البابور الموقع العربي

آلاف التونسيين يطالبون بإسقاط «الانقلاب»… وسعيّد يحاول امتصاص غضبهم

228

تظاهر آلاف التونسيين وسط العاصمة للتعبير عن رفضهم للتدابير الاستثنائية للرئيس قيس سعيد، في وقت تحدثت فيه بعض المصادر عن قيام السلطات بالتضييق على المتظاهرين واستهداف بعضهم بالقنابل المسيلة للدموع مقابل عدم استهداف المؤيدين للرئيس سعيد، فيما أكدت وزارة الداخلية وقوفها على مسافة واحدة من جميع المتظاهرين.
وأعلن نواب ومسؤولون سابقون قيام السلطات بإلغاء الإقامة الجبرية المفروضة عليهم، فيما استنكر التلفزيون الرسمي اعتداء محتجين على عدد من الصحافيين العاملين فيه خلال تغطيتهم للتظاهرات وسط العاصمة.
وردد متظاهرون، يوم الأحد أمام المسرح البلدي في شارع الحبيب بورقيبة، شعارات مناهضة للرئيس سعيد الذي اتهمه البعض بمحاولة تقسيم التونسيين، ودعا بعضهم لإسقاط “الانقلاب” في إشارة للتدابير الاستثنائية لسعيد.
وقال الخبير الدستوري والناشط السياسي جوهر بن مبارك، في كلمة وسط الجموع: “لن نسقط في مربع الصدام. لن يكون هناك طواف الوداع قبل أن نودع الانقلاب (في إشارة إلى خطاب الرئيس الأخير)”، وأضاف: “المعركة طويلة ولنجند لها حناجرنا وقلوبنا. نحمل المؤسسة الأمنية مسؤولية الاعتداءات التي تحصل الآن في شارع الحبيب بورقيبة، ونحمل مسؤولية قمع المتظاهرين”.
وقال النائب ياسين العياري: “ما يحصل الآن هو انقلاب. هل هناك فساد أكثر من أن تخرق الدستور”، منتقداً محاولة الرئيس سعيد تجميع السلطات بيده وشيطنة المعارضة، متسائلاً: “هل هناك رئيس في العالم يصف مواطنيه بالحشرات والشياطين والمخمورين؟”.

التضييق على المتظاهرين

وكتب الوزير السابق عبد اللطيف المكي: “يقع التضييق الشديد على المسيرة: تفتيش وحواجز على جميع الأنهج! لماذا لم يتم التعامل مع بقية المسيرات (المؤيدة) بنفس الوسائل؟”. كما تم نشر صور توثق تعرض عدد من المحتجين للاعتداء من قبل قوات الأمن.
وكتب النائب سمير ديلو: “الأمر الرّئاسي117 لم يُلغِ حرّيّات شعب الشّياطين والحشرات! تجنّدت الدّولة بكلّ أجهزتها لضمان نجاح التّحشيد لمسيرة 3 أكتوبر المساندة لرئيس الجمهوريّة و”مساره التّصحيحي!”، فجمعت عدداً يتراوح بين الخمسة والثمانية آلاف و1800000 حسب السّيّد الرّئيس! اليوم تتكرّر التّضييقات على مسيرة المعارضين للانقلاب: ترهيب أصحاب الحافلات، تعطيل المتنقّلين من الجهات الدّاخليّة. وأخيراً صباح اليوم: الفضيحة الجارية في شوارع العاصمة: طرد المتظاهرين من شارع محمد الخامس وإجبارهم على التّواجد أمام المسرح البلدي مع محاصرة بالحواجز المعدّة منذ ليلة الأمس!”.
وأضاف: “الهدف واضح، بعد توظيف القضاء العسكري لمحاكمة المعارضين للانقلاب من نوّاب ومحامين وصحافيّين ومدوّنين، هذه محاولة لتوظيف قوّات الأمن في صراع الشّرعيّات. السّيّد الرّئيس: شعب الصّادقين معك، فدع شعب الخونة الفاسدين الحشرات المنافقين الشّياطين العملاء المخمورين المستقويين بالخارج يتظاهرون بحرّيّة!”.
وكتب الباحث والناشط السياسي سامي براهم: “تقسيم وسط العاصمة إلى معابر وحواجز وسواتر حديدية لتشتيت سيول المتظاهرين ومنعهم من التدفّق إلى المكان المقرّر للتظاهر. على عكس التسهيلات اللافتة التي تمتعت بها وقفة مساندي الانقلاب.. الأمن يخرج عن حياده ودوره في انحياز صارخ ومفضوح لأحد الأطراف على حساب الطرف الآخر. يبدو أنّ الأمن لم يستوعب بعد درس الثورة لذلك يصرّ على انتهاك القانون وعدم احترام إرادة المواطنين وضرب حصار على تحرّكهم السلمي”.
وكتب سمير بن عمر، رئيس الهيئة السياسية لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية: “سلطة الانقلاب تحاصر شارع الثورة وتمنع المتظاهرين من الالتحاق بشارع محمد الخامس. وبعد ذلك يخرج غوبلز وأتباعه ليصدعوا رؤوسنا بشعار “الشعب يريد”.
وأكدت عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، مروى الردادي، استعمال قوت الأمن للغاز المسيل للدموع خلال الاحتجاجات المناهضة للرئيس قيس سعيد، مضيفة: “تمت ملاحظة تضييق شديد على المحتجين اليوم مقارنة بالوقفات السابقة حيث تمت إتاحة مدخل وحيد للولوج إلى مكان الوقفة الاحتجاجية أمام المسرح البلدي مما تسبب في حالات تدافع بين الوافدين. كما تم تسجيل ضرب أمني لامرأة خمسينية على مستوى الرأس تم نقلها إلى المستشفى، وتم أيضاً منع أعضاء الهيئة المراقبين من التحرك بحرية خلال الاحتجاجات”. وفي رده على اتهام الشرطة بالانحياز للمتظاهرين المؤيدين للرئيس، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية، خالد الحيوني، إنه تم تطبيق “الخطة الأمنية نفسها في كافة الوقفات الاحتجاجية بعد 25 يوليو/ تموز ونفس الفضاء خصص لكل الأطراف، ووزارة الداخلية تقف على نفس المسافة من كل المتظاهرين وهي معنية بالجانب الأمني فقط من خلال تأمين دخول وخروج المحتجين”.
فيما استنكر التلفزيون التونسي تعرض فريقه الصحافي المكلف بتغطية احتجاجات شارع الحبيب بورقيبة إلى “اعتداء فظيع من قبل جمع من المتظاهرين تسبب في إصابة عدد من أعضاء الفريق مما استوجب نقلهم إلى مستشفى شارل نيكول لتلقي العلاج”.
وأضاف، في بيان أصدره الأحد: “تعرب التلفزة التونسية عن إدانتها الشديدة لهذا الاعتداء السافر الذي استهدف أبناءَها كما تهيب بكافة الأطراف المتدخلة وبالهياكل (المؤسسات) المهنية المعنية بالحرص على وضع حد لهذه الاعتداءات المتكررة التي تطال الإعلاميين والتقنيين بالمؤسسة لدى أدائهم واجبهم المهني، خدمة لرسالتهم النبيلة في إنارة الرأي العام الوطني”.

إلغاء الإقامات الجبرية

وقرر الرئيس التونسي، قيس سعيد، إلغاء الإقامة الجبرية عن نواب ومسؤولين سابقين في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لامتصاص الغضب الشعبي المتصاعد ضد تدابيره الاستثنائية التي عطلت المؤسسات التونسية وساهمت في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وكتب شوقي الطبيب الرئيس السابق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، على صفحته في موقع فيسبوك: “تم إعلامي منذ دقائق بإلغاء قرار وضعي تحت الإقامة الجبرية. الحمد لله والشكر موصول لكل من ساندني: عائلتي أصدقائي وزملائي”.
وأضاف الوزير السابق، أنور معروف: “الحمد لله رب العالمين وإن بعد العسر يسراً. تم إعلامي منذ حين بإلغاء قرار الإقامة الجبرية”.
وقال النائب يسري الدالي، خلال مشاركته في تظاهرة الأحد: “أتيت اليوم من مكان إقامتي الجبرية، أريد أن أشكركم لأنكم كنتم السبب في هذا القرار”.
وكتب الوزير السابق عبد اللطيف المكي: “رفع الإقامة الجبرية عن الوزير أنور معروف والعميد شوقي الطبيب. المسيرة ناجحة جداً جداً فليلتحق من لم يلتحق”.
وتحت عنوان “الرئيس سعيد يخضع للضغوط”، كتب المحلل السياسي عبد اللطيف دربالة: “تمّ منذ قليل رفع الإقامة الجبريّة التي كانت مفروضة على عدد من الأشخاص بقرار من المكلّف بتسيير وزارة الداخلية طبق الأمر المنظم لحالة الطوارئ. والذي يعتبره أغلب اخصائيّي القانون غير دستوري ولا شرعي. وكان وقع إقراره على عجل يوم مظاهرات 26 يناير 1978 الدامية في عهد ديكتاتوريّة الحبيب بورقيبة واستعمله بعد 25 يوليو 2021 الرئيس الحالي قيس سعيّد”. وأضاف: “من المعلوم أنّ منظمات حقوقية تونسية ودولية استنكرت إخضاع شخصيات سياسية وقضائية للإقامة الجبرية بمجرّد قرار من وزارة الداخلية دون أن يكون هناك موجب قانوني أو تهمة. أو أن يشكّل ذلك الشخص خطراً على الأمن العام كما ينصّ الأمر المنظم لحالة الطوارئ نفسه. كما انتقدت الولايات المتّحدة الأمريكية ودول كبرى الإجراءات التعسفية القامعة للحريات في تونس والخارقة للقانون.. ودعت الرئيس قيس سعيّد للتراجع عنها فوراً”.
وتابع بقوله: “إنّ فرض الإقامة الجبريّة على عدد من الأشخاص دون سبب.. ورفعها أيضاً دون سبب.. يبيّن أوّلاً أنّ القرار اعتباطيّ وتعسّفي.. ويبيّن ثانياً أنّ رفعه كان تحت الضغط. تراجع قيس سعيّد عن فرض الإقامة الجبرية تحت الضغوط.. قد يعوّضه بإطلاق إجراءات قضائيّة ضدّ الشخصيّات المستهدفة بالتنسيق مع الأمن والقضاء بناء على الضغوط التي يمارسها عليهم في الأيام الأخيرة لتوظيفهم لخدمة أجندته”.

القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار