البابور الموقع العربي

الغارديان: الإمارات استخدمت “بيغاسوس” لملاحقة برلماني بريطاني ومقربين من الأميرة هيا

369

قالت صحيفة “الغارديان” إن الإمارات مرتبطة بوضع مئات من المسؤولين والأفراد البريطانيين على قائمة للمراقبة من خلال برنامج التجسس “بيغاسوس” الذي أنتجته الشركة الإسرائيلية “أن أس أو غروب”.

وقالت الصحيفة إن عضوة في مجلس اللوردات البريطاني ورد اسمها على قائمة 400 شخص تظهر أرقام هواتفهم البريطانية في القائمة التي حددها عملاء “أن أس أو غروب” خلال الفترة ما بين 2017- 2019. وتبدو الإمارات الحكومة الرئيسية التي قامت بمتابعة أرقام واختيارها للمراقبة أو المراقبة المحتملة. وهي من بين 40 دولة حصلت على برنامج “بيغاسوس” الذي يستطيع سرا اختراق الهواتف المحمولة والسيطرة عليها.

ويُعتقد أن حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، من الزبائن الذين اشتروا “بيغاسوس”. فقد وردت على القائمة هواتف ابنته الشيخة لطيفة التي حاولت الهروب من دبي عام 2018، وكذا اسم زوجته السابقة الأميرة هيا الحسين التي هربت من البلد عام 2019. كما وردت أسماء عدة نساء على علاقة مع المرأتين، خاصة في حالة الأميرة هيا.

يُعتقد أن حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، من الزبائن الذين اشتروا “بيغاسوس”. فقد وردت على القائمة هواتف ابنته الشيخة لطيفة وزوجته السابقة الأميرة هيا الحسين

وفي سلسلة من التصريحات، قالت الشركة المنتجة للبرنامج إن ظهور الاسم لا يعني أنه إشارة على مراقبته أو احتمال المراقبة: “ظهور الاسم ليس جزءا من أهداف بيغاسوس أو الأهداف المحتملة”، وقالت إن الأرقام في القوائم لا علاقة لها بمجموعة “أن أس أو” بأي طريقة.

لكن “الغارديان” والمؤسسات الإعلامية الأخرى ترى أن ورود الرقم يعني أن صاحبه هو شخصية مهمة للمراقبة، وتضم القائمة هواتف أشخاص حول العالم ظهرت علامات بيغاسوس عليها بعد الفحص.

ومن الأرقام البريطانية التي وردت في القائمة الإماراتية، ليدي أودين، عضوة مجلس اللوردات والتي ورد رقمها بين 2017 و2018. وقالت إنهم لو كانوا يتجسسون على أعضاء البرلمان فسيكون هذا بمثابة “خرق للثقة” و”تعارض مع سيادتنا”. وورد رقم محام يعمل بالنيابة عن الأميرة هيا. وكذلك جون غوسدين، مدرب الخيول الذي يعمل في نيوماركت وكان صديقا للأميرة هيا، وهي نفسها فارسة، وأيضا أرقام عدد من فريق العلاقات العامة التابع للأميرة. كما ورد رقم جون تيشمان، المدير التنفيذي لمركز الأبحاث في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية الذي نظم مؤتمرا عن البحرين، حليفة الإمارات. وكذا ماثيو هيدجيز، الباحث البريطاني الذي اعتقلته الإمارات وحكمت عليه بالسجن بتهمة التجسس لصالح الحكومة البريطانية في 2018 قبل أن يُفرج عنه. وقال هيدجيز: “أريد أن أعرف ماذا ستفعل الحكومة البريطانية حيال هذا؟”.

ومن الأسماء الأخرى رولا خلف، محررة صحيفة “فايننشال تايمز” التي ورد رقمها عندما كانت نائبة لرئيس التحرير في 2018. وقالت “أن أس أو” لاحقا إنه لم تجر محاولة أو عملية اختراق ناجحة لهاتف خلف.

وفي بداية هذا الأسبوع، كشفت “الغارديان” عن ورود رقم محامي حقوق الإنسان رودني ديكسون، الذي عمل مع هيدجيز وخديجة جنكيز، خطيبة الصحافي جمال خاشقجي الذي قتل في القنصلية السعودية عام 2018.

وقال محامون عن “أن أس أو” إنه من المستحيل على السعودية استهداف هاتف ديكسون. لكن الفحص الجنائي لهاتفه والذي قام به “سيكيورتي لاب” التابع لأمنستي إنترناشونال، أشار إلى نشاطات لها علاقة ببيغاسوس لكن بدون نجاح. وقامت أمنستي بفحص هاتفين لرقمين بريطانيين، وكشف واحد منهما نشاطات في هاتف ديكسون من طراز “أيفون”، أما الثاني فهاتف “أندرويد” ولم يظهر أي محاولات ونشاطات ناجحة لاختراقه عبر بيغاسوس. ولم ترد السعودية أو الإمارات ودبي على طلبات التعليق.

وقال تيل دانيكل، المحامي الألماني الذي يمثل الشيخ محمد بن راشد لصحيفة “سادوتشي زايتونغ”: “ينفي عميلنا بشدة أي محاولة اختراق لهواتف الأشخاص الواردة في طلبكم أو أنه أمر بهذا”. وقال ممثلون عنه، إن الشيخ خاف في السابق من أن ابنته الشيخة لطيفة تعرضت لحادثة اختطاف، ولهذا أمر بعملية إنقاذ لها.

وأكدت الشركة المنتجة للبرنامج، أنها لا تستطيع الوصول إلى البيانات التي يجمعها زبائنها. وفي بيان عبر محاميها، قال إن تحالف مشروع “بيغاسوس” قام بتقديم “افتراضات غير صحيحة” حول الزبون الذي قام باستخدام التكنولوجيا. وظهر الناشطون والمعارضون في بريطانيا على القائمة الإماراتية، وهو ما يثير أسئلة حول الإمارات المرتبطة تقليديا بعلاقات تجارية وتعتبر حليفا مهما للمملكة المتحدة، ويملك حكام أبو ظبي نادي “مانشستر سيتي” الإنكليزي.

وتحولت الإمارات بسرعة إلى قوة إلكترونية يديرها محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، وأخيه طحنون بن زايد، مدير الأمن القومي. وقالت ثلاثة مصادر، إن شركة “أن أس أو” جرّدت في العام الماضي دبي من رخصتها. وقالوا إن هذا بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، لكنهم لم يختلفوا في أن القرار نابع من استخدام الشيخ محمد البرنامج ضد عائلته.

لا يُعرف إن كانت “أم أي فايف” وكالة الأمن الداخلي البريطاني واعية بالأنشطة التجسسية الإماراتية. ولو علمت بوجود رقابة على أفراد، فإنها تقوم بتحذيرهم، خاصة لو كانت حياتهم عرضة للخطر

ولا يُعرف إن كانت “أم أي فايف” وكالة الأمن الداخلي البريطاني واعية بالأنشطة التجسسية الإماراتية. وبشكل عام، فلو علمت بوجود رقابة على أفراد، فإنها تقوم بتحذيرهم، خاصة لو كانت حياتهم عرضة للخطر. لكن الحكومة البريطانية أصدرت توبيخا مبطنا للإمارات بعد الكشف عن مشروع بيغاسوس. وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية: “من المهم أن يستخدم لاعبو السايبر بطريقة قانونية، مسؤولة ومتناسبة، والتأكد من بقاء الفضاء السيبراني آمنا ومكانا مزدهرا للجميع”.

وتساءلت الصحيفة عن سبب اختيار أشخاص للرقابة، فأودين كانت أول مسلمة يتم اختيارها في مجلس اللوردات، لكنها لم تكن متخصصة في الشؤون الخارجية، “لو كان التجسس الذي حدث ضد واحدة من أعلى مؤسسات السيادة في البلد، فستثار أسئلة إن كانت حكومتنا واعية بالأمر”. أما ماثيو هيدجيز، فقد كان طالب دكتوراة في جامعة درام ووضع رقمه على القائمة في آذار/ مارس 2018، أي قبل شهرين من اعتقاله. وكان يجمع معلومات حول بحث عن الإمارات.

ونفت وكالة الأمن الخارجي البريطانية “أم أي 6” أن يكون هيدجيز عميلا لها. ولم تكن هناك فرصة لفحص هاتف هيدجيز نظرا لمصادرة السلطات الإماراتية له. وظهر اسم محمد كزبر، مدير مسجد فينزبري بارك على القائمة عام 2018. والمسجد يعتبر من أشهر المساجد في بريطانيا بعدما كان مركزا لنشاطات حركة متشددة بزعامة أبو حمزة المصري، لكن المسجد أصبح تحت إدارة جديدة تتواصل مع المجتمع. وكان مركزا لتقديم لقاحات كوفيد-19 في الفترة الأخيرة.

وقال كزبر إنه فوجئ بكونه شخصا مثيرا لاهتمام الدولة الخليجية. وعبّر عن مخاوفه من “إمكانية تعرض المواطنين البريطانيين للانتهاك من كل دولة في العالم” حتى تشجب الحكومة البريطانية إساءة استخدام برنامج “أن أس أو” حول العالم. أما المعارضون الذين ركّز بعضهم على السعودية والبحرين وناشط بريطاني واحد، فقد ظهرت أرقامهم على قائمة الإمارات.

وتضم القائمة آلاء الصديق “33 عاما” المولودة في الإمارات، وتوفيت في حادث سير بمنطقة أوكسفوردشاير الشهر الماضي. وكانت آلاء مديرة منظمة القسط لحقوق الإنسان، وبعد حديث الشرطة مع منظمتها، توصلت إلى أنه لا توجد دوافع غامضة وراء وفاتها. ومن بين الأسماء التي وردت على القائمة أيضا، هاتف سعيد الوادعي، المدافع عن حقوق الإنسان في البحرين. واختارت رقمه الإمارات.

ودعا الوداعي الحكومة البريطانية “للحديث ووقف دفاعها عن هذه الحكومة المسيئة”. كما ورد رقم هاتف روري دوناهي، الناشط في حقوق الإنسان وذلك في الفترة ما بين 2017 -2018  حسب تحليل البيانات. وكان عرضة لعملية اختراق إماراتية أخرى لا علاقة لها ببرنامج بيغاسوس. وعمل دوناهي لمدة 3 أعوام مع موقع “ميدل إيست آي” في لندن والذي انتقد دائما الإمارات. ولكن وقت وضع رقمه على قائمة الأهداف كان يعمل في شركة استشارية للشرق الأوسط متخصصة في سوريا وأزمة اللاجئين.

كما ورد اسم رئيسة الجمعية الإسلامية البريطانية رغد التكريتي، والتي كانت أول امرأة تقود الجمعية. وكانت في الماضي نائبة رئيس مؤسسة قرطبة التي أنشأها أخوها أنس التكريتي لدعم الحوار الثقافي المتبادل حيث ورد اسمها ما بين 2017-2019. وتم اختيار عدد من موظفي ثلاث شركات أمنية بريطانية، وفي حالة واحدة، ورد اسم مدير الشركة مع رقمين يعودان لزوجته. وتتعاون الشركات مع عملاء في الخليج.

وأشارت الصحيفة إلى الأميرة هيا التي وصلت مع ولديها في نيسان/ أبريل 2019 إلى لندن هاربة من زوجها حاكم دبي، كانت تعتقد أن قضية الحضانة سيتم حلها في قاعة المحكمة، لكنها لم تعرف أن رقمها وأرقام مساعديها والمستشارين لها وأصدقاءها دخلت في نظام كمبيوتر في إمارة دبي، الزبون لبرنامج بيغاسوس.

فرقم الأميرة هيا وثمانية من المقربين لها ظهرت على قاعدة بيانات لأرقام الهواتف الذين يعتقد أنهم اعتبروا شخصيات مهمة لزبون “أن أس أو”. والأرقام التي سُربت عبر الموقع غير الربحي “فوربدن ستوريز” ضمت مساعدها الشخصي ومسؤولا بارزا في شركة أمن خاصة، وواحدا من المحامين الذين يقدمون النصح لها بشأن حضانة ولديها. وما نعرفه عن قضية الأميرة هيا ورد في جلسات المحكمة، وبدأت علاقتها مع الشيخ محمد التي كانت ودية، لكنها تدهورت بعد المحاولة الفاشلة لهروب الشيخة لطيفة.

اتصل الشيخ محمد بالأميرة هيا، وقال لها: “تلقيت أخبارا سيئة عنك”، في إشارة غير مباشرة لعلاقتها مع أحد حراسها وقال: “بدأت أشك فيك”. وأخبرت الأميرة هيا المحكمة أنها شعرت بالرعب من المكالمة

وبدأت الأميرة هيا تبحث عن وضع الشيخة لطيفة وسلامتها، لكنها بدأت تواجه جوا معاديا من الشيخ ومساعديه. وفُصل المساعدون الموثوقون لها بدون موافقتها، ومُنعت من الدائرة المقربة من الشيخ مما كان بمثابة “صفعة علنية على الوجه”. واكتشفت أن الشيخ محمد طلقها شرعيا في 7 شباط/ فبراير 2019. وهي ذكرى وفاة والدها بدون إخبارها.

وبعد أسابيع اتصل بها الشيخ محمد وقال لها: “تلقيت أخبارا سيئة عنك”، في إشارة غير مباشرة لعلاقتها مع أحد حراسها وقال لها “بدأت أشك فيك”. وقالت الأميرة هيا للمحكمة إنها شعرت بالرعب من المكالمة. ووجدت رسائل مجهولة وحتى أسلحة في غرفة نومها. وفي 11 آذار/ مارس 2019، هبطت مروحية أمام بيتها، وقال قائدها إنه جاء لنقل سجين إلى العوير. وحاولت الأميرة نزع الأزمة بتصوير الأمر على أنه نكتة، حيث غادرت الطائرة لاحقا. وأخبر الشيخ المحكمة أن الحادث كان “مجرد خطأ”. وكتب الشيخ محمد، وهو شاعر هاوٍ قصيدة أشار فيها إلى هيا. ففي شباط/ فبراير 2019 كتب قصيدة “ضربة حظ مرة أخرى” وقال فيها إن روحه تعافت منها، وأنه لا يشعر بالسعادة عند رؤية وجهها.

وفي قصيدة أخرى قال إنه لم يعد يهتم لو كانت حية أو ميتة. وهو ما قادها إلى نتيجة وهي أن حياتها لم تعد آمنة، ولا يمكن استمرار الوضع على ما هو عليه. وبعد وصولها إلى لندن، بدأ رقمها وأرقام مساعديها بالظهور في قاعدة بيانات “بيغاسوس”.

القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار