البابور الموقع العربي

غزة المذبوحة.. بداية نهاية العالم

2٬928

سمير الحجاوي

بين كل صاروخ وصاروخ مذبحة، وبين كل قذيفة وقذيفة مجزرة، وفي كل شارع وزقاق نهر من الدم، وفي كل مدرسة وحارة أكوام من اللحم المخلوط بالدم والتراب، وفي كل زاوية نهر من الدموع وعواصف من الالم والوجع.

هنا غزة، التي يجري ذبحها وفرمها على الهواء مباشرة، وأمام الكاميرات وشاشة الجزيرة، وعلى مرأى من العالم كله.

ما الذي جرى للعالم كله، كيف يصمت البشر على هذه المحرقة الفلسطينية التي ينفذها ضحايا محرقة الأمس؟

هل تعلم اليهود من هتلر كيف يبيدون البشر؟ وكيف يقتلون الفلسطينيين، في أشرس وأقذر حرب عرفها العالم في القرن الحادي والعشرين..

ما بال هؤلاء اليهود الذين احرقهم هتلر في أفران الغاز، كما يقولون، حولوا غزة كلها إلى فرن كبير، بل حولوها الى جهنم وجحيم، وحولوها الى ميدان رماية ومصيدة “لإصطياد” الأرواح الفلسطينية بالصواريخ والقذائف الذي يزيد وزن الواحدة منها عن طن.. هل تتصورون معنى أن يسقط طن من البارود والمتفجرات والديناميت فوق رؤوسكم وأنتم نيام، أو وأنتم تجلسون في خيام من القماش والبلاستيك.

هل تتصورون 1000 كيلوغرام تسقط فوق رأس طفل أو طفلة أو رضيع أو إمراة أو شيخ أو شاب أو رجل وتحوله إلى أشلاء لا يعثر على شيء منها؟

هل تتخيلون معنى أن تكونوا حصادا للموت الذي لا يتوقف على مدار الساعة، وتدور رحاه 24 ساعة في اليوم دون توقف؟

هل تعرفون معنى أن تكونوا أحياء على ذمة الموت، وكان الحياة مجرد قرض يجري سداده “كاش” من الدم ساعة بساعة، أو دقيقة دقيقة،

إذا كان شيلوك اليهودي القديم قد طلب رطلا من اللحم مقابل دينه في مسرحية “تاجر البندقية لشكسبير”، فإن اليهودي الجديد يقطع أرطالا بل أطنانا من اللحم الفلسطيني ليل نهار دون ان يتوقف “على مسرح غزة الحقيقي”.. هذا اليهودي القديم والجديد يبدو أنه لايشبع من الأشلاء الفلسطينية، ولا يرتوي من الدم الفلسطيني الذي يسفكه.

هل فعلا مرت قرون على اليهود.. هل مرت عليهم آلاف السنين عليهم؟

لماذا لم يتعلموا ولم يتغيروا، و لماذا لم يتحولوا إلى بشر، ولماذا يصرون على “إفناء الغوييم” الفلسطينيين، ولماذا يصرون على الحرب ضد “العماليق”، ويواصلون رحلة يوشع في إبادة أريحا، التي أعلن “إبادة كل نسمة حية فيها”

لماذا يصر إله اليهود “يهوه” أو “رب الجنود” على قيادة المعركة في “عمود السحاب” ليسقط على الفلسطينيين “عناقيد الغضب”، ويقتل في غزة “كل نسمة حية”

هل جرت في عروق اليهود جينات مقتلة “نبوخذ نصر”، وهل تماهوا تماما مع “محرقة هتلر” لكي يتحول كل واحد منهم في فلسطين إلى “هتلر”.

إذا كان المانيا فيها هتلر واحد ومحرقة واحدة، فان فلسطين فيها 6 ملايين هتلر من اليهود، وفيها كل يوم محرقة أو اكثر، من غزة الى رفح الى الشجاعية وخان يونس والنصيرات والشاطئ وجحر الديك ومدارس الانروا والمستشفيات وحاضنات الاطفال وسيارات الاسعاف والدفاع المدني ومحطات تحلية المياه ومستودعات الغذاء والدواء، وفي جنين ونابلس والخليل، وقبلها دير ياسين وقبية.

كم طفلا يهوديا قتل هتلر وهم في حاضنات الاطفال؟ وكم مستشفى أحرقه هتلر بمن فيه؟

هل حرق هتلر مستشفى المعمداني، أو الشفاء؟ وهل قصف هتلر مستشفى القدس؟ وهل منع هتلر الاوكسجين عن الرضع فماتوا؟

لقد أثبتت غزة أن كل يهودي محتل وغاصب في فلسطين عبارة عن “هتلر متوحش”، بل نسخة همجية من هتلر لم تعرفه البشرية من قبل.

لقد تماهى “اليهودي الضحية” مع “اليهودي القاتل” وتماهي “اليهودي المغلوب على أمره” مع “اليهودي المتوحش” المتفلت من أي ضمير أو خلق أو قيم أو إنسانية.

لقد حرقت الإنسانية في غزة.. حرقها اليهود والصهاينة والغرب والأنظمة العربية الحليفة والمطبعة والمحرضة على إبادة الفلسطينيين في محرقة نصبها اليهود في قطاع غزة..

إن حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، عار على اليهود والعرب والغرب.. إنها عار على الإنسانية التي “شلحت” إنسانيتها وأصبحت “عارية بشعة متوحشة حقيرة”.

الشعب الفلسطيني ضحية الجميع.. ضحية تحالف الفكر المتوحش “اليهودي – الغربي”، وضحية التواطؤ “العربي – الصهيوني – الغربي” وضحية الصمت المخزي للشعوب، وفي مقدمتهم الشعوب العربية المقيت، التي تحولت إلى “شبح أمة” أو “أشلاء شعوب”..

في غزة لا يقتل اليهود الشعب الفلسطيني وحدة، بل يقتلون كل العرب، وكل المسلمين المسلمون، بل يقتلون الإنسانية كلها ويحولونها إلى أشلاء مبعثرة.

لقد ماتت الإنسانية في غزة، ومات العرب، ومات المسلمون، وتحول العالم كله إلى “مكان متوحش”، ينذر بالنهاية التي يتوعدون البشريه بها، إنهم يصعنون “هرمجدون” الخاصة بهم، هرمجدون المتوحشة، القابعة في أساطير وخرافات كتبهم المقدسة، وسطورها التي تسيل منها الدماء، هرمجدون التي بشر بها الإنجيليون والصهاينة وريغان الذي قال ذات يوم “ما لا يستطيع الرب أن يفعلهن نفعله نحن”، ويأجوج ومأجوج الذين بشر بهم جورج بوش الإبن، ودونالد ترامب الذي يريد أن “يوجه العاصفة لكي ينهي الملاك الصهيوني مهمته” بالقضاء على الشعب الفلسطيني من أجل تسريع “الخلاص”.

ألم أقل لكم: أن العالم أصبح مكانا خطرا للغاية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار