الأبعاد الاستراتيجية لكلمة أبو عبيدة.. تحذير نتنياهو و توبيخ الأنظمة العربية
القسام يرفع سقف التفاوض ويحذّر من المراوغة
“أبو عبيدة” الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام:
استمرار المماطلة يعني تصعيدًا عسكريًا
المقاومة ترفض سياسة إضاعة الوقت
حكومة نتنياهو تتهرب من صفقة شاملة
الرسالة واضحة: لا اتفاق بلا انسحاب ورفع الحصار
نتنياهو يتجاهل ملف الأسرى والمقاومة تغيّر المعادلة
فرض المعادلات بالقوة أصبح خيارًا مطروحًا
أبو عبيدة يحذّر الاحتلال من التعنت: لا عودة للصفقات الجزئية
إعداد سمير الحجاوي
جاء الخطاب المصور للناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، في لحظة مفصلية من الحرب المستمرة منذ 21 شهرًا، وتحديدًا بعد مرور 4 أشهر على استئناف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وجاء خطاب أبو عبيدة في سياق مركّب يعكس مرحلة جديدة في إدارة الصراع. فقد جمع بين الحسم العسكري، والثبات السياسي، والتأثير النفسي، والتعبئة الإعلامية، مع وضوح في الأهداف ورسائل متعددة الاتجاهات. ويمكن اعتبار الكلمة وثيقة استراتيجية تعكس تماسك المقاومة، وتضع الأعداء والحلفاء والخصوم أمام مسؤوليات واضحة، وتعيد ترتيب المعادلات الداخلية والخارجية في ظل استمرار العدوان.
حمل الخطاب دلالات سياسية وعسكرية ونفسية وإعلامية متعددة، عكست رسائل موجهة لعدة أطراف: العدو الإسرائيلي، الجماهير الفلسطينية، الأمة العربية والإسلامية، والرأي العام الدولي. وفيما يلي استعراض لهذا الأبعاد:
أولاً: البعد العسكري والاستراتيجي:
جهوزية المقاومة: أكد أبو عبيدة أن كتائب القسام في حالة استعداد تام لمواصلة المعركة، ما يعكس ثقة بالنفس وقدرة على الاستمرار في مواجهة مفتوحة.
الرد على عملية “عربات جدعون”: كشف الخطاب أن المقاومة واجهت العملية الصهيونية بما أطلق عليه “حجارة داوود”، في استلهام رمزي من التراث الديني والتاريخي، ما يعكس توظيفًا ذكيًا للرموز الثقافية والدينية.
عمليات نوعية وتكتيك متجدد: أشار إلى تنفيذ عمليات قنص، تفجير أنفاق، كمائن، والاشتباك من نقطة الصفر، في دلالة على تطور الأساليب القتالية وتنوعها.
محاولات أسر جنود: ذكر محاولة تنفيذ عمليات أسر خلال الأسابيع الأخيرة، ما يُبقي ورقة الأسرى على طاولة التفاوض ويرفع الكلفة على الاحتلال.
اتساع الجغرافيا القتالية: امتداد عمليات القسام من شمال القطاع إلى جنوبه يعكس مرونة ميدانية وتكاملًا بين أذرع المقاومة.
ثانيًا: البعد السياسي:
نقد للأنظمة العربية: وجّه أبو عبيدة عتابًا لاذعًا للأنظمة والحكومات العربية والإسلامية، مؤكدًا أنها خصوم أمام الله، في إشارة إلى مستوى الخذلان والتطبيع والصمت الرسمي.
تثبيت سردية المقاومة: رفض خطاب القسام تحميل المقاومة مسؤولية استمرار الحرب، محمّلاً الاحتلال والإدارة الأمريكية مسؤولية الإبادة.
التمسك بشروط التفاوض: أكد أن المقاومة قدمت عرضًا شاملاً لتبادل الأسرى، لكن حكومة نتنياهو رفضت، ما يضع الاحتلال في موقع المتعنت سياسيًا.
رفض الصفقات الجزئية مستقبلًا: حذّر من أن استمرار المماطلة الصهيونية قد يؤدي إلى عدم العودة إلى صيغ جزئية، ما يرفع سقف التفاوض ويضغط على الوسطاء.
رسالة تحذير استراتيجية لنتنياهو: حمل الخطاب تحذيرًا مباشرًا لحكومة العدو، وعلى رأسها بنيامين نتنياهو، من مغبة الاستمرار في سياسة إضاعة الوقت والمراوغة في المفاوضات. فقد أشار أبو عبيدة إلى أن المقاومة تراقب بدقة مجريات التفاوض، وأن فشل العدو في الالتزام بأي اتفاق سابق، يقوّض فرص التوصل إلى أي صفقة مستقبلية. هذه اللهجة تمثل تصعيدًا محسوبًا ومقصودًا لإبلاغ العدو بأن الاستمرار في الغطرسة والتسويف ستكون له تكلفة باهظة، وأن المقاومة قد تقرر في لحظة ما التوقف عن القبول بصيغ تفاوضية تقليدية، والانتقال إلى فرض معادلات جديدة بالقوة.
استراتيجية التصعيد مقابل التعنت: عبّر التهديد الضمني الواضح بأن المقاومة قد لا تعود إلى مفاوضات على الطريقة السابقة – لا صفقات جزئية، ولا عروض مخففة – عن انتقال نوعي في عقلية التفاوض، من منطق “إدارة الأزمة” إلى منطق “فرض الشروط بالقوة”، وهو ما يضع الاحتلال في زاوية ضيقة أمام المجتمع الإسرائيلي ذاته.
ثالثًا: البعد الإعلامي والنفسي:
الظهور في توقيت حساس: اختيار توقيت الكلمة بعد غياب لأربعة أشهر يعطيها زخمًا إعلاميًا كبيرًا، ويعيد رسم صورة قيادة نشطة.
خطاب تعبوي: اعتمد على آيات قرآنية، رموز دينية وتاريخية، وأساليب خطابية تعبّر عن الصبر والثبات والتحدي، ما يعزز معنويات الجمهور.
فضح جرائم الاحتلال: استخدم لغة قوية في توصيف جرائم الاحتلال، كمجازر، إبادة، حرب نازية، معسكرات اعتقال، ما يخدم في فضح العدو دوليًا.
استثمار المعاناة: تم استخدام مشاهد الألم والحصار والجوع في غزة كأدوات لتحريك الضمير العالمي وتعرية التواطؤ العربي والدولي.
رابعًا: البعد الأخلاقي والديني:
مركزية القضية: أعاد الخطاب تأكيد أن فلسطين هي مركز الصراع الأخلاقي في العالم، وأن خذلانها يعني انهيار الضمير العالمي.
إدانة العملاء والتبرؤ منهم: وُجهت دعوة مباشرة للعملاء بالتوبة، وتمت الإشادة بمواقف العشائر والعائلات التي تبرأت منهم، ما يعزز وحدة الصف الداخلي.
الرسالة للأمة: خُتم الخطاب برسائل روحية مستلهمة من القرآن الكريم والسيرة النبوية، تعزز مفهوم الصبر والبشارة بالنصر.