يتابع موقع “البابور” الإخباري العربي نشر الوثائق المسربة حول وفاة الرئيس الفلسطيني السابق أبو عمار، تحت عنوان “من قتل ياسر عرفات؟”
كشفت وثائق مسربة للتحقيق عن “وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات”، ان طبيبه الخاص لم يترك أي أوراق عن الموضوع و “لم يترك التقارير اللازمة عن الأدوية التي كان يستخدمها الرئيس ولا مصدرها وأسماء الصيدليات التي يشتري منها ومدى معرفتهم إن كانت للرئيس أم لغيره”.
وان خمسة اجهزة أمنية كانت تحيط بابي عمار، 4 منها لم تقدم اي بيانات حول الحالة الامنية للرئيس الفلسطيني المحاصر، وان دفع الرشاوى كان يسهل الوصول للزعيم الفلسطيني المحاصر كما قالت الوثائق المسربة: “بنوا مرورهم وحظوتهم وسرعة دخولهم ووصولهم السيد الرئيس على العلاقة القوية المدعومة بما كانوا يدفعوه للبعض من مساعدات مالية التي كان قبولها يتم بسهولة متناهية”

وفيما يلي النص الكامل كما ورد في التحقيق
الأخ اللواء توفيق الطيراوي المحترم
عضو اللجنة المركزية لحركة فتح
رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق
تحية الوطن وبعد
الوضع الأمني حول الرئيس
تنفيذا لقرار اللجنة المركزية لحركة فتح الذي يستند إلى قرارات المؤتمر العام السادس بضرورة متابعة التحقيق للوصول إلى ظروف وملابسات استشهاد الرئيس القائد الرمز ياسر عرفات ” أبو عمار” وكشف الجهة التي تقف وراء ذلك، والجهة التي نفذت واستطاعت الوصول إليه، إن كان قد تم اغتياله أم كانت الوفاة طبيعية). ولتحقيق هذا الهدف قامت اللجنة المكلفة باستدعاء كل من يرد اسمه، وقابلت العشرات منذ صدور قرار تشكيلها حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
الوضع الأمني حول الرئيس : تابعت اللجنة ملفات التحقيق التي سبقت تاريخ تكليفها ودرستها بعناية وتركيز، كونها جاءت من الجهات المختصة التنفيذية في السلطة وهي ( مجلس الوزراء، المجلس التشريعي، المخابرات العامة، واللجان الطبية وقامت بالاطلاع على كل ما تم نشره في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، فيما يتعلق بالحالة الصحية للسيد الرئيس قبل وبعد الاستشهاد مما تطلب إضافة عدد من الأطباء المتخصصين اللجنة، وقد اطلعوا على التقارير التي توفرت من قبل من تولوا متابعة صحة الرئيس وتولوا معالجته فلسطينية وعربية ودولية، وهذا تطلب القيام بمقابلة الأطباء والممرضين والطواقم المختصة وجميع من طلب منهم معالجة السيد الرئيس، سواء من جاءوا إليه إلى مقر الرئاسة أو ذهب إلى عياداتهم، وبدأت من طبيبه الخاص الذي لم يترك أي أوراق عن الموضوع، وهذا فتح أمام اللجنة ضرورات التحقيق مع كل من ورد ذكره وله علاقة بهذا الملف، الذي ترك انطباعه لدى اللجنة أن ظروف استشهاد الرئيس يلفها الغموض وتغلفها الشكوك.
ولهذا قامت اللجنة باستدعاء جميع العاملين في الدائرة الأولى مع وحول الرئيس بشكل خاص وفي الرئاسة بشكل عام، وتمت مسائلتهم محددة مسارين شاملين في البحث عن الحقيقة وهما: أولا: الدائرة الأمنية وكل ما يتفرع عنها. ثانيا: الدائرة الإدارية وكل ما يتفرع عنها. وتبين للجنة أن المسؤولية الأمنية فيها تداخلات بين الأجهزة الأمنية في المعلومات التي ترسلها للسيد الرئيس وهي ” المخابرات العامة، الاستخبارات، والأمن الوقائي “، إلى جانب المهمة المباشرة للحرس الرئاسي وأمن الرئاسة قوات “17” حوله في تحركاته داخل المقر أو في تحركاته خارج المقر وهذا أوجب التحقيق في كل ما يتعلق بذلك، ووجهت السؤال المباشر عما قاموا به من تحريات وتحقيقات لكنها لم تجد أي بيانات سوى ما تركته المخابرات العامة الذي ساعد اللجنة في الارتكاز عليه كبداية. لتجد ثغرات عديدة في الجدار الأمني الأول للرئيس فتم البدء بالتحقق من نظام الحراسات المعمول به في مقر الرئاسة حول الرئيس تحديدا لتجد أن حراسة الرئيس لا تخضع لنظام أمني مدروس ومتابع بل تركه رئيس الحرس لعدد من الأخوة يجتهدوا فيه دون تدخل أو مراجعة مما سمح لأي زائر أن يصل بسهولة إلى الرئيس إن كان للعمل أو للزيارة مستغلين تلك الفجوة الأمنية الكبيرة .
وبالتدقيق والاستماع لجميع المعنيين حول الرئيس سواء الذين يقيمون في الوطن أو من غادروا مقر الرئاسة بعد استشهاده إلى خارج الوطن وتولوا مواقع ومهام جديدة في حين أنه كان من الضروري منعهم من المغادرة حتى الانتهاء من التحقيق ” وقد أشار أحدهم قائلا كان من المفروض احتجازنا جميعا دون مغادرة أحد إلى أن تظهر نتائج التحقيق ” وليس مكافأتنا. وبالمتابعة لأقوالهم وجدنا أنهم أفادوا بملاحظات هامة حول اهتمامات رئيس الحرس والتي حالت دون تركيزه في المهمة الرئيسية له وملاحقة تفاصيل تلك المهمة ومنها مايلي :
- استثمر رعاية ومحبة الرئيس له بإيجاد هالة حول شخصه مما سمح له بالتصرف المطلق، مما غيب النظام الأمني.
- كان يقوم بإجراء تنقلات داخل الحرس أدت إلى خلخلة بين الضباط في علاقاتهم معه وفيما بينهم مما أفقد البعض الاهتمام بالمهمة الأساسية، إلى جانب إضعاف عامل التجانس الداخلي بينهم.
- جعل المصلحة الشخصية تتحكم في الوضع الأمني، بتحديده من يذهب في مهمات مدفوعة الأجر الإضافي ويستثني البعض مما أفقد الحراسات الاندفاع الذاتي والحافز لديهم ” فكان البعض يهمسون دعوا أصحاب المهمات يحرسون”.
- سمح سلوكه العام في قيادته للمكلفين بحراسة مكتب وغرفة نوم الرئيس بالعمل بعيدا عنه ” حيث أفاد أنه لم يبلغ شخصية بأي شيء يحدث في مناوبتهم، ولم يكن يبلغ عن أي شيء يقدم للسيد الرئيس.
- 5- كرر الكثيرون أن رئيس الحرس كان منشغلا بمتابعة مصالحه أكثر من أي مصلحة أخرى، مما انعكس على الدائرة الأولى، وفتح الباب على مصراعيه لوجود المزيد من الفجوات في الجدار الأمني للرئيس.
- تنصله من المسؤولية ترك باب الاجتهاد مفتوحة للتصرف الفردي كل على حدا ممن يعملون بإمرته، وهذا مكنهم من نسج علاقات شخصية تمكن كل من يرغب في الوصول للرئيس “أن يجري الاتصال مع من نسج علاقة معه ليكون أمام الرئيس ” إلى جانب التغاضي عن بعض المسؤولين الذين كانوا يدفعون المال لبعض أفراد الحرس والعاملين في الدائرة، وأولئك يتناوبون على الدخول والخروج لمكتبه وكذلك لغرفة نومه ويرافقوه في رياضة المسير في المكان وفي حركته داخل أو خارج المقر.
- لقد كانوا يسمحون بوصول الهدايا والأطعمة و الأدوية للسيد الرئيس وكان باستطاعتهم أن يصادروا ذلك ويخضعوه للتحاليل بحيث يصبح عادة وتقليد يحول دون حدوث الريبة والشك فيما يقدم ” ولم يثبت أن تم فحص أي شيء قدم للرئيس”.
حصار الرئيس الأخير في المقاطعة:
لقد كان الحصار قاسيا وعنيفا، شاهده الشعب الفلسطيني والعالم، وقد تواجد مع الرئيس نخبة من القيادات والكوادر والمسؤولين، استمعت اللجنة لهم جميعا ولم يبقى ممن لم تستمع لأقوالهم إلا عددا محدودة جدا، بعضهم رفض المثول أمامها، وهم لم يكونوا في الحصار.
البيئة المحيطة بالرئيس:
لقد تسبب التدمير الذي أحدثته الدبابات الإسرائيلية في المقاطعة إلى وجود بيئة سيئة للغاية محيطة بالمكان، أدت إلى تدمير البنية التحتية للمبنى الرئاسي مستثنية جزء يمكنهم النفاذ منه إلى داخل المقر متى شاءوا والوصول إلى ما يريدون، وكان واضحا أن الحصار قد ترك تأثيراته على الأمن الشخصي للرئيس، فقد تم الوصول إلى جدار غرفته مما يعني أنهم قادرون على المساس المباشر به عبر التقنيات المتقدمة التي يمتلكونها، إلى جانب أنهم وصلوا إلى العديد من الغرف وصادروا منها كل ما يثير اهتمامهم، وتحكموا في الدخول والخروج إلى المبنى، إلى جانب مراقبتهم لجميع المواد التي يسمح بدخولها إلى الرئيس ومن معه في الجزء المتبقي من المقاطعة ، الذي يغلفه غبار احتراق وقود الآليات والدبابات والأبنية التي دمرت وأصبح الماء شحيحة وملوثة، إلى جانب رائحة الحمامات التي تملأ المكان الذي يعج بالكآبة الممزوجة بالتهديد الذي يمر عبر كل ثانية من عمر الحصار، وهذا جعل الرئيس ومن معه في حالة شد على الأعصاب، وجميع ما تقدم كان له تأثير مباشر على الصحة العامة للرئيس”
وهذا يأت كجزء من التدمير النفسي، والمساس المعنوي المدروس من قبل قيادة الاحتلال. “الأطعمة والأدوية الخاصة” بالسيد الرئيس : لقد شدد الاحتلال الاسرائيلي على رقابته للأطعمة والأدوية التي تمر إجبارية من خلال الإجراءات المتبعة من قبله فهو في الوضعية التي تسمح له في التحكم في كل شيء، وهذا يجعل فرضية الشك والريبة الدائمة في الاحتلال موجودة وقائمة بأنه قادر على الإضرار المباشر بحياة الرئيس ومن معه بوضع ما يريد من الملوثات وغيرها، ويكفي أنهم علنا يزرعون تلك الفرضية في إحساسنا بالفعل، والأهم أنهم جعلوا الحراسات المسؤولة عن أمن الرئيس موجودة شكلا، لكنها غير موجودة فعلا، وشلت جميع الاختصاصات فيها أما فيما يتعلق بهذا الموضوع قبل الحصار فإن مسألة من هم حوله فقد أكدوا أنه كان يقبل المقويات وبعض الأدوية الخاصة بالنوم، إلى جانب أن طبيبه الخاص لم يترك التقارير اللازمة عن الأدوية التي كان يستخدمها الرئيس ولا مصدرها وأسماء الصيدليات التي يشتري منها ومدى معرفتهم إن كانت للرئيس أم لغيره، حتى تتم المتابعة الأمنية الضرورية، إلى جانب أنهم لم يتركوا أرشيف شامل ودقيق وموثق لصحته واتصالاته ولقاءاته ومقابلاته سواء ورقية أو صوتية أو تلفزيونية وطبية عن شخص الرئيس الشهيد ” أبو عمار ” ولو وجدت لسهلت الكثير من أعمال التحقيق.
المتضامنون:
أدى الحصار إلى وجود حالة من الغليان والغيرة لدى الكثير من المتضامنين الذين اندفعوا لكسر الحصار وقد سمحت لهم قوات الاحتلال بالمرور، وهؤلاء وصلوا للسيد الرئيس، بكل ما يحملون من أطعمة وأدوية إلى جانب أنهم امتلكوا قوة اللحظة التاريخية لنجاحهم، فاندفعوا إليه وقاموا باحتضانه وتقبيله، وتواجدوا معه وجاملهم وجاملوه، وكل ذلك مر في لحظة من الفرح الذي سيطر على المشهد بكامله، لكنه ضاعف من اتساع الفجوات الأمنية ووصل للسيد الرئيس مباشرة دون رقابة أو فحص أو تدقيق للأسماء التي وصلت في الوقت الذي كانت جميع وسائلنا وأدواتنا الرقابية معطلة بالكامل .
الوضع الروتيني حول الرئيس:
تواضع السيد الرئيس مع عدم وجود منظومة إدارية تليق بمكانته الفلسطينية والعربية والدولية في الرئاسة من العسكريين والمدنيين والحراسات والمرافقين تحدد وتضبط من منهم له الحق في التواجد في المكان، لذا كان كل من يرغب في أن يصل إليه في مكتبه أو يلقاه ليلتقط صورة معه أو يمر إلى جوار غرفة نومه، يصل بسهولة وجواز مروره وتواجده في الأماكن جميعها أنه من العاملين في المقاطعة، وهؤلاء جميعا منهم المحصن القوي، ومنهم من هو غير ذلك.
وكان سلوك بعض المسؤولين الزائرين مبني على خصوصية متقدمة لأنهم قد بنوا مرورهم وحظوتهم وسرعة دخولهم ووصولهم إلى السيد الرئيس على العلاقة القوية المدعومة بما كانوا يدفعوه للبعض من مساعدات مالية التي كان قبولها يتم بسهولة متناهية، بل كانت تتجاوز ذلك إلى حدود طلبها مباشرة من أولئك المسؤولين، مع العلم والتأكيد أن الرئيس أبو عمار كان سخيا وكريما معهم ومع غيرهم وهذا أوجد حساسية وغيرة وحسد بين العاملين وهذا أدى إلى معرفة كل التفاصيل عن الحالة الأمنية في المقر، “من يغسل ويكوي ملابسه، من يشتري ويجهز طعامه، من يأت بالأدوية إليه من هم الأطباء المقربين الذين يعالجوه سواء يذهب إليهم أم يأتوا إليه إلخ..” وهذا الواقع سهل الأمور على الاحتلال الذي يعمل ليلا ونهارا بوسائله وإمكاناته وضغوطه، مما أضاف ثغرات واضحة لاختيار الوقت الذي يريد متى شاء الإضرار به.
العلاقات العامة في الرئاسة:
كان الاجتهاد الايجابي يتحول إلى سلبي، لأن المقابلات أن كانت فردية أم جماعية، كبيرة أم صغيرة، تصل إليه بسهولة لشخصيته المبنية على حبه للناس مما شكل خطورة ملحوظة بشكل مباشر، لأن الرئيس من عاداته أنه يحضن وتقبل الوجه واليدين لبعض زائريه من الوفود الشعبية وكذلك الرسمية العربية منها أو الدولية، وهؤلاء كانوا يصلون إليه بسهولة كالمعتاد ضمن وضع روتيني اعتاد عليه الجميع إلى درجة أنه كان يوجه النقد البعض المسؤولين الذين يأتون لزيارته متأخرين ليلا، ويقول. لهم “خلصتوا سهرتكم وجيتو”.
كان ذلك يحدث كميزة طيبة ومحبوبة وبريئة ومستحسنة من قبله ومن زائريه لكن ذلك كان يسهل الطريق لمن يريد به شرا. وهذا يدفعنا للقول أن جميع العاملين في الرئاسة اعتادوا على ذلك ولم يضعوا أي خطط أمنية تستند على حماية الرئيس تحافظ عليه وعلى الميزات التي أحبه الشعب والجميع عليها، بل أصبحوا جزء من الحالة واندمجوا بها دون أن يراعوا إغلاق الثغرات التي أشتمل عليها عملهم الروتيني اليومي. ومع المزيد من الأسف أنهم لم يكونوا يتمتعوا بالحصانة والنزاهة والمصداقية التي تليق بمكانة السيد الرئيس ولا بمكانتهم ومواقعهم التي يتمنى أي فلسطيني أن ينال شرف العمل بها إلى جوار الرئيس الذي لم يبخل في الإغداق عليهم بالمال والمكانة والهيبة التي لم يصونوها وفقدوا عزتهم وشموخهم ومدوا أياديهم لغيره للمزيد من الطمع، وانشغلوا عنه فأفقدوه أهم أمانة وضعها في أعناقهم وهي أمانة حمايته وأصبحوا جزء من الثغرات بل أهمها في الجدار الأمني الذي انهار بكامله باستشهاد السيد الرئيس الذي أحب الجميع وأحبه الجميع.
وفي خلاصة هذا التقرير توقفت اللجنة أمام الكثير من المواضيع والعناوين التي استمعت إليها من العشرات ولا نبالغ إذا قلنا المئات والتي أثارت الشبهات، وأطالت البحث والتدقيق فيها وهي على درجة عالية من الأهمية وتشكل توقفات لابد من متابعتها وإخضاعها إلى التحقيق الخاص وهي ترقي وتقترب من حدود الاتهام.
الرحمة والسلام لروح الرئيس الخالد أبو عمار
والله الموفق دائما
وثورة حتى النصر
اللجنة الوطنية للتحقيق
2016/08/04



المصدر: وكالة صفا