البابور الموقع العربي

“هيومن رايتس ووتش” تقلب الحقائق حول حرب الإبادة في غزة وتنحاز للعدو الإسرائيلي

139

كيف انهارت قيم المنظمات الحقوقية وأصبحت رهينة للسياسات الدولية؟ “هيومن رايتس ووتش” نموذجًا

البابور العربي – متابعات

بالأمس القريب أصدرت المنظمة الحقوقية الإنسانية “هيومن رايتس ووتش” ومقرها نيويورك، تقريرًا ادّعت فيه، أن فصائل فلسطينية ارتكبت “جرائم حرب” في 7 تشرين الأول /أكتوبر 2023، وتبنَّت فيه معلومات مغلوطة وادعاءات مضللة ووقائع وهمية بعيدة عن أيّ مصداقية أو واقعية، في محاولة لتصنيع الجهل وتغليفه بغلاف العلم والدراية والإيحاء للآخر بالمعرفة التامة والحقيقة، التي تتناقض مع الوقائع اليومية والمشاهدات الآنية من أشكال وصنوف المجازر والانتهاكات على مرأى ومسمع العالم بأسره.

لهذا يُمكننا أن نصف تزوير الحقائق والفبركات بعِلم التجهيل، خاصةً أنها تعيد وتكرر سرد الرواية الإسرائيلية الأحادية التي تتجاهل الأعمال الإجرامية النازية المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني الأعزّل في قطاع غزة النازف وباقي الأراضي الفلسطينية.

لا شك أن ما جاء في تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” من معلومات غيرُ صحيحة وقائمة على قلب الحقائق، وتمثل انهيارًا لقيم المنظمات الإنسانية الدولية وتكشف أنها رهينة للسياسات الدولية والضغط الدولي وعدم الحيادية، وهو فعل مقصود، وانحياز فاضح للاحتلال الإسرائيلي، وهو بمثابة جائزة للجلاد على حساب الضحية، وتبرير جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، والتي تمت وتتم بدعم وشراكة من الإدارة الأمريكية والدول الغربية، وبعض الدول العربية المتواطئة والمتحالفة مع الكيان الصهيوني الطارئ.

لقد جاء تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” ليعيد تكرار الرواية الإسرائيلية التي تذرّع بها الاحتلال النازي لشن الحملة العسكرية العدوانية غير المسبوقة، ضاربًا عرض الحائط كل قواعد القانون الدولي الإنساني ومواثيق حقوق الإنسان، والذي لاحقا تبيّن كذب وادعاءات الاحتلال وحلفائه، بما فيها وسائلهم الإعلامية التي اعترفت بأنها استندت إلى روايات مغلوطة ومصطنعة ومزيفة ما أجبر رؤساء وقادة دول ومؤسسات دولية على الاعتذار عن الانخداع بالرواية الإسرائيلية التي افتقدت المصداقية، والتي كذّب معظمها لاحقا تحقيقات قوات الاحتلال التي أكدت فيما بعد قيام طائرات ودبابات وجنود الاحتلال بمعظم الانتهاكات بحق المدنيين الفلسطينيين وأفراد المقاومة الفلسطينية، وبالإسرائيليين أنفسهم.

ورغم ثبوت عدم مصداقية رواية الاحتلال وباعتراف الاحتلال نفسه، وتراجع الرئيس بايدن عنها، وعدد من الوكالات الإعلامية الدولية عن تبني رواية الاحتلال التي تم اصطناعها، وتراجع الشهود عن ما قالوه من أكاذيب، إلاّ أن كاتبي التقرير يعيدون ذات الروايات الكاذبة تمامًا، والتي تم التحقق منها وتبيّن عدم مصداقية معظمها، ناهيك عن إغفال التقرير ذكر السياق التاريخي للصراع العربي الصهيوني، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه العادلة والثابتة وفقًا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومواثيق حقوق الإنسان، التي انتهكها الاحتلال على مدار 76 عامًا، متجاهلاً جرائم حرب الإبادة والتطهير العرقي والحصار والتهويد والقمع والعنصرية والقتل الميداني والتهجير القسري ومصادرة الأراضي والاستيطان واقتحام الأماكن المقدسة والعقوبات الجماعية والتعذيب والاعتقالات التعسفية وتدمير البُنى التحتية وتجويع المدنيين وتعطيشهم وقتل واستهداف “الفئات المحمية من الأطفال والنساء، والمناطق الموصوفة بالإنسانية”، والاستخدام المحرم للأسلحة التي تتم بشكل ممنهج من قبل الاحتلال منذ عام 1948، والتي أشار لها تقرير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية التي من بينها “هيومن رايتس ووتش”.

لذلك بات من الضرورة، وبناءً على ما سبق، مراجعة منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرها وسحبه فورًا والاعتذار علنًا عن الأخطاء الجوهرية الواردة فيه، وعدم الانجرار لاستخدام سياسة الكيل بمكيالين ومساواة الضحية بالجلاد، والالتزام بقواعد القانون الدولي والمهنية، وتبيان الحقائق وكشف عنصرية وفاشية وجرائم الاحتلال الإسرائيلي، سواء بشأن حادثة قصف المدنيين في مشفى المعمداني، أو في مشفى الشفاء، وباقي مشافي القطاع وعشرات المجازر اليومية في مراكز الإيواء بمدارس وكالة الأونروا، والجرائم المتكررة في أنحاء قطاع غزة، مخلفة آلاف الشهداء والجرحى وأيضًا أوضاع الأسرى الفلسطينيين لدى الكيان الفاشي، وكيف يكون وضعهم المأساوي وحالهم المزري، عند الخروج من الأسر؟!

وبالمقابل كيف هي صورة “الأسرى الإسرائيليين” الذين أفرجت عنهم المقاومة الفلسطينية، وكيف كانت معاملتهم؟ كل ذلك وغيره يكشف حجم الأكاذيب الذي احتواه تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”، ويظهر مدى الانحياز إلى جانب الاحتلال، بل ويساهم في تشكيل غطاء للاحتلال عن جرائمه بحق الفلسطينيين، ويظهر الاستخدام المعيب لفكرة حقوق الإنسان وعمل بعض منظماتها الذي يرضخ لمنطق القوة وشريعة الغاب ويُجمّل وجه المجرمين النازيين على حساب الدم الفلسطيني النازف.

كان الأجدر بمنظمة حقوقية إنسانية مثل “هيومن رايتس ووتش” أن تلتحق وتنضم إلى الجهود الدولية والإنسانية، وإلى شرفاء وأحرار العالم لحماية حقوق الإنسان في فلسطين، وأن تعمل بجدية وبشكل فوري على وقف جرائم الإبادة الجماعية، ووقف العدوان الإسرائيلي، لا أن تقف مع القاتل والجلّاد ضد الضحية، وأن تبذل جهودها للسماح بتدفّق المساعدات الإنسانية تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وتدابير محكمة العدل الدولية، وتعمل أيضًا على دعم مطالب وحقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير، وضمان عودة اللاجئين، وحماية الشعب الفلسطيني من جرائم الإبادة الجماعية، وفقًا للأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

عربي بوست

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار