البابور الموقع العربي

عسكر مصر يحاولون إرضاء الخليج بطرح شركتين للجيش في البورصة

314

أعلنت الحكومة المصرية، بدء عملية طرح اثنتين من شركات الجيش للاستثمار، في 15 مارس، كما تخطط لطرح أربع شركات كبيرة أخرى.

وعقد رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، اجتماعا، الأحد، لمتابعة الخطوات التنفيذية لبرنامج الطروحات الحكومية الذي سبق الإعلان عنه.

وبحسب البيان الذي أصدرته رئاسة الوزراء، سيقدم المستشارون للمستثمرين المعلومات اللازمة حول شركتي “وطنية” لتوزيع الوقود و”صافي” لتعبئة المياه.

وقال البيان إن اللجنة المسؤولة عن إدراج الشركات التي تديرها الدولة ستعرض أيضا أربع شركات “كبيرة” على المستثمرين من خلال بنوك الاستثمار الدولية، دون تسمية هذه الشركات.

وعلقت وكالة “بلومبرغ” الأميركية، الأحد، على هذه الخطوة قائلة إنها تأتي في الوقت الذي تعمل فيه مصر على المضي قدما في برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي يستهدف جمع العملة الصعبة التي تشتد الحاجة إليها وسط أزمة عمقها الغزو الروسي لأوكرانيا.

وذكرت “بلومبرغ” أن مصر حصلت بالفعل على حزمة قروض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وخفضت قيمة العملة ثلاث مرات في العام الماضي.

لكن الوكالة أشارت إلى أن مصر تنتظر أن يضخ الحلفاء الخليجيون العرب مزيدا من الاستثمارات بمليارات الدولارات. ورغم أن هذه الأموال قد تم التعهد بها سابقا، إلا أنه لم يصل سوى القليل منها حتى الآن، وفقا لـ”بلومبرغ”.

وكشف المسؤولون المصريون عن طرح قائمة تضم 32 شركة مملوكة للدولة، بما في ذلك العديد من البنوك، والتي إما سيتم إدراجها حديثًا في البورصة، أو ستشهد مبيعات إضافية للحصص، أو ستُعرض على مستثمرين استراتيجيين.

وذكرت “بلومبرغ” أنه بالإضافة إلى ذلك، قالت الحكومة المصرية إنه يمكن أيضا طرح شركات أخرى غير مدرجة في القائمة، خاصة تلك التي تعتبرها ذات قيمة عالية.

طرح الشركات التي تمتلكها المؤسسة العسكرية للتداول في سوق الأموال المالية يطرح عدة تساؤلات حول الأسباب التي دفعت الحكومة لاتخاذ تلك الخطوة في هذا التوقيت، وعما إذا كانت تهدف إلى جذب الاستثمارات الخليجية المتوقفة.

ما أهمية القرار بالنسبة للاقتصاد المصري حاليا؟

وفي تعليقه على دلالة توقيت القرار وأهميته، قال الخبير الاقتصادي، علاء عبدالحليم، لموقع “الحرة”، إن الأمر يعود لعام ٢٠١٦ وقت اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة ١٢مليار دولار، إذ خرجت توصيات بضرورة إدراج أسهم كافة الشركات والمؤسسات المالية المملوكة للدولة، وأن تعمل بأنشطة مدنية في البورصة.

وأضاف أن إعلان طرح أسهم شركات يمتلكها الجيش بالبورصة ليس أمرا جديدا، إذ أنه في أواخر عام ٢٠١٩ توالت تصريحات الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، حول إدراج بعض شركات المؤسسة العسكرية بسوق الأسهم، معتبرا تدخل الجيش بشركاته في القطاع المدني “ضرورة لسد حاجات إستراتيجية أو لتخفيض الأسعار”.

وتابع: “وتكررت بعد ذلك التصريحات من جانب مسؤولين رسميين حول استعدادات طرح شركات المؤسسة العسكرية بالبورصة، دون تحديد إطار زمني لذلك”.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن الحكومة تحاول تسريع خطواتها من أجل إيجاد حلول سريعة لأزمة الاقتصاد الذي يمر حاليا بفترة شديدة الحساسية، خاصة أن أسعار السلع مرتفعة بشدة، ولم يتبق سوى أقل من ٣ أسابيع على شهر رمضان.

ومن جانبه، رحب أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية في القاهرة، سالم أبو بكر، بما وصفه بـ”تخارج الدولة أخيرا من الاستثمار”، موضحا أنه حتى لو كان الأمر يتم بشكل تدريجي، فإنه سيشجع القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر”.

وقال لموقع “الحرة” إن سعي الحكومة لطرح شركات الجيش يعتبر خطوة جيدة نحو تعزيز الإفصاح والشفافية، وهو ما سيجذب معه المستثمرين العرب والأجانب إلى جانب المصريين.

ما دور دول الخليج في القرار؟

أشارت “بلومبرغ” إلى أن دول الخليج تريد أيضاً أن ترى اتخاذ مصر خطوات جادة بشأن الإصلاحات التي وعدت بها صندوق النقد الدولي لتأمين الحصول على حزمة إنقاذ بقيمة ٣ مليارات دولار.

وتشمل التغييرات الرئيسية، بحسب الوكالة، الحد من مشاركة الدولة والجيش في الاقتصاد، وضمان مزيد من الشفافية حول الأوضاع المالية للشركات المملوكة للدولة والشركات غير المدرجة في البورصة.

وقال صندوق النقد الدولي، في يناير الماضي، إن “تأمين الحصول على التمويل الخليجي أمر ضروري بالنسبة لمصر لسد الفجوة التمويلية البالغة نحو ١٧ مليار دولار في السنوات القليلة المقبلة”.

ومن المرجح أن يؤدي تأخير الحصول على التمويل لفترة طويلة إلى تعميق الأزمة الاقتصادية وزيادة الضغط على الجنيه المصري، بحسب “بلومبرغ”.

وتحدث عبدالحليم عن أن دول الخليج أعلنت عبر العديد من المواقف أنها لن تقدم مساعدات مجانية لمصر، بل تسعى لتحقيق مكاسب ملموسة من الاستثمارات التي ستضخها في الاقتصاد المصري.

ولذلك اشترطت أن تخرج المؤسسة العسكرية من القطاع الخاص المصري، الذي يُرى أنه يواجه منافسة غير عادلة من جانب الشركات المملوكة للدولة، لا سيما تلك التابعة للجيش، مما يُعتبر تحدياً أمام الاستثمارات الأجنبية.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن السعودية تسعى لشراء “المصرف المتحد” في القاهرة. وبدأت قطر محادثات جادة، العام الماضي، لاستثمار نحو ٢.٥ مليار دولار لشراء حصص مملوكة للدولة في شركات من بينها “فودافون مصر”، أكبر مشغل لشبكات الهاتف المحمول في البلاد. كما وافق الصندوق السيادي الذي يقع مقره في أبوظبي القابضة ADQ، على صفقة بقيمة ملياري دولار شملت شراء نحو ١٨ في المئة من البنك التجاري الدولي، أكبر مصرف مدرج في مصر.

واتفق أبو بكر مع عبدالحليم في أن رغبة مصر في استمالة دول الخليج تقف وراء محاولة خروج الجيش من الاقتصاد. لكنه يرى أنها تظل خطوة صعبة في ظل سيطر الجيش على مفاصل الكم الأكبر من الاقتصاد.

وأشار إلى أن الأمر لا يتوقف على الخروج من الشركات بل كيفية إدارة هذا الخروج بما يكفل تحقيق الأرباح والأهداف المرجوة.

ما عوامل نجاح هذه الخطوة؟

اتفق خبيرا الاقتصاد على ضرورة وجود خطوات أخرى مصاحبة لقرار طرح شركات الجيش بالبورصة.

وبشأن توقعاته لمستقبل شركات الجيش حال إدراجها بالبورصة، أكد عبدالحليم أن نجاح الأمر سيتوقف على نسبة الأسهم المطروحة بسوق التداول.

وقال: “لو كانت نسبة الأسهم أقل من ٢٥ في المئة من رأس مال الشركة، فكل ما سيحدث هو أنه سيتم توفير مزيد من السيولة لهذه الشركات، ولن يتغير كثيرا في أسلوب إدارتها. أما إذا كانت النسبة فوق ٥٠ في المئة فبذلك ستتحول شركات الجيش من شركات اكتتاب مغلق إلى شركات عامة مفتوحة، وستؤول ملكيتها إلى مكتتبين مما يعني تغيير طريقة وأسلوب الإدارة”.

وبالنسبة لتأثير طرح تلك الشركات بالبورصة على حجم التداولات اليومية وثقة المستثمر الأجنبي بسوق المال المصري، أوضح عبدالحليم أن الأمر يتوقف على أسلوب إدارة البورصة نفسه.

وقال “إذا خضعت كافة الأسهم لمعايير الكشف والإفصاح وغيرها من آليات عمل البورصات العالمية، فسوف تزيد قوة البورصة، وسيزيد حجم التداول اليومي وكميته، وستنخفض إلى حد كبير الآليات الإدارية المستخدمة في التحكم بالتعاملات اليومية”.

ومن جانبه، يرى أبو بكر أن تحقيق الغرض من طرح الشركات العامة “يتطلب خطوات أخرى، وأولها حوار مجتمعي تشارك فيه أطراف سوق المال المحلية، يضم الهيئة العامة للرقابة المالية وإدارة البورصة والشركات والمستثمرين والعاملين”.

وأكد أن مصر أمامها “فرصة ذهبية لتحقيق الأهداف المرجوة. لكن الأمر لا يرتبط فقط بمدى أهمية الطروحات الحكومية، لكن لابد أن يتضمن كل تفاصيل التداول، وتحفيز الشركات على القيد وتشجيع المستثمرين”.

وقال إنه توجد “أزمات وسلبيات كثيرة في السوق المصري المحلي وعلاجها سيضمن تحقيق الأهداف من طرح الشركات العامة وشركات الجيش في سوق المال”.

وطالب أبو بكر بضرورة “إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية، التي عاد العمل بها، في يناير الماضي، وهي أكثر القرارات التي أثرت سلباً في البورصة منذ بداية العام الحالي”.

 وتساءل أستاذ الاقتصاد “الخسائر تسيطر على البورصة المصرية، فما الأرباح التي سيدفعون عنها ضرائب؟”. وقال: “لابد من تشجيع الشركات على القيد في البورصة من خلال منحها مزايا وحوافز ضريبية للشركات المقيدة”.

الحرة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار