البابور الموقع العربي

اليزيديون يرفضون عودة “العرب السنة”.. وحرق مسجد في سنجار

197

شهد قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى شمال العراق، احتجاجات واسعة، يوم الخميس الماضي، شارك فيها المئات من أهالي المدينة، وذلك بعد تعرّف إحدى الناجيات الأيزيديات من داعش، على أحد مسلحي التنظيم، فأبلغت عنه القوات الأمنية، التي اعتقلته على الفور. فيما تحدثت الانباء عن حرق مسجد “للعرب السنة هناك، وسط رفض من اليزيدين لعودة الاهالي العرب الى بيوتهم.

وطالب المتظاهرون، على أثر ذلك، الحكومة العراقية باتخاذ خطوات دقيقة ومدروسة في عملية إعادة النازحين العرب إلى سنجار، على أن تكون “العدالة الانتقالية في مقدمة كافة الخطوات”.

كما طالبوا بتعزيز الأمن والاستقرار وترسيخ التعايش السلمي، وإنصاف ضحايا الإبادة الجماعية وذويهم ومحاكمة كافة الإرهابيين والمتورطين في هذه الجرائم.

وخلال الاحتجاجات، اقتحمت مجموعة قال شهود عيان لـ”ارفع صوتك” إنهم من “قوات اليبشة غير النظامية” (وحدات حماية سنجار التابعة لحرزب العمال الكردستاني)  جامع الرحمن وسط المدينة، وأضرمت النار حوله في محاولة لإحراقه، لكن شهود عيان أكدوا لـ”ارفع صوتك” أن “القوات الأمنية سرعان ما احتوت الحادث وأطفأت النار”.

تعقيباً على ما جرى، كتب الناشط الأيزيدي، عامر دخيل، على صفحته في فيسبوك: “توقيت عودة العائلات العربية النازحة إلى سنجار بدعم حكومي غير مدروس قبل تحقيق العدالة بحق المتورطين ممن انضموا وتعاونوا مع داعش، وقبل دعم وتوفير بيئة صالحة لعودة الأيزيديين والضحايا من المخيمات”.

وأضاف: “قد تحدث مشاكل وشرخ في المجتمع الشنكالي نتائجها سوف تؤثر علينا جميعا، خاصة أن هنالك جهات عدة تحاول زعزعة المنطقة، وهذه العودة ستكون مادة دسمة لأجل أهدافهم الخبيثة”.

من جهته أكد أمير الأيزيديين في العراق والعالم حازم تحسين بك، الجمعة، رفضه القاطع إزاء الهجوم على “مسجد الرحمن” في قضاء سنجار، خلال تظاهرات مناهضة لعودة عدد من الأُسر النازحة.

وقال في بيان: “نعلن رفضنا القاطع للهجوم على جامع الرحمن وحرقه في سنجار، والهجوم على الجوامع ليس من أخلاقنا نحن الأيزيديين”.

وأضاف تحسين بك: “عندما اجتاح داعش مدينة سنجار وهاجم الأيزيديين، فتح المسلمون أبواب المساجد لنا ولم يقصروا في المساعدة”.

بدوره، اعتبر مركز لالش الثقافي والاجتماعي للأيزيديين الأحداث الجارية حالياً في قضاء سنجار هي “نتيجة السياسة الخاطئة للحكومة العراقية”، معرباً هو الآخر عن رفضه لأي شكل من أشكال العنف.

وقال المركز في بيان، الجمعة، إن “التظاهرة السلمية حق طبيعي، والاعتداء على مقدسات الأديان تصرف غير لائق لا يمكن القبول به من أي طرف كان”.

وأشار إلى أن “نشر رسائل بعيدة عن الحقيقة في مواقع التواصل يؤدي إلى إنهاء السلم الاجتماعي، وعلى الجهات المسؤولة مراقبة ومحاسبة من ينشر مثل هذه الرسائل”.

“يجب أن يتحمل الجميع واجباته بروح المسؤولية، وأي تأزيم للوضع لن يكون في صالح أي شخص وأي طرف سوى الأعداء”، بحسب بيان مركز لالش.

تحذير من “فتنة”

في السياق نفسه، يوضح مزاحم الحويت، وهو أحد شيوخ العرب السنة في سنجار وغرب الموصل،  أن “قرار عودة العائلات العربية النازحة صدر إثر اتفاق بين ممثلي مكونات سنجار والحكومة المحلية في نينوى والقوات الأمنية، على ألا يشمل هذا الأشخاص والعائلات الملطخة أياديها بدماء العراقيين”.

ويؤكد الحويت لـ”ارفع صوتك”: “خلال عملية عودة أكثر من 50 عائلة عربية نازحة إلى سنجار، الخميس، تفاجأنا بهجوم مجاميع موالية لحزب العمال الكردستاني على هؤلاء العرب العائدين، وانتحلت هذه المجاميع صفة الأيزيديين، لكننا فيما بعد تأكدنا أن الأيزيديين لا علاقة لهم”.

“ولم تكتف هذه المجاميع بالهجوم على العائدين بل اقتحمت جامع الرحمن وسط سنجار وأضرمت فيه النار، التي لم تؤد سوى إلى إحداث أضرار طفيفة. لكن الاعتداء على دور العبادة أمر مرفوض لقدسيتها لدى كافة الديانات”، يتابع الحويت.

ويحذر من كون الأحداث “شرارة قد تخلق فتنة في سنجار”، داعياً رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إلى “التدخل لحل الأزمة في سنجار وإخراج هذه المجاميع المسلحة منها، لأنها لا تؤمن بالتعايش وتسعى لإشعال نار الحرب”.

وعلى الرغم من مرور أكثر من ثماني سنوات على تحرير الأراضي العراقية من احتلال داعش، إلا أن سنجار لم تشهد سوى عودة 20% من سكانها الأيزيديين الذين نزحوا تلو الإبادة الجماعية بحقهم سنة 2014.

ويعيش أيضاً العرب والكرد السنة من سنجار كنازحين في أربيل والموصل، بانتظار أن تصبح الظروف ملائمة لعودتهم. ونظم المسلمون الذين حاولوا العودة إلى سنجار ولم يُسمح لهم بذلك وقفة احتجاجية أمام مبنى محافظة نينوى في الموصل.

وقال أبو محمد، نازح من سنجار إلى الموصل، في حديث لـ”ارفع صوتك”: “نحن أردنا عودة سلمية مع إخواننا الأيزيديين والسنة والشيعة. صُدمنا بحرق الجامع وإطلاق النار عليه”. وأضاف: “نحن فقط مسلمون ونريد عودة سلمية”.

“عودة مشروطة”

من جهته، يؤكد مدير المنظمة الأيزيدية للتوثيق، حسام عبد الله، أن ما يجري في سنجار من غضب واحتجاجات، هو تحصيل حاصل “لغياب الآليات الحكومية والرسمية في إبلاغ المجتمع بإجراءات العدالة والإجراءات التي تسهم في تخفيف النزاع والحدّ من أي صراعات في المنطقة”.

ويشير في حديثه مع “ارفع صوتك”، إلى أن الوقف السني “بدأ منذ نحو أسبوع بالتحرك في سنجار على إعادة ترميم الجامع الكبير وسط المدينة. وجاء الخميس العشرات من نازحي سنجار السنّة، بمعيّة الوقف السني والجيش العراقي والشرطة، وفتحوا الجامع وتعرفوا على موجوداته، وتم تنظيفه من أجل استكمال الترميم والبناء”.

ويوضح عبد الله: “الأيزيديون في سنجار وخارجها ليسوا ضد عودة النازحين العرب السنة، لكن هذه العودة يجب أن تكون مشروطة، والشروط واضحة. يجب إجراء تدقيق مفصّل لمعلومات العائدين، ويجب على المسلمين السنة أن يقوموا بذلك بأنفسهم، بغية الكشف عمّن كان مع داعش ومن تلطخت أيديهم بالإبادة ومن تعاون وأسهم بحصولها”.

في الوقت ذاته، طالب عبد الله العشائر العربية “بتسليم المتورطين وتقديمهم إلى العدالة ليُحاكموا محاكمات عادلة وشفافة، يتطلع عليها الرأي العام الأيزيدي والعالمي”.

ويشدد على أهمية ذلك، لأنه “سيقلل من حدة العنف والاحتقان الموجود في سنجار”، فيما سيحدث غيابه العكس. 

الحرة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار