دافع البابا فرانسيس عن حق الأشخاص المثليين في تكوين أسرة، قائلا إنهم “أبناء الرب”. وجاءت تصريحات بابا الفاتيكان في فيلم وثائقي عن حياته، وينظر إليها على أنها أوضح موقف له بشأن مسألة العلاقة بين المثليين. وقال البابا في الفيلم، الذي عرض للمرة الأولى الأربعاء في مهرجان روما للأفلام: “للمثليين حق في تكوين أسرة”.
وأضاف: “إنهم أبناء الرب ولهم حق تكوين أسرة. لا ينبغي طرد أحد أو تحويله إلى بائس بسبب ذلك”. ودعا إلى “صياغة قانون شراكة مدنية” يمنحهم الغطاء القانوني.
وقال إنه دعم في السابق هذا الأمر، وهو ما يبدو إشارة إلى الفترة التي ترأس فيها أساقفة بوينس آيرس، عندما دعم توفير نوع من الحماية القانونية للأزواج من المثليين.
وقال كاتب سيرة البابا فرنسيس أوستن أيفريغ لبي بي سي إنه لم يتفاجأ بالتعليقات الأخيرة، مضيفا أن “هذا موقفه عندما كان رئيس أساقفة بوينس أيريس”.
وأضاف أن البابا كان “معارضا بشكل دائم لزواج المثليين. لكنه يعتقد أن على الكنيسة دعم قانون شراكة مدنية للمثليين لمنحهم الغطاء القانوني”.
وفي عام 2003، قال مجمع عقيدة الإيمان التابع للفاتيكان إن “احترام الأشخاص المثليين لا يمكن أن يؤدي بأي شكل إلى الموافقة على السلوك المثلي أو الاعتراف قانونيا بشراكات المثليين”.
وكان البابا فرانسيس قد قال في كتاب “في الجنة وعلى الأرض” عام 2013 إن المساواة من الناحية القانونية بين العلاقات المثلية والزواج بين الجنسين ستكون بمثابة “تراجع أنثروبولوجي”.
وقال أيضاً إن السماح للأزواج ابالتبني قد يؤثر على الأطفال، مضيفا أن “كل شخص بحاجة إلى أب ذكر وأمّ أنثى ما يساعدهم على تشكيل هويتهم”.
وأكّد في العام ذاته موقف الكنيسة الذي يعتبر الأفعال المثلية خطيئة، لكنه قال إن هذا لا ينطبق على التوجه المثلي الجنسي.
وتساءل البابا قائلاً :”إن كان المثلي يبحث عن الله ولديه حسن نية، فمن أنا لأحكم عليه؟”
وأفادت تقارير في عام 2014 أن البابا عبّر في مقابلة عن دعمه الشراكة المدنية للمثليين، لكن المكتب الإعلامي للفاتيكان نفى صحة ذلك.
وفي 2018، عبّر البابا فرنسيس عن قلقه من المثلية في صفوف رجال الدين، واصفاً الأمر بأنه “خطير”.
ولم يتردّد الكاردينال الأمريكي رايموند بورك، المعروف بمواقفه “السلبية” من البابا فرانسيس، بتوجيه انتقاد علنيّ للحبر الأعظم، قائلاً إنّ ما نقل عنه “يذرّ الارتباك في أوساط الكاثوليك، ويثير حيرتهم”.
بدوره قال الأسقف الأمريكي توماس توبين، إنّ تصريح البابا يتعارض مع “تعاليم الكنيسة حول اقتران أشخاص من الجنس ذاته، ولا يمكن للكنيسة أن تدعم قبول علاقات غير أخلاقية”، بحسب تعبيره.
موقف متناقض للكنيسة الكاثولية من المثلية الجنسية وزواج المثليين
البابا فرانسيس ومواقفه المتناقضة من المثلية الجنسية
يدافع البابا فرانسيس عن حقوق المثليين جنسيا، بينما يستمر في التمييز ضدهم داخل الكنيسة. ما يطرح التساؤل، لماذا ما تزال المثلية الجنسية من المحرمات في نظر الكنيسة الكاثوليكية؟
حدث ذلك في رحلة العودة من ريو دي جانيرو إلى روما. بعد فعاليات الملتقى العالمي للشباب في منطقة كوباكابانا في ريو دي جانيرو في يوليو/ تموز من عام 2013 ، التفت البابا فرانسيس إلى الصحفيين على متن الطائرة وسألهم: “من أنا لأصدر الأحكام على المثليين؟”. بعد سبع سنوات، يقوم الآن بإضافة المزيد على تصريحه هذا. في الفيلم الوثائقي الجديد “فرانسيسكو” يقول البابا: “للمثليين حق العيش في أسرة. فهم أبناء الله”.
الزواج من نفس الجنس؟ لا يُسمح به لأحد ولا حتى للقساوسة والكاثوليك؟ شيء واحد مؤكد وهو أن علاقة الكنيسة الكاثوليكية بالمثلية الجنسية تتميز بالتناقضات والمعايير المزدوجة. لأن نفس البابا فرانسيس الذي يدافع عن شراكات حياة قانونية للمثليين جنسياً يرفض زواج المثليين وهو نفس البابا فرانسيس الذي انتقد الإقصاء على أساس الميول الجنسية، يحرم الكهنة المثليين من حق دخول المعهد الإكليريكي.
بعد كل هذا، ظل البابا فرنسيس وفيا لتناقضاته. بصفته رئيس أساقفة بوينس آيرس من الفترة الممتدة ما بين عام 1998إلى عام 2013، دعا إلى شراكات حياة قانونية للمثليين جنسياً. لكنه دعا في المقام الأول لمنع المزيد من المساواة لزواج المثليين.
هذه الاستراتيجية فشلت في الخامس من مايو/ أيار عام 2010 ، حينما وافق البرلمان الأرجنتيني على إقرار زواج المثليين على مستوى البلاد وحذت دول أخرى حذو الأرجنتين، مثل ألمانيا التي اقرت قانون الزواج للجميع في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017.
مواقف البابا متناقضة إزاء المثليين، هل تفلح تصريحاته الأخيرة في تغيير ذلك ولو بعض الشيء؟
الإقصاء من سيمينارات القساوسة
على عكس المساواة القانونية، فإن المثلية الجنسية تعد ولا تزال من المحرمات داخل الكنيسة الكاثوليكية. في مارس/ آذار عام 2015، طرد فرانسيس، قسا بولندي من الفاتيكان بعد إعلان مثليته.
في كتاب “قوة الدعوة”، الذي يتضمن مقابلة بين البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان والكاهن الإسباني فيرناندو برادو، الذي نُشر عام 2018 ، أوضح البابا: “في الحياة المكرسة والكهنوتية، لا مكان لهذا النوع من الميول. الأشخاص الذي تكون لديهم” هذه الميول” لا يتم قبولهم في السيمنيارات والمعاهد الدينية “.
مباركة الكنيسة للأزواج المثليين
إلى جانب رجال الدين، يتم أيضا تهميش الأشخاص المثليين من قبل الكنيسة الكاثوليكية. تطالب اللجنة المركزية للألمان الكاثوليك( Zdk) منذ سنوات بأنه “لا ينبغي حرمان الأزواج من نفس الجنس من طقوس المباركة”، وقالت اللجنة في طلب رسمي: “نحن ملتزمون بتطوير طقوس رسمية لمباركة الأزواج المثليين في المستقبل القريب”. قد يكون الأمل في الاستجابة لهذا الطلب ضئيلاً. غير أن قس مدينة مانهايم، ثيو هيب، يرى في الحملة الجديدة للبابا فرانسيس محاولة أخرى على الأقل لإحياء النقاش الحاد حول المثلية الجنسية في الكنيسة. هيب مقتنع بأن “فرانسيس كتب في سجل كل قس ورجل دين أن عليه الدفاع عن حياة تستحق العيش والدفاع عن الحق القانوني للمثليين جنسياً”. هذا الموقف سيكون له تأثير على الكنيسة و والسياسة.0 seconds of 0 secondsVolume 90% مشاهدة الفيديو02:09
البابا يبدي تسامحا إزاء المثليين ويغلق باب الكنيسة أمام المرأة
أكبر كنيسة في العالم
يقوم القس هيب بإعداد العديد من الكهنة من بولندا والبرازيل والهند وتنزانيا ودول أخرى الذين يأتون إلى ألمانيا للخدمة فيها بسبب نقص الكهنة في الكنائس الكاثوليكية الألمانية.
يعيش ما يقرب من نصف الكاثوليك في العالم البالغ عددهم 1.3 مليار في القارة الأمريكية، وخاصة في أمريكا اللاتينية. وفي أوروبا هناك حوالي 20 بالمائة من السكان كاثوليك.
لكن في حين أن عدد الكاثوليك في أوروبا ينخفض بشكل مطرد، تشهد آسيا وأفريقيا معدلات نمو قوية، وفق وكالة فيدس للأنباء الخاصة بالفاتيكان وتبلغ النسبة الآن في إفريقيا حوالي 18 بالمائة.
“غضب الكاثوليك الأفارقة“
تصريحات البابا فرانسيس الأخيرة، تثير في المناطق التي تشهد نمواً في أعداد الكاثوليك، الغضب بدلاً من الحماس. عن ذلك يقول القس هيب: “الكاثوليك الأفارقة أو المسيحيون في الشرق الأوسط، عند المطالبة بمساواة الشراكات بين نفس الجنس بالزواج” ويرى القس هيب أنه: “عندما يتعلق الأمر بالتغييرات داخل كنيسة العالم، يصبح هؤلاء على نفس النهج مع البابا”. لكن على الرغم من المعارضة الأساسية للدوغمائيين في الفاتيكان وكبار الشخصيات المحافظة، خاصة في آسيا وأفريقيا، يعتبر القس، هيب، أن إجراء مزيد من النقاش الداخلي في الكنيسة ضروري حول موضوع المثلية الجنسية.
معاناة عميقة
يرى القس هيب أن هذا النقاش سيوضح للبعض أننا في الكنيسة نخلق بالفعل بعضاً من اللاإنسانية من خلال عقائدنا”. وأضاف: “من الجيد أنه ليس لدينا سلطة سياسية”. الكاثوليكي ورئيس تمثيل مصالح المثليين في الحزب المسيحيين الديمقراطي والاجتماعي، ألكسندر فوغت، تحدث عن معاناة عميقة للمثليين الكاثوليك، في مقابلة مع DW ومما قاله: ” نحن سعداء، لاسيما وأننا انتظرنا هذه الكلمات فترة طويلة “. وأضاف:” أنتظر من البابا بعض كلمات الاعتذار. لأن تعاليم الكنيسة الكاثوليكية سببت الكثير من المعاناة والألم في الماضي للكاثوليك المثليين”.
المصدر: بي بي سي + DW