البابور الموقع العربي

د. حمد الكواري: الصالون الثقافي منصة للحوار تجمع المتخصصين والجمهور

252

أكد الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الدولة، رئيس مكتبة قطر الوطنية أن الصالون الثقافي للمكتبة بات بمثابة منصة حوار تجمع في كل حلقة من حلقاته نخبة من المتخصصين في موضوع النقاش يتحاورون فيما بينهم ومع جمهور المشاركين الذين يطرحون أسئلتهم ومداخلاتهم وملاحظاتهم التي يثرون بها الحوار والنقاش.

وأضاف د. الكواري خلال حوار خاص لـ«الوطن » بأن المكتبة سوف تعقد حلقتين اخريين للصالون الثقافي قبل فترة الاجازات الصيفية ليعود من بعدها بشكل دوري ينعقد مرة كل شهر. وفيما يتعلق بضيوف الصالون فإن إدارة المكتبة تحرص على أن يكون الضيوف دائماً من أهل الخبرة والاختصاص الملمين بجوانب الموضوع الذين يتحدثون فيه.. مزيد من التفاصيل في حوار الدكتور مع «الوطن »..

بداية حدثنا عن انطلاق الصالون الثقافي الأول لمكتبة قطر الوطنية وما الهدف منه؟

– أطلقت مكتبة قطر الوطنية الصالون الثقافي ضمن جهودها في التوعية وليكون إضافة لما تشهده بلادنا من حراك ثقافي مشهود. ومن خلال هذا الصالون تجدد المكتبة التأكيد على دورها منبرًا للحوار وتقدم مفهومًا العصري والحديث لرسالة المكتبة في المجتمع. فالمكتبة في العصر الحديث لم تعد حاضنة للوثائق والكتب أو أرففاً توضع عليها المجلدات والموسوعات وإنما باتت شريكًا للجامعات والمدارس ومؤسسات الإعلام والتنشئة في صناعة الوعي العام ومساعدة الدولة في بناء إنسان منفتح على العالم من خلال المعرفة بكل طرق بنائها خاصة الحوار.

والصالون الثقافي للمكتبة هو منصة حوار تجمع في كل حلقة من حلقاته نخبة من المتخصصين في موضوع النقاش يتحاورون فيما بينهم ومع جمهور المشاركين الذين يطرحون أسئلتهم ومداخلاتهم وملاحظاتهم التي يثرون بها الحوار والنقاش. هذا الحوار المركب مهم للغاية يسهم في تعريف الناس ببعضها وإنشاء فضاء عام ثري بالأفكار ويشكل قاسمًا مشتركًا من التصورات التي يحتاجها كل بلد ليكون رأيًا عامًا يراعي مهارات التواصل وآداب الحوار وطرق النقاش الحضاري حول القضايا العامة.

في رأيك كيف سيساعد هذا الصالون في إثراء المشهد الثقافي بشكل عام؟

– يسهم الصالون الثقافي في خدمة المشهد الثقافي من نواح مختلفة. فالصالون يفتح أبوابه للجمهور بدعوة عامة لا تستثني أحدًا. ويقام في مكان مفتوح الأمر الذي يتيح لزوار المكتبة الآخرين الاستماع ولو لجانب من مناقشاته. وكم كان لافتاً في الحلقة السابقة من الصالون بجانب العدد الكبير للحاضرين داخل منطقة الفعاليات الخاصة التي استضافت الصالون وجود عدد من الواقفين خارجها استرعاهم الحدث فأحبوا أن يتعرفوا ولو لدقائق على الموضوع الذي يناقشه. وقد شرفت المكتبة في الحلقة الأولى للصالون بحضور عدد كبير من الجمهور المهتمين فاق كل التوقعات. أيضًا طبيعة الموضوعات المختارة لامست شغفاً لدى الناس، والأهم من كل ذلك أن تفاعل الحضور من خلال مناقشاتهم مع المتحدثين في الصالون أكد قيمة هذا الشكل من أشكال العمل الثقافي.

كيف كانت ردود الأفعال على أولى فعاليات الصالون الثقافي التي انعقدت حول الإرث الثقافي لكأس العالم على قطر والمنطقة؟

– نحمد الله على أن الغالبية الهائلة من التعليقات والتقييمات التي وصلت إلى المكتبة بعد انتهاء أعمال الصالون كانت إيجابية وداعمة. فقد كانت تغطية الصحافة ومختلف وسائل الإعلام للحدث مكثفة وناقلة لتفاصيل مناقشات الصالون، وبالتالي باتت تلك الوسائل مكملة لنجاح الصالون ونشر فكرته وتقديمها للجمهور. ثم إن كثيراً من الحاضرين للحلقة الأولى للصالون لم يبخلوا على إدارة المكتبة برسائلهم الكريمة وتعليقاتهم المسهبة واقتراحاتهم القيمة بموضوعات جديدة وأفكار يحبون أن يطرحها الصالون. وقد تم بعض ذلك مباشرةً عقب انتهاء الحلقة الأولى من الصالون عندما تواصل بعض الحاضرين مع كوادر المكتبة ليعبروا لهم عن اقتراحاتهم وملاحظاتهم، أو من خلال التواصل مع المكتبة عبر موقعها الالكتروني.

ومتى ستعقد اللقاءات القادمة ومن هم أهم الضيوف المستهدفين؟

– سوف يعقد الصالون الثقافي للمكتبة حلقة وربما حلقتين أخريين قبل فترة الاجازات الصيفية ليعود من بعدها بشكل دوري ينعقد مرة كل شهر. وفيما يتعلق بضيوف الصالون فإن إدارة المكتبة بالتعاون مع جامعة حمد بن خليفة تحرص على أن يكون الضيوف دائماً من أهل الخبرة والاختصاص الملمين بجوانب الموضوع الذين يتحدثون فيه وأن يكونوا من القادرين على التعبير عن أفكارهم مهما كانت درجة تعقيداتها إلى الجمهور العام بلغة سلسة وبسيطة يسهل على جميع الحاضرين من مختلف فئات المجتمع التعرف عليها والاستفادة منها.

ما هي أبرز الموضوعات المتوقع مناقشتها أو يهتم بها هذا الصالون؟

– لقد فرض موضوع الذكاء الاصطناعي نفسه على الساحتين العالمية المحلية. ولا يمكن للصالون الثقافي ولا للمكتبة الوطنية أن يكونا بعيدين عن هذا الموضوع ولا عن التعريف به وبأبعاده وفوائده ومخاطره لجمهور الناس. لهذا فالحلقة القادمة سوف نخصصها للحديث عن هذا الموضوع ومعناه وانعكاساته على الإنسان في قطر وعلى الأسرة والعمل والحياة في بلدنا ومنطقتنا والعالم بشكل عام، وعن جوانبه التطبيقية لأن موضوع الذكاء الاصطناعي لا يمكن فهمه بشكل نظري فقط وإنما يحتاج إلى تقديم مادة فيلمية أو حتى استحضار بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى داخل مسرح الصالون لكي يكون الأمر واضحاً للعيان. فالهدف أن يتمكن الحاضرون من استيعاب موضوع الذكاء الاصطناعي بالمعايشة وليس فقط بالاستماع.

وهل يتم ربط الموضوعات المطروحة بما تحتويه مكتبة قطر الوطنية من مقتنيات؟

– نراعي حجم قاعدة المعرفة في المكتبة وتنوع مقتنياتها، ونستطيع القول إن كل موضوع يُطرح في هذا الصالون لا بد أن يكون مرتبطاً بما لدى المكتبة من مقتنيات وثروة من ذخائر المعرفة حول هذا الموضوع. لو أخذنا كأس العالم الذي نظمته قطر مؤخراً مثالاً وكان موضوعاً للحلقة الأولى للصالون لوجدنا أن لدى المكتبة نشاطا قائما بالفعل في إطار جهود التوثيق التي تقوم بها حول الحدث. والمكتبة في هذا الصدد لديها منهج متكامل فهي لا تتعامل مع المعرفة التي تحوزها والمقتنيات التي تملكها والأنشطة التي تقوم بها على أنها أمور منفصلة عن بعضها وإنما على أنها جوانب متكاملة ونسيج متداخل لأن المعرفة كما يقال دومًا غير قابلة للتجزئة أو التقسيم بل يكمل كل جانب منها الجوانب الأخرى.

هل سينعقد الصالون شهرياً أم موسمياً أم أن هناك مدة زمنية محددة من المقرر أن يواصل فيها الصالون فعالياته؟

– كان التصور الأولي لهذا الصالون أن يكون فعالية لكنه الآن يندرج تحت مفهوم «عملية». فالفعالية لها صفة الانتظام والدورية بأن ينعقد بشكل منتظم ومستقر في موعد ثابت من كل شهر، لكنه الآن لا يزال عملية «تجريبية». وهذا مهم للغاية، لأن العمليات هي ما تعلم وتفيد المؤسسات. فهو في هذه المرحلة عملية أي نشاط مفتوح نغير فيه ونتعلم من خلاله أموراً عديدة من بينها نوعية الموضوعات التي يجب أن يتطرق إليها ونتعرف من خلاله على حاجات الناس واستعدادهم للتواصل مع المكتبة بشكل دوري حتى لا نثقل عليهم أو نتوقع منهم أكثر مما يستطيعون الوفاء به أو أن نقدم لهم أقل مما يتوقعونه. لكن النية موجودة مع العام القادم بإذن الله في أن ينعقد الصالون مرةً كل شهر وأن يجري تجميع أعمال كل حلقاته خلال عام كامل لتصدر على هيئة كتاب يُترجم إلى لغات أجنبية للتبادل مع الشركاء الثقافيين الدوليين لدولة قطر وللمكتبة بما يدعم رسالة المكتبة ويعزز مشاركتها في خدمة الدبلوماسية الثقافية للدولة.

هل من المقرر استضافة شخصيات من خارج قطر بما يعكس شراكات المكتبة؟

– تعرفون أن قطر لا يكاد يمر أسبوع واحد إلا ويأتي إليها زائرون متميزون من حول العالم من خلفيات فكرية وخبرات مهنية متنوعة. ولهذا فالصالون وإن كان يفسح المجال بالأساس لمشاركة أبناء قطر والمقيمين فيها للحديث ضمن فعالياته إلا أنه لا يستبعد دعوة بعض الزائرين للحديث ضمن سياقه. ومن المطروح حالياً في ظل مسعى المكتبة لتطوير صلاتها ببعض الرعاة من المؤسسات المعنية بالشأن الثقافي العام أن تتمكن في العام القادم بإذن الله من دعوة بعض كبار المفكرين العالميين لكي يكونوا ضيوفاً للصالون ليطلوا من خلاله على الجمهور والمهتمين في بلدنا ومنطقتنا بقضايا الفكر والحياة.

هل هناك شركاء أو داعمون لهذا الصالون؟

– بقدر ما تتمتع به مكتبة قطر الوطنية من كوادر وكفاءات وخبرات مهنية متميزة فإنها تحرص على الاستفادة من موقعها المتميز وسط بيئة فكرية وثقافية من النادر أن يكون لها نظير في العالم. فالمكتبة تقع وسط المدينة التعليمية التابعة لمؤسسة قطر، التي تمتد على مساحة تصل إلى نحو 14 مليون متر مربع وتتواجد فيها حوالي خمسين مؤسسة بحثية وأكاديمية وتعليمية وفكرية مختلفة. هذا المناخ الرائع يتيح للمكتبة أن تُعطي وتأخذ، فهي تعطي لمحيطها الفرصة الواسعة للاطلاع على مقتنياتها المتميزة من مصادر المعرفة الرائدة في كل التخصصات من العلوم الدقيقة إلى العلوم الاجتماعية والإنسانية. في المقابل تجد المكتبة متى تحتاج مؤسسات شريكة عالية الكفاءة تتواصل معها في تطوير أنشطتها وبرامجها. والصالون الثقافي هو أحد الأمثلة النموذجية على ذلك. فهو يقوم على شراكة وثيقة مع جامعة حمد بن خليفة التي يحظى طلابها وأساتذتها بخدمات واسعة تتيحها لهم المكتبة والذين بدورهم يتفاعلون معها بالأفكار والأنشطة والمشاركة في الفعاليات التي تقوم بها، أما من حيث الداعمين، فالنشاط الذي يقوم به الصالون الثقافي لا يزال يعتمد على جهود وموارد المكتبة الذاتية. لكن المكتبة حريصة وهي تمتد برسالتها إلى المجتمع على تشجيع مؤسسات الأعمال والرعاية والشركات الرائدة للاهتمام بأن يكون لها دورها الإيجابي في دعم الثقافة والنشاط الفكري، ونتمنى في القريب العاجل أن نرى ثماراً ملموسة لتلك الرعاية بالشكل الذي يزيد قيمة هذا الصالون سواء من ناحية عدد مرات انعقاده أو بدعوة محاضرين دوليين متميزين يتصدون لقضايا تشغل الإنسانية وصرنا نحن في قطر جزءًا لا يتجزأ منها.

ما هي خطتكم المستقبلية لإثراء المشهد الثقافي وتقديم مزيد من هذه الفعاليات الهامة؟

– المشهد الثقافي من المشاهد التي لا تعرف الكسل أو الملل وتبحث دائماً عن آفاق وأفكار جديدة تزيده ثراءً. على تلك الخلفية، فإن مكتبة قطر الوطنية كما تهتم بالوصول إلى الرأي العام وفتح أروقتها للجمهور للقراءة والحضور للمشاركة في فعاليات صالونها الثقافي، تحرص بالقدر نفسه على إثراء عالم الأفكار ودعم نخبة المفكرين الذين عادةً ما تكون لهم متطلباتهم واحتياجاتهم الخاصة إلى ملتقى من نوع فريد من نوعه يجمعهم مع نظرائهم من أهل الاختصاص. ولهذا فسوف تطلق المكتبة بالتعاون مع جامعة حمد بن خليفة منتدى فكريًا ذا طابع خاص أسميناه «الرواق» ويستهدف على وجه التحديد النخبة الفكرية المتخصصة في موضوعات بعينها. كما أن المكتبة مهتمة إلى حد بعيد بتوثيق الذاكرة التاريخية للمؤسسة الأكبر التي تقع في زمامها، مؤسسة قطر، وهو عمل خلاق ما زلنا عاكفين على وضع منهجيته وتحديد مراحل السير فيه. بجانب ذلك تعتزم المكتبة المضي قدماً في تنظيم حلقات جديدة من مؤتمرها السنوي «المكتبات في الصدارة» الذي يؤكد تصورنا الجديد لدور المكتبات الحديثة في القرن الحادي والعشرين بأنها لم تعد مؤسسات ثقافية تخدم المجتمع المحلي فحسب بل أيضًا واحدة من الأذرع الدبلوماسية التي تعزز العلاقات الخارجية للدولة وتسهم في ترسيخ مكانتها الثقافية على الصعيد العالمي.

المصدر: الوطن القطرية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار