البابور الموقع العربي

كلمة السر “مناعة”

495

د. نـاهــد إسماعيل الـديــب

لا شئ مثل العافية، ولا كنز مثل تمام العافية، ذلك أن الداء مَدْعَى الهموم ومبعث الآلام ومنبع الأحزان، والمرض هو العدو الذي يخشاه الغني والفقير، والصغير والكبير، والرئيس والمرؤوس.

ونحن نرى العالم اليوم يعيش في رعب حقيقي ناتج عن تهديد فيروس كورونا لدول العالم أجمع.

وأصبح فيروس كورونا وتَحَوُّره وتطوره هو اللغة العالمية الموحدة التي يتحدثها العالم أجمع اليوم، وأصبحت دول العالم تعيش حجراً صحياً إجبارياً، وفرضت الحكومات حظر التجوال على شعوبها!!

إن هذا وحده كفيل بأن يجعل كل إنسانٍ أياً كان مكانه على هذا الكوب يعيش في حالةٍ من القلق وقد تصل بالبعض أحياناً إلى الهلع.

إن هذا الوباء سيمضي مثلما مضى غيره، ولكن تبقى الصحة هي المطلب الأهم مدى الحياة.

هذا المقال يقدم لك عزيزي القارئ 6 أشياء تساعدك على بناء جهاز مناعي قوي ببرنامج صحي متكامل يمتد معك مدى الحياة، فارفع مناعتك ترتفع معنوياتك.

أولاً: افهم طبيعة جسمك

ثلاثة أرباع جسمك ماء، هكذا خلقنا الله، تصور ماذا يعني ذلك!

الماء يشكل 70% من كتلة الجسم و 85% من تكوين الدماغ. وللماء وظائف هامة، فهو ينقي الدم من السموم، وينشط الكليتين، ومسئول عن ترطيب الأغشية ومرونة الأنسجة وحيوية الجلد، وتنظيم درجة حرارة الجسم، ويساعد في عملية الهضم والامتصاص والإخراج، وفوائد الماء للجسم لا تحصى، كما أن نقصان الماء من الجسم له أضرار كبيرة جداً على جميع أجهزة الجسم، فاحذر أن تصل إلى الشعور بالعطش وأكثر من شرب الماء ما استطعت ما لم يكن هناك مانع صحي كقصور القلب والكلى.

ثانياً: احمِ جلدك

جلد الإنسان هو أكبر محطة مناعية للجسم وأول خطوط الدفاع، غطى الله جسدك بهذا النسيج ليحمي أجهزتك الداخلية الضعيفة التي لا تقوى على التصدي لملايين الكائنات الدقيقة التي تحيط بك، بل وجهز الله الجلد بالبكتيريا الطبيعية التي تحميه وتقتل الميكروبات المهاجمة، فاحفظ جلدك سليماً نظيفاًقدر المستطاع، ولا تبالغ في استخدام المطهرات والمعقمات مما يقتل بكتيريا الجلد النافعة، يكفي استعمال الماء والصابون فقط.

والجدير بالذكر أن جميع الأبحاث الطبية الحديثة تحذر من تأثير الموجات الكهرومغناطيسية على قدرة الجلد على أداء وظيفته في الحماية، هذا بالنسبة للترددات المحيطة بنا، فكيف بالترددات الأعلى وأقصد بها شبكات الجيل الخامس التي يتم إطلاقها حالياً في بعض البلدان حيث تكمن خطورتها في نطاقها الترددي، فالترددات المستخدمة في جميع الأجهزة المحيطة بنا حالياً لا تصل إلى 3 جيجا هيرتز، أما الترددات المستخدمة في الجيل الخامس فتصل في أقصاها إلى 300 جيجا هيرتز وهذا تردد عالي جداً يتخطى قدرة احتمال الجسم، وقد قامت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان بتصنيف الأشعة من هذا النوع بأنها مسببة للسرطان، كما أثبتت العديد من الدراسات أن تلك الأشعة تسبب ما يلي:
فواصل في الحمض النووي المزدوج والفردي مما يؤدي للسرطان، وتأكسد خلايا الجسم مما يؤدي لتدهور الأنسجة والشيخوخة المبكرة، زيادة نفاذية حاجز الدم في الدماغ، الحد من إفراز مادة الميلاتونين مما يؤدي إلى الأرق الدائم وزيادة الإصابة بالسرطان.

لذا أنصحك عزيزي القارئ أن تنتبه لمدى خطورة تلك الشبكات على صحة الجسم.

وبعيداً عن موجات الجيل الخامس تبقى حقيقة الموجات الكهرومغناطيسية -ولو في النطاق الآمن- منتشرة بشكل كثيف في كل مكان حولنا فبجانب شبكات الهاتف والواي فاي، نجد شبكات الراديو والتليفزيون والمايكرويف، فكيف نحمي أنفسنا من كل تلك الترددات وقد أصبحت جزءً من حياتنا؟

هناك 3 طرق تساعدك في تقليل أثر تلك الموجات الضارة وهي:
1-غسل الأجزاء الظاهرة من جلدك باستمرار “الوضوء يكفيك ذلك”، فالماء سر من أسرار الله ما زلنا نستكشف فوائده ومزاياه.
2-ملامسة الجبهة للأرض كما في السجود يخلص الجسم من الشحنات الكهربية السالبة ولعل هذا يفسر قول النبي عن الصلاة “أرحنا بها يا بلال”.
3-لا تنم في وجود أجهزة ذكية بالغرفة.

ثالثاً: جدد طاقتك بثلاثة أشياء:

1-ثمرة معجزة خلقها الله، وهي الثمرة الوحيدة في الكون التي لا تتأثر شجرتها بمبيد حشري أو سماد ضار، هذه الثمرة هي التمر، وهي مصدر لتجديد الطاقة، وقد ثبت علمياً أن تناول التمر يرفع من كفاءة عمل “الميتوكندريا” وهي مولدات الطاقة داخل الخلايا كما يقوم أيضاَ بتشكيل حقل من الطاقة حول جسد الإنسان يعمل كسياج واقي يمنع اختراق الأشعة الضارة والموجات الكهرومغناطيسية للجسم.

2-النوم في الظلام من أكثر عوامل تجديد الطاقة للجسم، فالظلام يحفز الغدة الصنوبرية لإفراز هرمون الميلاتونين الذي يقوم بتنظيم الساعة البيولوجية للجسم، ويساعد على الاسترخاء ويعمل كمهدئ للأعصاب ومضاد للأرق، كما أنه مضاد للأكسدة مما يعزز عمل الخلايا ويمنع الإصابة بأمراض السرطان والقلب وتصلب الشرايين، لذا نصحنا النبي صلى الله عليه وسلم بإطفاء الأنوار عند النوم.

3-ممارسة الرياضة تنعش الدورة الدموية وتحسن سريان الدم، ويظن البعض أن ممارسة الرياضة نوع من الرفاهية الصحية وليست من أساسيات الحياة اليومية، في حين أن رياضة المشي أو بعض تمارين اللياقة البدنية هي شئ هام جداً لصحة الجسم وتجديد الطاقة لأن كرات الدم الحمراء تحمل الهيموجلوبين الذي يحمل بدوره الأكسجين الهام لتغذية الخلايا.

وجدير بالذكر أن من الأغذية الهامة جداً لتحسن سريان الدم في الجسم هو الثوم، ففي دراسة لجامعة ماريلاند الأمريكية أثبتت أن الثوم هو أهم عنصر غذائي يحسن من سريان الدم داخل الأوعية الدموية، لاحتوائه على مادة الأهوئين التي تخرج عند تقطيع الثوم وتعمل على تنشيط الدورة الدموية والقلب وتخفيض الدهون الثلاثية وتنظيف الكبد.
وفيما يخص المناعة يحتوي الثوم على مادة الأليسين وهي المضاد رقم 1 للقضاء على الفيروسات والبكتيريا والطفيليات والخمائر والفطريات والعفن.

رابعاً: جدد جهازك المناعي

في 6 يناير من هذا العام 2020 نشر دكتور ستيفن سالزبيرج دراسة عن إمكانية تجديد جهاز المناعة وخلص فيها إلى نفس النتيجة التي أثبتتها جامعة جنوب كاليفورنيا، العام الماضي 2019 حيث قامت بدراسة للبحث عن أفضل نظام لتجديد الجهاز المناعي للإنسان وجعله أكثر كفاءة فوجدوا أنه بتجويع الجسم ثلاثة أيام متتاليات لمدة 16 ساعة يومياً يقضى الجسم على السموم المتراكمة والخلايا التالفة، وقال البروفيسور فولتر لونجو إن الجسم يبدأ في إنتاج خلايا دم بيضاء أكثر نشاطا وأكثر قدرة على محاربة الفيروسات وأكثر مقاومة وأكثر عمراً، ويتم إنتاج خلايا جذعية جديدة تتولى بناء نظام مناعي جديد وأوصت الدراسة بصيام 16 ساعة وإفطار 8 ساعات لمدة ثلاثة أيام متتاليات من كل شهر، ولا تحتاج عزيزي القارئ أن أذكرك أنه منذ أكثر من 1400 عام أوصى نبينا محمد بذلك.

خامساً: تناول فيتامينات المناعة:

فيتامين هام اعتمدته الصين في علاج مصابي كورونا حيث قامت بإعطاء كل مصاب 24000 مليجرام منه عن طريق الحقن الوريدي لمدة 7 أيام فكانت نتيجة التعافي مذهلة.

هذا الفيتامين هو فيتامين “C” وهو الأهم بين الفيتامينات لمحاربة الفيروسات، ويصنف كمضاد فيروسي لأنه يزيد من كريات الدم البيضاء، كما أنه فيتامين أساسي لصناعة الإنترفيرون، والإنترفيرون هو المسئول عن إيقاف الفيروسات عن طريق القضاء على الخلايا المصابة وقتلها وبهذا يقضي على الفيروس.

أهم الأغذية التي تحتوي على هذا الفيتامين هي: الملفوف والبروكلي والفلفل الحلو بجميع ألوانه، والكيوي والقرنبيط والخس والليمون والطماطم والخضراوات الورقية بجميع أنواعها.

الفيتامين الثاني ليس فيتاميناً بالمعنى الأدق كما هو شائع ولكنه “عامل هرموني” تكمن أهميته لجهاز المناعة في أنه “معدل مناعي” له مستقبلات على كرات الدم البيضاء وعلى الشريط الوراثي DNA فهو بذلك يسيطر بالفعل على جهاز المناعة، كما أنه يدعم الخلايا التائية .

هذا المعدل المناعي هو فيتامين د ومصدره الرئيسي أشعة الشمس، ولعل هذا يفسر لك عزيزي القارئ لماذا نصاب بنزلات البرد والإنفلونزا في فصل الشتاء وليس في فصل الصيف.

ويحتاج الشخص البالغ إلى 600 وحدة من فيتامين د يومياً، ويوجد فيتامين د بنسبة عالية في سمك التونة، كما يوجد في الحليب والبيض ومنتجات الألبان والسردين.

فيتامين أ: هام جدا جداً لتأمين تكامل بناء الخلايا المخاطية في الجسم خصوصاً في الجيوب الأنفية ومراكز التنفس، وهام لحماية الجلد والأغشية، ويوجد في زيت كبد الحوت وأيضا موجود في الأكلات ذات اللون الأصفر مثل صفار البيض والجزر والفلفل الأصفر والزبدة الحيوانية.

معدن الزنك: يلعب الزنك دوراً حيوياً في نشاط ما يزيد عن 100 إنزيم، ويعد الزنك هو أهم المعادن لجهاز المناعة لقدرته على زيادة الخلايا التائية، كما أنه يحافظ على هيكل الأحماض الأمينية والبروتين وأغشية الخلية، وهام جداً لعملية التئام الجروح والحروق.

مصادره الغذائية أهمها المأكولات البحرية جميعها وعلى رأسها المحار، كما يوجد في اللحوم الحمراء، وفي جميع المكسرات، كما يوجد الزنك في بذور القرع وبذور عباد الشمس وبذور البطيخ وجنين القمح، ويوجد في الفول السوداني والشوفان واللفت والبسلة وصفار البيض، ومنتجات الألبان.

ومن أهم المشروبات التي ثبت علميا تعزيزها لجهاز المناعة ومضادة للفيروسات والبكتريا نبات الإخناسيا والكمون الأسود والحبة السوداء وأوراق الزيتون ونبات الزعتر والقرنفل والقرفة والبابونج وإكليل الجبل والزنجبيل.

وسادساً في الختام:
ارفع مناعتك بالطمأنينة

البعض يأكل منه الوهم كل سكينة فيعيش في جزعٍ وهلع خوفاً من حدوث أمورٍ قد لا تحدث

يقول ابن سينا: “الوهم نصف الداء والاطمئنان نصف الدواء والصبر أول خطوات الشفاء.”

أكبر عدو لجهازك المناعي هو الخوف والقلق، والخوف يزيد من معدل إفراز الجسم لهرمون الكورتيزول، والكورتيزول العالي يثبط جهاز المناعة، أيضاً القلق المستمر يزيد من ضخ الأدرينالين في الدم بصفة مستمرة فيجعل الجسم في حالة استنفار دائم تؤدي به في النهاية إلى الضعف والإنهاك.

إذاً خفف من متابعة الأخبار التي تجعلك تحت ضغط نفسي باستمرار وعزز مناعة جسمك بالتفاؤل والإيجابية، وكرر لنفسك وصية النبي لابن عباس “واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك.””واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف”.

وقال صلى الله عليه وسلم: “ليس من رجل يقع الطاعون، فيمكث في بيته صابراً محتسباً يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد.” رواه البخاري في صحيحه(5734).

دمتم في أتم العافية
*د. ناهد

دكتورة نـاهــد إسماعيل الـديــب
دكتوراة التغذية العلاجية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار