الاتحاد التونسي للشغل: ندين خطاب سعيّد وأصبحنا أكثر تصميما على إنقاذ البلاد

دانت الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل بشدة ما وصفته بخطاب التحريض والتخوين والتجييش من قبل الرئيس قيس سعيّد بحق الاتحاد وعدد من مكونات المجتمع التونسي، ودعت النقابيين التونسيين للدفاع عن اتحاد الشغل.
وخلال مؤتمر صحفي عقد الجمعة بعد اجتماع طارئ لهيئته الإدارية، قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي إن الاتحاد بات أكثر تصميما على إنقاذ البلاد مما وصفه بالعبث، وعلى طرح مبادرته التي أقلقت السلطة، بحسب تعبيره.
واستنكر الطبوبي التصريحات الأخيرة للرئيس قيس سعيّد، واتهمه بدعوة الشعب بطريقة غير مباشرة إلى الاقتتال، وبمحاولة صرف الأنظار عن المشاركة الضعيفة في الانتخابات التشريعية.
وخلال كلمته في اجتماع الهيئة الإدارية الطارئة الذي عقده اتحاد الشغل، قال الطبوبي إن الرئيس سعيد “اختار الطريق الخاطئ بخطاب ترهيب للشعب وتخويفه، في وقت تمر فيه البلاد بأوضاع صعبة على جميع المستويات”.
وتابع قائلا إن “رئيس الجمهورية يخاطب شعبه بالتهديد والوعيد من ثكنات الجيش أو من مقرّ وزارة الداخلية، ويريد أن يقول إن القوات العسكرية والأمنية معه ومساندة لخياراته”.
من جانبه، أكد المتحدث باسم اتحاد الشغل سامي الطاهري تمسك الاتحاد بالحوار وسيلةً للخروج من الأزمة الراهنة في البلاد، لكنه اعتبر أن وجود عناصر أمنية داخل قاعة اجتماع الهيئة الإدارية للاتحاد يعدّ سابقة خطيرة لم تحدث منذ عام 2011.
وبحسب بيان نشره الاتحاد العام التونسي للشغل على موقعه الإلكتروني مساء الجمعة ونقلته وكالة الأناضول للأنباء، فقد قرّر الاتحاد تنفيذ سلسلة إضرابات في مختلف القطاعات احتجاجا على استهداف العمل النقابي.
وطالب الاتحاد بالنأي بالقضاء وعدم إقحامه في النزاعات العمالية ومحاولة توظيفه والسعي لممارسة الوصاية عليه، على حد تعبير البيان.
تصريح سعيّد
وكان الرئيس التونسي قد زار الثلاثاء الماضي ثكنة الحرس الوطني في منطقة العوينة بالعاصمة تونس، ودعا قيادات الحرس الوطني إلى “التصدي لمن تآمر على الدولة”، من دون أن يسمي أي جهة، كما طالبهم بـ”الاستجابة لمطالب الشعب” في تحقيق المحاسبة، بحسب تعبيره.
كما اعتبر سعيّد -في تصريحاته- أن الحق النقابي مضمون بموجب الدستور، لكن لا يمكن أن يتحول هذا الحق لتحقيق مآرب سياسية، بحسب قوله.
وأجرت تونس يوم الأحد الماضي الدور الثاني للانتخابات التشريعية المبكرة، بنسبة مشاركة قدرتها هيئة الانتخابات بـ11.4%، وكانت أحدث حلقة في سلسلة إجراءات استثنائية فرضها سعيد وشملت حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وإقرار دستور جديد في 25 يوليو/تموز 2022.
ووصفت حركة النهضة -في بيان لمكتبها التنفيذي نشر الخميس- نسبة المشاركة في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية بأنها “رسالة شعبية” إلى السلطة، ودعت إلى تقديم تنازلات لإنجاح حوار وطني شامل.
وذكر البيان أن “مقاطعة نحو 90% من المواطنين لمهزلة الانتخابات التشريعية المزعومة، لا تُقرأ إلا كرسالة شعبية واضحة وجلية في إنهاء الشرعية والمشروعية لمنظومة قيس سعيد”.
على صعيد آخر، نفّذ محتجون وقفة أمام المحكمة العسكرية بالعاصمة تونس ضد ما وصفوه بالانقلاب وتوظيف المحاكم العسكرية للتنكيل بمعارضي الرئيس سعيّد، ورفع محامون شعارات ضد ما قالوا إنها محاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية.
بعد نسبة 11%.. قيس سعيد يؤكد تمتعه بالدعم الشعبي والمعارضة التونسية تطالبه بالاستقالة
دعا الرئيس التونسي قيس سعيد إلى قراءة مختلفة للإقبال الضعيف على التصويت في جولة الإعادة للانتخابات التشريعية، معتبرا أنه يحظى بدعم شعبي أكبر من المعارضة، في وقت طالبت فيه المعارضة باستقالته وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وقال الرئيس سعيد إن نسبة الإقبال على الانتخابات الأخيرة يجب أن تقرأ بشكل مختلف، حيث لم يشارك 90% في التصويت لأن البرلمان لم يعد يعني لهم شيئا ولم تعد لهم ثقة فيه، حسب تعبيره.
وشدد سعيد على أن أهم شيء هو احترام المواعيد والمحطات الانتخابية، مضيفا أن ما وصفه بالعمق الشعبي الداعم له أكبر من العمق الشعبي للمعارضة، التي اتهمها بارتكاب خيانة عظمى بحق الشعب التونسي.
كما أجرى الرئيس التونسي تعديلا وزاريا جزئيا على الحكومة من دون إيضاح الأسباب، إذ أقال وزير التربية ووزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، وعيّن خلفين لهما.
دعوة للاستقالة
وفي مؤتمر صحفي مساء الأحد بعيد إعلان الهيئة العليا للانتخابات عن تسجيل نسبة إقبال في حدود 11%، دعا رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة أحمد نجيب الشابي إلى رحيل الرئيس سعيد، وتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة تكون خطوة أولى لمسار إصلاحي كامل.
وأشار الشابي إلى أن 90% من التونسيين أداروا ظهورهم للعملية الانتخابية التي وصفها بالفشل الذريع لسعيد، قائلا إن الجبهة لن تعترف بهذه العملية التي جرت في ظل انقسام سياسي وأزمة اقتصادية ومعيشية.
وحث رئيس جبهة الخلاص القوى السياسية والمدنية إلى الوحدة من أجل “إحداث التغيير المنشود المتمثل في رحيل الرئيس وإجراء انتخابات مبكرة”، وتوجّه بنداء إلى 3 منظمات تعمل حاليا على صياغة مبادرة للخروج من الأزمة، وهي الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية في البلاد) وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان، من أجل تشكيل قيادة سياسية جديدة.
وتضم جبهة الخلاص منظمات وأحزابا بينها حركة النهضة، وهي واحدة من 3 قوى رئيسية تعارض سياسات الرئيس قيس سعيد، لكنها مختلفة فيما بينها.
بدورها، طالبت حركة النهضة في تونس باستقالة الرئيس التونسي، وفسح المجال لإجراء انتخابات رئاسية مبكّرة.
وقالت الحركة -في بيان لها- إن “برلمان قيس سعيد لا يعبر إلا عن أقلية الأقلية وليس من حقّه أن يمارس السلطة التشريعية باسم الشعب”، ونددت بما سمتها إخلالات جسيمة شابت العملية الانتخابية، بحسب تعبيرها.
وكان رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر أعلن أن نسبة الاقتراع النهائية في جولة الإعادة للانتخابات التشريعية بلغت 11.4%، وأقر بتدني نسبة المشاركة، داعيا لنقاش موضوعي بشأن ذلك.
تعتيم إعلامي
من ناحية أخرى، نددت نقابة الصحفيين التونسيين بما سمته التعتيم الإعلامي والتضييقات على الصحفيين خلال تغطية الدور الثاني من الانتخابات التشريعية.
واستنكرت النقابة في بيان لها ما وصفته بتطويع برامج التلفزة للدعاية للسلطة.
ورفضت النقابة ما قالت إنها وصاية هيئة الانتخابات المركزية وفروعها على المواطنين والإعلام وجمعيات المراقبة عبر التعتيم على المعلومات، حسب وصفها.
“وقف الانقلاب”
من جهتها، طالبت 5 أحزاب تونسية أخرى معارضة -هي التيار الديمقراطي، والقطب، والجمهوري، والعمال، والتكتل- بالوقف الفوري لما سمته “الانقلاب”.
وقالت الأحزاب الخمسة، في بيان مشترك، إن البرلمان المنبثق عما وصفتها بمهزلة الانتخابات الجديدة فاقد للشرعية، وعنوان من عناوين الأزمة.
وأضافت أن برلمانا صوريا بلا صلاحيات تشريعية ولا رقابية فعلية لن يكون إلا ديكورا بلا تأثير على السياسات العامة.
ودعت هذه الأحزاب سائر القوى الديمقراطية والتقدمية التونسية إلى مواصلة العمل المشترك للخروج من الأزمة.
وتشهد تونس أزمة سياسية عميقة منذ أعلن الرئيس التونسي يوم 25 يوليو/تموز 2021 عن التدابير الاستثنئاية التي تتيح له الاستحواذ على معظم السلطات.
وبمقتضى هذه السلطات الاستثنئاية، حلّ سعيد الحكومة والبرلمان، وحوّل النظام البرلماني إلى نظام رئاسي، كما أصدر صيف العام الماضي دستورا جديدا يعطي رئيس الدولة صلاحيات واسعة في مقابل برلمان بصلاحيات شبه معدومة.
وتتهم المعارضة الرئيس قيس سعيد بالانقلاب على الثورة وعلى دستور عام 2014، لكن سعيد يبرر الإجراءات الاستثنائية وتجميعه معظم السلطات بإنقاذ الدولة من الانهيار جراء الصراعات السياسية وإرساء مسار إصلاحي.
نيويورك تايمز: الانتخابات البرلمانية أشارت بقوة إلى تلاشي الدعم للرئيس التونسي

تقول صحيفة نيويورك تايمز الأميركية (The New York Times) إنه عندما أُعلن أخيرا عن أسماء أعضاء البرلمان المنتخبين حديثا في تونس يوم الثلاثاء، بعد جولتين من التصويت، لم يكن ذلك بمثابة عودة للديمقراطية، بل كان إشارة قوية إلى تلاشي الدعم للرئيس قيس سعيد.
وأشارت الصحيفة في تقرير لها إلى النسبة الضئيلة للمشاركة في التصويت “11.4% فقط” في جولة الإعادة يوم الأحد، بزيادة طفيفة عن نسبة “11.2 %” في الجولة الأولى، قائلة إنها أقل نسبة مشاركة في أي انتخابات في العالم منذ عقود، وفقا لماكس جاليان عالم السياسة في معهد دراسات التنمية البريطاني.
سقوط في حالة من عدم الاستقرار
وأضافت أنه يبدو أن خيبة الأمل من طريقة تعامل الرئيس سعيد مع الاقتصاد كانت عاملا رئيسيا في الإقبال الضئيل على الاستفتاء الدستوري في يوليو/تموز الماضي، حيث وافق حوالي 30% فقط من الناخبين على الدستور الجديد، الذي قدمه الرئيس.
https://imasdk.googleapis.com/js/core/bridge3.554.2_en.html#goog_1309192225تشغيل الفيديو
مدة الفيديو 22 minutes 36 seconds22:36
وأشارت إلى أن النقاد والمحللين يقولون إن سعيد سقط في حالة من عدم الاستقرار. ونسبت إلى يوسف الشريف المحلل السياسي الذي يدير مراكز كولومبيا العالمية في تونس القول إن هذا “يؤكد أنه لا يرى سوى القليل من الاهتمام بالديمقراطية البرلمانية”.
لا يخجل من ازدرائه للبرلمان
ولاحظت نيويورك تايمز أن الرئيس التونسي لا يخجل من ازدرائه للبرلمان، مشيرة إلى قوله في لقاء له مع رئيس وزرائه يوم الاثنين، بحسب مقطع فيديو نشره مكتبه على فيسبوك “ما يقرب من 90% لم يشاركوا في التصويت لأن البرلمان بالنسبة لهم لم يعد يعني شيئا بعد الآن”.
وقالت إن أعدادا متزايدة من التونسيين يعربون عن مخاوفهم من استبداد سعيد، حيث يقوم بمحاكمة منتقديه وسجنهم، وإن قادة المعارضة في البلاد يستغلون الغضب من تراجعه عن الحقوق والحريات التي فاز بها التونسيون بعد انتفاضة الربيع العربي عام 2011 للدعوة إلى استقالته وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لاستبداله.
المصدر : الجزيرة + وكالات + نيويورك تايمز