البابور العربي – خاص
تكشف حادثة اعتقال “خلية مسلحة” في 15 أبريل 2025، وما أثارته من تداعيات سياسية وحملة إعلامية يمكن وصفها بال”هستيرية” العلاقات المعقدة بين الحكومة الاردنية وجماعة الاخوان المسلمين
وتمثل هذه القضية نقطة تحول مهمة في مسار هذه العلاقة، لا سيما في ظل التداخل العميق مع القضايا الأمنية، والمزاج الشعبي، والمواقف الإقليمية والدولية. كإحد أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا في الأردن
الخلفية الزمنية والوقائع الرسمية
في 15 أبريل 2025، اعلنت دائرة المخابرات العامة الأردنية بأنها نجحت في إحباط “مخطط تخريبي” يستهدف زعزعة أمن واستقرار البلاد، بعد متابعة استخباراتية بدأت عام 2021. وقد تم الكشف عن منشآت سرية لتصنيع صواريخ وطائرات بدون طيار في مدينة الزرقاء، وتمت مصادرة معدات وتقنيات عسكرية، بينها صاروخ مُجهز للإطلاق ومواد شديدة الانفجار (الجزيرة، 2025).
ورغم عدم إعلان الدولة رسميًا انتماء المتورطين إلى تنظيم سياسي بعينه، ألمحت بعض الوسائل الإعلامية القريبة من الحكومة إلى ارتباطهم بخلفيات إسلامية، مما أعاد إلى الواجهة الجدل الدائر حول جماعة الإخوان المسلمين.
الموقف الرسمي للجماعة والجبهة
في بيان رسمي صدر بتاريخ 16 أبريل 2025، نفت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن أي علاقة لها بالخلية المذكورة، ووصفت ما حدث بأنه “أعمال فردية لا تمثل الجماعة”. كما اعتبرت جبهة العمل الإسلامي أن الحملة الإعلامية والسياسية الجارية تمثل محاولة لـ”شيطنة الحركة الإسلامية” والنيل من شرعيتها الشعبية، مؤكدة التزامها بالوسائل السلمية والعمل السياسي المشروع
الربيع العربي يوتر العلاقات
منذ انطلاقة الحراك الإصلاحي في الأردن عام 2011، توترت العلاقة بين النظام السياسي والجماعة، خاصة في ظل تبني الأخيرة خطابًا مناهضًا للفساد ومطالبًا بالإصلاحات السياسية والدستورية.
وشهد عام 2015 تطورًا نوعيًا حينما سحبت الحكومة الاعتراف القانوني بالجماعة، ودعمت تأسيس جمعية موازية تحمل نفس الاسم وتتبنى مواقف موالية للسلطة.
كما أثّر قانون الانتخاب الذي هندسته الحكومة الاردنية في الحد من تمثيل جبهة العمل الإسلامي في مجلس النواب، ما أدى إلى تراجعها في البرلمان داخل، دون أن يؤثر جذريًا على حضورها المجتمعي.
الصراع على الفضاء العام
تعتمد الأجهزة الأمنية الأردنية، وفي مقدمتها دائرة المخابرات العامة، مقاربة وقائية حازمة تجاه الجماعة، وترى فيها كيانًا يحمل مشروعًا سياسيًا “مزعج” و “غير مريح” و “مشكوك بنواياه وأهدافه”
فيما تتمسك الجماعة بـ”الشرعية الشعبية”، وتؤطر أنشطتها ضمن دعم القضية الفلسطينية، مستفيدة من الرصيد المجتمعي الكبير الذي تحظى به.
تأثيرات الحرب على غزة
منذ اندلاع حرب الابادة الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023، تصاعد الزخم الشعبي الأردني المؤيد للمقاومة الفلسطينية، وكانت الجماعة أحد أبرز الأطراف التي نشّطت المشهد الشعبي عبر تنظيم الفعاليات والمظاهرات.
الحكومة، بدورها، سعت إلى ضبط هذا الحراك من خلال تقييد التظاهرات والحد من نفوذ الجماعة في الشارع، ما أدى إلى توتر متصاعد بين الطرفين. وتتمثل نقطة التنازع في الخطاب؛ حيث تروّج الدولة لنهج “الدعم الدبلوماسي للقضية”، بينما ترفع الجماعة شعار “المقاومة هي الخيار الشرعي للتحرير”.
البعد الإقليمي والدولي
تتداخل الاعتبارات الإقليمية في هذا الملف بشكل واضح، إذ تتبنى كل من الإمارات والسعودية سياسة صارمة تجاه جماعة الإخوان المسلمين، وتضغطان على الأردن لإضعافها ضمن سياق إقليمي مناهض للإسلام السياسي. كما تشجّع مصر التنسيق الأمني مع الأردن لمواجهة ما تسميه “الاختراقات الأيديولوجية”، في حين تتابع الولايات المتحدة هذا التوتر بحذر، مدفوعة برغبتها في تحقيق الاستقرار الإقليمي دون تعزيز حضور التيارات الإسلامية.
سيناريوهات مستقبلية محتملة
سيناريو المواجهة المباشرة:
تقوم الدولة بتجريم الجماعة قانونيًا وأمنيًا، عبر سلسلة من الاعتقالات ومحاكمات أمن دولة، ما قد يؤدي إلى ردود فعل شعبية قوية، وربما تشظي داخلي في صفوف الجماعة.
سيناريو الاحتواء المشروط:
يستمر التوتر دون الوصول إلى مواجهة شاملة، في ظل معادلة تقوم على ضبط الحراك الإسلامي مقابل الحفاظ على هامش من الحضور السياسي والمجتمعي.
سيناريو التفاوض غير المعلن:
يتم فتح قنوات حوار سرية بين المخابرات العامة وقيادات الجماعة لتنسيق الأدوار وضبط الشارع، خاصة في ظل المخاطر الإقليمية المتزايدة.
المراجع:
الجزيرة نت، 1516 أبريل 2025
عربي21، 16 أبريل 2025
معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى
قناة الحوار – برنامج “ساعة حوار”، حلقة 17 أبريل 2025
الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية
التصريحات الرسمية الصادرة عن الحكومة الأردنية ودائرة المخابرات العامة
تهم وجهت للمعتقلين الستة عشر
قاموا بتصنيع صواريخ قصيرة المدى محليًا.
عملوا على تركيب طائرات مسيرة لأغراض هجومية.
خزنوا مواد شديدة الانفجار في أماكن متعددة.
خضعوا لتدريبات داخل المملكة وخارجها (في لبنان).
خططوا لاستهداف أهداف عسكرية وأمنية داخل الأردن.