رشا فرحات
هناك كلمتين واقفين في “زوري” ووجب عليَ الآن أن أتكلم قبل أن اختنق!
حينما وضعت الحرب أوزارها، وبدأنا نلملم جراحنا، ونخرج شهداءنا من تحت الأنقاض، ونعد اليوم عشرة، غدا خمسة، بعد غد أربعة … ولا زلنا نخرج، ولا زلنا نتألم، ولا زالت الجبهة مشتعلة والنار لم تنطفئ.
وفي تلك اللحظة بدأت تنتشر صورة لشهيد يخرج من تحت الأنقاض، من بين الرماد والطين والقصص الكثيرة التي لا نعرفها، قصص موتهم، لحظاتهم الأخيرة، يقينهم الذي لا نمتلكه، فأثارتنا صورة الوجع.
ثم اكتشفنا أن الصورة لشهيد من مجزرة جنين، شهيد من كتائب شهداء الأقصى، طرف المقاومة الباسل الذي قتله المطبعين والمنسقين، صورة التقطت قبل ثمانية عشر عاما.
خطر في بالي الكثير الكثير وأنا أنظر إلى أصحاب الطلقة الأولى بعين الحسرة، وخطر في بالي أن أتكلم، وأن أعترض، لما أني أعيش في غزة، والعالم ينظر إلينا بعين العشم، يحق لي أن افتخر، وأن أعطي المقاومة الباسلة حقها، والحزب الداعم لها ماليا وسياسيا حقه أيضا.
وهنا وجب أن أذكركم أن أجمل ما في هذه الحرب وفي كل حرب؛ أنها كل مرة تظهر لنا أين تذهب أموال حماس؛ وخيرة عقول أبنائها وشبابهم !! وفي كل مرة ننسى، ونقول نحن ننتقد السياسيين، ولا دخل للمقاومة، لا يا عزيزي لولا دعم السياسيين في حماس وان أخطأوا لما بقيت المقاومة وصمدت واستمرت.
اليوم نكتشف من جديد أين ذهبت الأموال ولأجل ذلك وجب أن تتوقف صيغة المقارنات وأساليب الجمع المستخدمة من دعاة النزاهة وحرية التعبير وكلمة الحق ومن يدعون أنهم يحاربون الفتنة، وبأن كلماتنا التي سنقولها اليوم هي تأجيج للفتنة، فجعلونا نخرس طوال السنوات السابقة ونحن نرى المقاومة في الضفة كيف يقضى عليها على يد عراب الخيانة الذي أطلق على فعلته اسم التنسيق الأمني !
هناك جمل نستخدمها في حديثنا وجب عليها أن تتوقف اليوم، حمل على غرار : الاثنين بختلفوش عن بعض، الاتنين نكبونا، الاتنين نهبونا، طرفي الانقسام .
وعليَ أن أسأل من هم الاثنين؟!!! طرف يقاوم وطرف يساوم !! لا يا عزيزي المتحدث، ” الي ما بشوف من الغربال أعمى” أو مستنفع، أو مساوم، أو بائع، لأن هناك فرق كبير بين طرف يساوم وطرف يقاوم
ولا داعي لأن يقول أحدهم، فتح صاحبة الطلقة الأولى، نعرف أصحاب الطلقة الأولى، ونعرف أبو عمار، ونعرف ماذا تاريخ فتح المشرف، لكن من يقيمون الآن فوق جراحنا، ويدعمون قتلنا، وبعد انتهاء الحرب يأتون ليحصدوا الغنائم، دون أن يقفوا إلى جانبا على الجبل، ودون أن يكونوا رماة في المعركة هم من هدموا ونسوا هذا التاريخ .
لذلك يجب أن توقفوا صيغة الجمع بين الطرفين، ولتوقفوا أسطوانة الطلقة الأولى ، لأن قصتنا وصلت للصواريخ، فمن العيب أن نظل متوقفين عند تلك الطلقة!!
وبما أننا لا نستطيع أن ننال شرف الحفر تحت الأرض فعلى الأقل يمكننا أن نغادر الدنيا بشرف كلمة حق أو شرف الصمت ! إن كان في الصمت شرف !
يعني تعلم أن تسكت أرجوك، إن كنت لا تقوى على قول الحق، وهو أقل القليل، تعلم من رجال المقاومة أن تصمت واترك الأفعال تتحدث
وتحية للماضي العريق، لأبناء أبو عمار، لأصحاب الطلقة الأولى، التي أوقفها من يدعون أنهم ورثة النضال.