البابور الموقع العربي

نقص العمالة يهدد الاقتصاد.. الكويت تسجل أكبر انخفاض للوافدين منذ 30 عاما

281

472 ألف وافد غادروا الكويت خلال 16 شهرا في اكبر نزوح للعمالة منذ عقود

يعمل أكثر من %65 من الوافدين في القطاع العام في وزارتي الصحة والتعليم اللتين من المرجح أن تواجها اضطرابات تشغيلية بسبب مغادرة العمالة الوافدة

صناعة النفط في الكويت تظهر علامات على تأثرها سلباً بنزوح الوافدين، وقد أدى الافتقار إلى المهندسين الأجانب إلى إعاقة إنتاج النفط بشكل مستمر، ما يشكل خطرا كبيرا على الكويت

غادر نحو 205 آلاف وافد من العاملين في القطاع الخاص الكويت في عام 2021، ما أدى الى إلحاق الضرر بالشركات المحلية، لا سيما في قطاعي الضيافة والتجزئة.

من المتوقع أيضاً أن يفقد الاقتصاد غير النفطي العمالة الماهرة، حيث يشغل العديد من الوافدين مناصب إدارية في أكبر الشركات والبنوك والمؤسسات المالية في الكويت.

تناول تقرير حديث لوحدة ايكونوميست انتيلجنس للأبحاث النقص في اليد العاملة في الكويت الناجم عن إبعاد الكويت لـ18221 وافداً، ومغادرة أكثر من 257 ألف وافد البلاد نهائياً في عام 2021. وبدلا من استبدال المواطنين في قوة العمل بالعمالة الوافدة، أدت مغادرة الوافدين إلى نقص حاد في اليد العاملة في قطاعات عدة حيث وصل إجمالي عدد المغادرين من الوافدين المغادرين خلال 16 شهراً إلى 472 ألف شخص.

وأشار التقرير إلى أن الجائحة فاقمت من توجه تتبناه الحكومة، يقضي بتسريع عملية التكويت واستبدال العمالة الأجنبية بالكويتيين في القطاعين الخاص والعام، بعد أن سلط انهيار عائدات النفط الضوء على عدم القدرة المالية على استيعاب المزيد من المواطنين في القطاع العام المكتظ والمثقل بالأعباء، بينما يعتمد القطاع الخاص على العمالة الوافدة. وقد أسفر نزوح العمال الأجانب عن نقص في اليد العاملة، مما يهدد بإعاقة النمو في صناعة الهيدروكربونات والاقتصاد غير النفطي، على حد سواء.

اختلال ديموغرافي

وقالت وحدة ايكونوميست انتيلجنس إنه في عام 2021، تسارعت الجهود الحكومية الرامية الى تعديل الاختلال الديموغرافي الذي طال أمده في الكويت، حيث يشكل 3 ملايين وافد حوالي %70 من السكان البالغ عددهم 4.3 ملايين نسمة. وتتماشى خطة خفض عدد الموظفين الوافدين بشكل عام مع هدف أوسع تبنته السلطات في 2018، وهو تحقيق توازن ديموغرافي بنسبة 50:50 تقريباً بحلول عام 2025، حيث من المتوقع أن يبلغ عدد المواطنين في ذلك الوقت حوالي 1.7 مليون، مما قد يعني رحيل حوالي 1.6 مليون وافد.

وقد تسارعت وتيرة رحيل الوافدين منذ بداية الجائحة في عام 2020، التي تسببت بركود اقتصادي حاد أدى إلى انخفاض العمالة في القطاع الخاص بشكل عام.

التكويت وأثره

وأضاف التقرير أن الأزمة المالية في الكويت أبرزت حجم تكلفة استيعاب أعداد متزايدة من المواطنين، الذين يتزايد عددهم بسرعة في القطاع العام بدلاً من الالتحاق بالقطاع الخاص الذي يهيمن عليه الوافدون.

ورغم تفاقمها بسبب الجائحة وما تلاه من انخفاض في أسعار النفط، فإن ضغوط الميزانية كانت ظهرت لأول مرة مع تقلص إيرادات الدولة في أعقاب انهيار أسعار النفط في الفترة من 2014 إلى 2016، حين أدركت الحكومة فاتورة القطاع العام المتضخمة مما دفعها إلى تجديد تركيزها على توطين الوظائف، كما هو الحال بالنسبة لباقي دول الخليج.    

ومع ذلك، وبدلا من استبدال المواطنين في قوة العمل بالعمالة الوافدة، أدت مغادرة الوافدين إلى نقص حاد في اليد العاملة في قطاعات عدة. ومن الأسباب الرئيسية لأزمة العمالة التناقضات والتباينات القائمة في سوق العمل التي تتطلب مجموعة من المهارات تعجز القوى العاملة المحلية عن الوفاء بها.

اضطرابات تشغيلية

وقال تقرير ايكونوميست انتيلجنس إن عدد الوافدين في القطاع العام انخفض بشكل كبير، بعد إعلان الحكومة عن نيتها تسريح %50 من موظفيها الأجانب بحلول نهاية 2020، ويعمل أكثر من %65 من الوافدين في القطاع العام في وزارتي الصحة والتعليم اللتين من المرجح أن تواجها اضطرابات تشغيلية بسبب مغادرة العمالة الوافدة في فترة تتجه فيها الجهود الحكومية بشكل متزايد نحو الرعاية الصحية والموارد البشرية. والأهم من ذلك أن صناعة النفط الحيوية في الكويت تظهر بالفعل علامات على تأثرها سلباً بنزوح الوافدين، ذلك أن هذا القطاع يعتمد على العمالة الوافدة الماهرة في مواصلة تشغيل عملياته. وقد أدى الافتقار إلى المهندسين الأجانب إلى إعاقة إنتاج النفط بشكل مستمر، ما يشكل خطرا كبيرا على الكويت لبلوغ هدفها المتمثل في زيادة الإنتاج من المستوى الحالي البالغ 2.5 مليون برميل في اليوم إلى 3.5 ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2025.

ارتفاع الأجور

وذكرت وحدة ايكونوميست انتيلجنس في تقريرها أن العمالة الوافدة تهيمن على القطاع الخاص في الكويت الذي يعمل فيه قرابة 1.6 مليون وافد ونحو 73 ألف مواطن فقط. وقد غادر نحو 205 آلاف وافد من العاملين في القطاع الخاص الكويت في عام 2021، ما أدى الى إلحاق الضرر بالشركات المحلية، لا سيما في قطاعي الضيافة والتجزئة.

وأشار التقرير الى أن اللوائح الحكومية غير المرنة لا تأخذ في الاعتبار عدم رغبة معظم الكويتيين في القيام بالعديد من الوظائف التي تهيمن عليها العمالة الأجنبية الوافدة، وتفضيل القطاع الخاص للوافدين، الذين عادة ما يكونون أرخص في التوظيف وأكثر إنتاجية. وقد أسفرت هذه الإجراءات عن انخفاض غير مسبوق في توافر العمالة الوافدة، وما ترتب على ذلك من تضخم في الرواتب أدى الى الاضرار بأرباح الشركات. ومن المرجح أن يؤدي ارتفاع تكاليف العمالة إلى تأخير الانتعاش الاقتصادي من الجائحة طوال عام 2022، وبالإضافة إلى ذلك ستواجه خطة التنويع الاقتصادي اضطرابات لأن الصناعات الكثيفة العمالة مثل البناء والتصنيع سيعرقلها ارتفاع متزايد في نفقات الأجور. ومن المتوقع أيضاً أن يفقد الاقتصاد غير النفطي العمالة الماهرة، حيث يشغل العديد من الوافدين مناصب إدارية في أكبر الشركات والبنوك والمؤسسات المالية في الكويت.

وفضلا عن كونها أقل ترحيبا بالعمالة الأجنبية من بعض جيرانها، كانت الحكومة في الكويت أقل شدة وقوة في استراتيجيتها للاحتفاظ بالاستثمار الأجنبي المباشر، رغم حاجة الكويت إلى الاستثمارات الأجنبية، حيث واجهت محاولات للاستفادة من أسواق السندات الدولية مقاومة شديدة في مجلس الأمة.


مشاعر معادية للأجانب

وأضاف التقرير أنه اضافة الى ما سبق، فإن تطوير بيئة العمل في الكويت يجري بوتيرة أبطأ من جيرانها، إذ تتنافس السعودية والإمارات بشدة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، من خلال توفير إقامات دائمة وملكية بنسبة %100 للأجانب.

وعلى الرغم من أن الأجانب من الدول الغربية يعاملون في الكويت بطريقة مختلفة تماما عن الوافدين ذوي المهارات المتدنية من الدول العربية والآسيوية، فإن المشاعر المعادية للأجانب بين بعض المواطنين ستؤدي على الأرجح الى تراجع أي نوع من الهجرة للعمل في الكويت. وكانت دراسة استقصائية (Expat Insider 2021) أعدتها مؤسسة InternNations صنفت الكويت بأنها الأسوأ من بين دول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة للمغتربين للمرة السابعة في ثماني سنوات، كما أن قوانين الهجرة المعقدة والعقبات البيروقراطية في طلبات الحصول علي التأشيرات ستكون بمنزلة رادع إضافي للمستثمرين والوافدين من ذوي الياقات البيضاء. ومن ثم، من المرجح أن يؤدي الروتين المفرط في الكويت بشأن توظيف العمالة الأجنبية إلى دفع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى بلدان أخرى في المنطقة.

التركيبة السكانية في أرقام

257 ألف مقيم غادروا البلاد نهائياً في 2021

18.2 ألف مقيم تم إبعادهم العام الماضي

1.6 مليون وافد لا بد أن يغادروا لتعديل التوازن الديموغرافي

205 آلاف عامل غادروا «الخاص» في 2021

1.6 مليون وافد يعملون في الخاص مقابل 73 ألف مواطن

تحديات توظيف الكويتيين

يكمن التحدي الذي يواجه عملية التكويت في إقناع أرباب العمل في القطاع الخاص بتوظيف الكويتيين، ويمكن القول إن الأمر الأكثر صعوبة هو إقناع المواطنين أنفسهم بتولي مثل هذه الوظائف، لتفضيلهم الوظائف ذات المكانة الأعلى والأجور الأفضل.

لكن ومن خلال إنشاء مراكز الرعاية النهارية، بحسب التقرير، فإن وضع وظائف رعاية الأطفال سيتغير على الفور من كونه عملاً منزلياً ذا مكانة منخفضة إلى عمل تربوي ذي مكانة متوسطة، وبالتالي ستبدأ المواطنات في التفكير جدياً في الالتحاق بها.     

مشاركة المرأة الكويتية
لا تزال مشاركة المرأة الكويتية في قوة العمل منخفضة، وعموما فان توقعات المرأة الكويتية بالنسبة للأجور أقل من الرجل المعيل، الذي يعمل في وظائف القطاع العام العالية الأجر، مما يزيد من فرص تقبل المرأة للعمل في القطاع الخاص.

واذا ما زاد عدد المواطنات في قوة العمل، فإن ذلك يمكن أن يزيد من دخل الأسرة بشكل كبير. وهذا من شأنه أن يعوض الرفض العام لسياسات الحكومة لخفض الدعم ورواتب القطاع العام. كما يمكن للكويتيات أن يشغلن مناصب في قطاعي التجزئة والرعاية الصحية في القطاع الخاص، اللذين يهيمن عليهما الوافدات. ومن شأن استبدال العمالة الأجنبية بمواطنات أن يؤدي إلى انخفاض التحويلات المالية وتدفقات رأس المال الخارجة من البلاد، ذلك أن المواطنين ينفقون رواتبهم داخل البلاد، مما يؤدي الى تعزيز الاقتصاد المحلي. بيد أن هذا لن يحدث إلا إذا تمكن عدد كاف من المواطنين من شغل الوظائف الشاغرة، وإلا فإن الاقتصاد الكلي سيكون أضعف من إمكاناته.

استبدال العمالة

توقع التقرير أن تستمر الحكومة، مدفوعة بالضغوط السياسية والمالية، في تنفيذ السياسات المصممة لاستبدال العمالة الوافدة بالمواطنين في الوقت الذي تسعى فيه لعكس نسبة 70:30 بين الوافدين مقابل المواطنين. وتدعم الزيادة في عمليات الترحيل توقعاتنا بأن عدد الوافدين سيستمر بكونه قضية مركزية في السياسة الداخلية طوال الفترة من 2022 – 2026.

مستقبل عاملات المنازل

قال التقرير انه بالنسبة للعمالة المنزلية، التي تشكل حاليا حوالي %22.8 من قوة العمل في الكويت البالغة 2.7 مليون، قال التقرير إن عام 2021، شهد مغادرة حوالي 41200 من العمالة المنزلية في الكويت بصورة دائمة. وعلى الرغم من أن هذا القطاع يعاني من نقص هائل في اليد العاملة، فقد أعلنت السلطات مؤخرا أن العاملين في المنازل سيفقدون تصاريح إقاماتهم، إذا بقوا خارج الكويت لمدة تزيد على ستة أشهر. ومن المرجح أن يؤدي هذا القرار إلى تفاقم المشكلة بالنسبة للأسر الكويتية، التي تعتمد على الخدم في التنظيف والطهي ورعاية الأطفال. ومن الحلول التي يمكن أن تعوض جزئيا العجز في العمالة المنزلية، فضلا عن زيادة مشاركة الكويتيين في القطاع الخاص، لاسيما المواطنات، هو أن تشجع الحكومة على إنشاء وتوسيع فصول ومدارس رياض الأطفال الخاصة.      

على صعيد متصل أعلنت الكويت، الإثنين، استئناف إصدار أذون العمل للمقيمين من العمالة الوافدة، ممن يبلغون عمر 60 عاما فما فوق من حملة شهادة المرحلة الثانوية العامة فما دونها وما يعادلها من شهادات، بعد توقفها منذ عام.

وقال جمال الجلاوي، وزير العدل ووزير الدولة لشؤون تعزيز النزاهة، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للقوى العاملة الكويتي في تصريح بيان، إن إصدار أذونات العمل للمقيمين، سيكون مقابل رسم قدره 250 دينارا كويتيا (825 دولارا).

وأشار الجلاوي لوجود شرط آخر، وهو “أن يكون العامل مؤمنا عليه بتأمين صحي شامل، من إحدى شركات التأمين المدرجة بسوق الأوراق المالية”.

وفيما لم تحدد قيمة التأمين الصحي، فإن المقيم يدفع ضمانا صحيا قيمته 50 دينارا سنويا (165 دولارا)، إضافة إلى رسوم أخرى لدى مراجعة المراكز الصحية والمستشفيات.

وأوضح أن القرار يتضمن بعض الفئات المستثناة، المتمثلة بأزواج وأبناء الكويتيات وزوجات الكويتيين إضافة إلى الفلسطينيين من حملة الوثائق، مع مراعاة الهيئة للجوانب الاجتماعية.

وأشار إلى أن القرار سيطبق لمدة عام على أن يتم مراجعته خلال هذه الفترة، وفقا لأوضاع سوق العمل، وما يترتب عليه في ضوء الدراسات التي سيتم إجراؤها في هذا الشأن.

وأوقفت “القوى العاملة” إصدار إذن العمل لهذه الشريحة البالغ عددها 58 ألفا، منذ نحو عام، بهدف تقليص أعداد الوافدين وضمن ملف معالجة التركيبة السكانية.

وفي سبتمبر/أيلول 2021، أورد تقرير لبنك الكويت الوطني (الأكبر في البلاد)، أن عدد السكان انخفض بنسبة 2.2 بالمئة خلال 2020، ثم واصل التراجع في النصف الأول من العام الماضي بنسبة 0.9 بالمئة ليصل إلى 4.62 ملايين نسمة.

وعزا التقرير، هذا التراجع بشكل رئيسي إلى استمرار انخفاض أعداد الوافدين، في حين استمر عدد المواطنين الكويتيين في التزايد.​​​​​​​

وبدأت الحكومة الكويتية مؤخراً العمل على استقطاب عمالة وافدة من جنسيات جديدة لم تكن تعتمد عليها خلال السنوات الماضية، وذلك في محاولة لجلب العمالة الماهرة وفتح الباب أمام دول جديدة لسد احتياج الكويت من العمالة التي شهدت نزوحاً كبيراً خلال العامين الماضيين.

وخلال العامين الماضيين، شهدت الكويت تراجعاً غير مسبوق في جملة من التخصصات، و جاء التراجع مدفوعاً بجملة من القرارات التي اتخذتها الحكومة ومجلس الأمة لتقليص أعداد الوافدين لصالح توظيف المواطنين.

ورغم تسريع خططها التي تهدف لتعديل التركيبة السكانية وتقليل البطالة في الوقت نفسه، فإنها لم تفلح في تحفيز المواطنين على شغل وظائف تناسب مؤهلاتهم العلمية، كما يقول التقرير الحكومي الصادر عن هيئة المعلومات.

المصدر : القبس الكويتية + الاناضول + الخليج اون لاين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار