البابور الموقع العربي

مستشفيات الخرطوم “تحت القصف”.. 39 مستشفى خرجت من الخدمة

407

صباح الاثنين الباكر، فوجئ الأطباء بمستشفى “الشعب”، وسط العاصمة السودانية، الخرطوم، بقصف يطال عنبر رقم 10 المتواجد داخله مرضى الجهاز التنفسي، الذين بحاجة دائمة إلى الأكسجين.  مما أدى إلى خروجه من الخدمة، وهو واحد من بين 39 مستشفى خرجت من الخدمة نهائيا في الخرطوم من بين 59 مستشفى تعمل هناك، بسبب القصف وعدم توفر امدادات طبية وادوية.

ورغم أن هذا الاستهداف لم يكن الأول منذ بدء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، أكبر قوتين عسكريتين في السودان، فقد أدت هذه الضربة إلى هلع شديد، وحالة من الهرج والمرج، بحسب ما قال مدير المستشفى، النمير جبريل، لموقع “الحرة”. 

قبل هذه الضربة، التي أصابت عنبرا كان به مرضى، “كان صهريج المياه الأساسي للمستشفى قد تضرر بشدة من قصف آخر، مما أدى إلى انقطاع المياه، فضلا عن سقوط قذيفة أخرى في ساحة المستشفى أدت إلى حرق عربات، وهشمت الزجاج أمام محطة الأكسجين”. 

والأحد، أصيب أحد أفراد أمن المستشفى بطلق ناري في الصدر. وأصيب أحد الموظفين (محاسب)، الاثنين، أيضا بشظايا من مقذوف، بحسب جبريل، مشيرا إلى أن حالة الاثنين الآن مستقرة، بعد علاجهما. 

ويقول جبريل الذي أرسل لنا صورا وفيديو: “بعد أن أصبحت المستشفى والمرضى في خطر شديد، لم يكن أمامنا حل إلا أن نأخذ قرارا اليوم بالإخلاء التام”.

جانب من الهلع في مستشفى الشعب بعد تضرره بمقذوف خلال الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع

وأضاف: “تم إخلاء 50 مريضا، هم كل المرضى لدينا، وحولناهم على مستشفى الخرطوم المتاخمة لنا. 

وفيما يتعلق بملابسات إطلاق النار، قال: “الاشبتاكات والمعركة ضارية في المنطقة التي تقع فيها المستشفى ولا نعرف أن نحدد بالضبط إن كانت قوات الجيش أو الدعم السريع”. 

يقع مستشفى “الشعب” وسط الخرطوم بالقرب من مقر القيادة العامة للقوات المسلحة التي تشهد اشتباكات عنيفة بين الجيش، وقوات الدعم السريع التي تحاول السيطرة على المبنى. 

ولم يكن المستشفى الوحيد الذي تضرر من هذه الاشتباكات العنيفة وتوقف عن العمل، حيث يقع في هذه المنقطة عدد كبير من المستشفيات.

ويقول جبريل: “هذه المنطقة وسط الخرطوم، وفي محيط القيادة العامة للقوات المسلح بها سبع مستشفيات حكومية وسبع مستشفيات أخرى خاصة، وتمثل خدماتها للمواطنين، 30 في المئة من مجموع الخدمة الطبية المقدمة في ولاية الخرطوم”. 

وقال “أغلب هذه المستشفيات الآن خارج الخدمة. وعلى سبيل المثال، وقع ضرر كبير بمركز الشهيدة سلمى لغسيل الكلى أمس بعد إصابته بمقذوف، ما أدى إلى توقفه أيضا عن العمل، مع العلم أنه الوحيد وسط الخرطوم الذي يقوم بخدمات غسيل الكلى مجانا للمواطنين”. 

وأشار إلى أنه حتى مستشفى الخرطوم التي تم تحويل مرضى مستشفى الشعب إليه “به مشكلات حاليا، الكهرباء مقطوعة، واتخذنا قرارا الآن بضرورة خروج كل المرضى الذين يمكن أن يكملوا علاجهم من البيت، نظرا لأن المستشفى نفسه بات خطرا على حياتهم، وسنبقي على الحالات الحرجة فقط، التي لا يمكنها مغادرة المستشفى”. 

وقال إن “سقوط قذائف وإصابة بعض العاملين أدى إلى اضطرار معظم الأطباء والممرضين والعمال للعودة إلى بيوتهم، وقرروا عدم العودة للعمل إلا بعد استقرار الأوضاع”. 

وأضاف: “رغم الاشبتاكات وخطورة حدوث مكروه لهم، قرر البضع أخذ هذه المخاطرة، معتبرين أنها أفضل من البقاء محاصرين في المستشفى خائفين على حياتهم ووقوع قذيفة في أي لحظة قد تودي بحياتهم”. 

وأضاف: “لم يتبق إلا طبيبين من مستشفى الشعب، وطبيبين في مستشفى الخرطوم، بالإضافة إلى ثمانية من طاقم التمريض”. 

ويعتبر جبريل أن “الأزمة الكبرى أن مستشفى الشعب هو الوحيد في السودان الذي يعالج حالات الذبحة الصدرية الشديدة مجانا، وهذا يعني وفاة من لا يستطيع الحصول على العلاج”. 

ويعمل استشاري الجراحة، علاء عوض في مستشفى ابن سينا في الخرطوم، كما يعمل أيضا في مستشفى الأربعين بالقرب من مبنى الإذاعة والتلفزيون الذي يشهد أيضا اشتباكات عنيفة. 

وقال: “تعرض مستشفى ابن سينا لضربتين أيضا اليوم، مما أدى إلى حالة من الخوف الشديد وسط الطاقم الطبي، القليل أصلا، وتوقف بعض الخدمات عن العمل، مشيرا إلى أن الأدوات الطبية أيضا باتت شحيحة للغاية”. 

لم يتمكن عوض، من الذهاب إلى عمله منذ بدء الاشتباكات السبت الماضي، لكنه يطلع على الوضع في المستشفيات من خلال الزملاء، ومجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي. وأرسل عوض لموقع “الحرة” صورا توضح تعرض المستشفى لأكثر من ضربة.

وقال إن “المستشفيات تحتاج لأشياء كثيرة حاليا أهمها تغيير الكادر العامل لأنهم أصبحوا منهكين ولا يستطيعون الاستمرار، “المشكلة أن الطاقم الطبي الموجود خارج المستشفى لا يستطيع الوصول إلى عمله بسبب الاشتباكات”. 

وحث عوض على ضرورة إمداد المستشفيات، خاصة المتضررة، بالكهرباء والغاز لمولدات الكهرباء، فضلا عن الأدوات الطبية لأن المخزون انتهى. 

ولا يعتقد كل من جبريل وعوض أن طرفي الصراع يقصدان استهداف المستشفيات أو الطاقم الطبي، لكن وقوع بعض المستشفيات في مناطق الاشتباكات هو ما أدى إلى تضررها.

لكن عوض يكشف سبب استهداف المستشفيات وإصابة بعض العاملين فيها، معتبرا أن “أحد طرفي النزاع يستخدم مبانيها”. 

وأوضح أن عسكريين صعدوا إلى أسقف بعض المستشفيات، ومنها الشعب التعليمي في الخرطوم، وطالبهم العاملون بالنزول وأخطروا وزير الصحة. 

وأضاف أن قنبلة سقطت أيضا على مستشفى “بشاير”، جنوب الخرطوم. 

ويقول جبريل، الذي يتابع حاليا الحالات في مستشفى الخرطوم: “حتى الآن صوت الذخيرة والضرب شغال، لم تتوقف هذا الأصوات على الإطلاق، ونعمل وسط ظروف صعبة للغاية، ولا نعلم إن كنا سنتمكن من الاستمرار في ظل نقص الأدوات الطبية، وإن كان سيصلنا إمدادات أم لا”. 

ونعت نقابة أطباء السودان المركزية طبيبين توفيا إثر إصابتهما بشظايا خلال الاشبتاكات المسلحة الدائرة، “هم ماتا في بيوتهم، فما بالك بمن هم في المستشفيات في محيط مقر قيادة الجيش، حيث لم تتوقف الاشتباكات”، بحسب جبريل. 

والاشتباكات التي امتدت إلى مناطق أخرى في السودان هي الأولى في الخرطوم منذ عقود، ووضعت القوات المسلحة في مواجهة مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية. 

ويتولى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان منصب القائد العام للقوات المسلحة ويقود الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي قوات الدعم السريع، ويشغل الرجلان على الترتيب أعلى منصبين في مجلس السيادة الحاكم، وهما رئيس المجلس ونائب رئيس المجلس.

الحرة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار