لا يمكن تبرير حالة الضعف الذي تمر بها الدبلوماسية الرقمية الفلسطينية بمعزل عن السياسة الخارجية الفلسطينية والخطاب الرسمي الموجه للدول العربية والعالم، حول القضايا الفلسطينية، إذ أن تطوير الخطاب والسياسة الخارجية الفلسطينية لا بد أن يسبق تطوير عمل الدبلوماسية الرقمية، التي ما تزال تعمل بآليات عمل بسيطة، ولا تعدو كونها نشر أخبار وفعاليات على حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بوزارة الخارجية الفلسطينية.
مقدمة
لم تكن حالة التطبيع العربية الحاصلة مع الاحتلال الإسرائيلي وليدة اللحظة، بل شاركت فيها عوامل مختلفة أنتجت هذه الاتفاقيات، التي ستظل محلّ جدلٍ فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وتقاطعاتها الإسلامية والقومية والوطنية، ومن أهم هذه العوامل الدبلوماسية الرقمية التي ركّز عليها الاحتلال الإسرائيلي كقوة ناعمة تجاه شعوب المنطقة؛ لتمرير الاتفاقات المختلفة وصولاً إلى حالة التطبيع العلني.
وعلى الرغم من أن التطبيع العلني بين بعض الأنظمة العربية والاحتلال الإسرائيلي لم يكن مفاجئاً للشعوب العربية وللفلسطينيين تحديداً، جراء قناعتهم أن تلك الأنظمة تقيم علاقات مع الاحتلال الإسرائيلي في مجالات مختلفة منذ عشرات السنوات، إلا أن موجة التطبيع الأخيرة زادت إحباط الشعوب من أنظمتهم لخذلانها القضية الفلسطينية، في مقابل توددها للاحتلال الإسرائيلي الذي استغل بالتعاون مع الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب، الخواصر الرخوة لبعض الدول العربية، وسخر كل جهوده وعلاقاته السياسية والدبلوماسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية للوصول إلى هذه النتيجة من التطبيع العلني.
ويرى المتتبع للدبلوماسية الرقمية الفلسطينية والإسرائيلية مؤشرات عدة سهلت من حالة التطبيع الحاصلة، منها السيطرة التكنولوجية؛ فالاحتلال الإسرائيلي يمتلك الإمكانات الجيدة جراء علاقته مع كبرى الشركات التكنولوجية ومواقع التواصل الاجتماعي التي تتخذ من وادي السليكون بولاية كاليفورنيا الأمريكية مقراً لها كـجوجل وفيس بوك وتويتر وغيرها.
كما أنشأ الاحتلال الإسرائيلي في السنوات الأخيرة العديد من “السفارات الافتراضية” الموجهة للدول العربية، والتي وضع عليها شخصيات بمناصب سياسية وأمنية وطواقم مهنية مختصة تتواصل مع الجمهور العربي بلهجاتهم المختلفة، وتخاطبهم بالحس الفلكلوري العربي من عادات وتقاليد وطعام وملابس وموسيقى وغيرها، وهو ما اختصر عليه جهوداً كبيرة في الوصول لعقول البعض في الشعوب العربية، ومن أمثلة تلك السفارات (صفحة إسرائيل تتحدث العربية، وإسرائيل في الخليج، وإسرائيل باللهجة العراقية).
أما الحالة الفلسطينية في التعامل مع الدبلوماسية الرقمية فقد ظلت حبيسة تحديات كبيرة منها ما هي داخلية وأخرى خارجية، أهمها؛ سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الطيف الكهرومغناطيسي الفلسطيني (الترددات)، وملاحقة شركات التواصل الاجتماعي للمحتوى الفلسطيني من خلال الخوارزميات التي طورتها، ويكمن التحدي الأكبر في ضعف الدبلوماسية الرقمية الفلسطينية من ناحية الإمكانات وفلسفة العمل، ويلاحظ ذلك من خلال المنصات الرسمية التابعة لوزارة الخارجية الفلسطينية، وهو ما تتعرض له الدراسة بشكل أساس حول الدور الذي تلعبه الدبلوماسية الرقمية في مواجهة حالة التطبيع الحاصلة.
للاطلاع على باقي الدراسة تحميلها من الموقع
62cf59542048e.pdf (pal-studies.ps)
المصدر: معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية