وزير الخزانة البريطاني أعلن ميزانية تقشف، تشمل زيادة الضرائب على الأفراد والشركات وخفض الإنفاق بقيمة 55 مليار جنيه إسترليني، وذلك بعد دخول الاقتصاد البريطاني في مرحلة ركود.
تواجه بريطانيا أكبر هبوط في مستويات المعيشة منذ بداية تدوين ذلك في السجلات، إذ تؤثر أزمة تكاليف المعيشة على الأجور بشكل سلبي. وتدهورت الحالة المعيشية الى ادنى مستوى منذ 66 عاما كما تقول بي بي سي
واتضح من نشرة الحكومة للدخل المتوقع، أن الدخل المتاح للعائلات سوف يقل بنسبة 7 في المئة حين تعديله لمواكبة ارتفاع الاسعار في السنوات القادمة. ولن يتعافى مستوى المعيشة ليعود للمستوى الذي كان عيه العام الماضي قبل عام 2027-2028، حسب النشرة.
وأشار تقرير صدر عن مجموعة “إي واي أيتِم كلوب” EY Item Club المتخصصة في التنبؤات الاقتصادية إلى أن الأسر المكافحة ستستخدم بطاقات الائتمان بشكل متزايد بغية تغطية الفواتير والمشتريات الأساسية، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل حاد هذا العام.
وتتوقع مجموعة “إي واي أيتِم كلوب” EY Item Club ، أن يشهد اقتراض بطاقات الائتمان والقروض غير المضمونة ارتفاعاً كبيراً، ما يسير بعكس مسار الاتجاه إلى تسديد الديون مِنْ قِبَل المستهلكين خلال الجائحة.
وكذلك تترقب أن يرتفع معدل الائتمان الاستهلاكي بمقدار 16 مليار جنيه استرليني هذا العام، بزيادة 7.9 في المئة، تليها زيادة بـ5.5 في المئة خلال عام 2023.

من جهته اعلن جيريمي هنت، وزير الخزانة البريطاني، يوم امس 17 نوفمبر 2022 ميزانية تقشف، تشمل زيادة الضرائب على الأفراد والشركات وخفض الإنفاق بقيمة 55 مليار جنيه إسترليني، وذلك بعد دخول الاقتصاد البريطاني في مرحلة ركود.
وكشف هنت، في كلمة أمام مجلس العموم (البرلمان)، عن زيادة الضريبة الاستثنائية التي تفرضها الحكومة على أرباح شركات الطاقة العملاقة من 25 بالمئة إلى 35 بالمئة، وستمددها حتى عام 2028. كما أعلن عن فرض ضريبة جديدة مؤقتة نسبتها 45 بالمئة على شركات الكهرباء، اعتبارا من الأول من يناير 2023.
وتشمل الخطة رفع الضرائب على الفئات الأعلى دخلا من دافعي الضرائب، لتصبح مستحقة على من يبلغ دخله 125 ألف إسترليني، بدلا من 150 ألف إسترليني، والإبقاء على حدود الشرائح الضريبية كما هي دون تغيير حتى عام 2028، ما يعني دخول ملايين المواطنين في شرائح ضريبية أعلى.
وأعلن وزير الخزانة كذلك عن رفع الحد الأدنى للأجور لمن هم في سن الثالثة والعشرين من العاملين من 9.50 إسترليني للساعة إلى 10.42 إسترليني للساعة، ابتداء من إبريل المقبل.
وشملت الخطة أيضا مواصلة تقديم الدعم الحكومي على فواتير الغاز والكهرباء، ولكن سيتم توجيهه بشكل أكبر لمحدودي الدخل والمعاقين وأصحاب المعاشات بشكل أساسي.
وأبقى هنت على ميزانية الدفاع في حدود 2 بالمئة كحد أدنى من الناتج الإجمالي المحلي، وهو الحد الأدنى الذي يطلبه حلف شمال الأطلسي (ناتو) من أعضائه، وكذلك سيتم الإبقاء على المساعدات الدولية التي تقدمها بريطانيا للدول النامية في حدود 0.5 بالمئة من الناتج المحلي، على أن تتم زيادة الميزانية المخصصة لهيئة الصحة الوطنية بنحو 3.3 مليار إسترليني سنويا على مدار العامين المقبلين، وزيادة ميزانية التعليم الأساسي بنحو 2.3 مليار إسترليني خلال العامين المقبلين.
ولفت هنت إلى أن معدل التضخم قد يبلغ 9.1 بالمئة خلال العام الجاري، مشيرا إلى أن الدين العام يتراجع للسنة الخامسة على التوالي من إجمالي الناتج المحلي. وأشار إلى أن معدل البطالة سيرتفع من3.6 بالمئة إلى 4.9 بالمئة عام 2024.
وأكد هنت أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة “صعبة وضرورية، من أجل تحقيق الاستقرار المالي بعد الاضطرابات الأخيرة”.
وتمر بريطانيا حاليا بأسوأ أزمة غلاء معيشة منذ أكثر من أربعة عقود، بعدما أدى ارتفاع أسعار النفط والغاز في أعقاب العملية الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع فواتير الغاز والكهرباء والتضخم إلى مستويات قياسية.
ويأتي هذا في وقت صرح فيه وزير الخزانة أن البلاد تشهد كسادا وأن الاقتصاد سوف يستمر في الانحسار العام المقبل.
قد ارتفعت أسعار الطاقة والمواد الغذائية بشكل كبير بسبب الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا ، وهي تمارس ضغطا على ميزانيات العائلات.
وتشير التنبؤات الاقتصادية إلى أن ارتفاع الأسعار سيقف عند 11 في المئة في الشهور الثلاثة الأخيرة من السنة وذلك بفضل ضمانات الحكومة لأسعار الطاقة.
وتتوقع أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى انخفاض قيمة الأجور وخفض مستوى المعيشة بأعلى نسبة منذ عام 1956، وأن يتعافى دخل العائلات بعد تعديله ليواكب التضخم، لكنه سيبقى أقل من مستوى ما قبل الجائحة ، وستبلغ هذه النقطة عام 2028.
وتضيف أن ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة الفائدة وانخفاض أسعار البيوت سوف يؤثر على الاستهلاك والاستثمار، مما سيؤدي إلى حالة كساد في الاقتصاد سوف تستمر أكثر قليلا من سنة.
ويعرف الكساد بأنه تقلص الاقتصاد لثلاثة شهور متعاقبة ، مما يؤدي إلى تقلص عائدات الشركات والأجور وزيادة مستويات البطالة. وهذا يعني أن عائدات الحكومة من الضرائب التي سوف تنفقها على الخدمات العامة سوف تقل.
وقال جيريمي هنت حين تسليمه البيان المالي الخريفي للبرلمان إن العائلات والمتقاعدين والشركات والمدرسين والممرضات وآخرين قلقون بسبب المستقبل.
وأضاف أنه سوف يتخذ قرارات صعبة لمعالجة التضخم وتقليل الدين العام.
ويأمل هنت أن بيانه المالي الخريفي الذي يتضمن رفعا لعائدات الضرائب بقيمة 55 مليار جنيه وتقليصا في النفقات العامة سوف يساعد في استعادة ثقة المستثمرين الدوليين، بعد الجدل الذي أثارته الميزانية المصغرة في شهر سبتمبر/أيلول.
وكان كوازي كوارتينغ، سلف هنت، قد وعد بتخفيضات ضريبية كبيرة دون أن يشرح كيف سوف يمولها، مما أخاف المستثمرين وأدى إلى انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني إلى مستو قياسي وزاد من تكلفة الاقتراض الحكومي.
وكان أحد أسباب المشكلة رفض كوارتينغ نشر تقييم مستقل لخططه، وهو الشيء المعتاد.
وقال هنت الذي تخلص من معظم خطط سلفه إن تكلفة الاقتراض الحكومي قد انخفضت مؤخرا كما شهد الجنيه الاسترليني صعودا في قيمته.
وأضاف أن أسعار الفائدة المنخفضة التي أدت إليها سياسات الحكومة الجديدة بدأت تؤتي ثمارها في الاقتصاد والتمويل العام.
المصدر: بي بي سي + اندنبدنت عربية + قنا