البابور الموقع العربي

فلسطينيو لبنان بين قرارات الدولة وصفقة القرن

467

عمر القيصر

لبنان من الدول المصادقة على معظم بنود بروتوكول الدار البيضاء (كازبلانكا )عام 1965، ذلك البروتوكول الذي ينص على ضرورة معاملة الفلسطينيين في الدول العربية التي يقيمون فيها معاملة شعوبهم في إقامتهم وسفرهم وتيسير عملهم مع احتفاظهم بالجنسية الفلسطينية فقد بقي اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يعاملون كأجانب محرومين من أبسط الحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية من حيث العمل والملكية، وما يتفرع عنهما من حقوق كثيرة، ورغم أن لبنان قد أكد في مقدمة دستوره على احترامه للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، إلا ان الواقع يشير بخلاف ذلك،

وعملياً كان اللاجئون الفلسطينيون يحظون بمعاملة المواطنين في سوريا، الأردن، الجزائر والمغرب. لكنهم عوملوا كأجانب في مصر، ليبيا، العراق، الكويت، دول الخليج ولبنان.

هناك لغط كبير بين رفض التوطين مطلقاً وبين حرمان الفلسطينيين من حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،

العمالة الفلسطينية

إن قانون العمل اللبناني في تعاطيه مع العمال الأجانب في لبنان يأخذ منحنيان أساسيان في منحه إجازة العمل:

أولاً: أولوية العامل اللبناني على غيره من الأجانب.

ثانياً: مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل.

لذلك فإجازة العمل تتناول الأعمال التي لا يقوم بها العامل اللبناني و تمنح حيث لا توجد كفاءات لبنانية لإمتهانها.

وإن استطاع العامل الفلسطيني الحصول على إذن عمل فهنا يبدأ التصادم مع أسياد العمل ومزاجيتهم وحرمانه من الضمان الاجتماعي والصحي والتعويض والأجر وذلك بعدم تسجيل العمال في مؤسسات الضمان الاجتماعي ويبقى عرضة للطرد .

وتقدّر قوة العمل الفلسطينية بحوالي 75 ألف عامل يتمركزون في مجالات الأعمال الشاقة والزراعة و البناء و الأفران و محطات الوقود.

لا يختلف وضع المهندسين والأطباء عن ماسبق إذ يتعب المهندسين ويكدون في أعمالهم وتبقى الدمغة الأخيرة باسم مهندس لبناني حصرا وبينما الاطباء لا يعترف بالتقارير التي يكتبونها من قبل الدولة اللبنانية ما لم تكن ممهورة بتوقيع طبيب لبناني. ويتعرضون لامتحان
الكولوكيوم ومن يستطيع تجاوز هذا الامتحان من الأطباء الفلسطينيين لا يمكنه العمل إلا في مؤسسات وكالة الغوث الدولية-الأونروا ومستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني، أما مبررات المنع من العمل المقدمة من الدولة اللبنانية، فتنسب بين عدم القدرة على توفير فرص عمل للبنانيين فكيف بالنسبة للاجئين، وبين عدم اتخاذ هذا الموضوع على أنه مقدمة للتوطين أو لكي لا تشكل العمالة الفلسطينية منافسة لليد العاملة اللبنانية.

كذلك في حال المهن الحرة كالطب والمحاماة والصيدلة والهندسة وغيرها، فإن التشريعات اللبنانية تحصر ممارستها ضمن نقابات، لا يستطيع الفلسطيني الانتماء إليها لاشتراطها في أنظمتها الداخلية أن يكون العضو لبنانياً منذ أكثر من عشرة أعوام، أو التزام دولة طالب الانتساب بمبدأ المعاملة بالمثل. و وزارة العمل تعاقب كل من يثبت إستخدام أجنبياً بعقد عمل أو إجازة صناعية بدون موافقة مسبقة أو إجازة عمل، بغرامة مالية باهظة ، الأمر الذي دفع أصحاب العمل اللبنانيين إلى العزوف عن استخدام الفلسطينيين لديهم.

وكان الوزير عبد الله الأمين في 11 كانون ثاني 1993 أصدر قراراً بحصر المهن باللبنانيين ومنع الأجانب، وطبعاً هذا يتضمن الفلسطينيين، بالقرار رقم 3/1، كرر فيه المواد ذاتها،و التي وردت في قرار الدكتور مروة وأضاف التالي في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية باستثناء تدريس اللغات الأجنبية عند الضرورة، الأعمال الهندسية، السائق، السفرجي.. كذلك زاد في فئة أرباب عدد من الأعمال الأخرى. أما الوزير أسعد حردان، بتاريخ 18 كانون اول 1995 بالقرار 1/621، فقد كرر فيما يخص الأجراء وأصحاب العمل البنود ذاتها، التي وضعها الوزير الأمين. إلا أن ما اختلف به الوزيران الأمين وحردان عن الدكتور مروة هو في تساهل هذا الأخير النسبي بعدد من المهن، وإمكانية إعطاء إذن عمل فيها، من جهة ثانية، نص قرار الوزيرين الأمين وحردان على استثناءات محصورة للأجانب، حيث يمكن استثناء الأجانب ممن يتوافر فيهم أحد الشروط الواردة في المادة 8 من المرسوم 17561 (تنظيم عمل الأجانب)، أي خصوصاً الأجنبي إذا كان مقيماً في لبنان منذ الولادة، أو مولوداً من أم لبنانية أو من أصل لبناني او اذا كان متأهلاً من لبنانية منذ أكثر من سنة.

الوزير طراد حمادة أصدر مذكرة بتاريخ 7/6/2005، يسمح فيها للفلسطينيين المولودين على الأراضي اللبنانية والمسجلين بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية اللبنانية بالعمل في المهن المختلفة. لكن المذكرة على الرغم من أهميتها إلا أنها كانت جزئية جدا، ولم تلامس الحاجة الفعلية،

وفي عام 1983 صدر قرار بمنع جميع الأجانب بمزاولة 75 وظيفة. وجاء التجديد على هذا القرار في 19 كانون اول من عام 1995 وكانت الفقرة الثانية منه تنص على “امكانية استثناء بعض الاجانب من القرار و خاصة أولئك الذين ينطبق عليهم واحد من الشروط الواردة في الفقرة الثامنة من المرسوم رقم 17561 من 18/9/1964 الهادف الى تنظيم العمالة الاجنبية و خاصة الاجانب الذين:

· يعيشون في لبنان منذ الميلاد.

· من جذور لبنانية أو ولد لأم لبنانية

· متزوج من لبنانية لأكثر من سنة

وبالرغم من ذلك لم يلقى الأطباء الفلسطينيين تسهيل للحصول على إذن العمل المعقد

والواضح بأن الفلسطينيين في لبنان ينقسمون لثلاث درجات معيشية:
١. الأغنياء واصحاب النفوذ ممن جلب معه الأموال والذهب ودخل في الاقتصاد اللبناني بقوة وحصل على الجنسية اللبنانية
٢. المتعلمين والمهنيين ممن انتهزوا الفرصة وهاجروا لأوروبا ودول الخليج منذ إغلاق الجهات الرسمية اللبنانية بواباتها بوجههم.
٣. الفقراء والمعترين بلهجتنا وهم العدد الأكبر وممن يعمل في الغاعل والمواسم فقط.

.بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان 1982 أصدرت وزارة العمل اللبنانية القرار 189 بتاريخ 1982 والذي قضى بمنع الفلسطينيين بممارسة أكثر من 60 مهنة بالاضافة الى مجموعة من القرارات الادارية صدرت عن وزارة العمل و حددت فيها الشروط الواجب توفرها للحصول على اجازة عمل. ويعاقب كل من يخالف هذه الشروط و يتعرض لملاحقات قانونية وغرامات مالية، كما يعاقب ربّ العمل الذي لا يستوفي الشروط القانونية الخاصة بالعمال الأجانب، مما يدفع رب العمل اللبناني الى طرد أي عامل فلسطيني لديه ما لم يكن مستوفياً الشروط القانونية دون أن يترتب عليه أية إلتزامات قانونية و مادية إتجاهه. و يمكن تلمّس النتائج المباشرة لهذه السياسة في تفشي ظاهرتي البطالة السافرة والبطالة المقنعة.

: حق السكن والتنقل

تببلغ نسبة النمو 3.3% سنويا حسب معطيات المكتب المركزي للاحصاء الفلسطيني الذي أجرى عدة مسوحات في الاوساط الفلسطينية في لبنان وعلى الرغم من ذلك فان الحكومة اللبنانية تتعاطى مع هذا الأمر انطلاقا من لاءات ثلاث:

‌أ- لا لاعادة بناء المخيمات الثلاث المدمرة.

‌ب- لا لبناء مخيمات جديدة.

‌ج- لا لتوسيع المخيمات القائمة

فتبقى المخيمات على ما هي مساحتها منذ عام 1948 رغم النمو السكاني. ويفترض الحصول على ترخيص من مخابرات الجيش لترميم أو بناء أي منزل جديد في المخيم..

بالرغم من جميع المحظورات التي فرضت على اللاجئين الفلسطينيين فقد عانوا من الحد من حرية حركتهم داخل البلد نفسه فضلا عن السفر خارجه خلال فترة التسعينات تحديدا ومازالت والتي نختصرها بالتالي:

  1. داخل لبنان

ان المخيمات الرسمية الواقعة في الجنوب اللبناني يعيشون بحالة حصار مفروض من قبل قوى الأمن اللبناني مما يزيد من معاناتهم.
. كما أن حرية الحركة في مخيم عين الحلوة والمية ومية ليست متاحة بشكل طبيعي. أما بالنسبة لمخيم نهر البارد المدمر منذ عام 2007 فإن حرية الحركة مقيدة جدا، بسبب القيود الأمنية التي يفرضها الجيش اللبناني على سكان المخيم.

  1. خارج لبنان

صدر عن وزارة الداخلية في 23 أيلول عام 1994 قرار يهدف الى منع الفلسطينيين الحاصلين على وثائق سفر لبنانية من العودة الى بيوتهم بعد ان ألغت الحكومة الليبية عقود عملهم و طردتهم لأسباب سياسية. و لم يهدف هذا القرار الى تنظيم تنقل حركة الفلسطينيين من والى لبنان بل كان عبارة عن وضع العديد من العقبات أمام حرية اللاجئين في التنقل و المغادرة. و يمنع هذا القرار من خلال مواده اللاجئين الفلسطينيين من دخول او مغادرة الحدود اللبنانية بدون اذن خاص رغم حمل اللاجئين الفلسطينيين لوثائق سفر صادرة عن الامن العام اللبناني، لكن هذا القرار تم الغاؤه لاحقا في عهد الرئيس سليم الحص.
وكانت المُديرية العامة للأمن العام اللبناني أصدرت تعميما إلى طيران الشرق الأوسط، بتاريخ 30 أبريل، 2020 يقضي بعدم السماح للأشخاص من التابعية الفلسطينية اللاجئين في لبنان (أي إن كان اللاجئ يحمل وثيقة سفر فلسطينية أو جواز سلطة) بالعودة إلى لبنان على متن طائرات إجلاء اللبنانيين من الخارج.
وكتب طارق أبو طه تفاصيل ما جرى معه، وكيف تم إخراجه من الطائرة في اللحظات الأخيرة بواسطة الأمن العام اللبناني.

وأوضح طه في منشور له عبر فيسبوك قائلا “ولدت في لبنان، وتعلمت وذهبت إلى دبي للعمل، قررت الرجوع لأولادي وأهلي في لبنان، وحجزت التذكرة وتلقيت الختم بالمطار، وصولا إلى الطائرة، فحصوا أوراقي الرسمية، أخبرتهم أني فلسطيني لبناني فقالوا: يعني أزعر، وتركوني واقفا على مدخل الطائرة ثم طلبوا مني الرحيل”.

ومؤخرا تم إصدار وثيقة سفر بيومترية جديدة للاجئين الفلسطينيين
ووضع شروط للحصول عليها وأهمها:
المستندات الواجب تقديمها للحصول على وثيقة سفر بيومترية للمرة الأولى:
طلب وثيقة سفر لاجئ فلسطيني في لبنان” (سنة، ثلاث أو خمس سنوات) معبأ وفقاً للأصول ومصادق عليه من قبل مختار منطقة السكن.
بطاقة لاجئ فلسطيني في لبنان تحمل الرسم الشمسي لصاحب العلاقة مع صورة عنها.
بيان قيد إفرادي يحمل الرسم الشمسي لصاحب العلاقة، لا يعود تاريخ إصداره إلى أكثر من ثلاثة أشهر مع صورة عنه.
بطاقة تسجيل أو إفادة بعدم التسجيل، صادرة عن الأونروا – فرع لبنان.
صورة شمسية ملونة حديثة للوجه كاملاً على خلفية بيضاء، مطابقة لمعايير المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO) قياس 4,5 × 3,5 سم، غير مسحوبة عن صورة سابقة، مصادق عليها بخاتم المختار وتوقيعه بعد تدوين إسم صاحب الصورة ورقم الملف والبيان الإحصائي.
وثيقة السفر السابقة في حال وجودها مع صورة واضحة عن صفحة البيانات الشخصية.
الرسم المالي.

مابين قوانين الحكومة اللبنانية الجائرة بحق الفلسطينيين وبين من يقف ويحرك الأحداث في المخيمات الفلسطينية بين الحين والأخرى تلك الأحداث التي كلما تماثلت للهدوء والتعافي خرج من ينكث في الجمر ويحركه ليلتهب من جديد. هل سيبقى الدم الفلسطيني مباح؟
وهل سيبقى الفلسطيني ورقة ورقم تستخدمه الأنظمة الوضعية في البلاد؟ وإلى متى سيبقى أصحاب القرار الفلسطيني ومن يتبجحون بتحريره وضرورة تحرير الأرض والإنسان يقللون من أهمية الفلسطيني خدمة وتنفيذ لأوامر العدو الصهيوني فقط.
.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار