البابور الموقع العربي

وزير مصري من عهد مبارك يتولى أمانة صندوق حزب المحافظين البريطاني

355

تناول موقع “ميدل إيست آي” البريطاني قصة محمد منصور، الملياردير المصري المثير للجدل ووزير النقل السابق، في عهد الرئيس الراحل المخلوع حسني مبارك، والذي أقيل من منصبه على إثر حادث قطار دموي. وبرز اسم منصور للواجهة مجددا، بعد إعلان رئيس الوزراء البريطاني “ريشي سوناك”، الاثنين الماضي في مناسبة خاصة، تعيين رجل الأعمال المصري، أمينا لصندوق “حزب المحافظين”؛ باعتباره واحدا من أكبر المتبرعين للحزب، وذلك مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في بريطانيا، فيما يعاني الحزب الحاكم من تراجع كبير في شعبيته.

وأشار الموقع إلى أن حزب المحافظين لم يؤكد دور منصور رسميا. وقد قامت مصادر في الحزب ببساطة بإطلاع الصحافة فقط على الخبر. وكانت صحيفة “الغارديان” هي من كشفته أولا.

 لكن منصور أعلن منذ ذلك الحين عن سعادته بالمنصب الجديد، وأشار إلى أنه بصفته “مواطنا بريطانيا فخورا” فإنه يتطلع إلى دعم “الحزب والوطن”.

بحسب “ميدل إيست آي” فقد أكد مصريون يعرفون منصور وأعماله خلال السنوات القليلة الماضية أنه سيضيف عقودًا من الخبرة في مجال الأعمال والسياسة إلى دوره الجديد.

ونقل الموقع عن محمد العرابي وزير الخارجية المصري السابق قوله: “لقد استخدم منصور خبرته الشخصية كرجل أعمال ناجح للوصول إلى هذا المنصب”.

وأضاف: “سيخلق منصور بالطبع نوعا من التواصل بين المملكة المتحدة والدول العربية.. إنه لأمر عظيم أن يكون لعربي تأثير على حزب مهم مثل حزب المحافظين”.

وأردف العرابي: “منصور متصل بشبكة كبيرة من رجال الأعمال في لندن، وهي التي ستضمن نجاحه”.

يبلغ حجم ثروة منصور 2.5 مليار دولار، وتبرع بـ600 ألف جنيه إسترليني لحزب المحافظين من خلال شركته الخاصة

وأشار التقرير إلى أن أمناء الخزانة في حزب المحافظين كثيرا ما أثاروا الجدل في السنوات الأخيرة، ونظرًا لأنهم يعملون في وسط المال والسياسة، وفي قلب المؤسسة البريطانية، فهم ليسوا بعيدين جدًا عن الأسئلة حول المال والنفوذ، وهو الأمر الذي سيحاصر “منصور الذي يبلغ حجم ثروته 2.5 مليار دولار؛ حيث تبرع بـ600 ألف جنيه إسترليني لحزب المحافظين من خلال شركته الخاصة أونتراك”.

ولفت القرير إلى أن منصور تعهد بمبلغ مليوني جنيه إسترليني إضافيين للمساعدة في إحياء خزائن الحزب في الفترة التي تسبق انتخابات المملكة المتحدة عام 2024، وتم إسناد دور له العام الماضي في المجلس الاستشاري للاستثمار، التابع للحكومة البريطانية، وذلك بصفته مؤسس شركة الاستثمار “مان كابيتال” المملوكة لعائلته.

ونوه “ميدل إيست آي” إلى أنه من المعروف أيضا أن الثري المصري عضو في “نادي 250” للمتبرعين لحزب المحافظين، والذي يسمح بشكل مثير للجدل بالوصول الحصري للوزراء.

عودة إلى الأضواء

وأشار في تقريره إلى أن تعيين منصور في منصبه الجديد أعاده إلى الأضواء في وطنه الأصلي مصر، مع عودة الحديث عن شخصيته التي لها سجل حافل من النجاحات والإخفاقات أيضا.

وقد ولد محمد منصور عام 1948 لعائلة تجارية في مدينة الإسكندرية الساحلية الشمالية، ودرس الهندسة في جامعة ولاية كارولينا الشمالية وتخرج عام 1968.

تعيين منصور في منصبه الجديد أعاده إلى الأضواء في وطنه الأصلي مصر، مع عودة الحديث عن شخصيته التي لها سجل حافل من النجاحات والإخفاقات أيضا

وأسس والده لطفي منصور، “مجموعة منصور” في عام 1952، والتي يشرف عليها محمد الآن. ويعمل في التكتل العائلي 60 ألف شخص وهو من بين أكبر الشركات في مصر.

ولفترة طويلة، ارتبطت عائلة “منصور” بمجموعة كبيرة من العلامات التجارية العالمية، والتي عملوا فيها كوكلاء.

ومن بين هذه الشركات “شيفروليه” و”مارلبورو” و”جنرال موتورز”، وكذلك “كاتربيلر”، التي تمتلك العائلة حقوق توزيع حصرية لها في مصر وسبع دول أفريقية أخرى.

تضمنت بعض اهتمامات عائلة منصور الأخرى متاجر “مترو”، وهي أكبر سلسلة سوبر ماركت في مصر، وامتيازات “ماكدونالدز”.

وفي مصر، كان “محمد” نفسه يعرف باسم “منصور شيفروليه”.

وزير النقل في “حكومة جمال مبارك”

وتعرف بعض المصريين على محمد منصور لأول مرة في 30 ديسمبر/كانون الأول 2005 عندما عينه حسني مبارك، حاكم البلاد الأسبق، وزيرا للنقل في الحكومة الثانية لرئيس الوزراء آنذاك أحمد نظيف.

وأشار التقرير إلى أن ذلك كان وقت التغيير في السياسة المصرية؛ حيث تم جلب رجال الأعمال لتولي حقائب وزارية لأول مرة في حكومة مكونة في الغالب من أشخاص من عالم الأعمال.

وعُرف منصور بأنه جزء من فريق جمال نجل مبارك، وسرعان ما فكر عامة الناس في هذه المجموعة من رجال الأعمال على أنها في الحكومة لخدمة إمبراطوريات الشركات الخاصة بهم، على الرغم من أن منصور تخلى عن منصبه في شركته طوال فترة عمله وزيرا.

وذكر التقرير أن منصور كان قد بدأ سلسلة ترقيات وتطويرات في قطاعات وزارة النقل، ومن بينها السكك الحديدية الأقدم في أفريقيا الموجودة بالبلاد، وكذلك قطاع النقل العام بالحافلات.

ونقل التقرير عن محمود الضبعة، اختصاصي النقل وعضو لجنة النقل بالبرلمان المصري، قوله: “لقد استخدم التقنيات الحديثة لإحداث ثورة في العمل في هذه الوكالات”، مردفا: “كان سيمضي قدما في تحديث أنظمة النقل في مصر، لو بقي في منصبه لفترة أطول”.

انتهت مسيرة منصور الوزارية في مصر بشكل مفاجئ في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2009، عندما طلب منه رئيس الوزراء تقديم استقالته، بعد ثلاثة أيام من اصطدام قطاري ركاب ببعضهما في العياط

وانتهت مسيرة منصور الوزارية بشكل مفاجئ في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2009، عندما طلب منه رئيس الوزراء تقديم استقالته، بعد ثلاثة أيام من اصطدام قطاري ركاب ببعضهما في العياط، وهي مدينة تقع على بعد 45 كيلومترًا جنوب غرب العاصمة المصرية القاهرة؛ مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 50 شخصًا وإصابة 30 آخرين.

وتسبب الحادث في موجة من الغضب الشعبي، وأدى إلى دعوات لإقالة الوزير، والذي ظهر أمام البرلمان في اليوم التالي ورفض الاستقالة، قائلاً إن الحادث لم يكن خطأه الشخصي.

وبعد أقل من عامين، تمت الإطاحة بـمبارك، الحاكم السلطوي لمصر لمدة ثلاثة عقود، في أعقاب احتجاجات جماهيرية واسعة النطاق.

ويرى التقرير أنه ربما كان تحدي منصور في البرلمان بعد مأساة القطار دليلاً على روحه القتالية.

وبعد فترة وجيزة من مغادرته منصبه، عاد ليدير إمبراطورية أعماله وأسرته.

 فضيحة فساد

بعد إطاحة مبارك من منصبه، ظهرت فضيحة تتعلق بشركة عائلة منصور، مهددة بحرمانه من السلطة والثروة التي كان يتمتع بها لفترة طويلة.

واتهم منصور بالشراكة مع ابن عمه أحمد المغربي، الذي شغل منصب وزير الإسكان في عهد مبارك، لشراء آلاف الكيلومترات المربعة من الأراضي لبناء مجمع سكني بجزء بسيط من سعر السوق.

تعود القضية إلى عام 2007، عندما بيعت قطعة أرض على جزيرة في النيل بأسوان لشركة مملوكة لـ”منصور” و”المغربي” مقابل أقل بكثير من عرض منافس قدمه مستثمر ليبي.

وكان المغربي قد استغل نفوذه للحصول على الأرض، لكن سرعان ما تم الكشف عن القضية؛ مما دفع مبارك إلى مطالبة محافظ أسوان بسحب قطعة الأرض وإعادتها إلى السوق بقيمتها الحقيقية.

ولم تصل القضية إلى المحاكم لكنها أثيرت في البرلمان.

لكن في عام 2011، حُكم على المغربي بالسجن 5 سنوات لتيسيره استحواذ رجل أعمال آخر على قطعة أرض أخرى.

ووجد بحث أجراه مكتب الصحافة الاستقصائية أن مصرف “HSBC” وفر مئات الملايين من الدولارات لـمنصور وابن عمه في تلك الصفقات.

وذهب ستيفن غرين، رئيس مجلس إدارة البنك في ذلك الوقت، للعمل كوزير في حكومة الائتلاف المحافظ البريطاني بزعامة ديفيد كاميرون وأصبح عضوا في مجلس اللوردات.

وبعد الفضيحة، اختفى منصور من الأخبار، ليعود للظهور مرة أخرى في مارس/آذار من هذا العام عندما ظهر أنه مهتم بشراء نادي تشيلسي لكرة القدم من الروسي رومان أبراموفيتش.

وفي مايو/أيار الماضي قال منصور، في لقاء مع خريجين من جامعة ولاية كارولينا الشمالية، التي تخرج منها: “عندما تحصل على فرصتك الثانية، اغتنمها، وتعلم منها وكن ممتنًا لها”.

ويقول التقرير إنه لذلك، في مصر، يقول المراقبون إن منصور سيستخدم اتصالاته مع مجتمع الأعمال في المملكة المتحدة وأماكن أخرى للنجاح في دوره الجديد كأمين صندوق لحزب المحافظين.

المصدر: القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار