البابور الموقع العربي

حماس تقرر “اليوم التالي” في غزة والضفة وتل أبيب

704

سمير الحجاوي

تنسجم مناورات حركة حماس السياسية، ببراعة تنسجم مع الصمود العسكري على الأرض، فحركة المقاومة الإسلامية تطبق باقتدار مبدأ “الحرب وسيلة أخرى من وسائل التفاوض لتحقيق الأهداف” ببراعة واحترافية قل نظيرها، رغم الضغوط المصرية والإماراتية والسعودية والعربية والدولية على حد سواء. وهذا يعطي حماس اليد العليا لتقرير “اليوم التالي” في غزة والضفة الغربية وتل أبيب

براعة حماس اضطرت رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتن ياهو إلى الإعلان أنه لن يرضخ لشروطها، لأن تلبية هذه الشروط يعني هزيمة (إسرائيل).

ومن هنا فان استخدام نتن ياهو مصطلحات من قبيل “شروط حماس” و “هزيمة اسرائيل” شيء جديد في القاموس الاسرائيلي، فخلال 75 عاما من الاحتلال، كان العدو الاسرائيلي هو الذي يفرض الشروط على الفلسطينيين والعرب، اما الان فان الفلسطينيين يضعون شروطا بسقف مرتفع، مما يدل على صلابة موقف المقاومة الاسلامية الفلسطينية، حماس والجهاد، وقوة موقف كتائب القسام وسرايا القدس على الارض، رغم الخسائر الضخمة والمؤلمة بين المدنيين الفلسطينيين والدمار والدماء وحرب الابادة التي يشنها العدو الصهيوني

حماس لا تزال متمسكة بشروطها لوقف الحرب وهي ” وقف العدوان الاسرائيلي بشكل دائم، وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع، ورفع الحصار، واعادة اعمار غزة، وتبادل الاسرى، ووقف العدوان الاسرائيلي في الضفة الغربية، ووقف الانتهاكات الاسرائيلية في القدس، وعودة الاوضاع في المسجد الاقصى الى ما قبل عام 2002

هذه الشروط تثبت صلابة موقف المقاومة الاسلامية الفلسطينية على الارض في غزة، وقدرتها على مقاومة الاحتلال والتصدي له واطلاق الصواريخ بعد 5 شهور من الحرب والعدوان الاسرائيلي الشرس والهمجي على قطاع غزة، ورغم الحصار الذي يفرضه النظام المصري من جهته ايضا، ورغم التخاذل والخذلان للنظام العربي الرسمي، ورغم موقف سلطة التنسيق الامني في رام الله، المنحازة للاحتلال من خلال التنسيق الامني

العدو الاسرائيلي وحلفاؤه من العرب ومعهم امريكا وبريطانيا والغرب لهم حسابات، والمقاومة الاسلامية الفلسطينية لها حسابات اخرى مختلفة، والكلمة الفصل بين هذه الحسابات تكون على الارض وليس فوق طاولة المفاوضات، فالرصاص هو الذي يتفاوض، وحماس تتقن تماما التعبير بلغة الرصاص، ولديها ما يكفي من الرصاص لكي تتفاوض

نظام السيسي يضغط على حماس بكل قوة لتقديم تنازلات، بالترهيب والترغيب، والالاعيب، يسانده في ذلك النظام الحاكم في ابو ظبي، كما ان الرياض ليست بعيدة عن ممارسة الضغوط من البوابة الخلفية، عبر بوابة التلويح بورقة اعمار غزة.

مشكلة القاهرة والرياض وابوظبي ان نتن ياهو وضع سقف اهدافه المتمثلة باجتثاث حكم واعادة السيطرة الامنية على قطاع غزة واقامة نظام حكم يرضى عنه، في حين وضعت حماس اهدافا بسقف لا يقل عن سقف نتن ياهو المتمثل باطلاق جميع الاسرى الفلسطينيين، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وانسحاب قوات العدو الاسرائيلي من القطاع، والتزام العالم باعادة اعمار غزة”، وهي اهداف تجعل من مهمة التقريب بينهما “شبه مستحيلة” وتحتاج الى معجزة لتحقيقها،.

فشروط حماس حولت “طوفان الاقصى” من “طوفان عسكري” الى “طوفان سياسي”، ويدل على ذلك كثرة الوسطاء، والجولات المكوكية لوزير خارجية امريكا ومدير مخابراتها، الذين ربما يشتريان شققا في المنطقة للاقامة فيها بدل السفر الدائم، لان المفاوضات بين الكيان الاسرائيلي وحماس هي واحدة من اعقد المفاوضات السياسية في العصر الحديث واصعبها.

الكل يتوسط “مصر وقطر وتركيا وامريكا وروسيا والصين والامم المتحدة”، لكن كل هذه الوساطات لم تستطع ان تزحزح حماس عن مطالبها “الوجودية”، والتي لا تستطيع ان تتنازل عنها بعد كل التضحيات والدماء التي قدمها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة

ما يجري على الارض يقول ان حماس، ومعها الجهاد الاسلامي، هي “اليوم التالي” ليس في غزة بل في الضفة الغربية ايضا، وان اليوم التالي لسلطة رام الله سيكون في مهب الريح، فالوضع في الضفة الغربية بعد 7 اكتوبر لن يعود ابدا الى ما قبل ذلك، سلما او حربا، ومع ان حماس لا ترغب في منازلة سلطة رام الله عسكريا كما حدث في غزة، الا ان الظروف على الارض قد تدفع الاوضاع الى مثل هذه المواجهة العسكرية، اذا استمرت سلطة التنسيق الامني بالعمل ضد المقاومة في الضفة الغربية، وربما يكون اليوم التالي “لسلطة رام الله” هو الانهيار بسبب ضغوطات العدو الاسرائيلي عليها لتقديم المزيد من التنازلات وملاحقة المقاومين الفلسطينيين،

حماس هي التي تقرر ايضا اليوم التالي في تل ابيب، وهي التي ستقود نتن ياهو الى مصيره المحتوم في “السجن”، وتراكم المزيد من التشقق في والتآكل في مجتمع الاحتلال الاسرائيلي، واستثمار حالة التطرف الاسرائيلية الصهيونية في تصعيد المواجهات في الضفة الغربية ضد المستوطنين وجيش الاحتلال.

اليوم التالي هو لصالح حماس والجهاد والمقاومة الاسلامية الفلسطينية، وهذا مرهون بمقاومة الضغوط المصرية الاماراتية السعودية من جهة، والصمود في وجه الالة العسكرية الاسرائيلية الدموية في قطاع غزة، والتمسك بالشروط والاهداف وعدم التنازل، وان تواصل خطابها السياسي بلغة ثورية وبلهجة الثوار، فحماس ثورة وليست حزبا سياسيا، وهي تمرد من اجل الحرية والتحرر، وليست مجموعة مفاوضين من اجل ابرام الصفقات السياسية.

لقد اثبتت حماس انها قادرة عسكريا، واثبتت انها قادرة سياسيا، رغم انها محشورة في 365 كيلومترا مربعا في قطاع غزة، ورغم ما يزيد عن 100 الف شهيد وجريح، ورغم مرور 5 شهور من حرب استخدم فيها العدو الاسرائيلي الصهيوني كل ما ترسانته وترسانة العدو الامريكي من اسلحة وذخائر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار