البابور العربي – خاص
صمود حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على مدار عام كامل في وجه العدوان الإسرائيلي، رغم القصف العنيف الذي شمل إلقاء أكثر من 100 ألف طن من القنابل والصواريخ، يعود إلى مجموعة من العوامل الأساسية التي ساهمت في تعزيز قدرتها على المقاومة والاستمرار. وفيما يلي أبرز الأسباب التي تقف وراء هذا الصمود:
- التخطيط العسكري الدقيق:
حماس قامت بإعداد طويل الأمد لهذه المواجهة، حيث طورت تكتيكات عسكرية جديدة شملت الأنفاق الهجومية والدفاعية، وأعدت مخزونات كبيرة من الأسلحة والذخائر، ما مكنها من الاستمرار في توجيه الضربات رغم الهجمات المتواصلة. تمكنت الحركة من تطوير منظومة صواريخ بعيدة المدى نسبياً، ما جعلها قادرة على استهداف المدن الكبرى داخل الكيان الإسرائيلي.
- التكتيكات الحربية المتنوعة:
تنوعت تكتيكات حماس بين حرب العصابات، واستخدام الأنفاق، وإطلاق الصواريخ، والتسلل إلى خلف خطوط العدو. هذه التكتيكات كانت مربكة للعدو الإسرائيلي الذي يعتمد على التفوق الجوي والتكنولوجيا العسكرية المتقدمة، ما جعله غير قادر على تحقيق انتصار حاسم. عمليات المقاومة، سواء الهجومية أو الدفاعية، اعتمدت على المرونة والقدرة على التأقلم السريع مع تغيرات ساحة المعركة.
- الأنفاق العسكرية:
تُعد الأنفاق واحدة من أهم استراتيجيات حماس للدفاع والهجوم، حيث وفرت لها ميزة استراتيجية كبيرة. هذه الأنفاق ساعدت في حماية المقاتلين من الغارات الجوية الكثيفة، وأتاحت لهم حرية الحركة تحت الأرض، مما جعل من الصعب على العدو الإسرائيلي استهدافهم بشكل فعال.
- الدعم الشعبي:
صمود حماس لم يكن ليتم بدون الدعم الكبير الذي حظيت به من سكان غزة. الشعب الفلسطيني يدرك أن هذه المعركة هي معركة وجودية، وأن المقاومة هي الوسيلة الوحيدة لكسر الحصار وإجبار العدو على التراجع. هذا الدعم الشعبي منح المقاتلين الروح المعنوية العالية والقدرة على الاستمرار رغم الدمار الهائل والخسائر البشرية.
- التمويل والدعم الخارجي:
حماس استفادت من دعم مالي ولوجستي من دول إقليمية وجهات داعمة للمقاومة، مما ساعد في تأمين الأسلحة والمواد اللازمة لاستمرار القتال. هذا الدعم لم يكن فقط على المستوى العسكري، بل شمل أيضًا الجانب الإنساني والإغاثي لمساعدة السكان في مواجهة تداعيات الحرب.
- الإيمان بالقضية والروح الجهادية:
الإيمان العميق لدى مقاتلي حماس بعدالة القضية الفلسطينية وبأنهم يخوضون حرباً مقدسة للدفاع عن الأرض والمقدسات كان أحد أهم أسباب صمودهم. هذا الإيمان منحهم قوة معنوية استثنائية، حيث يعتبرون أن الموت في سبيل الله والشهادة هي غاية نبيلة.
- التكنولوجيا المحلية:
رغم الحصار المفروض على القطاع، تمكنت حماس من تطوير منظومات محلية لصناعة الأسلحة مثل الصواريخ، الطائرات المسيرة (الدرونز)، والعبوات الناسفة، مما قلل من اعتمادها على السلاح المستورد. هذا التطور التكنولوجي أعطى الحركة القدرة على مواصلة القتال حتى مع تصعيد العدو واستمرار الحصار.
- الإدارة الذكية للأزمات:
حماس أظهرت قدرة عالية على إدارة الأزمات خلال فترة الحرب الطويلة، من خلال توفير بدائل لإدارة الحياة اليومية في غزة، وتوفير الخدمات الأساسية قدر الإمكان، وهذا ساعد في الحفاظ على صمود الجبهة الداخلية. القيادة العسكرية والسياسية للحركة أظهرت مرونة في التعامل مع المتغيرات الدولية والإقليمية، ما ساعدها على تجاوز الكثير من العقبات.
- عدم قدرة العدو الإسرائيلي على تحقيق أهدافه:
رغم استخدام العدو الإسرائيلي لأحدث الأسلحة وأكثرها تدميراً، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق أهدافه الاستراتيجية. فشل العدو في القضاء على البنية التحتية للمقاومة أو كسر إرادة الشعب الفلسطيني، مما أدى إلى استمرار المقاومة.
في النهاية، عوامل الصمود لدى حماس تتجسد في مزيج من التخطيط العسكري المحكم، والدعم الشعبي، والروح الجهادية العالية، والقدرة على التأقلم السريع مع ظروف المعركة، إضافة إلى وجود قيادة عسكرية وسياسية قادرة على اتخاذ القرارات الحاسمة في أوقات الشدة. هذه العوامل جميعها جعلت من الصعب على العدو الإسرائيلي تحقيق نصر حاسم رغم استخدامه القوة المفرطة.