البابور الموقع العربي

هل نحن أمة من الأغبياء؟

1٬282

سمير الحجاوي

كيف يمكن لرجل واحد أن يستولي على بلد كامل؟ كيف يستطيع أن يحل البرلمان والحكومة دفعة واحدة؟ كيف يمكن لهذا الرجل أن يغير الدستور وافق عليه الشعب؟ كيف يمكن لهذا الرجل أن يعتقل القضاة وأن يستولي على القضاء؟ كيف يمكن لهذا الرجل أن يحاكم ويعتقل زعماء الأحزاب؟ كيف يمكن لهذا الرجل أن ينقلب على الثورة بهذه السهولة؟ كيف يمكن لهذا الرجل أن يكمم الإعلام؟ كيف يمكن لهذا الرجل أن يعبث بالحياة السياسية؟ كيف يمكن لهذا الرجل أن يعلن “كفره” بالبرلمان والأحزاب وأنه يريد إحياء “لجان القذافي الشعبية”؟ …

هذا الرجل لم يأت من مؤسسة عسكرية تعودت على الانقلابات، ولم يأت من خلفية سياسية او حزبية، وليس سليل أسرة تتوارث الحكم كابرا عن كابر..

أين الثوار والأحزاب و”القادة” والمؤسسات والنقابات؟ باختصار أين الشعب الذي ثار وأسقط الدكتاتور؟ كيف استطاع رجل واحد مغمور اسمه قيس سعيد أن “يلخبط” الوضع في تونس الى هذه الدرجة؟ من أين يستمد القوة؟ من يدعمه؟ أي دولة عميقة تمده باسباب القوة؟ ومن يدعمه بالمال لكي يستمر ؟ ..

قيس سعيد قصة فشل عربية بامتياز، قصة يتداخل في الغباء والنفاق والنذالة والتآمر وعدم الكفاءة وعدم القدرة وانعدام الأخلاق، وانعدام الوعي والضمير ..

قيس سعيد كشف الأمة العربية من المحيط الى الخليج .. كشفنا جميعا ووضعنا أمام المرآة لكي نرى ونشاهد ونتمعن في وجوهنا المشوهة، لأننا لا نعرف كيف ندافع عن حقوقنا ولا مكتسباتنا ولا ثوراتنا..

من قيس سعيد في تونس إلى السيسي في مصر وحفتر في ليبيا وبشار في سوريا وحكام العراق الذين لا نعرف أسماءهم، ولوردات الحرب في لبنان الذين يقودون بلدا مفلسا، وحمقى الحرب في اليمن، وسادة الجوع في الصومال، والعائشون على مداخيل تاجير البلد للقواعد العسكرية في جيبوتي، والخادمون للاحتلال باسم التنسيق الأمني في فلسطين ..

من نحن؟ من هم العرب؟ هل نحن أمة من الاغبياء والحمقى حتى نصل الى هذا الحد من الذلة والتخلف؟ أين هم الذين قال عنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه “العرب مادة الإسلام؟” ..

العمر واحد والموت واحد وكل شيء بقدر الله، ومع ذلك فنحن العرب نخاف من رجل واحد “قلب حياتنا رأسا على عقب” هربا من موت سيلاقينا وجها لوجه حتى وإن فررنا منه ..

نحن العرب نحتاج إلى وقفة جديدة وإلى إعادة النطر بالذات وإلى اكتشاف الوعي وأن هناك شيئا اسمه شجاعة وإقدام وضمير وقدرة على قول لحق، فاعظم الله الجهاد عند الله كلمة حق عند سلطان جائر كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. واستذكر هنا قول الشاعر العراقي مظفر النواب:

أصرخ فيكم
أصرخ أين شهامتكم..؟
إن كنتم عربا.. بشرا.. حيوانات
فالذئبة.. حتى الذئبة تحرس نطفتها
و الكلبة تحرس نطفتها
و النملة تعتز بثقب الأرض

نحن العرب نحتاج الى اعادة تعريف انفسنا من جديد لكي ندافع عن وجودنا المهدد، وان يعود الى وعينا من جديد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار