البابور الموقع العربي

موسكو: الغرب جمد 300 مليار دولار من الذهب والنقد الاجنبي للبنك المركزي الروسي

542

أعلن وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف أن حجم احتياطي الذهب والنقد الأجنبي للبنك المركزي الروسي والذي تم تجميده بسبب العقوبات الغربية، يبلغ نحو 300 مليار دولار.

مع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا يومها التاسع عشر، يواصل قادة الاتحاد الأوروبي رفع سلاح العقوبات في وجه موسكو مهددين بمزيد الإجراءات القاسية بحقها، مع رفضهم لأبرز مطالب كييف، على غرار انضمام أوكرانيا «السريع» إلى تكتلهم، الذي يجد نفسه في مواجهة «أسرع موجة هجرة» شهدتها القارة العجوز منذ الحرب العالمية الثانية.

ففي ختام القمة الأوروبية الاستثنائية التي احتضنها قصر فرساي العريق بضاحية باريس على مدى يومين، دان المجلس الأوروبي مرة أخرى بشكل قاطع الغزو الروسي لأوكرانيا، متحدثًا عن «عدوان عسكري غير مبرر من جانب روسيا ضد أوكرانيا» والذي «ينتهك بشكل صارخ القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويهدد الأمن والاستقرار الأوروبي والعالمي». وأكد المجلس الأوروبي، الذي يذكّر روسيا بـ «التزاماتها الإنسانية» أن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء «مصممون على ممارسة المزيد من الضغط على روسيا وبيلاروسيا، حيث تم اعتماد عقوبات كبيرة وهناك حالة استعداد لتبني عقوبات جديدة بسرعة».
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، قال: «إذا كثف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القصف، وفرض حصارًا على كييف، وزاد من تصعيد مشاهد الحرب، فإننا نعلم أنه سيتعين علينا فرض عقوبات واسعة النطاق مرة أخرى». وأضاف ماكرون أن مجموعة الدول السبع الاقتصادية الكبرى ستعلن لاحقاً وابلًا جديدًا من العقوبات ضد روسيا، وسيتعين على البنك المركزي الأوروبي مواصلة العمل بسبب التوترات الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
في نفس السياق، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن «حزمة رابعة من العقوبات ضد موسكو ستأتي» مؤكدة أن التكتل مصمم على الرد بشكل مناسب على «العدوان الوحشي» الذي قام به فلاديمير بوتين وبأن الرد سيكون قوياً بهدف عزل روسيا بشكل أكبر وتجفيف الموارد التي تستخدمها لتمويل «هذه الحرب البربرية» مشيرة إلى أن حقوق عضوية روسيا في المؤسسات متعددة الأطراف الرئيسية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، سيتم تعليقها، مشددة على أنه «لا يمكن لروسيا أن تنتهك القانون الدولي بشكل صارخ وتتوقع في نفس الوقت التمتع بامتيازات أن تكون جزءًا من النظام الاقتصادي الدولي».

ملاحقة الأوليغارشيين الروس

بدوره، أوضح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن العقوبات الجديدة ضد موسكو ستضرب العاملين في صناعة الصلب وغيرهم ممن يقدمون الخدمات المالية والمنتجات العسكرية والتكنولوجيا للدولة الروسية، قائلاً: «بهذه العقوبات، سنواصل ملاحقة الأوليغارشية والنخب التابعة للنظام الروسي وعائلاتهم ورجال الأعمال البارزين الذين يشاركون في القطاعات الاقتصادية التي توفر مصدر دخل كبير للنظام» من دون أن يحدد موعد القوائم الجديدة التي قد يتم تبنيها. ورفض مسؤولو الاتحاد الأوروبي التعليق على ما إذا كان رومان ابراموفيتش مالك نادي تشيلسي لكرة القدم من بين أولئك الذين يمكن إدراجهم في القائمة، بعد أن جمدت بريطانيا أصوله يوم الخميس المنصرم.
كما أوضح مسؤولو الاتحاد الأوروبي أنه سيحظر على وجه التحديد الصادرات إلى روسيا من سلع الاتحاد الأوروبي الفاخرة، بهدف توجيه ضربة للنخب الروسية. كما ستحظر الكتلة الاستثمارات الأوروبية الجديدة في قطاع الطاقة الروسية، فيما أكدت فون دير لاين أن هذا الحظر «سيغطي جميع الاستثمارات ونقل التكنولوجيا والخدمات المالية …الخ المرجعة إلى التنقيب وإنتاج الطاقة – وبالتالي سيكون له تأثير كبير على بوتين». للتذكير، بلغ إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من السلع من روسيا 145 مليار يورو في 2019 وفقا لمكتب الإحصاء الأوروبي يوروستات، بما في ذلك 101 مليار يورو للنفط والغاز.
واقترح جوزيب بوريل على رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي خلال قمة فرساي مضاعفة التمويل الأوروبي الذي يهدف إلى تسليح أوكرانيا، على الرغم من تحذيرات موسكو في هذا الإطار. وقدم بوريل اقتراحًا لمضاعفة المساهمة الاتحاد الأوروبي بمبلغ إضافي قدره 500 مليون يورو للأسلحة لدعم الجيش الأوكراني. ومقترح يتعين على الدول الأعضاء اعتماده.

الذهب الأسود الروسي والحبوب الأوكرانية

وفي الوقت الذي بدأت فيه تداعيات هذه العقوبات على روسيا تلقي بظلالها على أوروبا، مع الزيادة اللافتة في سعر البنزين، فإن الأوروبيين رفضوا، كما كان منتظراً، حذو حذو الولايات المتحدة بحظر النفط والغاز الروسي، وذلك بالنظر إلى اعتمادهم الكبير على موسكو في هذه النقطة. في الواقع، لا يستطيع الأوروبيون الاستغناء عن روسيا بهذه السهولة في ظل استحواذها على 27 في المئة من واردات الذهب الأسود، وفي الوقت الذي يبدو فيه أن إنتاج دول أوبك الأخرى في طريق مسدود: إيران محظورة من السوق الأوروبية، وحتى لو رفعنا هذا الحظر، فليس من المؤكد أن طهران ستوافق على لعب خدمة رجال الإطفاء للغرب. واستيراد النفط من الولايات المتحدة – عبر المحيط الأطلسي – سيكون مكلفًا للغاية وسيتطلب إعادة تنظيم كبيرة.
واكتفى القادة الأوروبيون بالاتفاق على خطة لإنهاء اعتماد الاتحاد الأوروبي على الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027 مع تحقيق أول نقطة فارقة في منتصف شهر ايار/مايو المقبل فيما يتعلق بالنفط. وقال الرئيس الفرنسي إن الهدف هو «مقاومة صدمات الأسعار المرتبطة بهذا السياق الجيوسياسي بشكل أفضل» معتبراً أن خطة «الخروج من الاعتماد الأحفوري على روسيا» بحلول عام 2027 «تفترض استثمارات جديدة ومعدات جديدة واستراتيجيات من حيث الطاقات المتجددة والنووية». وشدد على أن «الدفاع عن الديمقراطية والقيم الأوروبية له ثمن».
ماكرون، حذر أيضا من أنه علاوة على تداعيات النفط والغاز، فإن القارة الأوروبية «ستقوض بشدة» على المستوى الغذائي، قائلا إن «أوروبا وأفريقيا ستتعرضان لزعزعة شديدة للغاية على مستوى الغذاء خلال الـ 12 إلى 18 شهرًا المقبلة بسبب الحرب في أوكرانيا، التي تعد منتجاً رئيسياً للحبوب». فقد دفعت الحرب بالزيوت والقمح وفول الصويا وبذور اللفت وعباد الشمس والذرة إلى مستويات غير مسبوقة. وأيضاً، أسعار المنتجات الزراعية تدعم ارتفاع أسعار الأسمدة – التي تستورد أوروبا 30 في المئة من احتياجاتها منها من روسيا – وتكلفة الوقود.

لا لانضمام أوكرانيا حاليا إلى الاتحاد الأوروبي

وبينما كان الأوكرانيون يأملون في أن تصدر عن قمة في فرساي قرارات «قوية» تتجاوب مع مطلب الرئيس فلوديمير زيلينسكي الرسمي بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بعد غزو الروسي لهذا البلد، رفض القادة الأوروبيون أي إجراءات انضمام «عاجلة» واكتفى المجلس الأوروبي بالحديث عن تعزيز لـ «العلاقات» و «الشراكة» مع أوكرانيا، في بيان مشترك نُشر يوم الجمعة.
وجاء في البيان أن المجلس الأوروبي «أخذ علما بتطلعات أوكرانيا الأوروبية واختيارها التوجه نحو أوروبا، وفقا لاتفاقية الشراكة. في انتظار رأي المفوضية الأوروبية، سنعمل دون مزيد من التأخير على تعزيز علاقاتنا وتعميق شراكتنا لمساعدة أوكرانيا على التقدم في مسارها الأوروبي».
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعرب، الخميس، خلال افتتاح القمة الأوروبية في قصر فرساي، عن تردده في الترحيب سريعًا بدولة في صراع كامل داخل الاتحاد الأوروبي، قائلا: «علينا أن نكون يقظين. هل يمكننا فتح إجراءات انضمام مع دولة في حالة حرب؟ لا أعتقد ذلك».
ومع ذلك شدد قادة الاتحاد الأوروبي على أن مستقبل أوكرانيا يجب أن يكون، في الوقت المناسب، «إلى جانب الديمقراطية» مؤكدين «تصميمهم على تقديم الدعم لإعادة بناء أوكرانيا الديمقراطية بمجرد توقف الهجوم الروسي» ومشيرين إلى تضامن التكتل مع أوكرانيا ورغبته في مواصلة مساعدته الإنسانية لها.

هجرة هي الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية

في غضون ذلك يجد الأوروبيون أنفسهم في مواجهة ما وصفه فيليبو غراندي، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، بأنه «أسرع نزوح جماعي شهدته أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية». فقد حذر جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، من أن عدد الفارين من الحرب قد يصل بسرعة إلى 4 أو 5 ملايين. ففي غضون اثني عشر يومًا، شهد الاتحاد الأوروبي وصول عدد كبير من المنفيين إلى حدوده وفق ما ذكرت إيلفا جوهانسون، المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية، مشيرة إلى أن نسبة الأطفال بين اللاجئين الأوكرانيين تصل حسب التقديرات الأولية إلى 50 في المئة.
وأعلنت المفوضية الأوروبية بداية هذا الأسبوع عن جهد مالي كبير من أجل «دعم وحماية الفارين من العدوان الروسي مهما كانت جنسيتهم أو أصلهم». وإذا لزم الأمر، فإن أوروبا ستفعل المزيد، كما وعدت بذلك مارغريتيس شيناس، نائبة رئيس اللجنة المسؤولة عن سياسة الهجرة. اقترحت المفوضية خطة من أربعة فصول، أولها يتمثل في تقديم مساعدات إنسانية طارئة بقيمة 500 مليون يورو للمساعدات الغذائية والطبية الطارئة. وقد تم إرسال الضروريات الأساسية إلى أوكرانيا والدول المجاورة. ثانيا، تسهيل طلبات الحصول على اللجوء. ثم منح البلدان الواقعة على الحدود الأوكرانية أموالًا لإدارة تدفق الوافدين والحفاظ على «مستوى عالٍ من الأمن».
وفي نهاية الأسبوع، أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرار درمانان، سيتم نقل حوالي ألفين وخمسمئة لاجئ أوكراني في مولدافيا إلى فرنسا كجزء من عملية تنسقها المفوضية الأوروبية مع «البلدان المتطوعة» واصفا ذلك بأنها أول عملية كبرى من هذا النوع. غير أن الإعلان عن هذا العدد قوبل بموجة انتقاد على منصات التواصل الاجتماعي ومن قبل بعض الجمعيات التي تعنى بالمهاجرين واللاجئين، باعتبار أن العدد رمزي جداً في ظل الحديث عن ملايين اللاجئين الأوكرانيين الفارين من ويلات الحرب.

روسيا اليوم + القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار