البابور الموقع العربي

لوموند: المغرب يدق المسمار الأخير في نعش “تعريب التعليم” ويعود إلى الفرنسية

285

عندما كان عبد الإله بنكيران، رئيسا للوزراء، في ديسمبر من سنة 2015، اوقف مشروعا لفرنسة التعليم في المغرب بعد ان قدم وزير التربية والتعليم، رشيد بلمختار، المقرب من القصر، للديوان الملكي برنامجا رئيسيا حول فَرْنسة تدريس الرياضيات، العلوم الطبيعية والعلوم الفيزيائية. ويشمل  هذا المشروع تدريس اللغة الفرنسية في السنة الأولى من التعليم الابتدائي بدلا من السنة الثالثة التي كان معمولا بها حتى الوقت الراهن، وقد أعد بلمختار البرنامج سرّا وقدمه للملك دون إبلاغ رئيسه في الحكومة. حسبما قالت صحيفة لوموند الفرنسية في مقال نشر عام 2016

ولم يتردد عبد الاله بنكيران من إحراج وزيره في التربية والتعليم، قائلا: ” إن التوجه لفرنسة التعليم سيشعل النار”، مشددا على أن الاختيارات المتعلقة بالتوجه العام في التعليم “يقدرها رئيس الحكومة”. مضيفا في جلسة عامة في مجلس النواب، “ عندما أراد الملك ان يعين رئيس الحكومة، إختار عبد الاله بنكيران وليس بلمختار، ولو أراد الملك أن يختار بلمختار لاختاره، لأنه كان يعرفه قبل أن يعرفني، إن الملك إختارني من أجل أن أقرر،  ولهذا أرسلت رسالة لأقول له أن يؤخر التفكير في هذا الموضوع لأنني لا علم لي به، لذلك لن تتم فرنسة المواد العلمية، وأوضحت لبلمختار أن ينهي هذا الأمر”.

ولكن لم يحصل شيء من ذلك. ففي يناير 2016، أثناء إنعقاء مجلس الوزراء الأخير برئاسة الملك محمد السادس بمدينة العيون عاصمة الصحراء، تمت  المصادقة على دق المسمار الأخير في نعش “تعريب التعليم”. وخسر الإسلاميون معركة هذا المشروع إلى الأبد، وتنفس أنصار العودة إلى لغة موليير في المدارس والكليات الصعداء بعد انتصارهم.

وعلق عضو قيادي في  الحزب الإسلامي، فضل عدم الكشف عن هويته، عن الامر بقوله إن “فرنسة التعليم لدينا ليست الحل الأمثل، لكننا لن نتعارض مع  الملك، هذا غير ضروري وغير مثمر.  لقد أبان المشروع المعتمد مدى  قوة اللوبي الفرنسي وحجم اعتماد بلدنا على فرنسا “.

من جهته قال أستاذ الفلسفة والمعارض العلماني أحمد عصيد، “بالنسبة لهم [الإسلاميين]، فإن التعريب والأسلمة يسيران جنبا إلى جنب لأن اللغة ترتبط بالفكر”، مضيفاً “كان يجب أن تتم هذه العودة منذ فترة طويلة. لقد فقدنا ثلاثين سنة بسبب حسابات أيديولوجية ضيقة. مضيفا “قبل مباشرة التعريب يجب على الدولة المغربية أولا إصلاح اللغة العربية التي تحمل مفردات وتراكيب لم تتغير منذ فترة ما قبل الإسلام”.

مع وصول محافظي حزب الاستقلال للحكومة في بداية  1980، تم الشروع  في تعريب التعليم العام بمباركة ضمنية من الملك الحسن الثاني (1961-1999). إذ كان  القصر يهدف إلى تعزيز حضور المحافظين والإسلاميين على حساب اليسار المغربي ( الذي كان أقل حماسا لمشروع التعريب).

وأكّد   المؤرخ بيار فرميرن أن المغرب شرع  في استيراد مدرّسين عرب من مصر وسوريا لتسريع عملية تعريب التعليم بالمغرب منذ سنة 1960، في الوقت الذي كانت فيه الوهابية وفكر جماعة الاخوان المسلمين ينتشر تدريجيا في المملكة. في الوقت الحاضر، وبعد أكثر من ستة عشر سنة على رحيل الحسن الثاني، لم تشرع الحكومات المتعاقبة في اصلاح التعليم، في حين اتجه الاهتمام لخصخصة التعليم على حساب المدارس الحكومية، وارتفعت حصة التعليم الخصوصي من 9 في المائة سنة 2009 إلى 15 في المائة سنة 2015، وذلك وفقا لإحصائيات المبادرة  العامة  للحقوق الاقتصادية والإجتماعية والثقافية، وهو إحدى مراكز البحوث المختصة في التفاوتات الحاصلة في الحق لولوج التعليم.

ووفقا لأرقام رسمية نشرتها لوموند ، تبقى شبكة مدارس التعليم الفرنسي في المغرب الأكثر كثافة في العالم، واستقطبت هذه المدراس في خريف  سنة 2015، أكثر من 32 ألف طالبا من بينهم أكثر من 60 في المائة مغربي ومغربية.  وتغطي  هذه المؤسسات (ما يقرب من خمسة وعشرين إلى حدود اليوم) المدن الرئيسية في المملكة.  غير أن الأغنياء المغاربة وحدهم من يستطيعون  تسجيل أبنائهم.

نشر هذا الموضوع في 04 مارس 2016

ترجمة عبد الصمد عياش

المصدر: جريدة لوموند + موقع لكم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار