ضاحي خلفان يطالب ال‘ماراتيين بالاكتفاء بوجبة واحدة بدل التذمر من غلاء الأسعار
أعادت الإمارات، الاثنين، هيكلة برنامج الدعم الاجتماعي لذوي الدخل المحدود ورفعت ميزانيته من 14 مليار درهم إلى 28 مليار درهم (7.6 مليار دولار).
ياتي ذلك في اعقاب تذمر علني نادر وغير مسبوق من قبل مواطنين إماراتيين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على غلاء الاسعار والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يواجهونها، علما أن معدل التضخم للعام 2021، بلغ 2.5 بالمئة. وتجمهر مئات المواطنين في الشارقة طلبا للمساعدات.
بدأت الانتقادات والتذمر قبل اسابيع وصول محمد بن زايد إلى رئاسة البلاد منتصف مايو الماضي، وظهر ذلك للعلن لأول مرة عندما تجمهر مئات المواطنين في مدينة الذيد التابعة لإمارة الشارقة، تزامنا مع زيارة ابن زايد لها مطلع يونيو الماضي، وحاولوا تسليمه أو الفريق المرافق له معاريض (طلبات وشكاوى) حول أوضاعهم المعيشية.
وتقر الإمارات بوجود أسر لا يتوفر لها متطلبات العيش، وبالتالي يتم مساعدتها دوريا، إذ قالت جمعية الشارقة الخيرية، إنها قدمت خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الجديد 2022، مساعدات شهرية بقيمة 5 ملايين درهم (1.3 مليون دولار) لأكثر من 3 آلاف مستفيد، مع وجود جمعيات مماثلة في دبي، وأبو ظبي، وبقية الإمارات.

ويعتبر مراقبون للشأن الاماراتي ان المواطنين الاماراتيين والمقيمين يعانون من 3 أزمات هي:
البنزين ومعضلة الحكومات السبع:
رفعت الحكومة الإماراتية أسعار المحروقات عدة مرات هذا العام،، ليصبح ليتر البنزين الواحد عند 1.1 دولارا، أي ضعف سعره في السعودية، وعمان، وقطر، والبحرين، ونحو 3 أضعاف سعره في الكويت.
وخرج إماراتيون عن صمتهم بعد قرار رفع البنزين، ولجأوا إلى الاعتراض المباشر على القرار، أو التعبير عن رفضهم له بأساليب فكاهية وساخرة.
الخبير الاقتصادي الإماراتي ناصر الشيخ، المدير العام السابق للدائرة المالية في دبي، قال إن أسعار البنزين زادت في الإمارات بواقع 56 بالمئة منذ بداية العام، وقد تكون المسبب الرئيسي للتضخم محليا.
وأضاف في تغريدات أن “تبعات الزيادات أكبر من مجرد ارتفاع الكلفة على المستهلكين الأفراد، إذ هي تلمس قطاعات اقتصادية كثيرة لن يكون لها سبيل في استيعاب الزيادة سوى عبر رفع سعر بضائعها وخدماتها، وأولها في قطاعي النقل والمواصلات، ويتبين ذلك جليا في رفع أوبر تعرفتها بواقع 11 بالمئة وأسعار تذاكر الطيران”.
لفت الشيخ إلى أن “الفارق السعري للبنزين ما بين الإمارات وباقي دول الخليج سببه هو أن دول الخليج أقرت سقفا لا تتعداه أسعار البنزين، أو ما يسمى بالدعم المشروط، في تلك الحالة يتحمل المستهلك كلفة البنزين إلى ذلك السقف السعري وتتحمل الدولة ما علا عن السقف الإمارات لم تقر سقفا وأرى صعوبة في إرسائه”.
بحسب ناصر الشيخ، فإنه خلافا لدول الخليج القائمة على حكومة واحدة وموازنة واحدة تصب فيها كل موارد الدولة، “فالإمارات قائمة على حكومة إتحادية لها مواردها المحددة، وتأتي تحتها 7 حكومات محلية بموازناتها المستقلة، والتدفقات النقدية الناتجة عن الموارد الطبيعية تصب في الموازنات المحلية.. لا الإتحادية”.
ولفت إلى أن “توزيع البنزين تقوم به 3 شركات رئيسية في الدولة، إحداها مملوكة للحكومة الاتحادية، واثنتين لحكومتين محليتين، وجميع هذه الشركات تشتري البنزين وفقا للأسعار العالمية”.
وتساءل “لذا إن خضنا في فكرة الدعم فمن عساه أن يدعم؟ الاتحادية التي قد تكون محدودة في قدراتها لعدم استفادتها من الإنتاج؟ أم المحليات المستفيدة من ارتفاع الأسعار العالمية”.
وأضاف: “حينها سيتبادر سؤال لما على محلية أن تدعم المحليات الأخرى؟ لا أملك الإجابة لكني أوضح المعضلة.. ولا أعتقد أن شيء من هذا النوع سيرى النور إلا بقرار من قمة الهرم لشمولية النظرة في ذلك المستوى ورؤية جوانب قد لا نراها نحن”.
البطالة وكابوس المادة 101:
بلغت معدلات البطالة في الإمارات بالعام 2020 (آخر إحصائية صادرة عن البنك الدولي)، نحو 5 بالمئة، إذ زادت النسبة أكثر من ثلاثة أضعاف عن العام 2016.
ويحمل نحو نصف العاطلين عن العمل شهادات جامعية، كما أن نحو نصف العاطلين أيضا من المتزوجين.
نبّه المعارض الإماراتي حمد الشامسي إلى أن أحد أسباب ازدياد معدل البطالة، هو تعديلات طرأت على قانون الموارد البشرية الاتحادي في العام 2011، والتي حذرها منها أستاذ القانون الدستوري المعتقل، محمد الركن.
ونصت المادة 101 من التعديلات على أن “إعادة الهيكلة” و “عدم تجديد العقد” هم من الأسباب الكافية لإنهاء خدمة الموظف، والتي قال الشامسي إنها تطال حتى موظفي القطاع الحكومي الذين يتمتعون بأمان وظيفي في غالبية الدول العربية.
وبحسب تحليل سابق لمعهد دول الخليج العربية في واشنطن، فإن من أسباب ارتفاع معدل البطالة في الإمارات، عدم قدرة الحكومة على تنويع مصادر الدخل بعد انخفاض أسعار النفط صيف العام 2014، إذ هبط معدل نمو الناتج المحل من 4.6 في ذلك العام إلى 2.1 في العام 2016، وهو ما دفع السعودية والإمارات لفرض ضريبة القيمة المضافة على المواطنين والمقيمين.
وفي إقرار غير مباشر منها لأزمة الوظائف، أنشأت الحكومة في العام 2021، “مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية” برئاسة منصور بن زايد، والذي يستهدف توفير نحو 75 ألف وظيفة للمواطنين في القطاع الخاص، ضمن البرنامج الذي أطلق عليه سابقا “نافس”.
أزمة السكن وتذكير بمقولة المؤسس:
يشتكي العديد من الإماراتيين من عدم امتلاكهم منازل، وأن كاهلهم بات مثقلا بدفع الإيجارات، بخلاف توجيهات الحكومة التي تنص أن المنازل يجب أن تكون حقا لكل مواطن.
وتداول ناشطون خلال الأيام الماضية عدة فيديوهات سابقة لمؤسس الإمارات، الشيخ زايد آل نهيان، يبدي فيها غضبه لاكتشافه وجود مواطنين يسكنون بالإيجار، إذ نبّه على مستشاريه بمن فيهم نجله الراحل سلطان بن زايد بضرورة إيجاد حل عاجل للقضية.
في العام 2018، أعلن حاكم دبي رئيس مجلس الوزراء، محمد بن راشد آل مكتوم، أن الحكومة الاتحادية تستهدف بناء 7200 منزل للمواطنين خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، وبتكلفة تصل إلى 7 مليارات درهم (1.9 مليار دولار).
وقال آل مكتوم في اجتماع لمجلس الوزراء حينها، إن نسبة امتلاك المنازل للمواطنين بلغت 80 بالمئة، إلا أن الحكومة تجاهلت نشر أي نسبة رسمية للتملك.
وبسبب ارتفاع الأسعار، وعدم وجود تعديل لسلم الرواتب يتضمن زيادات للقطاعين الخاص والحكومي، طالب النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي حمد الرحومي، بضرورة تأجيل أقساط السكن، أو مناقشة سياسة برنامج الشيخ زايد للسكن.
ضاحي خلفان يدعو الاماراتيين للاكتفاء بوجبة واحدة
تصّدر نائب رئيس شرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان المشهد خلال الأسابيع الماضية، بنشره تغريدات استفزت طيفا واسعا من الإماراتيين.
مع بدء الحديث عن ارتفاع الأسعار، وعدم تغطية الرواتب لمتطلبات الحياة، دعا خلفان المواطنين إلى الاكتفاء بوجبة رئيسية واحدة في اليوم، وهو ما دفع كتاب ومغردين للرد المباشر عليه، ودعوته إلى عدم استفزازهم.
ودعا خلفان المواطنين بشكل مباشر إلى الاتعاظ بالشعوب المجاورة لهم، مثل العراقيين، والليبيين، والسوريين وغيرهم، قائلا إنهم ندموا على انتفاضتهم ضد حكامهم.
وقال مغردون إن مقارنة خلفان بدول ليس لديها نفط مثل الإمارات، أو عدد مواطنيها لا يتجاوز المليون نسمة أمر خاطئ.
ويعتبر إماراتيون أن وجود كل هذه الموارد الغنية بالنسبة للدولة، مقابل عدد قليل من المواطنين، يتوجب تحقيق الاكتفاء الذاتي للجميع.
ولاحقا، زعم خلفان أن حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، أجاز للمواطنين بيع منازلهم الممنوحة من الحكومة بهدف تحسين أوضاعهم المادية، في إشارة إلى أن المواطنين السبب في عدم وجود سكن خاص لهم الآن، إلا أن الشيخة جواهر القاسمي زوجة الحاكم كذّبت خلفان، ما دفعه إلى حذف تغريدته.
تحدّي ومصطلحات جديدة
ارتفعت أصوات الإماراتيون رغم سنّ السلطات قوانين عديدة خلال السنوات الماضية، لتجريم أي انتقاد محتمل للوضع العام داخل البلاد.
وتنص المادة (198) من قانون العقوبات الذي تم تعديله في العام 2016، على الحبس سنة على الأقل، لمن يقوم بنشر أخبار أو بيانات من شأنها “تكدير الأمن العام، أو بث دعايات أو تسجيلات مثيرة للرعب”.
فيما تنص المادة (24) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر في 2012، على فرض غرامة بين نصف مليون إلى مليون درهم، لمن يستخدم الانترنت في أي أمر يصب بـ”إثارة الفتنة أو الكراهية أو العنصرية أو الطائفية”.
بالإضافة إلى ذلك، بدأ مغردون إماراتيون باستخدام مصطلحات جديدة، تستخدم في دول أخرى انتقادا لمن يدافع عن السلطة في كل القضايا، مثل “المطبّلين”، في إشارة إلى من يبرر ارتفاع أسعار الوقود، وغيرها.
على صعيد متصل قالت وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام) إن إعادة هيكلة “برنامج الدعم الاجتماعي لمحدودي الدخل” جاء بتوجيه من رئيس الدولة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان “انطلاقا من حرص القيادة على توفير سبل العيش الكريم لأبناء الوطن من ذوي الدخل المحدود في كل أرجاء الدولة”.
ويشمل برنامج الدعم الذي يأتي عبر وزارة تنمية المجتمع عدة جوانب معيشية أساسية منها المواد الغذائية والكهرباء والسكن والوقود، بالإضافة إلى دعم الباحثين عن العمل وعلاوات لرب الأسرة والزوجة والأبناء، ودعم مالي مخصص للسكن.
واستحدث في البرنامج الجديد أربع مخصصات هي السكن والتعليم الجامعي والعاطلين عن العمل، طبقا للوكالة الإماراتية.
يأتي الإعلان عن برنامج الدعم بعد أن اشتكى إماراتيون من التضخم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما ارتفاع أسعار الوقود في الدولة الخليجية لمستويات قياسية بلغت 4.52 درهم (1.23 دولار ) للتر الواحد (خصوصي 95) خلال شهر يوليو.
وتنص علاوة الوقود على دعم شهري بقيمة 85 بالمئة من زيادة سعر اللتر عن 2.1 درهم.
ورفع البرنامج الجديد من مستوى الاستحقاق للأسر محدودة الدخل إلى 25 ألف درهم شهريا (حوالي 6800 دولار) حسب الحالة الاجتماعية، كما تم منح علاوة للمواد الغذائية تعادل 75 بالمئة من قيمة التضخم في الأسعار.
وبحسب البرنامج، فإنه تم تخصيص مساعدة للتعليم الجامعي للطلاب المتفوقين قدرها 3200 درهم شهريا (870 دولار تقريبا)، ومخصص لمن لا يعمل ممن تجاوز عمره 45 عاما يصل إلى 5 آلاف درهم شهريا (1400 دولار) ومخصص آخر للباحث عن عمل بنفس المبلغ ولكن لمدة 6 شهور.
الحرة الامريكية + وكالة انباء الامارات + مواقع التواصل
