البابور الموقع العربي

“العزيمة تربي الأمل”.. كتاب من قلب الزنزانة للأسيرة الفلسطينية أماني الحشيم

1٬065

عبَّرت الأسيرة المقدسية أماني الحشيم عن فرحتها بالردود الإيجابيّة بشأن كتابها الذي صدر من داخل سجون الاحتلال الصهيوني، ويحمل عنوانًا (العزيمة تربي الأمل)، حيث صدر خلال شهر كانون ثاني/ يناير الماضي.

وأوضحت الأسيرة الحشيم لمحامية هيئة شؤون الأسرى حنان الخطيب عقب زيارتها لها بمعتقل “الدامون”، أنّها “لم تتوقّع هذا الصدى الذي حصل عليه كتابها، ونتاجًا لذلك فإنّها بصدد البدء بكتابة كتاب آخر”.

ولفتت الحشيم: “انتابني شعور رائع ولا يوصف، وذلك في أحد المرات التي تم فيها تنظيم وقفة تضامنية لدعم أسيرات “الدامون”، وخلال الوقفة تم توزيع كتابي على المتضامنين المشاركين، ونُقل الحدث على (تلفزيون فلسطين) وشاهدته جميع الأسيرات، الشيء الذي رفع من معنوياتنا وزادنا قوة وصلابة”.

من جهتها، قالت هيئة الأسرى إنّ “كتاب الأسيرة الحشيم، يحتوي على 25 نصًا وجدانيًا تتحدّث من خلالهم عن الهموم الشخصية والعامة، وعن بعض مشاهد من المعتقل، مع سيطرة لافتة للنظر لموضوع الأمل، والأسيرة الحشيم هي أول أسيرة تُصدر كتابًا من خلف القضبان، علمًا بأنّ هناك العديد من الأسرى الذي خاضوا هذه التجربة الأدبية أو ما اصطلح على تسميتها “بأدب السجون”، فالكتابة من داخل السجون هو شكل من أشكال المقاومة، فمن خلال الكتابة استطاع الأسرى توثيق تجاربهم ومعاناتهم اليومية التي يعيشونها داخل أقبية الاحتلال”.

ويُشار إلى أنّ الأسيرة أماني الحشيم حاصلة على بكالوريوس في العلوم السياسية والدراسات الدبلوماسيّة من جامعة القدس (أبو ديس)، ودبلوم في اللغة الإيطاليّة، وناشطة في تدريس الأسيرات داخل المعتقلات، واعتقلها جيش الاحتلال بتاريخ 13/12/2016، وحكم عليها بالسجن عشر سنوات، وهي أم لطفلين.

نصوص وجدانية

“المكان يصنعني، من أعماق الصمت أكتب عنواني في عالم لا سماء له.. حاصرني الصمت وقادني إلى واقع لا أجيد قراءته، فترسم على وجهي الألم، الألم هو أقوى محرك في عالمي، فاخترت أن أحوله إلى طوق إنقاذ فبات يتلهم النجوم ويسقط الشهب ويقذفها إلى سطوري وقلمي، فتجلس النجمة في السطر الأول، ويحل ضياء الشهب مكان صبري فأشعر بحرية في جسدي وعقلي معا، فهذه السطور وما خطته من كلمات صنعتني كما تريد فتألقت وأبدعت وتركت خطا عميقا لا يظهر في الملامح”

هذا جزء من نص في كتاب الأسيرة أماني الحشيم، الذي صدر من داخل سجون الاحتلال، خلال شهر كانون ثاني/يناير الماضي، تحت عنوان (العزيمة تربي الأمل).

وفي حفل توقيع بهيج، اجتمعت العائلة احتفالاً بالكتاب، بدون الأسيرة أماني المحكومة لعشر سنوات وأم لأحمد وأدم اللذان وقفا بجانب جدتهما يحمل كل منهما نسخة من كتاب أم أسيرة لم تشاركهما الفرح.

يتكون الكتاب من خمسين صفحة، ويحتوي خواطر أسيرة مرت بها داخل الأسر منذ خمس سنوات، المدة التي قضتها حتى اليوم، والتي تبقى منها خمس مثلها.

وقفت أمها تحتضن الطفلين، وهي فخورة بابنتها، ترسل إليها رسالة: “أماني أنت قوية وأنت قدها يا أمي وإن شاء الله بروح الأسر وبضل الأجر وراح تضلي بنجاح مستمر ، أماني مصدر قوتي، دائما ما أذهب إليها بنفسية متألمة وتمدني بالطاقة الإيجابية والبهجة، لقد حولت المحنة لمنحة”

ابنها أحمد يقول: “نحن اليوم دعونا كل الأصدقاء والعائلة، وفخورون بها جداً، وقد حضرت والدات الأسيرات، شاركتنا العائلة كلها الفرحة بأمي”.

ومن داخل المعتقل أوضحت الأسيرة الحشيم لمحامية الهيئة حنان الخطيب عقب زيارتها لها بمعتقل “الدامون”، بأنها فرحة جداً بالصدى الذي أحدثه كتابها وبأن هذا الأثر أصبح دافعا لها بأن تبدأ بكتابة آخرَ جديداً.

وقالت: “لقد شعرت بالفرح من مشهد نقله تلفزيون فلسطين ورأيته أنا والأسيرات من المعتقل، حينما وزع كتابي في إحدى الوقفات التضامنية مع الأسيرات، وقد رفع هذا المشهد من معنوياتي كثيراً”.

كتاب الأسيرة الحشيم يحتوي على 25 نصاً وجدانياً تتحدث من خلالها عن الهموم الشخصية والعامة لها من خلال تجربتها كأسيرة، وأوجاع المعتقل، مع حضور قوي في سطورها للأمل.

والأسيرة أماني الحشيم حاصلة على بكالوريوس تخصص العلوم السياسية والدراسات الدبلوماسية من جامعة القدس في أبو ديس، وهي ناشطة في تدريس الأسيرات داخل المعتقلات.

واعتقلت في الـ13 من شهر كانون أول/نوفمبر عام 2016، وحكم الاحتلال عليها بالسجن لمدة 10 سنوات، وهي أم لطفلين.

لقد أصبح التعليم والكتابة إحدى الوسائل التي يقاوم بها الأسرى السجان وظلام الجدران، من هنا نجد ميل العديد من الأسرى إلى تكملة تعليمهم والكتابة بمختلف أنواعها، وتأتي هذه النصوص كوسيلة مقاومة، تثبت بها “أماني خالد حشيم” أنها متعلمة/ مثقفة/ أديبة، وعلى أن السجن لا يليق بها ولا بمثيلتها من الأسيرات والأسرى.

فمن يكتب هو إنسان، وإنسان متفوق، ومرهف، وممتلئ بالمشاعر والعاطفة، واعتقد أن الإهداء كاف وحده لتأكيد (إنسانية) “أماني”، وعلى أنها تمتلك مشاعر مرهفة، تجاه عائلتها وأسرتها، جاء في الإهداء: “إلى أبي الذي زرع بداخلي صورة صمود امرأة أمام مصاعب الحياة، أحبك أبي، إلى أمي التي لم تتوقف عن الإيمان بي ودائما كانت تصلي وتتمني لي الأفضل، أحبك أمي، إلى أبنائي أحمد وآدم، الآن ابتسامتكم بحجم جمال الوطن”، نلاحظ أنها قدمت الأب على الأم، وهذا يشير إلى ميل الأنثى نحو الأب أكثر من الأم، كما يستوقفنا أنها تعتبر الأب هو من علمها الصمود والثبات، لهذا قدمته على الأم التي اقتصر دورها على الدعاء والتمني، فالأب كان أثره عليها (مادي/ تعلمي)، بينما أثر الأم روحي/ عاطفي، من هنا قدمت الأب على الأم، وجعلت أولادها في الخاتمة، فرغم قرب الأبناء من أمهم، إلا أن “أماني” تعاملت مع عائلتها على أنها ما زلت (بنت) أبيها وأمها، فقدمتها على أولادها، معتبره أنهما أهم من الأبناء، كما أن صغر الأبناء، وعدم (تفهمهم/ استيعابهم) لغياب أمهم، جعل “الكاتبة تقدم والديها على أبنائها.

الكتاب عبارة عن مجموعة نصوص، تحاول فيها الكاتبة إيصال مشاعرها تجاه واقعها كأسيرة، وكيف أنها استخدمت القلم الورقة وكسيلة مقاومة وإثبات الذات، جاء أول نص تحت عنوان “مقدمة” وجاء فيه:

“في معزوفة الصمت الساكن في الزنزانة

تتعاقب الأيام وتتوالي السنون وتتغير فصولها

يتلو النهار ضياءه بعيون الشمس

فيأتي ليل حزين بدمع نجومه

صفحات من حياتي تطوى

يغيب العمر من بين يدي ويمضي

ضاق الفضاء علي وضيعت الخطى

وصار دربي أكثر وحشة وظلمة

فجأة القلم وفك قيدي

وقالت الورقة هيا انطلقي

وثق قلمي بصوت العزيمة لدي

وآمنت ورقتي بأمنياتي

كتبت وكتبت نصوصا من مسار أفكاري

وبين أيديكم بضعها” ص13

نلاحظ أن للمكان أثره على الكتابة من خلال استخدامها للفظ “الزنزانة” ونجدها تعاني من ثقل الزمن عليها، الذي نجده في: “الأيام، السنون، نهار، ليل، فصولها” ولم يقتصر الأمر على ما يتعلق بالزمن مباشرة، فنجد أثره على الكاتبة من خلال استخدامها لأفعال ثقيلة عليها: تتعاقب، وتتوالى، وتتغير، يتلو، فيأتي، تطوى، يغيب، ضاق، وضيعت” اللافت أن الكاتبة توصل فكرتها للمتلقي من خلال الألفاظ المجردة، إضافة إلى المعنى/ الفكرة التي يحملها المقطع.

واعتقد أن تتابع حرفي التاء في: “تتعاقب، وتتوالى، وتتغير” يخدم فكرة ثقل الوقت/ الزمن على الكاتبة، كما أن لفظ “يتلو” الذي تكثر فيه حروف المد: “الياء، اللام، والواو” خدم فكرة (اشتياق) الكاتبة للضياء/ للشمس، وخدم فكرة (عدم وجوده/ عدم أخذ الكاتبة كفايتها منه) لهذا كان لفظ كلمة “يتلو” ممدودا وطويلا.

بينما لفظ “فيأتي” كان سريع وخاطف، رغم أن عدد الحروف فيه أكثر من “يتلو” وهذا يعود بسبب أنه متعلق بالليل الذي تعاني منه الكاتبة، وتعيشه، لهذا استخدمت لفظ “سريع” وكأنها به تريد أن ينتهي ال “ليل حزين”.

من هنا يمكننا القول أن الكاتبة استخدمت ألفاظ تخدم الفكرة التي أرادت تقديمها، وأيضا لفظ هذه الألفاظ يعزز الفكرة التي يحملها المعنى.

إذا ما توقفنا عند النص، ستنجد أن بدايتها كانت قاسية من خلال المعنى والألفاظ المستخدمة، لكنه في النصف الثاني أخذ يتجه نحو البياض/ الفرح، خاصة بعد هذا المقطع: “فجأة القلم وفك قيدي”، فقد تحول النص إلى مضمون فرح/ أبيض، وأيضا جاءت الألفاظ بيضاء: “وقالت، الورقة/ ورقتي، انطلقي، وثق، قلمي، بصوت، العزيمة، وآمنت، بأمنياتي، كتبت (مكررة)، نصوصا، مسارح، أفكاري” وهذا التحول نحو الفرح/ الأمل ناتج عن القلم والورقة.

وهنا سنتوقف قليلا عند ما جاء في المقطع الثاني، خاصة ما يتعلق بالمذكر، المؤنث، القلم، الورقة” وكأن الكاتبة تؤكد نسق (الطبيعة) التي تتكون من نظيرين، المرأة/ الأنثى والرجل/ الذكر، كما أنها تؤكد أنها جزء من هذه الطبيعة من خلال استخدامها: “قلمي، ورقتي”، وهذا يشير إلى حاجة “أماني” (الطبيعية) في الحياة، فقد أشارت ـ بطريقة غير مباشرة ـ إلى أنها تتحدث عن “أماني” من خلال عنوان الكتاب: “العزيمة تربي الأمل” فالأمل وأماني يتقاربان في المعنى وفي الحروف، وأيضا نجد “أنا الكاتبة” من خلال “المقدمة” التي استخدمت فيها لفظي: “وآمنت، بأمنيتي” وهما يحملان معنى أسمها “أماني” حروفهما مكررة.

كل هذا يجعل النص مكتوبا من داخل الكاتبة ومن قلبها، وليس من بنات أفكارها وحسب، فالألفاظ المستخدمة تؤكد حالة التوحد التماهي بين الكاتبة وبين ما تكتبه.

الكتاب صدر في عام 2021، دون اسم دار نشر.

الرسالة نت + الهدف + الحوار المتمدن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار