عمر القيصر
سأتحدث بشفافية ووضوح وحقيقة
نحن مجموعة عائلات فلسطينية مهجرة من سوريا قسرا فقد هربنا من الحرب بعد أن انجانا الله من موت محقق بسبب تعرضنا للقصف الممنهج والاعتقالات العشوائية وحصار الجوع الذي فرضه علينا نظام لطالما إدعى حماية الفلسطينيين ونصرة قضيتهم بينما اثبت فعله عكس ذلك تماما في كل الميادين فقد قدمنا بالحصار 320 شهيد موثقين بين الجوع ونقص الرعاية الصحية وأضطرننا لمغادرة بيوتنا التي جنيناها بدماء قلوبنا ليصبح بنا الحال لاجئين في تركيا مجبرين ومقيدين بالقوانين السارية والتي تقيد سفرنا بين الولايات للبحث عن فرص عمل أفضل وبين ضئالة فرص العمل وتدني الأجور وتزايد أجور المنازل والفواتير الباهظة.
تمر السنوات علينا وننتقل بين سَبۡعٌ عِجَافٞ و سَبْعٌ شِدَادٌ وقد ارهقتنا هذه السنين ولا يعلم بالحال إلا الله.
من إستطاع أن يفر إلى بلاد المهجر فقد نجا من تكاليف واعباء الحياة الصعبة جدا ومن لم يستطع فأمامه الخيار الفردي وعليه أن يتحمل تبعاته وتكاليفه ونتائجه بظل القرارات الادارية في دول اللجوء التي توقفت عن منح لم الشمل وإعطاء الإقامة ناهيك عن تكاليف السفر والمغامرة عبر تجار البشر والبحار التي من الممكن ان تصبح طعاما لأسماكها ..
المنتصر بالله شاب فلسطيني مهجر إستطاع الوصول لتركيا وبعد أن أنهى دراسته بالثانوي تقدم للجامعات الخاصة واستطاع تحصيل مقعدا للدراسة كلفه المال ، وقد حدثني بأنه يعمل 12 ساعة يوميا لإعالة أسرته وبعد مضي سنة بالجامعة أضطر لإيقاف تسجيله بسبب ظروف الحياة أولا ومن ثم صعوبة المناهج ويحتاج لمصاريف للدراسة ودوام إذ أنه سيضطر لاتخاذ قرار إما التفرغ للدرلسة أو العمل لإعالة أسرته.
ويرى بأن الحل هو العمل ومحاولة جمع النقود للسفر عبر البحر لأن الدراسة في تركيا صعبة جدا وإن تمكن من النجاح سيواجه الحياة كأي انسان عادي لأنه لن يحصل على وظيفة ولن تسمح له الظروف بإفتتاح مشروع من خلال دراسته فابدى سخطه من صعوبة الاستمرار .وأثر على نفسه بالشكل الاعتيادي وهو العمل كأجير دون أي طموح أو مستقبل.
وكثيرة هي الحالات المشابهة لحالة المنتصر وتتشابه الهموم بالإحتياجات لدى معظم العوائل وكذلك الأحلام ذاتها وهي البحث عن وطن والاستقرار.
يصل عدد الفلسطينيين المقيمين في تركيا إلى أكثر من 30 ألف نسمة لعام 2024، وكانت هذه الأعداد تتزايد بشكل مطرد منذ عام 1997 حيث وصل عدد الفلسطينيين خلال تلك الفترة إلى 250 عائلة مقيمة، كان جُلهم من الطلاب وعائلاتهم الذين يدرسون في الجامعات التركية
ويمتلك الأتراك قيمة انسانية يتميزون بها عن كثير من المجتمعات، وتتلخص هذه القيمة بالوقوف مع المظلوم، وتظهر هذه القيمة الإنسانية عند الأتراك بما يتعلق بقضية فلسطين السياسية وصراعها مع الإحتلال، حيث يُعد الشعب التركي من الشعوب المتعاطفة مع الفلسطينيين والمُحبة له. وبشأن هذا التعاطف والمودة التي يُظهرها الأتراك للفلسطينيين تُعد تركيا بيئة جيدة للحياة بالنسبة للفلسطينيين، حيث أظهرت كثير من البيانات مدى رضا الفلسطينيين المقيمين في تركيا عن حياتهم واستقرارهم في البلاد
وأعود لأؤكد عن غياب تام للسلطة الفلسطينية وسفارة فلسطين التي عجزت عن تامين إعفاء للعوائل الفلسطينية من الرسوم لاستصدار جوازات سفر بينما من المفروض أن تسعى للتنسيق مع الدول العربية أو الأوربية لمنحهم اللجوء وأن تتبنى إرسال الطلاب الفلسطينيين للدراسة في الدول أو تكفل رسوم الدراسة والتسجيل في الجامعات التركية خلال سنوات التعليم.
وبصراحة إننا شعب جبار يملك عزة النفس ولا يستطيع أن يطلب إلا من الله فقد تعرض الفلسطيني خلال مسيرة حياته لضغوط شديدة ويحتاج فقط للاستقرار لأننا شعب حيوي فعال يحول الصحراء إلى جنان خصبة لو اتيحت الفرصة ويأبى الانكسار.
ختاما وبعد انتشار فيديو للسوري الذي قتل عائلته وإنتحر في ولاية كلس وتحدث عن الظروف المعيشية الصعبة وظلم الحياة فأنا أؤكد بأن مصير الكثير هو الانتحار مالم تسارعوا لإنقاذنا وسيكون المنتحر قد فتح بابا لن يغلق بسهولة أمام صعوبة الحياة التي يواجهها المهجرين.
وإننا نحب الحياة ما إستطعنا إليها سبيلا.