باسل رفايعة
يكتبُ الزميل فهد الخيطان مقالاً إخبارياً في “خمس حقائق حول الفتنة ورموزها”، سارداً معلوماتٍ، استقاها من التحقيق، كما يبدو، وهي على قدر كبير من القطعيّة، والإحكام في السرد الإخباري، ولا ينقصها إلا عبارة “مصدر رسمي”، لتكونَ روايةً ثانيةً، لقصة الأمير حمزة، تساهمُ في شدِّ أزر البيان إياه، وقد وضعت ترندات السوشال ميديا عبئاً على كاهل الحدث، وفرضت رداً إخبارياً، على نسق “لائحة اتهام”، تُدين الأمير حمزة عملياً بـ”الخيانة العظمى”.
الالتباسُ يتجدد. فقد أجاب الزميل عن الرابط بين الأمير وباسم عوض الله، بتورط الأخير في مخطط لإرغام الأردن على قبول صفقة القرن، وقد جمعتهما “المصالح والطموحات والأوهام”، وفقاً له.
هذا السيناريو يعني أنَّ الأمير طرحَ نفسه لدى “جهات خارجية” بديلاً للملك عبدالله الثاني الذي يرفضُ الصفقة، فعانده الأميرُ، وقرر المغامرة بالأردن وفلسطين، وبالعرش الهاشمي نفسه، ليكونَ ملكاً على شعب يكرهه!.
يحتاج هذا الاتهام إلى تركيب صحيح لمتناقضات كثيرة، فهل يُعقل أنّ ضلوع الأمير وعوض الله في المخطط، والقبول بصفقة القرن ثمناً للعرش، لم يُكتشفا إلا خلال الأيام السبعة الماضية، فرئيس هيئة الأركان زار الأمير يوم السبت، الثالث من الشهر الحالي، وتحدث معه عن الشعبية، وطلب منه التوقف عن النقد، ولم تكن ثمة “ساعة صفر”، إذْ لا مبرر للزيارة، لو كان في الأمر خيانة عظمى، فحينها يفقدُ الأميرُ كلَّ حصانة. ثم تقولُ لائحةُ الخيطان إنّ “المعلومات الاستخبارية التي جرى جمعها على مدار أشهر تشير بوضوح إلى دور مختلف للأمير، وانخراط كامل في عمليات التحضير لساعة الصفر”.
إثباتُ الصلة هو التحدي، وأنْ يكونَ باسم عوض الله جزءاً من المشروع فلا غرابةَ، فأجندة الرجل معلنة في هذا الصدد، والدولة وأجهزتها تعرفُ ذلك قطعاً، وهو ساهم بفاعلية في إضعاف اقتصادنا وإنهاكه، قبل صفقة الزفت. كما أنَّ ظاهرته بمجملها من إنتاج الديوان الملكي. لكن، ما علاقة الأمير بذلك؟
إذا كان مَنْ مؤامرة، فقد حدثت قبل 20 كانون الثاني (يناير) الماضي، ومن المفترض أنها طارت مع ترامب في المروحية إلى فلوريدا، وانتهت مع توقيع جو بايدن القرارات التنفيذية في الساعات الأولى، ورفض الصفقة في الكونغرس، وتمسك الإدارة الديمقراطية بحل الدولتين، فما الذي حدثَ بعد ذلك، لنصل إلى هنا. هل استمرَّ تنسيقُ الأمير وعوض الله مع نتنياهو مثلاً، بعدما انقلعَ ترامب؟!.
ثمّ كيفَ يقبلُ الأمير حمزة بوضع الأردن والحكم تحت رحمة العدو الإسرائيلي، وعلى الخريطة مباشرة. الأمر يحتاجُ إلى دليلٍ دامغٍ على انغماسه في هذا الجهد، مع معرفته الأكيدة بخسارته الأردنيين والفلسطينيين، ومعهم العرش الذي يطمحُ إليه.
أخيراً، فإن السورياليةَ نفسها يسعدها أنْ تفصحَ عن “الجهة الخارجية” التي تحدث عنها البيانُ الرسمي، وأشارت إليها لائحةُ الخيطان. إنها “أمريكا ترامب” وأقسمُ أنَّ بايدن لَن يغضب، وسيكونُ في منتهى الكرم..!
المصدر: موقع الكاتب الأردني باسل رفايعة على فيسبوك