يتجهز العديد من المستقلين لخوض غمار الانتخابات والتنافس على مقاعد المجلس التشريعي، مع قرب الذهاب ليوم الاقتراع في 22 مايو المقبل، بعد ما يزيد عن خمسة عشر عاماً على آخر انتخابات تشريعية شهدتها الأراضي الفلسطينية عام 2006.
ومع فتح باب التسجيل للترشح، فإن العديد من القوائم المستقلة جرى الإعلان عن تسجيلها، وتستعد للدخول في سباق الانتخابات إلى جانب الفصائل الفلسطينية الأخرى، وهو ما يجعل الأمر معقدا بالنسبة لهم، ويضعهم أمام تحديات كبيرة من أجل ضمان فوزهم، وسط التنافس الفصائلي على الساحة الفلسطينية.
ورغم أن السواد الأعظم من الفلسطينيين بحكم الواقع المعيشي بات مؤطرا سياسيا، إلا أن هناك فرصة متاحة للمستقلين، حال نجحوا في اقناع الجمهور ببرامجهم الانتخابية وتحالفهم ضمن قوائم مشتركة لخوض الانتخابات.
حظوظ ضعيفة
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن تركيبة الشعب الفلسطيني حزبية واضحة، وينتمي جل المواطنين فيه إلى العديد من الفصائل الوطنية والإسلامية واليسارية والديمقراطية، ما يجعل نجاح قوائم المستقلين مهمّة صعبة.
ويوضح الغريب في حديثه لـ”الرسالة نت” أن الظروف والواقع الذي يعيشه المجتمع الفلسطيني يتطلب أن يكون على رأس سدة الحكم أشخاص ينتمون لفصيل له قوة وأدوات وإمكانيات تمكنهم من تلبية مطالب وحاجات الناخبين.
ويبين أن المستقلين كنموذج في أي مجتمع يختلف عن المجتمع الفلسطيني وطبيعة المنافسة لن تحصل قوائم المستقلين فيها على نسبة الحسم كون حظوظ الفصائل الكبيرة، كبيرة جدا وهو ما يجعل احتمالية نجاح المستقلين ضعيفة ومحدودة.
ويؤكد الغريب أن من سيصوت للمستقلين هم من لهم اعتراض مباشر على مسيرة الفصائل في الحكم، لكن حالة الاستقطاب السياسي أكبر من ذلك، والتصويت لقوائم المستقلين ستكون نسبتها محدودة كونها قوائم متعددة وهو ما من شأنه أن يشتت أصواتهم.
وعن مدى إمكانية تشكيلهم تحالفات موحدة ومشتركة، يستبعد الغريب أن تنجح قوائم المستقلين في ذلك، مدلل على أن تجمع الشخصيات المستقلة نفسه انشطر نصفين، إلى جانب عدم وجود مرجعية واحدة لهم وهو ما سيساهم في تشتت أصواتهم بالانتخابات المقبلة.
تحديات كبيرة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي د. حسام الدجني أن العديد من التحديات تعترض قوائم المستقلين، أهمها هي نجاح تشكيل القوائم الانتخابية، وممارسة الدعاية الانتخابية وما يرافقها من تكاليف مادية ودعم لوجستي، والانسجام بين مكوناتها بعد الوصول إلى قبة البرلمان.
ويؤكد الدجني في مقال له، أن قانون الانتخابات حدد الحد الأدنى للقائمة الانتخابية ستة عشر مرشحًا، وهنا سيبرز التحدي الأول لقوائم المستقلين، المتمثل في إنجاز قائمة انتخابية تضم أسماء كبيرة تحظى بالقبول الشعبي.
وبحسب الدجني فان العديد من قوائم المستقلين لن تنجح في استقطاب 16 مرشحًا من النخب السياسية والفكرية، والأكاديمية، وخبراء القانون والاقتصاد، وأطباء وغيرهم من النخب التي تنال ثقة المواطن.
ويشير إلى أن التجربة تقول إن قوائم المستقلين في أغلبها تربطهم تحالفات انتخابية للوصول إلى البرلمان، وسرعان ما يفرط عقد هذا التحالف داخل البرلمان (كما حصل في المجلس التشريعي الفلسطيني بين المرحومة راوية الشوا ومصطفى البرغوثي)، وهو ما يجعل تشكيل كتلة وتيار ثالث يضعف من حدة الاستقطاب بين كتلتي فتح وحماس أمرًا صعبًا، وربما تنجح الكتل الكبيرة في استقطاب بعض نواب هذه القوائم عبر صفقات سياسية موجودة في كل النظم السياسية بالعالم.
الرسالة نت