البابور الموقع العربي

الزبيدي يكشف أسرار “الهروب الكبير” من نفق الحرية.. اختبأت في وكر أفاعي وشعرت أنني في البرزخ

602

كشف الأسير الفلسطيني، زكريا الزبيدي، أحد أبطال نفق الحرية الستة، عن بعض خفايا عملية الهروب الكبير التي تمت أوائل سبتمبر/ أيلول  الماضي.

وقال الزبيدي خلال لقائه محامية هيئة شؤون الأسرى والمحررين، حنان الخطيب، الأربعاء، إنه عَلم بنبأ الهروب من داخل سجن جلبوع قبل نحو أسبوعين فقط من تاريخ تنفيذ العملية، بعد أن بادر الأسير أيهم كممجي بسؤاله عما إذا كان يرغب في مشاركته عملية الهروب، مضيفاً: “عندما سألني عن استعدادي قلت له “أنا الي بطلع”، في إشارة منه للاستعداد الكامل لخوض التجربة.

الاسير زكريا الزبيدي وابنه محمد

ونقلاً عن الخطيب التي التقت بالزبيدي داخل عزله في سجن “ريمونيم”، فإن الدافع وراء الموافقة على عملية الهروب هو الإيمان الكبير بضرورة أن ينتزع حريته، “نحن محاربون من أجل الحرية ولدينا مسرح يمكن استثماره لانتزاع حريتنا فكيف لا أفكر بالحرية.. السجن ليس مكاني فكيف لا أوافق عندما تحين الفرصة؟!”، قال الزبيدي.

وأشار إلى أنه كان يسمع أصوات حفريات من حين لآخر وكان يشعر بأن أحدهم يفكر بالهروب، وهو ما صارح به الكممجي عندما بادره بالسؤال عن رأيه في أن يكون رفيق دربه في رحلة انتزاع الحرية.

وأضاف: “قبل أسبوع من العملية طلبت الانتقال لغرفتهم لكي أطلع على الموضوع، عندما دخلت ورأيت الحمام، (عرفت أننا برة.. ) أي من السهل علينا أن ننفذ خطتنا، سألتهم عن التكتيكات والخطة المرسومة وكيف سنسير بالنفق لأنني لم أجرب الدخول للنفق من قبل، فأخبروني بأن السير سيكون يد للأمام ويد للخلف والمشي بطريقة الحلزون ولكن يوجد مقطعان يجب فيهما النوم على الظهر والسير زحفاً”.

وعرج الزبيدي في حديثه على الرد الذي تلقاه من مناضل نفيعات حينما سأله عن الدافع وراء رغبته في الهروب رغم أن شهرين فقط كانا يفصلانه عن الإفراج بعد انتهاء محكوميته، فما كان منه إلا أن قال: “أنا من حفر وسأكون شريكاً معكم”، مستكملاً على سبيل المزاح: “منذ تلك اللحظة أطلقت عليه لقب البايجر”، وهو ما يعني الحفّار.

وعما إذا أثيرت  لدى مصلحة السجون الشكوك عن نوايا الأسرى بالهروب، أوضح الزبيدي أنه قبل يوم العملية جاء أحد السجانين ومعه شخص، حيث بدأوا بفحص فوهة المجاري التي كان من المقرر استخدامها للهروب، إذ رأى تراباً مبلولاً وهو ما أثار الشكوك لدى الأسرى الذين قرروا تنفيذ العملية.

وعن ردة فعله في تلك الأثناء، بيّن أنه بدأ بمناداة الأسرى لعقد جلسة ثقافية، وذلك لخلق حالة من الإرباك، وهو ما دفع السجان لإغلاق الفتحة، وحينها “أخبرت الأسرى أن الوضع لا يحتمل وأنه آن الآوان للتنفيذ في ذات الليلة”.

وفي التفاصيل، أكد أن أول من دخل النفق هو مناضل نفيعات، تلاه محمد العارضة و يعقوب قادري وزكريا الزبيدي ومن ثم أيهم كممجي وآخرهم كان محمود العارضة.

وواصل: “داخل النفق علقت وشعرت أن جسمي لا يتحرك حوالي ربع ساعة وكانت المنطقة مظلمة فأحسست بأنني بمنطقة البرزخ بين الأرض والسماء، وعندها طلب مني أيهم ومحمود مواصلة المسير، وأخبرت يعقوب الذي كان أمامي بأنني عالق فظن يعقوب أن الحقيبة تعرقل مسيري فقام بسحبها مني فقلت له أن جسمي عالق بالنفق وأنا لا أستطيع التحرك”.

وحول شعوره في تلك الأثناء، قال: “هذه المرة الأولى لي في تجربة السير بنفق، على عكسهم تماماً، هم اعتادوا على هذا، ولكنني في النهاية قررت مواصلة المسير”، مؤكداً أنه عند نهاية النفق كان يعقوب قادري في حالة إنهاك شديد، فيما حاول مناضل نفيعات مساعدتي على الخروج من فوهة النفق، ولنكون بذلك قد انتزعنا حريتنا”.

وبشأن الأحداث التي أعقبت خروجهم وكيف تم التعاطي مع الموقف، أشار الزبيدي إلى أنه بمجرد قطعهم الطريق العام، كانوا سيتعرضون لحادث سير، وهو ما أثار مخاوفنا من أن يتم الإبلاغ عنا، فقررنا قطع مسافة طويلة في أرض كانت مزروعة بالقطن، وفي الأثناء رأينا طائرات مروحية تحلق وانتشارا مكثفا لسيارات الشرطة، فتيقنا حينها أن نبأ هروبنا قد عرف وأن البحث عنا قد بدأ.

وتابع: “بعد حوالي كيلو متر من المسير تعب يعقوب ولم يعد يقو على الركض فطلب منا أن نغادر ونتركه، مشدداً على ضرورة أن ننجو، لكنني رفضت وطلبت منه أن يتكئ عليَّ، وهو ما حدث بالفعل، حتى وصلنا إلى قرية الناعورة، وهناك اغتسلنا في أحد المساجد واستبدلنا ملابسنا، وكنا ننتظر أن تصلنا سيارة لتقلنا، لكنها لم تأتِ، فخاب أملنا وقررنا الانفصال على شكل أزواج، وكان نصيبي مع  محمد العارضة”.

وعن الحياة التي كانوا يتعطشون لرؤيتها بعد سنوات السجن التي قضمت أعمارهم، يقول الزبيدي، إنهما واصلا المسير في طرق لا يعرفونها، وكان الهم الأول لهما أن يخرجا من البلدة كي لا يتم التعرف عليهما، فيما سارا حوالي 7 ساعات، إلى أن بلغا من التعب أشده، وهو ما دفعهما لأخذ قسط من الراحة في محيط أحد الأحراش المحيطة بالبلدة.

وتابع قائلا: “رأيت شجر الصنوبر الذي زرعه الاحتلال مكان شجر الزيتون وكان بجانب إحدى شجرات الصنوبر فروع وعروق زيتون كانت قد نبتت بجانبها فقلت لمحمد ” شاهد كيف زرعوا أشجار الصنوبر بدلاً من الزيتون لكن الأشياء لا تنسى جذورها، وها هو الزيتون ينبت من جديد”.

أردف: “اختبأنا بعدها داخل شجرة بطم بالقرب من مستعمرة بمنطقة صناعية، حيث كان داخل الشجرة ثوب أفعى ونمل كبير فقلت لمحمد أننا بوكر لأفعى وأننا بمكان آمن لأن الحيوانات والزواحف أأمن من الإنسان”، وتابع متأسفاً: “عشنا في هذا المكان يوم ونصف ولم يبلغوا عنا، ولكن الإنسان بمجرد أن شاهدنا قام بالتبليغ عنا”.

وبشأن عمليات البحث التي جرت خلال ستة أيام بشكل مكثف في محاولة لإلقاء القبض عليهم، أكد أنهم أختبأوا في أحد المباني التي كانت قيد الإنشاء قبل يوم واحد فقط من إلقاء القبض عليهم، في وقت دخلت فيه أجهزة الأمن الإسرائيلية المبنى ذاته، لكنهم لم يعثروا علينا”

وواصل حديثه قائلاً: “كنت في كل يوم أتسلق على شجرة للاستطلاع، وتفاجأت من حجم التحركات والتفتيش، وإغلاق الأماكن، لم يكن الأمر عادياً، حجم التحركات والوسائل التي استعملها جهاز الأمن الإسرائيلي لم تكن متوقعة، ولم يخيل إليّ أننا سنصمد بالخارج 6 أيام دون يُعثر علينا، علماً أنهم وصلوا بمقربتنا عدة مرات ولم يرونا”.

وكان الزبيدي ورفيقه يحملان جهاز راديو، إذ توارد إلى مسامعهما أنه تم القبض على محمود ويعقوب، ولكن الخوف لم يتمكن منهما، “حتى عندما حاصرونا وبات معلوم لدينا أننا اقتربنا من قبضتهم، لم نخف، باختصار لأننا طالبو حرية”.

القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار