البابور الموقع العربي

“المخابرات المركزية” تتدخل لمنع الجبري من عرض “وثائق حساسة” تكشف أسرار سعودية أمريكية خطيرة

953

تدخل مسؤولون أمريكيون في دعوى قضائية في كندا تقدّم بها مسؤول استخباراتي سعودي سابق، على ما تظهر وثائق، في تحرك غير معهود في معركة قضائية معقدة تهدد بكشف أسرار حكومية أمريكية حساسة.

وسعد الجبري، المستشار الأمني ومسؤول الاستخبارات السابق في السعودية الذي يعيش راهنا في منفى اختياري في كندا، متورط في نزاع مرير في العائلة المالكة السعودية بين ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف وابن عمه الأمير محمد بن سلمان الذي حل محله في العام 2017.

وقال الجبري الذي عمل عن قرب ولمدة طويلة مع مسؤولين أمريكيين في عمليات سرية لمكافحة الإرهاب، في دعوى قضائية رفعها العام الماضي، أنّ ولي العهد محمد بن سلمان أرسل في 2018 فريق اغتيالات لقتله في كندا، فيما اثنان من أولاده معتقلان في السعودية للضغط عليه للعودة إلى البلاد.

وفي دعاوى مضادة في الولايات المتحدة وكندا، اتهمت شركات سعودية مملوكة للدولة الجابري باختلاس مليارات الدولارات فيما كان يشرف على عمليات سرية خلال تولي الأمير محمد بن نايف المحتجز حاليا السلطة.

وأظهرت وثائق صادرة عن المحكمة أن واشنطن في مأزق حقيقي وتسعى إلى حماية أسرار الأمن القومي دون التخلي عن حليفها القديم الجبري الذي يحتاج بشدة إلى تقديم أدلة على تعاونه الاستخباراتي لدعم دفاعه في قضايا الاختلاس.

أظهرت وثائق صادرة عن المحكمة أن واشنطن في مأزق حقيقي وتسعى إلى حماية أسرار الأمن القومي دون التخلي عن حليفها القديم الجبري

ويرى خبراء قانونيون أن واشنطن يمكن أن تتذرع بـ “امتياز أسرار الدولة” الذي سيسمح لها بمعارضة أمر من المحكمة للكشف عن معلومات تعتبر ضارة بالأمن القومي للولايات المتحدة.

لكنّ الولايات المتحدة ليست لها سلطة مماثلة للتأثير على المحاكم الكندية.

وفي خطاب موجه الى محامي الجبري، يحضّ محامي وزارة العدل على “تأجيل (تقديم) جميع المستندات” الى محكمة في أونتاريو حتى 30 أيلول/سبتمبر، لإتاحة الوقت لواشنطن للنظر في إجراءات لحماية مصالحها.

وكتب محامي الحكومة مالكولم روبي في رسالة مؤرخة في 29 حزيران/يونيو “المسائل المتعلقة بالعلاقات الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة… تتطلب تقييما حساسا ومعقدا” من المسؤولين.

وأضاف أن ليس لواشنطن “موقف” من القضية، لكنها قلقة حول مسألة “حماية معلومات الأمن القومي الحساسة”.

كشف الأسرار

وأرسل الخطاب أيضا إلى مستشارة وزارة العدل الكندية إليزابيث ريتشاردز، “على سبيل المجاملة”، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة تنسق بهدوء مع نظرائها الكنديين.

ولم ترد ريتشاردز ومحامي الجابري على طلبات التعليق على الأمر. وأحال روبي الطلبات إلى وزارة العدل الأمريكية التي رفضت بدورها التعليق.

وذكرت رسالة روبي أن مستندات دفاع الجابري ستطلق تلقائيا آلية بموجب “المادة 38 من قانون الأدلة الكندي” تجبر محاميه على تنقيح معلومات حساسة.

ويشير خبراء قانونيون الى إن هذه المادة تمنع الكشف عن معلومات أو مستندات حساسة دون موافقة المدعي العام الكندي أو أمر من المحكمة.

ويقول محام مقيم في تورونتو متابع للقضية وطلب عدم الكشف عن هويته، “المحاكم الكندية لم تشهد قط شيئا من هذا القبيل”.

ويضيف “في حين أن المادة 38 قد تمنع بشكل مؤقت إفشاء أسرار الأمن القومي للولايات المتحدة، إلا أنها تحرم الجابري من استخدام أدلة مركزية في دفاعه”.

ورفعت الدعاوى شركات عدة من بينها شركة “سكب” القابضة التي تديرها الدولة والتي أسسها، وفق وثائق المحكمة، محمد بن نايف في عام 2008، وكانت جزءًا من شبكة شركات توفر غطاء لعمليات الأمن السرية مع الولايات المتحدة.

وأخذ الخلاف منعطفا جديدا في آذار/مارس الماضي حين اتهمت شركة “سكب” السعودية القابضة الجابري باختلاس 3,47 مليار دولار أثناء عمله في وزارة الداخلية تحت قيادة محمد بن نايف.

وطالبت “سكب” محكمة في ماساتشوستس في الولايات المتحدة بتجميد أصوله العقارية التي تبلغ قيمتها 29 مليون دولار في مدينة بوسطن.

وجاء ذلك بعد أسابيع من مقاضاة شركات سعودية حكومية عدة الجابري في تورنتو على خلفية اتهامات مماثلة.

وأعلنت محكمة كندية في وقت لاحق تجميد أصول الجبري حول العالم.

“خلاف ملكي كريه”

وجاء في الدعوى التي تقدم بها الجبري أن المحكمة ستحتاج من أجل إثبات براءته، إلى التحقيق في الشؤون المالية لشركة “سكب”، بما في ذلك كيفية استخدامها في “تمويل البرامج الحساسة” بالشراكة مع وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي ووزارة الدفاع في الولايات المتحدة.

وقالت وزارة العدل في دعواها في نيسان/أبريل إنها حريصة على تسوية خارج المحكمة.

لكنّ ليس هناك أدلة على أنّ القيادة السعودية ترغب في الأمر ذاته.

ويقول مصدر مقرب من القيادة السعودية “الجبري يحاول استخدام هذه السبل القانونية لأنه عالق… هذه محاولة أخيرة لا أعتقد أنها ستنجح”، رغم مخاطر الكشف عن الأسرار التي “ستحرج الولايات المتحدة”.

وكان مسؤول سعودي قال في مطلع الشهر أنّ هذه الدعاوى القضائية “بين أطراف خاصة” وبالتالي “فالحكومة السعودية ليست معنية”.

وطالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الأحد، السلطات السعودية بإطلاق سراح ولدي الجبري سارة وعمر على الفور.

وكان حكم عليهما في تشرين الثاني/نوفمبر بالسجن لمدة ست سنوات لأحدهما وتسع سنوات للآخر. لكن “هيومن رايتس ووتش” قالت إن القضية تهدف “فقط لخلق ضغط ضد والدهما”.

ونفى مصدر مقرب من الجبري قيام هذا الأخير بأي مخالفات مالية، معتبرا الأمر بمثابة “ُثأر أعمى”.

وقال المصدر إن واشنطن “تقفز من خلال العراقيل القانونية لحماية مصالح أمنها القومي”، مضيفا أنه سيكون من الأفضل للولايات المتحدة “التوسط في حل خارج المحكمة لهذا الخلاف الملكي الكريه الذي تورط به الدكتور سعد وأولاده”.

القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار