البابور الموقع العربي

أميركا.. شيخوخة “الغول” والقوة

172

غازي الذيبة

يصر رئيس أكثر الامبراطوريات شرا في التاريخ، جو بايدن، على أنه لم يتلق صفعة من أحبابه في حلف الأطلسي، الذين كان واضحا أنهم يتلكأون منذ بداية الحرب الوحشية التي تقودها بلاده “العظمى” (9.834 ملايين كلم 2) على غزة (364 كم2) في المضي معه إلى آخر الطريق.

غازي الذيبة

العجوز الخارج عن الخدمة مثل لواءي قتلة الأطفال “جولاني” و”جعفاتي” الصهيونيين، ويتهمه معارضوه في بلاده بأنه “خرف”، يواجه انسحاب فرنسا وإيطاليا وإسبانيا من تحالف أرهقت إدارته بتصميمه لحراسة البحر الأحمر من هجمات (الحوثيون) على سفن صهيوينة، أو تنقل حمولاتها إلى الصهاينة.

لم  يقف الأمر عند هذا الحد، فتحالف “البحر الأحمر” ولد ميتا، ذاك ان هولندا والنرويج والدنمارك، رفضت إرسال سفن حربية لهذه المهمة التي لا ناقة لها فيها ولا بعير. أما قوات “المارينز” الأسطورية، فلا تريد تعريض مراكبها “الخرافية” للخوض في مواجهات مع جماعات مسلحة، تذكرها بما منيت به من هزائم، على يد طالبان في أفغانستان، وثوار “الفيتكونغ” في فيتنام.

الدول الثلاث تحديدا قالت له: “لا تستخدمونا لحماية إسرائيل.. لن نضع سفننا الحربية في هذه المهمة تحت قيادة بلادكم العظمى”، فلم يبق لديه سوى بريطانيا التي غابت عنها الشمس، وبضعة كيانات من الصعب حفظ أسمائها لانها غير مؤثرة في التاريخ أو الجغرافيا، وليست متأكدة بعد من أنها قادرة على المشاركة في حرب حقيقية، وليست مبارة كرة قدم.

وعلى غير عادتهم، فَقدَ الأميركيون قدرتهم في فرض “الخاوة” على دول طالما تدفات بحضنهم، القدرة على إشراك كيانات تعتبرها مهمة في حربهم خارج غزة، لحماية “كلبهم المدلل” داخل منطقة يصرون على تسميتها بـ”الشرق الأوسط”، وتنسل من بين أيديهم على درجة 6.5 ريختر، بحيث تمكنت هذه الحرب من حقن حتى الأطفال فيها بالغضب على جرائمها في قطاع غزة، وبقية فلسطين المحتلة.

إنه لمن المثير للعجب فعلا، أن أميركا العظمى مستمرة بالاعتقاد بأن العالم يقف معها في مهامها العجائبية للدفاع عن كيان منحط، أعظم مهمة له في التاريخ، أنه يقتل أطفال فلسطين ونسائها.

وعلى رأس الدول التي عبرت عن غضبها من اللعبة الأميركية التي كانت تتحكم فيها سابقا بدون أن يقول لها أحد: لا، أن إسبانيا التي سجلت مواقف محترمة في رفضها لقتل أطفال غزة، صرخت في وجه الأميركيين “لماذا تزجون بنا في تحالف لا نعلم به”.

ولم يتوقف الأمر عند هذه الانحراف الأخلاقي الذي تتمتع به أميركا العظمى، فقد صرحت نائبة الرئيس الإسباني يولاندا دياز قائلة “إنه لمن النفاق الشديد أن يسارع المجتمع الدولي لحماية المصالح التجارية في البحر الأحمر، لكنه يظل صامتا عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن السكان المدنيين في غزة”.

أليست هذه مؤشرات واضحة، على أن الولايات المتحدة، لم تعد تهزم في أفغانستان أو فيتنام أو العراق فقط، بل وبالإمكان أن تهزم في أماكن أخرى، حتى من حلفائها، وأن تُرفض قراراتها في الجميعة العامة للأمم المتحدة بالأغلبية العظمى، وأن تجد من يزدريها عندما تستخدم “الفيتو” ضد أي موقف يحمي حقوق الآخرين في مجلس الأمن، مصرة على أنها “مسلخ” وليست دولة عظمى.

وفي وقت تواجه فيه أميركا أصواتا من داخلها، ترفض انحيازها الكلي لـ”حاوية القمامة- الكيان” التي تريد الحفاظ عليها في المنطقة العربية كما تحافظ على حذائها، فإن مسار انحدارها كقوة ضاربة في أعالي البحار، باتت تئن تحت ضربات تورطها الأخلاقي في أمكنة، حولتها إلى مناطق غير صالحة للحياة، في أميركا اللاتينية وأوكرانيا والمنطقة العربية، وتمضي لحجز سطر على صفحات التاريخ، يقول: كان هناك امبراطورية تسمى روما (أميركا)، ارتكبت آلاف المجازر وقتلت ملايين البشر، وسلحت كل مافيات العالم بالموت، لتهيمن على عالم استيقظ ذات صباح وقال لها: لا.

صحفي وكاتب وشاعر فلسطيني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار