
و أن رئيس فلسطين والقائد العام لحركة ” فتح ” لا يملك أي تاريخ نضالي ، ، و يتفاخر بأنه لم يحمل مسدساً في حياته ، وجعل من شعار فتح ” ثورة حتى النصر ” إلى شعار ” ثورة حتى أخر الشهر ” .
و أن الطريق الذي رسمه ــ الذي بشرنا بقيام الدولة الفلسطينية قبل عشرون عامـًا ــ أوصل الشعب الفلسطيني إلى أن يصبح رهينة لدى العدو الإسرائيلي، ليس أمامه سوى الاستجداء والتوسل تارة للقمة العيش و تارة أخرى للانتقال من مدينة إلى أخرى.!
وأصبح سلام الشجعان الذي وصفت به ” اتفاقية أوسلو ” التي وقعها هو “سلام القبور المفتوحة لكل ما هو فلسطيني”.!
و أن رئيس فلسطين لا يدرك الفرق بين المقاومة والإرهاب، وما انفك يطلق عبارات الاستنكار والتـنديد والشجب والإدانة منذ بداية انـتفاضة الأقصى المباركة في 28/9/2000م لكل عمل مقاوم ضد العدو الإسرائيلي، بل وصل به الأمر إلى وصفه العمليات الاستشهادية بـ (الحقيرة) .! ويفتخر بالتنسيق الأمني مع العدو .
( في مؤتمر دافوس الاقتصادي قبل أيام في الأردن قال عباس : إن الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية أعادت إلى الاحتلال خلال عام 2012 م “96 جندياً إسرائيلياً معززين مكرمين، دخلوا بالخطأ إلى الضفة الغربية ، و نخن فخورون بذلك ، نحن ننسق أمنياً مع الاسرائيلين ، ومنذ ست سنوات لم تحدث مشاكل بين الضفة و”اسرائيل !! ) .
أكثر من ست سنوات من عمر الانتفاضة، وما تخللها من مذابح يومية للفلسطينيين يندر أن تجد مثيلا لها في أي مكان، أو في أي زمان، لم نسمع كلمة إدانة من “رئيس فلسطين” لجرائم العدو الصهيوني بحق أبناء شعبه تعادل وصفه للعمليات الأستشهادية بالحقيرة فهو لم يسمع عن خطابات الشكر والإشادة التي يوجهها قادة العدو الإسرائيلي لجنودهم لقتلهم أبناءنا..؟!
أكثر من خمسة آلاف شهيد، وأكثر من خمسين ألف جريح من بينهم خمسة آلاف معاق إلى الأبد، وأكثر من عشرة آلاف أسير ومعتقل..!! هل سمعتم يومـًا أن ” رئيس فلسطين ” ذهب لتعزية عائلة شهيد، أو لزيارة عائلة جريح أو معتقل..؟!
بدلا من ذلك أخذ يطلق التصريحات التي تثير البلبلة في عقول الكثيرين من المتابعين لمسيرة جهاد ونضال الشعب الفلسطيني، من اتهام الانتفاضة بالعسكرة التي أدت إلى تدمير كل ما بنته السلطة الفلسطينية.! والمطالبة بإنهاء الانتفاضة وتجريد الفلسطينيين من السلاح المقاوم، إلى اتهام فلسطينيي عام 1948م بإفشال الانتفاضة وإسقاط حق عودة اللاجئين إلى ديارهم.!، واتهامهم أيضـًا بالمسئولية عن مقتل شهدائهم الثلاثة عشر الذين سقطوا في انتفاضة القدس والأقصى في شهر أكتوبر عام 2000م..!!
( في قمة العقبة يوم الأربعاء 5 يونيو 2003م ألقى محمود عباس خطابـًا وصف فيه جهاد الشعب الفلسطيني ضد أشرس غزوة استعمارية استيطانية صهيونية عنصرية استهدفته بالإرهاب، وأن الفلسطينيين السبب في معاناة اليهود..!! )
وتساءل الشارع الفلسطيني بكثير من الاستهجان: هل من المعقول أن يصدر عن “رئيس فلسطين” ما لم يعد يصدر عن كثير من قادة العدو الإسرائيلي حول الشعب الفلسطيني و جهاده ضد العدو الغاصب ..؟!
من أين جاءت لهذا الرجل الجرأة على تحميل شعبه نتائج العدوان الإسرائيلي من حالة الضياع والجوع والمعاناة والحصار التي يعاني منها هذا الشعب.؟! وهل باتت الانتفاضة ــ في نظره ــ سوءة شعب يرفض الاحتلال ويقاوم الظلم ويواجه العدوان، ولا بد من تغطيتها أو إزالتها أو حتى نسفها حتى ترضى الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية عنه.؟!
وإذا عرف السبب زال العجب :
جرأة هذا الرجل جاءت عندما وافقنا على ” أوسلو ” التي شرذمت وشتت الشعب والأرض وفصائل المقاومة .!!
جرأة هذا الرجل جاءت عندما صمت الشعب عن ممارسات ” عصابة أوسلو ” وتـنازل عن الكثير من حقوقه تحت مقولة “المرحلة التاريخية البالغة الصعوبة من تاريخ قضيتـنا ..!!” ، فقد تـنازلنا وسكتـنا من أجل الوطن حتى غضب الوطن من تـنازلنا وسكوتـنا .!!
و عندما استلب من شعب فلسطين كل جهاده ونضاله وتضحياته، واصدر قرارات في محاولة دنيئة لحرمان شهدائه من شرف الشهادة التي كرمهم الله سبحانه و تعالى يها، وتناسى أن دماء هؤلاء الشهداء وليس اتفاق أوسلو هم الذين كرسوا بقاء الشعب على أرضه .!!
وعندما صمتنا عن كيله التهم لأبناء شعبه حيث وصفهم بمشركي قريش و القرامطة . !! بعد اتهامهم سابقاِ بايواء تنظيم القاعدة في محاولة مستهجنة ــ وغير مسبوقة حتى في ظل أحلك أيام الدويلات الأسلامبة في زمن صلاح الدين الأيوبي ــ لتحريض العالم ضد شعبه .!!
و عندما سمحنا لمن لا يملكون أي تاريخ نضالي أو وطني أن يتقلدوا المناصب الكبيرة ويسكنوا القصور ويكون لهم ولأقربائهم الأولوية على الشعب .!!
و عندما جمعنـا السلاح ، واعتقلنا المناضلين ، وسمحنا لبقاء الفوضى ترتع وتلعب في كل أجهزة السلطة . !!
و عندما فرطنا في حق العودة للاجئين ، وسمحنا لأحد أزلام السلطة بالبحث عن مفتي يحرم الانتفاضة والعمليات الإستشهادية .!!
وعندما ألغينا الميثاق ، وأصدرنا بيانات تدين العمل النضالي والإستشهادي ، وتتناغم مع المطالب الإسرائيلية والأمريكية بتسفيه وتشويه النضال ، وتسمية النضال إرهابـًا والمناضلين قتلة .!!
و عندما جعلنا من بعض العائلات عائلات إقطاعية ، حيث يحق للفرد منها حتى ولو كان أميـًا ما لا يحق لأبناء الشعب من حملة الشهادات العليا .!!
وعندما أعطينا الأذن أو سكتـنا ونحن نرى كبار رجال السلطة يوظفون نساءهم وأبناءهم وبناتهم وأقرباءهم وأنسباءهم والبقية الباقية من عائلاتهم فيحصلون على عشرات الرواتب تاركين البطالة للآخرين من أبناء الشعب .!!
وعندما سكتـنا عن إعتقال قادة ورموز المقاومة في المعتقلات الفلسطينية ، وما رافق هذا الإعتقال من إهانة وإذلال .!!
وعندما سمحنا لبعض مسؤولي الأجهزة الأمنية بإطلاق الرصاص وقتل أبناء شعبهم .!!
نعم يا “عباس” فكل الفلسطينيون يشعرون بالعار والعيب بعد قراءة رسالة الشهيد ألقائد و المعلم و الرمز أبو علي شاهين ” ضمير حركة فتح ” الأخيرة لك .
و ليس المطلوب منك ــ و أنت المعروف بتوزيع اعتذاراته كيفما شاء وإلى من شاء ــ أن تقدم اعتذارًا إلى الشهيد القائد أبو علي شاهين وعائلته و حركة فتح وفصائل المقاومة ، بل المطلوب اعتذار من كل فلسطيني انتخبك ، فقد خيبت ظنه.!
وإلى أبناء حركة فتح الشرفاء تلاميذ و أبناء ” ضمير فتح ” القائد أبو علي شاهين ، إلى الذين آمنوا بالثورة على ظلم الاحتلال ، وتربوا في مواقع العز وخنادق الثورة وسجون المحتل ، إلى الشباب المخلص الذين لم تفسدهم السياسة، ولم تذهب بضمائرهم المناصب والامتيازات ، إلى الأبطال الذين كانوا جنوداً للانتفاضة الأولى عام 1987م ، وانتفاضة الأقصى عام 2000م، ممن عاهدوا الله وعاهدوا شعبهم عهد الدم على المضي في طريق التحرير والعودة، وكانت شعاراتهم إما النصر أو الشهادة، وإما نعيش على ظهر الأرض أحراراً أو أن تحتضننا في بطنها شهداء ، إلى الذين علمهم أبو علي شاهين أن الثورة هي تغيير ، وتفجير ، وإبداع ، وليست جيش من المتسولين ينتظرون راتب آخر الشهر و بطاقة تأمين صحي ، أتمنى عليهم أن يدققوا جيداً في رسالة قائدهم لمحمود عباس الذي رفض تغطية تكاليف علاجه ، ورفض زيارته في فتره علاجه في ألمانيا و القاهرة ، بل وتمنى له الموت ، ولم يتورع عن معاملته كعدو لدود . أن دم أبو علي شاهين يفرض عليكم فضح وتعرية كل البؤر والمستنقعات التي يعشعش فيها كل من ارتكب جريمة خيانة الوطن وبيعه في سوق النخاسة ..؟! وأن تلتفتوا إلى داخل حركة فتح العظيمة لتطهيرها من الطحالب الفاسدة والعفن ، والتائهون والضائعون بين العجز والإنحراف ، والسرطان الذي ينمو وتزداد أورامه في أحشاء الحركة ، وتنظيفها منالوجوه العفنة والعقلية المريضة التي لا تحرم الإثم والإنحراف ، وإنما تحلله وتفلسفه وتنظر له ، وتضع له القواعد والمرتكزات من خلال مصلحتها الذاتية التي ترتبط بالضرورة بمصلحة العدو فتصبح وإياه شيئـًا واحدًا .!
توفي فجر يوم الثلاثاء ٢٨/٥/٢٠١٣ م القيادي في حركة فتح عبدالعزيز علي شاهين ” ابو علي ” بعد صراع مع المرض ، وذلك في غرفه العناية المكثفه بمستشفى الشفاء بمدينة غزة .
وقد نشر هذا المقال يوم الخميس ٣٠/٥/٢٠١٣ م .