البابور الموقع العربي

هل تصمد السلطة أمام الضغط الإسرائيلي لوقف تحقيق الجنائية؟

273

تضع الضغوط الإسرائيلية التي تدفع باتجاه محاولة عرقلة ووقف تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب التي ارتكبتها (إسرائيل) في الأراضي الفلسطينية، قيادة السلطة الفلسطينية أمام اختبار حقيقي في مدى قدرتها على الصمود والمحاربة لضمان محاكمة قادة الاحتلال.

وفي تهديد واضح، قالت وسائل إعلام عبرية، إن (إسرائيل) ستتخذ سلسلة من الخطوات التصعيدية ضد السلطة الفلسطينية إذا شاركت في التحقيق مع المحكمة الجنائية الدولية.

وذكرت قناة “كان” العبرية أن “الحكومة (الإسرائيلية) ستفرض عقوبات شخصية على جميع مسؤولي السلطة الفلسطينية بمن فيهم الرئيس محمود عباس، مضيفةً أن (إسرائيل) ستوقف جميع المشاريع الاقتصادية والتنموية مع السلطة في رام الله حال ساعدت الأخيرة المحكمة الدولية في تقديم أدلة من شأنها أن تدين قادة الاحتلال.

وأضافت القناة العبرية أن (إسرائيل) تستعد لاحتمالية إصدار مذكرات وأوامر توقيف بحق جنرالات وضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، وأنه في حال صدرت مثل هذه الأوامر فإن (إسرائيل) لن تتعاون مع التحقيقات.

وكانت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية أعلنت الأربعاء الماضي، أن مكتبها سيفتح تحقيقا رسميا في جرائم الحرب في الأراضي الفلسطينية، وسيشمل طرفي الصراع، في خطوة انتقدتها (إسرائيل) واعتبرتها “إفلاسا أخلاقيا”.

وقالت بنسودا في بيان سابق إن “قرار فتح تحقيق جاء بعد فحص أولي شاق استمر قرابة 5 أعوام، عقب جرائم حرب ارتكبت أو ترتكب في الضفة الغربية، لا سيما القدس الشرقية وقطاع غزة”.

ويمكن القول إن تلك التهديدات الإسرائيلية تثقل كاهل قيادة السلطة، وستكشف مدى قدرتها على الصمود أمام تلك الضغوط، لا سيما أن الانصياع والاستجابة لها يمثل ضربة لعائلات الضحايا من الشعب الفلسطيني وهو بمثابة رش الملح على الجرح بالنسبة لهم.

ولعل ما اقترفته السلطة من عرقلة ثم تأجيل تقرير غولدستون حول الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في حرب عام 2014، يخلق حالة من الشك والريبة لدى الفلسطينيين وخشية من اهدار حقوقهم في المحاكم الدولية.

 مقومات ضعيفة

ويرى الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن قرار المحكمة الجنائية الدولية فرصة أمام السلطة الفلسطينية للعمل والتعاون مع لجان التحقيق في “الجنائية” لملاحقة (إسرائيل) على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني وخاصة في عدوان 2014 التي ارتكبت فيه جرائم حرب في قطاع غزة بشهادة مؤسسات حقوقية وهي فرصة لمحاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم.

ويؤكد الغريب في حديثه لـ”الرسالة” أن السلطة اليوم أمام اختبار حقيقي لصمودها أمام هذه التهديدات الإسرائيلية والضغوط المختلفة التي يمكن أن تؤثر على مسار التحقيق في الجرائم.

ولفت إلى أن السلطة على المحك وما سيحدد النتيجة السلوك العلمي على اعتبار أن لها سوابق في تعطيل تقرير غولدستون.

ويوضح أن المطلوب من السلطة بشكل خاص أن تقدم كل ملفات الجرائم التي وثقت بالتعاون مع المؤسسات الحقوقية في السياق من أجل أن تضع قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية.

وعن مدى إمكانية صمود السلطة أمام هذه الضغوط، يبين الغريب أن مقومات الصمود ضعيفة ما لم تتسلح السلطة بموقف وطني وحقوقي والذي من شأنه أن يشكل عامل قوة لها ويساهم في دعمها، وإلا فإنها لن تقوى على الصمود.

قابلة للاستجابة

ويشكك الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد في مدى صمود قيادة السلطة أمام الضغوط الإسرائيلية إلى حد بعيد، مرجعا ذلك إلى أنها قابلة للاستجابة للضغط بسرعة كونها محط ابتزاز (إسرائيلي) يتحكم في مصالحها الشخصية التي يمكن أن يعطلها في أي لحظة.

ويؤكد العقاد في حديثه لـ”الرسالة” أن طلب السلطة تأجيل التحقيق في تقرير غولدستون قبل سنوات، يخلق حالة من التشكيك في قدرتها على الصمود أمام الابتزاز الذي قد يغير مسار التحقيق بشكل كامل، خاصة أن السلطة تشعر بأن بقاءها مرهون بالاحتلال وقراراته.

ويشدد على ضرورة الاصطفاف الوطني الموحد لمواجهة هذه الضغوط وحتى لا تضيع الفرصة، لا سيما أن جيش الاحتلال يختنق أكثر من أي وقت مضى على صعيد المسار الدولي من خلال الملاحقة والتهم الموجهة إليه بارتكاب جرائم حرب.

ويشير إلى أن المطلوب من السلطة أن تحترم تضحيات الشعب الفلسطيني وتقترب منه وتدعم تحركه في الساحات ونقاط المواجهة مع الاحتلال وهو ما يمكن أن يخلق حالة من تخفيف الضغوط الإسرائيلية على السلطة.

الرسالة نت-محمد عطا الله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار