البابور الموقع العربي

الريسوني في مرمى نيران الموريتانيين بعد اعتباره وجود موريتانيا “غلطة”

309

سيل من البيانات والتدوينات والردود الغاضبة يتقدمها تنديد الإسلاميين الموريتانيين حزباً وقيادات، يغمر منذ ساعات مواقع التواصل والمنصات الإخبارية الموريتانية، في مواجهة شديدة لتصريحات أحمد الريسوني التي أكد فيها مؤخراً لقناة “تيفي/بلانكا برس” “أن وجود موريتانيا غلط (…)، وأن علماء موريتانيا وأعيان موريتانيا، أو ما يسمى الآن بموريتانيا أو بلاد شنقيط، بيعتهم للعرش العلوي في المغرب ثابتة”.

ومع التزام الجانب الرسمي الموريتاني الصمت إزاء هذه التصريحات، فقد جاءت الردود من كل جانب، حتى من التيار الإسلامي، ومن المنابر العلمية التقليدية.

هيئة العلماء: هذا تطاول

وأكد الشيخ صالح، رئيس هيئة العلماء الموريتانيين، في بيان اليوم، “أن الهيئة اطلعت على الحديث المريب والمستفز لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني، والذي ذكر فيه بمواقف بعض المغاربة من استقلال موريتانيا أيام استقلالها”.

وأضاف “أن هذا الحديث فيه تطاول على السيادة الموريتانية، لا يرضي الأشقاء في المغرب”، مؤكداً “أن موريتانيا لم تخضع لحكم أي دولة منذ القرن الخامس الهجري غير دولة المرابطين التي تأسست في موريتانيا، وخضع لها بعض دول الجوار، وامتد ملكها إلى الأندلس”.

ونبه رئيس الهيئة إلى “أن بيعة بعض الأفراد، إن ثبتت، فهي أمر فردي يصنف في إطاره، ولا يتجاوز في أقصى حالاته ما هو معروف في الدول المعاصرة بازدواجية الجنسية”.

استهجان إسلاميي موريتانيا

واستهجن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (محسوب على الإخوان) تصريحات الشيخ أحمد عبد السلام الريسوني المتعلقة بموريتانيا، ودعاه “لسحبها فوراً والاعتذار عنها بشكل صريح”.

وجدد الحزب “مطالبة مختلف القوى السياسية المغربية بالامتناع عن تكرار ما وصفها بالتصريحات المستفزة لكل الموريتانيين “لما فيها من طعن في أعز ما نملك، وهو وجودنا واستقلالنا الوطني”.

وعبر حزب التجمع “عن استغرابه من التصريح المتداول”، مؤكداً أنه” حمل عبارات غير لائقة، وأحكاماً إطلاقية بعيدة من الدقة، ومعلومات غير مؤسسة، وإساءة غير مناسبة ولا مقبولة للجمهورية الإسلامية الموريتانية وأهلها”.

إصرار الريسوني

وكتب القيادي الإسلامي البارز محمد جميل منصور: “لا أعرف لماذا يصر الدكتور أحمد الريسوني على تصريحات مستفزة ومسيئة لموريتانيا، فالقول إن وجود موريتانيا خطأ، خطأ بمنطق التاريخ، وخطأ بمنطق الجغرافيا، وخطأ بمنطق السياسة، لو كان الحديث عاماً عن دول المسلمين والدعوة إلى وحدتهم لتفهمنا، ولو كان الحديث عن التلاحم المغاربي الذي يتناسى فيه الجميع خصوصياتهم لأنصتنا”.

وقال: “موريتانيا دولة قائمة وشعب له خصوصيته رغم انتمائه الإسلامي والعربي والإفريقي، وآن الأوان ليكف البعض في المغرب والمشرق عن الازدراء والاستهزاء ببلد كان إسهامه في الثقافة العربية والإسلامية كبيراً ونوعياً”.

أوهام علال الفاسي

أما وزير الإعلام السابق سيدي محمد ولد محم فقد علق قائلاً: “مهما كان، فإن علاقات الأخوة مع المغرب الرسمي والشعبي ستظل أقوى، ولن تنال منها هذه “الريسونيات” كما لم تنل منها من قبل أوهام علال الفاسي”.

وقال: “ما ورد على لسان الريسوني أمر لا يستحق الرد في مضامينه، لكون الرجل لا يمثل وزناً رسمياً أو اعتبارياً مهماً في المغرب، ولأن وجود موريتانيا يشكل حقيقة تاريخية امتدت على هذا الفضاء ما بين الأندلس شمالا وبلاد السودان جنوبا، تشهد بذلك أعمال المؤرخين وشواهد الآثار التي لا تزال قائمة في المغرب وإسبانيا، كما هي حقيقة قائمة اليوم على الأرض بحكم الشرعية الدولية وجهود أبنائها وتضحياتهم، ولا نستجدي في ذلك اعترافاً من أي كان..”.

استنكار واستغراب

واستنكر فريق الصداقة البرلمانية الموريتانية ما سماه “الإساءة البالغة لعلاقات موريتانيا والمغرب، مطالباً “الريسوني بالاعتذار للشعبين الشقيقين عن الإساءة لهما معا وللجهود الرسمية والشعبية الماضية بعلاقات الأشقاء الى ذروة الإيجابية والتعاون الثنائي والإقليمي”.

وكتب الوزير السابق محمد أمين “كلام الريسوني لا يعبر إلا عن شخص الريسوني، فالمغرب وموريتانيا لديهما علاقات مبنية على الاحترام المتبادل”.

وقال: “الغريب أن المغاربة الذين يجمعون على وصفنا بأننا “ملك لهم” يفرضون علينا التأشيرة لدخول بلادهم، ولا يفرضونها على السنغال التي لا يزعمون أنها ملك لهم”.

وكتب الحسن مولاي أعل، أمير جماعة إخوان موريتانيا السابق، بلهجة هادئة: “نقول للذين يريدون منا أن يجعلوا من تصريحات الرجل ذريعة للإساءة للعلاقات المغربية الموريتانية المتشابكة في كل المجالات، وخاصة العلمية التعليمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، على رسلكم، فأنتم تسيئون إلى أنفسكم”.

وأضاف: “نعم.. لا بأس باستهجان التصريح وسياقاته، وشجب ورفض تأثيراته المحتملة على علاقات الإخوة، لكن دون شطط أو جدال حول تاريخ سائبة لا مصلحة في إثارته، خاصة في جوانبه الوجودية”.

ونشر القيادي الإسلامي عبد العلي حامي الدين، أمس، تدوينة على “فيسبوك” أشار فيها إلى أنه اطّلع على “الحملة الإعلامية الممنهجة على تصريحات الدكتور أحمد الريسوني المتعلقة بقضية الصحراء المغربية والتي صدرت منه قبل أسبوعين في استجواب صحافي شامل”.

وقال إن هذه الحملة “تثبت هشاشة الطرح الانفصالي وهشاشة المرتكزات التي يستند عليها”. وأضاف: “إذا كان من حق الجميع مناقشة الأفكار التي عبّر عنها الدكتور أحمد الريسوني والاختلاف معه، وهو المعروف باستقلاليته ونزاهته الفكرية ودفاعه عن قيمة الحرية، حرية التعبير بكل تلقائية عن الأفكار والمواقف، فليس من حقهم التقول عليه والزيادة في كلامه والنقصان منه، واجتزاء مقاطع منه وإعطائها مضامين عدوانية لأغراض ليست بريئة”.

وأعرب عن اعتقاده بأن “كلام الدكتور أحمد الريسوني، وهو الذي لا يتحمل أي مسؤولية رسمية أو غير رسمية في المغرب، هو رأي ليس بجديد ولا مستغرب، وإنما الجديد هي هذه الحملة الشعواء التي غاب فيها العقل والحكمة من طرف من يفترض فيهم ذلك”.

https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fabdelali.hamidine%2Fposts%2Fpfbid0XpL9vKJvU3zjT24VGxbzHGGL2X5xHybTtZrMkLaVWEhXKjwakyxTEiCB71J44NFYl&show_text=true&width=500

وأردف قائلا إن “المواقف التي عبر عنها الريسوني حول موضوع الصحراء، سواء اتفقنا معها أم اختلفنا، فيمكن تقسيمها إلى أربعة أبعاد”، بدأها بالبعد التاريخي، مشيرا إلى أن “استحضاره في الحوار لا يعني أن له وظيفة سياسية اليوم، بقدر ما هو استحضار لحقائق تاريخية مع التسليم بالحقائق الموجودة اليوم على الأرض، فالقول بأن المغرب كان يبسط سيادته على الأندلس لمدة ثمانية قرون لا يعني المطالبة باسترجاع إسبانيا اليوم، كما أن القول بأن علماء وأعيان موريتانيا أعطوا البيعة لملوك المغرب في مراحل تاريخية معينة، وأن المغرب كان يبسط سيادته على موريتانيا لا يعني المطالبة اليوم باسترجاع دولة ذات سيادة سبق للمغرب أن اعترف بها منتصف السبعينات من القرن الماضي، وهذا ما أكده الريسوني نفسه في الحوار”. ويرى عبد العلي حامي الدين، أنه لم تكن هناك حاجة لإقحام موريتانيا في الموضوع.

أما البعد الثاني، يضيف المتحدث نفسه، فهو “بعد شرعي وديني بمفاعيل سياسية وهو أن بيعة سكان الصحراء للملوك المغاربة لها مفعول إلزامي من الناحية الشرعية ومن الناحية القانونية أيضا، ما دام المغرب ظل يطالب بصحرائه وهي اليوم جزء من التراب الوطني، وهو يبسط سيادته عليها ويخوض معارك سياسية ودبلوماسية لانتزاع الاعتراف الدولي بسيادته عليها”.

وأوضح أن البعد الثالث “يتعلق بنقد السياسة الرسمية في التعاطي مع قضية الصحراء وتنبيه صناع القرار في المغرب إلى ضرورة الرهان على الشعب من أجل حسم معركة الصحراء وعدم الرهان على خيار التطبيع مع إسرائيل الذي لن نحصد منه سوى السراب”.

وأضاف: “التذكير في هذا السياق بملحمة المسيرة الخضراء التي كانت إبداعا سلميا مغربيا يمكن إعادته مرة ثانية، وهذه المرة من أجل تحرير الإنسان الصحراوي المحتجز في مخيمات تفتقد لشروط العيش الكريم، مادام أشقاؤنا الجزائريون يصمّون آذانهم عن جميع دعوات الحوار الممدودة لهم من أعلى سلطة في البلاد. والجهاد المعبر عنه بصريح العبارة هو الجهاد بالمال وليس الدعوة لسفك الدماء كما ادعت ذلك زورا وبهتانا الآلة الدعائية الموجهة بالجزائر”.

وذكر أن البعد الرابع “بعد استراتيجي مرتبط بفهم الخلفيات الاستعمارية لقضية الصحراء المغربية، باعتبارها صناعة استعمارية، تماما كما هي الحدود المصطنعة في العالم العربي كله على خلفية اتفاقية سايكس-بيكو، واتفاقيات أخرى، ومن لم يفهم هذه الخلفية الاستعمارية ويمتلك الإرادة الحقيقية لتجاوزها لا يمكنه الحديث عن بناء مغرب عربي كبير ولا الحديث عن تكامل سياسي واقتصادي عربي”.

وختم حامي الدين تدوينته بالقول: “إن العاصم من كل هذه التجاذبات في نظري هو الاعتصام بعوامل الوحدة والتكامل والتعاون ونبذ كل أسباب الفرقة والتنازع والتطاحن، وتغليب لغة الحوار الهادئ والعقلاني بعيدا عن حرب البيانات والهجوم الإعلامي”.

القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار