البابور الموقع العربي

أهمية إدارة المخاطر

602

تنشأ المنظمات لتحقيق غرض ما، ومهما تنوعت أو اختلفت أهداف وجودها، سواءً كانت منظمة ربحية تهدف لتعظيم ثروة ملّاكها “المساهمين” أو منظمة غير هادفة للربح مثل الجمعيات الخيرية أو منظمة حكومية تهدف لتقديم خدمات للمجتمع، كل هذه الأهداف والغايات محاطة بحالة من عدم اليقين “الشك”، والتي تشكّل تهديدًا لهذه المنظمات في قدرتها على تحقيق أهدافها التي أُنشئت من أجلها. وهنا تتجلى أهمية القيادة، فالقيادة تدور حول إحداث الفرق، ودور قادة المنظمات يكمن في إحداث التغيير وتطوير المنظمات والارتقاء بها في ظل عالم محفوف بالمخاطر. ولهذا أصبح فهم وإدارة المخاطر من الأمور الحتمية لقيادة المنظمات الناجحة في عالمنا اليوم.  

في عالم غدا كقرية صغيرة، لعبت العولمة والبيئة الجيوسياسية دوراً هاماً في طبيعة ممارسة الأعمال وفرضت تحديات وفرصًا تتجدد باستمرار، حيث أن إحدى هذه التحديات تتمثّل بوجود المخاطر التي تحيق بالمنظمات وفي سعيها لتحقيق أهدافها، ومع كل فرص محتملة هناك مخاطر مختلفة، ويمكننا أن نقول بأن إدارة المخاطر هي علم وفن الاختيار، فكل اختيار نقوم به في التعامل مع المخاطر غدا بحد ذاته جزءًا من عملية صنع القرار.  

الخطر لا يشمل فقط الاحتمالية المستقبلية للخسارة، إنما الاحتمالية المستقبلية لعدم اغتنام فرصة تهدف لتنمية أو تحسين وضع المنظمة، ومن هذا المنطلق فإنه يُمكن القول بأن المنظمات الأكثر كفاءة في إدارة المخاطر هي المنظمات التي تملك القدرة على المحافظة على استمرار نجاحها ونموها وتحقيق أهدافها.

لا تقتصر إدارة المخاطر على المنظمات (المؤسسات والشركات والهيئات) وحسب، بل إنّها تمتدّ لتشمل كافة الأنشطة طويلة وقصيرة الأجل، فإدارة المخاطر ليست مرتبطة بأنشطة المنظمة وحسب، بل تشمل أيضًا أصحاب المصلحة المتأثّرين من المخاطر.  

إدارة المخاطر تُمكّن أصحاب المصلحة (stakeholders) الرئيسيين في المنظمة من فهم المخاطر والاستجابة لها، والتي قد تؤثر على أهداف المنظمة وكفاءتها وفاعليتها. توفّر إدارة المخاطر المعلومات المتعلقة بنقاط القوة والضعف في المنظمة وكيفية إدارتها للمخاطر التي تواجهها، وذلك من خلال فهم تأثيرهاعلى المنظمة وطريقة التعامل معها ومواجهتها ، ويمكن للمنظمة أن تعزّز ثقتها في اتخاذها لقراراتها الاستراتيجية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن نتائج القرارات المُتخذة يُمكن إدارتها ضمن حدود كفاءة وقدرة المنظمة.   

إدارة المخاطر تقدم إطار عمل للمنظمات في كيفية التعامل والاستجابة مع حالات عدم اليقين “الشك (Uncertainty)”. كما أنّها تعتبر وظيفة تضيف قيمة لأنشطة المنظمة من خلال زيادة احتمالية نجاحها في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، فالأمر كلّه مرتبط بإدارة حالة عدم اليقين “الشك (Uncertainty)”  وخلق بيئة عمل تقلّ فيها المفاجآت غير السارّة.  

تلعب إدارة المخاطر دوراً هاماً في المنظمات من خلال أدوراها المتعددة المتمثلة في تحديد وتقييم وإدارة المخاطر التي تتعرض لها المنظمة، حيث أنّه مُتعارف عليه باسم “إدارة المخاطر المؤسسية” Enterprise Risk (ERM) Management، ولأجل ذلك تضع المنظمات استراتيجية لإدارة المخاطر، حيث توضّح هذه الاستراتيجية منهجية الإدارة في التعامل مع المخاطر المحتملة في الشركة، سواءً كانت من داخل المنظمة أو من خارجها.  

لا شكّ أن فترة الركود التي مرّت بها المنظمات قبل وخلال أزمة كورونا كان لها آثارًا وتداعيات سلبية كثيرة، حيث أن فترات الركود الاقتصادي تشكّل مخاطر كبيرة على الشركات، مما يدفعها لخفض نفقاتها واتخاذ قراراتها بحذر شديد والانتظار إلى حين انتهاء الأزمة قبل المضي قدمًا بأي إجراءات لازمة. 

لكن يُمكن في الوقت ذاته النظر إلى هذا الوقت كفرصة تستطيع من خلالها المنظمة أن تحافظ على حصصها في السوق وتطوّر مركزها التنافسيّ بين الشركات الأخرى، كما أنّه يعدّ الوقت الأمثل للنظر إلى الأهداف التي حقّقتها خلال سنوات عملها وإعادة تنظيم وتنسيق عمليّاتها التشغيلية وتطوير كفاءاتها وقدراتها وغيرها من الأمور. 

فقد تحتاج المنظمة أحيانًا للتوقف لمهلة من الزمن لتتهيّئ وتتحضّر للمراحل التالية، وتكون على أهبّة الاستعداد لمواجهة ما هو قادم.

هادي عبدالواحد آل سيف

المصدر: موقع ميم (م)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار