البابور الموقع العربي

البرهان وحميدتي يغتالان العيد في السودان .. 270 قتيلا و2600 جريح

181

“عيد بأية حال عدت يا عيد”، يقول حال الباحثة السودانية، مها طمبل، وهي تصف الظروف المحيطة بعيد الفطر المقبل في بلدها في ظل الاشتباكات بين القوى العسكرية.

وأسفر القتال المستمر لليوم الخامس على التوالي، منذ السبت، بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع عن مقتل أكثر من 270 مدنيا، واصابة اكثر من 2600 أخرين، فيما فر آلاف من العاصمة الخرطوم تحت القصف الأربعاء.

وأعلنت قوات الدعم السريع الثلاثاء “هدنة لمدة 24 ساعة”، إلا أنها لم تدم دقيقة واحدة على أرض الواقع، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وبعد أن انهار التحالف بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، يقاتل الرجلان لتسديد ضربة قاضية في نزاع على السلطة قد يؤدي بدلا من ذلك إلى صراع طويل الأمد ومزيد من عدم الاستقرار مما سيعصف بآفاق السلام والانتعاش الاقتصادي في السودان بعد عقود من الاستبداد والحكم العسكري والعزلة الدولية، وفق رويترز.

“عيد من دون فرح”

وتقول طمبل في حديث لموقع “الحرة” إن عيد الفطر سيأتي هذا العام” من دون مظاهر العيد، خاصة في العاصمة الخرطوم، حيث فقدت العائلات العديد من أحبائها، الأمر الذي يتركهم في حالة حزن بدلا من الفرح والسعادة”.

وترجح أن الطقوس التي اعتاد عليها الأهالي في السودان لن تكون حاضرة هذا العام، بما في ذلك صلاة العيد، والتي قد تجري على نطاق ضيق في المناطق التي تشهد حالة من الهدوء النسبي”.

وتؤكد طمبل أن “العائلات تحاول الخروج من الخرطوم حيث تحتدم الاشتباكات، خاصة وأنه لم يعد البقاء فيها ممكنا إذ لا كهرباء ولا ماء”، فيما يخترق الرصاص الطائش النوافذ والجدران وتنهمر صواريخ من السماء تحول المباني إلى كومة من الأنقاض.

وعبر آلاف السودانيين وسط أزيز الرصاص ودوي القذائف خلال المعارك بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم “حميدتي”، والجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي يقود البلاد منذ انقلابهما المشترك في 2021.

وأشار تقرير نشرته وكالة فرانس برس إلى أنه يمكنك رؤية “الجثث وهياكل مدرعات متفحمة” في الخرطوم.

منى عبدالماجد، طبيبة سودانية متخصصة بعلم النفس قالت إن السودانيين “يعيشون في حالة من الهلع والخوف والحزن، فبعد أن كانوا بانتظار العودة للمسار الديمقراطي للبلاد، وجدوا أنفسهم أمام اشتباكات عسكرية طاحنة”.

وأوضحت في رد على استفسارات “الحرة” أن “فقدان التواصل الاجتماعي سيكون واضحا خلال عيد الفطر المقبل، وحتى خلال الفترة الماضية، فالجميع خائف من الخروج من المنزل لشراء الاحتياجات الأساسية

وأضاف عبدالماجد أن هذه الاشتباكات العسكرية “ستحرم الكبار من ممارسة عاداتهم بتبادل التهاني والزيارات خلال العيد، ولكن تأثيرها سيكون أكثر وضوحا على الأطفال الذين سيحرمون من فرحة العيد بعدم شراء الملابس الجديدة أو حتى الاستمتاع بتحضيرات مأكولات العيد”.

الخبير الاقتصادي السوداني، محمد الناير، قال إن “العيد هذا العام يختلف تماما عن الأعوام السابقة، إذ تضيف الاشتباكات أعباء جديدة على المواطنين السودانيين الذين يعانون أصلا من عدم القدرة على تلبية احتياجاتهم الأساسية، والتي كانت واضحة خلال الفترة الماضية”.

ويشرح في حديث لموقع “الحرة” إن “استقبال عيد الفطر أصبح أكثر تعقيدا خاصة بسبب نقص السيولة المتاحة بين أيدي الناس بسبب تعطل الخدمات المصرفية، وعدم توفر التعامل النقدي الإلكتروني ناهيك عن إغلاق المحال التجارية”.

وزاد أن “العادات التي اعتاد عليها الناس في السودان خلال العيد سيتباين الالتزام بها من منطقة إلى أخرى”، مشيرا إلى أن بعض الولايات تشهد حالة من شبه الاستقرار حيث يسيطر عليها الجيش، بينما لا تزال بعض الولايات تشهد اشتباكات وانقطاعات في الكهرباء وعدم استقرار الأوضاع الأمنية فيها، وهو ما سيحد من تحركات “المواطنين” خاصة في فترة العيد المقبلة

وتتفق الباحثة طمبل مع هذا الرأي وتتوقع أن تشهد “بعض الولايات في السودان أجواء محدودة للعيد تستهدف إسعاد الأطفال”، ولكنها ستكون فرحة “مبتورة من دون شراء ملابس جديدة، أو تحضير مأكولات العيد من خبيز وكحك”.

وتقول “عادة ما تجد في صباح يوم العيد أبواب المنازل مفتوحة ومشرعة لاستقبال الجيران والأقارب لتبادل التهاني وحضور مآدب الإفطارات الصباحية، ولكن هذا العام ستكون الوجوه حزينة ويرتسم عليها الحيرة حول مستقبل البلاد في ظل اقتتال أمراء الحرب”.

وقللت طمبل من تأثير أي اتفاق حول هدنة لإطلاق النار في العيد، مؤكدة أن “الأطراف المتنازعة غير جادة في الالتزام بهذا الأمر وهي مستمرة في القتال”.

وقال علوية الطيب (33 عاما) لفرانس برس وهو في طريقه جنوبا “الحياة مستحيلة في الخرطوم”. 

وأضاف “فعلت كل شيء كي لا يرى أولادي الجثث.. لأنهم مصدومون بالفعل”. 

من جهته، قال محمد صالح (43 عاما) وهو موظف حكومي “نذهب إلى أقارب لنا في ود مدني”، عاصمة ولاية الجزيرة الواقعة على بعد 200 كلم جنوب العاصمة. 

وأضاف “نخشى مهاجمة منازلنا”، بينما يجوب الجيش وعناصر قوات الدعم السريع الشوارع.

الاقتصاد السوداني

ويوضح الخبير الاقتصادي الناير أن “السوق السودانية تعاني من كساد وركود تضخمي، تسببت في حالة جمود في الأسواق مع ارتفاع لأسعار السلع والخدمات، والتي كانت ظاهرة بشكل كبير منذ بداية رمضان، إذ كانت نشاطات البيع متواضعة جدا”.

وأضاف أن “الاقتصاد السوداني يعاني من أزمات كبيرة حتى قبل اندلاع الاشتباكات، والتي ستتفاقم مع استمرار أمد النزاع، والتي ستزيد من الخسائر في البنية التحتية والمؤسسات المختلفة”.

وأعلن الجيش الأربعاء أنه يقاتل قوات الدعم السريع حول أحد فروع البنك المركزي، مشيرا إلى أن “مبالغ خيالية سرقت”. 

وأصبحت مخزونات المواد الغذائية محدودة، وهي تتلاشى إذ لم تدخل أي شاحنة مؤن إلى العاصمة منذ السبت.

وفي بلد يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة يعاني أكثر من ثلثهم من الجوع، يقول العاملون في المجال الإنساني والدبلوماسيون إنهم لم يعودوا قادرين على أداء عملهم بعد مقتل ثلاثة موظفين في برنامج الأغذية العالمي في دارفور، غربي البلاد، فيما تندد الأمم المتحدة بنهب مخزونات وكالاتها الإنسانية ومنشآتها. 

ومنذ الإطاحة بالبشير، أصبح البرهان الزعيم الفعلي للسودان وأبرم اتفاقا لتقاسم السلطة مع المدنيين لوضع السودان على طريق يستغرق ثلاث سنوات ويفضي إلى الديمقراطية، بحسب وكالة رويترز.

وتصاعد التوتر منذ أشهر بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إذ انفجر الخلاف بسبب خطة مدعومة دوليا لبدء عملية الانتقال لمرحلة سياسية جديدة مع الأطراف المدنية. وكان من المقرر توقيع اتفاق نهائي في وقت سابق من أبريل، في الذكرى الرابعة للإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة شعبية.

وبموجب الخطة، كان يتعين على كل من الجيش وقوات الدعم السريع التخلي عن السلطة واتضح أن هناك مسألتين مثيرتين للخلاف بشكل خاص. الأولى هي الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة النظامية، والثانية هي توقيت وضع الجيش رسميا تحت إشراف مدني.

وحين اندلع القتال في 15 أبريل، تبادل الطرفان الاتهامات بإثارة العنف. واتهم الجيش قوات الدعم السريع بالتعبئة غير القانونية في الأيام السابقة وقالت قوات الدعم السريع، مع زحفها إلى مواقع استراتيجية رئيسية في الخرطوم، إن الجيش حاول الاستيلاء على السلطة بالكامل في مؤامرة مع الموالين للبشير.

الحرة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار