البابور الموقع العربي

ما كنا نفعل لنحرر فلسطين؟

127

غازي الذيبة

الشاعر الاردني الفلسطيني غازي الذيبة
غازي الذيبة

وأنت تلاحق قصص المحاربين العظام في المقاومة الفلسطينية بغزة، تسأل: ما الذي كنا نفعله في أيامنا الفائتة؟ ما الذي أنصتنا له من ترهات حول مقاومتنا البطلة، من تشويهات، لاحقتهم حتى لحظات استشهادهم؟
كيف لم ننتبه إلى الحاجة الملحة لفهم نضالهم الملحمي وهو يُعجز العالم بعبقرية صاغته، وقدرتهم على اجتراح لحظات استثنائية في تاريخ النضال الإنساني، لتقود إلى التحرير، وسط إمكانيات، تصل إلى أقل من حد الكفاف؟
ماذا كنا نفعل طوال ما مضى من حياتنا الميتة، وحياتهم الحية؟ ماذا كنا نفعل، وهم ماذا كانوا يفعلون ويأكلون ويشربون ويلبسون وأين كانوا يسكنون؟
نحن، يا رعاك الله، لهثنا وراء أحلام باهتة، وانتفخنا بأورام خبيثة، وحوصرنا بادعاءات نضالية كاذبة، وتورمنا بأوهام سخيفة، وانقسمنا من أجل ترهات رخيصة، ونسينا النضال.
كثير منا، اعتقدوا بأن حرية شعبنا، تنتهي عند وضع سلسلة في رقبة أحدهم، تتدلى منها خريطة فلسطين، أو أن يكتب مقالا عن فلسطين، أو يتناول المسخن، وغيرها من تفاصيل باردة، لا قيمة لها لمن احتلت أرضه في زمن ترك فيه مناضلو المكاتب، ورقة فلسطين تتنازعها أهواء عالم مريض بحقارته، وتشريعاته الأممية المنحطة.
محاربونا العظام في غزة، أنتجوا حالة تجعل كل من يعتقد حتى اللحظة بأنه صنع شيئا لفلسطين، عاجزا أمام عظمة إنجازهم، مرتبكا، غير مصدق بأن هناك بشر يمكنهم صناعة المعجزات، في زمن قيل لنا فيه أن زمن المعجزات انتهى. لقد صاغوا حالة يتطلب ممن يزعم بأنه قدم شيئا لأرضه المحتلة، مراجعة حشوة كتلة رأسه الدهنية، وما حشر فيها من سخافات، ليرى كم كان بائسا عاجزا.
حين اختار بعضنا النضال من أجل فلسطين بإشعال الشموع أمام مباني الأمم المتحدة، فقدنا رائحة فلسطين.
حين أغوانا البحث عن اللقمة والركض وراء مصالحنا الشخصية، استمر احتلال فلسطين.
حين حولنا تحرير فلسطين إلى مجرد نزعة خطابية على المنابر، وجماعات تتقاسم العداء، هذه تريد تحريرها على مراحل، وتلك ستحررها بالمفاوضات، وأخرى تلهث لتحريرها في وسائل الإعلام، بقيت فلسطين محتلة.
محاربونا العظام في غزة، أدركوا بأن كل هذه الترهات التي عاشتها قضيتنا، غير مجدية، ولمسوا قيمة اجتراح القوة من الألم، ليتحول إلى فعل على الأرض، يتحدي ويضحي صناعه بدمهم، ويخطوا أول اللحظات المشرقة في تحرير أرضنا بأرواحهم وأبنائهم.
هؤلاء هم سادة الفعل والعمل، وسواهم، دعه يتمرمغ في عجزه، ويبحث له عن تبرير، منتفخا بما توهمه وكذب به على نفسه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار