سمير الحجاوي يكتب: غزة تحطم أوهام القرن.. وتسقط الأساطير الإسرائيلية والغربية
المقاومة الفلسطينية تعري خرافات الجيش الذي لا يُقهر وأكاذيب حقوق الإنسان
طوفان الأقصى: زلزال فلسطيني أطاح بمسلّمات إسرائيلية وغربية وعربية
انهيار الأكاذيب الكبرى: كيف عرّى طوفان الأقصى إسرائيل والعالم
غزة المحاصرة تُسقط أساطير إسرائيل وتعيد تعريف العالم
أكاذيب العدو: طوفان الأقصى يفضح “الردع الإسرائيلي” و”النظام الدولي”
طوفان الأقصى يعصف بزيف “المسلمات الإسرائيلية والغربية” ويعيد صياغة التاريخ على أسس جديدة
سمير الحجاوي
أثبت طوفان الأقصى قوة المقاومة الفلسطينية الإسلامية وصلابتها بفضل تركيبتها العقائدية التي منحتها إرادة قتال غير قابلة للكسر، وجعلتها تتحمل حرب إبادة طويلة دون انهيار. لقد تحوّلت المقاومة – ببنيتها الإسلامية – إلى مسلمة جديدة وحقيقة ثابتة، تؤكد قدرتها على المبادرة والصمود، وتشكل اليوم القوة الأكثر صلابة في مواجهة إسرائيل والنظام الدولي، بل القادرة على إعادة صياغة التاريخ على أسس جديدة.
في المقابل، انهارت مسلمات طالما جرى ترويجها بوصفها حقائق راسخة، لكنها تبيّنت أوهامًا وزيفًا استخدمت كستار لإخفاء الواقع. ومن أبرز ما انهار:
المسلمات الفلسطينية (ضعف غزة، موت المقاومة، أوسلو، حل الدولتين).
المسلمات الإسرائيلية (الأمن، الردع، الديمقراطية، إسرائيل الكبرى).
المسلمات العربية (التطبيع قدر، استقلالية الأنظمة، عجز الشعوب).
المسلمات الدولية (حقوق الإنسان، القانون الدولي، الأمم المتحدة، النظام الليبرالي).
المسلمات الفكرية (نهاية الاستعمار، حسم القوة، مركزية الغرب).
أولًا: على الصعيد الفلسطيني
انهارت مسلمة أن غزة ضعيفة ومحاصرة وغير قادرة على المبادرة؛ فقد باغتت المقاومة العدو بعملية غير مسبوقة. وسقطت مسلمة أن الفلسطينيين تعبوا من المقاومة ويريدون فقط “العيش”، إذ التحقت أجيال جديدة بصفوف القتال وأكدت أن جذوتها لم تنطفئ. كما تهاوت مسلمة أن الانقسام الفلسطيني يعيق المقاومة، فقد وحّد العدوان الشعب حول خيار المقاومة باستثناء السلطة الفلسطينية وجزء من حركة فتح المرتبطة بمصالح السلطة.
انهارت أيضًا مسلمة “حل الدولتين”؛ فعمليات الاستيطان، ومخطط تقسيم الضفة، ورفع عدد المستوطنين إلى مليون، وتهويد القدس والأقصى، وتهجير الفلسطينيين وتدمير المخيمات، إلى جانب تدمير قطاع غزة وقتل وإصابة أكثر من 300 ألف، كل ذلك ألغى عمليًا أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية. كما ثبت أن مسار أوسلو قد مات منذ زمن بعيد.
ثانيًا: على الصعيد الإسرائيلي
انهارت مسلمة الأمن المطلق والاستخبارات التي لا تُخترق؛ فقد نجحت المقاومة في كشف هشاشتها. وسقطت مسلمة الجيش الذي لا يقهر، بعدما باغتته المقاومة في 7 أكتوبر وهزمته خلال ساعات قليلة، ثم استنزفته في حرب طويلة.
كما انهارت مسلمة الردع الاستراتيجي الإسرائيلي، ولم يعد العدو قادرًا على فرض معادلاته. وتلاشت مسلمة أن إسرائيل “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، بعدما فضح طوفان الأقصى طبيعتها العنصرية وكشف المجازر في غزة. وسقطت مسلمة “إسرائيل الكبرى”، إذ بات الكيان محاصرًا وجوديًا ومعزولًا شعبيًا، ولولا الدعم الأمريكي والأوروبي لما تمكن من الصمود أمام حركات المقاومة.
انهارت أيضًا أسطورة “الانسجام الداخلي اليهودي”، إذ مزقت الانقسامات المجتمع الصهيوني، وظهرت محاولات هروب جماعية من الخدمة العسكرية. وأخيرًا، انهارت المسلمة الكبرى بأن إسرائيل “دولة طبيعية في المنطقة”، إذ تبيّن أنها كيان هش يعيش على الحماية الأجنبية والدعم الغربي.
ثالثًا: على الصعيد العربي
انهارت مسلمة أن فلسطين قضية هامشية، فقد أعاد طوفان الأقصى القضية إلى بؤرة الاهتمام السياسي والشعبي. وسقطت مسلمة أن التطبيع قدر لا رجعة فيه؛ جُمدت الاتفاقات وارتبك خطاب “السلام الاقتصادي” و”الدين الإبراهيمي”.
كما انهارت مسلمة أن الشعوب العربية عاجزة؛ فقد خرجت للتظاهر رغم القمع، مما أخاف الأنظمة وأجبرها على تشديد القبضة الأمنية. وسقطت أيضًا مسلمة استقلالية الأنظمة العربية، إذ تبيّن تبعيتها للغرب وعجزها عن قول “لا” لواشنطن.
رابعًا: على صعيد النظام الدولي
انهارت مسلمة أن “حقوق الإنسان قيمة عالمية”، إذ تجاهلها الغرب في غزة. وسقطت اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني، إذ لم تحمِ المدنيين ولم تُدخل المساعدات. وتهاوت صورة “العدالة الدولية”، بعدما فقدت محكمة العدل والجنائية الدولية هيبتهما وثبت تبعيتهما للقوى الكبرى.
كما انهارت مسلمة أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضامنان للسلم الدولي؛ فقد شلّهما الفيتو الأمريكي وحوّلهما إلى مسرحية فاضحة. وسقطت مسلمة أن “لا مجازر إبادة بعد الحرب العالمية الثانية”، بعدما نفذ الكيان أكبر مذبحة منظمة أمام مرأى العالم. وأخيرًا، تلاشت مسلمة أن “النظام الليبرالي الغربي يقوم على القيم”، بعدما أثبتت غزة أنه يقوم على المصالح والقوة والبعد الصهيوني–الصليبي.
خامسًا: على الصعيد الفكري والرمزي
انهارت مسلمة أن الاستعمار انتهى؛ إذ أثبت الدعم الغربي لإسرائيل أنه مستمر بصيغة جديدة. وسقطت مسلمة أن الشعوب تُهزم حين تُحاصر؛ فقد صمدت غزة سنتين أمام أعتى قوة بينما انهزمت جيوش عربية في ستة أيام.
وتحطمت مسلمة أن “القوة المطلقة تحسم المعارك”، إذ فشل التفوق العسكري في إخضاع المقاومة. وأخيرًا، انهارت مسلمة أن “الغرب مركز القيم والعدالة”، بعدما انكشفت ازدواجية المعايير بين أوكرانيا وغزة.
سادسًا: على صعيد الإعلام
انهارت مسلمة أن الإعلام الغربي “مستقل وموضوعي”، فقد انكشفت انحيازاته الصارخة لإسرائيل وتجاهله المتعمد لمجازر غزة، أو تبريره لها، بينما غطى الحرب في أوكرانيا بعيون مغايرة تمامًا.
كما انهارت مسلمة أن الإعلام العربي الممول غربيًا أو نفطيًا (مثل قناة العربية والحدث وسكاي نيوز عربية والحرة وبي بي سي) يقدم تغطية مهنية أو متوازنة؛ إذ بدا بوضوح أنه جزء من ماكينة الدعاية الإسرائيلية، يبرر الجرائم، ويشيطن المقاومة، ويحجب الحقائق عن الشعوب.
لقد عرّى طوفان الأقصى الإعلام الغربي والعربي الموجه، وأثبت أنه أداة حرب ناعمة، لا منابر مستقلة ولا أدوات لإظهار الحقيقة.