البابور الموقع العربي

القضاء التونسي يطالب الرئيس بإبعاده عن “التجاذبات السياسية” وقوى مدنية تحذر من تجميع السلطات بيد سعيد

377

دعت جمعيات ومنظمات مدنية تونسية، بينها الاتحاد العام للشغل، رئيس الجمهورية قيس سعيد لوضع خريطة طريق للخروج من الأزمة في البلاد لا تتجاوز 30 يوما، واحترام استقلالية القضاء. ودعت جمعية القضاة رئيس الجمهورية إلى التعجيل بإنهاء العمل بالتدابير الاستثنائية.

وشددت 7 جمعيات ومنظمات تونسية، في بيان مشترك صدر اليوم الثلاثاء، على أن الخريطة المعنية يجب أن تتعلق بالقضايا المستعجلة، كمحاربة جائحة فيروس كورونا، ومراجعة القانون الانتخابي والنظام السياسي، ومكافحة الفساد.

ويتعلق الأمر بكل من النقابة الوطنية للصحفيين، الاتحاد العام للشغل، الهيئة الوطنية للمحامين، جمعية النساء الديمقراطيات، جمعية القضاة، رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان، منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وحذرت المنظمات من أي تمديد غير مبرر، مشددة على ضرورة الالتزام بمدة الشهر لإنهاء العمل بالتدابير الاستثنائية، وتجميع السلطات بيد الرئيس سعيد، كما دعت إلى احترام استقلال القضاء ليتمكن من استرجاع دوره والعمل بكل استقلالية على التسريع في فتح كل الملفات، خاصة تلك المتعلقة بالاغتيالات والإرهاب والفساد.

السلطة القضائية

ودعت جمعية القضاة رئيس الجمهورية إلى التعجيل بإنهاء العمل بالتدابير الاستثنائية، والإفصاح عن آليات استئناف المسار الديمقراطي، واعتبرت في بيان أنّ حل الأزمة سيتم بعد الاحتكام إلى الشرعية الدستورية، واحترام استقلالية النيابة العامة. كما طالبت الجمعية النيابة العامة بالقيام بدورها في حماية المجتمع والدولة من الجريمة، خاصة تلك المتعلقة بجرائم الفساد والإرهاب ومتابعة مرتكبيها، حسب تعبير البيان.

وفي وقت سابق، دعا المجلس الأعلى للقضاء إلى النأي بالسلطة القضائية عن كل التجاذبات السياسية. ووصف، في بيان عقب لقاء ممثلين عنه الرئيس سعيد، القضاة بأنهم مستقلون، وبأن النيابة العمومية جزء من القضاء العدلي. وأكد المجلس، في بيانه، أن النيابة العمومية جزء من القضاء العدلي، وأنها تمارس مهامها في نطاق ما تقتضيه النصوص القانونية الجاري العمل بها.

جاء ذلك بعدما أعلن رئيس البلاد أول أمس، ضمن الإجراءات الاستثنائية التي لجأ إليها، اعتزامه رئاسة النيابة العمومية، بالإضافة إلى حل الحكومة وتجميد عمل البرلمان.

وقال سعيد اليوم إن الإجراءات التي اتخذها مؤقتة، وإنها جاءت بسبب تعمق الأزمة، حسب وصفه. وأضاف، خلال لقائه ممثلي منظمات محلية بينها اتحاد الشغل، أن الحريات لن تمس بأي شكل. ونقلت وكالة رويترز عن هذه المنظمات قولها إن الرئيس التونسي تعهد بحماية المسار الديمقراطي والحقوق والحريات.

جملة قرارات

وكان سعيد قرر، أمس، تعطيل العمل بمؤسسات الدولة ليومين بداية من اليوم الثلاثاء، إثر تجميده اختصاصات البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه، مما أحدث أزمة سياسية في البلاد.

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان رئيس البلاد فرض حظر تجول ليلي لمدة شهر، بعد قرارات مفاجئة له مساء أول أمس تضمنت تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، وهو الأمر الذي رفضته أغلب القوى السياسية.

وكان الرئيس قد قال أمس -في اجتماع مع رؤساء عدد من المنظمات المهنية- إن ما قام به ليس انقلابا وإنما إجراءات وفق الدستور بعدما وصلت البلاد إلى حد غير مقبول، على حد تعبيره.

من جهته، تعهد رئيس الحكومة هشام المشيشي بتسليم المسؤولية لأي شخص يختاره الرئيس، مؤكدا في بيان أنه لن يكون معطلا أو جزءا من إشكال يزيد وضعية البلاد تعقيدا. وينتظر في أي لحظة تعيين الرئيس، اليوم أو غدا، رئيس جديد للحكومة وأعضائها.

موقف النهضة

وقد دعت حركة النهضة إلى حوار وطني لإخراج البلاد من الأزمة، وقالت في بيان عقب اجتماع طارئ لمكتبها التنفيذي، إن الحركة “تدعو القوى السياسية والمدنية إلى تكثيف المشاورات حول المستجدات الأخيرة حفاظا على المكتسبات الديمقراطية” مطالبة بالعودة في أقرب الأوقات إلى الأوضاع الدستورية والسير العادي والقانوني لمؤسسات ودواليب الدولة.

كما دعت النهضة رئيس البلاد إلى “التراجع عن قراراته ومعالجة التحديات والصعوبات التي تعاني منها البلاد ضمن الإطار الدستوري” وجددت موقفها من قرارات الرئيس معتبرة إياها غير دستورية، وتمثل انقلابا على الدستور والمؤسسات.

وقد خيم الهدوء صباح اليوم على محيط مقر البرلمان والشوارع الرئيسية بالعاصمة تونس، مع دخول قرارات سعيد المرتبطة بإعلان التدابير الاستثنائية في البلاد يومها الثاني.

وبدت ساحة باردو، أمام مقر البرلمان، شبه خاوية من المارة في وقت انتشرت وحدات من الأمن بمحيطه لتأمين المنطقة، وقد أُغلق محيط البرلمان، بعد انسحاب أعداد من أنصار الرئيس سعيد، ورافضي قراراته، من المكان عقب دخول قرار حظر التجوال حيز التنفيذ.

ودعت “النهضة” أنصارها أمس إلى الانسحاب من أمام مقر البرلمان، تغليباً للمصلحة الوطنية، حسب وصفها، وذلك بعدما شهدت الساحة مناوشات -أمس- بين أنصار الحركة، وأنصار سعيد، كما اعتصم عدد من النواب ورئيس البرلمان الغنوشي داخل سيارته، أمام المقر، لساعات احتجاجا على تجميد جميع اختصاصات المؤسسة التشريعية.

الكتل البرلمانية

وعارضت أغلب الكتل البرلمانية هذه القرارات، إذ عدتها حركة النهضة (53 نائبا من أصل 217) انقلابا، واعتبرتها كتلة “قلب تونس” (29 نائبا) خرقا جسيما للدستور، ورفضت كتلة “التيار الديمقراطي” (22 نائبا) ما ترتب عليها، ووصفتها كتلة “ائتلاف الكرامة” (18 مقعدا) بالباطلة، في حين أيدتها حركة “الشعب” (15 نائبا).

كما أدان البرلمان -الذي يترأسه زعيم حركة النهضة- بشدة في بيان لاحق قرارات الرئيس، وأعلن رفضها.

وجاءت قرارات سعيد إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات بدعوة من نشطاء طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.

مؤتمر للإنقاذ

وفي السياق ذاته، دعت حركة “مشروع تونس” (3 نواب) -في بيان أمس- سعيد إلى توضيح برنامج عمله خلال أجل 30 يوما الذي منحه لنفسه، وذلك بوضع خارطة طريق في إطار مؤتمر وطني عاجل للإنقاذ.

واقترحت الحركة أن ينتهي هذا المؤتمر بـ “تنظيم استفتاء شعبي لتغيير النظام السياسي وتعديل المنظومة الانتخابية برمتها”.

بدورها، حثت حركة “تحيا تونس” (10 نواب) -في بيان- الطبقة السياسية على تحمل مسؤوليتها التاريخية، وتقديم التنازلات الكفيلة بخفض مستوى الاحتقان في البلاد، وإعادة بناء جسور الثقة مع الشعب للانطلاق في عملية الإنقاذ الشامل الصحي والاقتصادي والاجتماعي.

ودعت حركة “آفاق تونس” (نائبان) -في بيان- رئاسة الجمهورية وكل القوى السياسية والمجتمع المدني إلى تجنيد الأنفس للحفاظ على مكتسبات الثورة، والانخراط في إصلاح وتعديل وبناء صادق وشجاع لمسار ديمقراطي حقيقي وثورة اقتصادية واجتماعية ترتقي لتطلعات التونسيين.

المصدر: مواقع + وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار