البابور الموقع العربي

خبير أوروبي: عنصرية الغرب متأصلة ومتجذرة والمسلمون أبرز ضحاياها

288

يشكّل العداء للإسلام مشكلة اجتماعية كبرى في أوروبا، وقد بحثت TRT الألمانية أسباب ونتائج هذه العنصرية ضدّ المسلمين في الغرب في حوار لها مع خبير الإسلاموفوبيا أنس بايراقلي، الذي يبحث في هذه الظاهرة منذ سنوات. ويُصدِر بايراقلي بالتعاون مع الأكاديمي النمساوي فريد حافظ تقريراً سنوياً عن الإسلاموفوبيا في أوروبا، منذ عام 2015.

هل كان الحادي عشر من سبتمبر/أيلول هو نقطة التحول؟ وكيف يواجه المسلمون التمييز في مجالات حياتهم المختلفة؟ هذا ما سيجيب عنه الخبير بايراقلي في حواره الخاص مع TRT:

كيف نشأ مصطلح “إسلاموفوبيا”؟ إلى أي أساس استند؟

يُستخدم مصطلح “الإسلاموفوبيا” على نطاق واسع كمصطلح علمي منذ 25 عاماً باطّراد، ويعود أول استخدام له إلى أوائل القرن العشرين. واستخدم المصطلح لأول مرة كاتبان فرنسيان في عشرينيات القرن الماضي، لوصف السياسة الفرنسية في الجزائر. مع ذلك لم يكن هذا الوصف مستخدَماً أو مطبَّقاً في الأوساط الأكاديمية على مستوى العالم، حتى نشر مركز أبحاث بريطاني تقريراً في 1997 بعنوان “الإسلاموفوبيا تمثّل تحدّياً للجميع”.

منذ ذلك الحين أصبح هذا المفهوم راسخاً في الوسط الأكاديمي، ورأينا دراسات علمية متزايدة تُجرَى حول هذا الموضوع بكثافة، بخاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر. لذلك يمكننا القول إنه توجد اليوم مؤلفات علمية حقيقية وجادة للغاية حول الإسلاموفوبيا.

اخترتَ في تقريرك السنوي شخصيات سياسية مختلفة في أوروبا، العام الماضي كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهذا العام المستشار النمساوي السابق سيباستيان كورتس، كيف تأتي هذه الاختيارات؟

عندما نشرنا التقارير لأول مرة، لم نكن نضع صوراً لشخصيات على الصفحات الأولى، لكن بعد فترة أدركنا أن التقرير المصحوب بصورة بمجرد إصداره سيُثير مناقشات عميقة وقوية. والآن عند اختيار صورة غلاف التقرير، نُولي الأسماء التي تفاعلت مع الإسلاموفوبيا سلباً أو إيجاباً اهتماماً، وتصدرت الأحداث في العام، سواء من الوسط السياسي أو الفني والثقافي.

كيف كانت التغطية الإعلامية لتقاريركم حول الإسلاموفوبيا حتى الآن؟

بدايةً، إننا نواجه كثيراً من الرقابة، بخاصة في وسائل الإعلام الرئيسية في أوروبا، ففي بعض الأحيان تُتجاهَل التقارير أو تُشوَّه سمعتها. رغم ذلك يوجد اهتمام جدي بهذه التقارير، ولاحظنا استخدامها مصدراً للمنظمات الدولية، ويستدلّ بها علمياً عديد من الأكاديميين. ولعل ذلك يرجع إلى أن تقاريرنا هي المصدر الوحيد حول الإسلاموفوبيا الذي يُنشَر بانتظام ودوريّاً في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى أنه يساعد على تتبُّع التطورات الإقليمية.

كيف ترتبط الكراهية العالمية المتنامية بزيادة العداء للمسلمين؟ وما الحدث الذي يمكن اعتباره نقطة تحوُّل في الإسلاموفوبيا؟

لا يمكن تفسير موجة الكراهية بعامل واحد فقط، فحتى قبل الحادي عشر من سبتمبر كان تجاه المسلمين عداء جادّ. ولكن الأحداث التي تلت 11 سبتمبر لعبت دوراً فعَّالاً في رفع هذا الوضع إلى مستوى أكثر خطورة. وأعتقد أنه من غير الممكن تفسير الإسلاموفوبيا من خلال هجمات 11 سبتمبر أو الهجمات الإرهابية فقط.

جدير بالذكر أن لاعبين سياسيين أيضاً يستفيدون جيداً من الإسلاموفوبيا ويبنون عليها مصالحهم، لذلك لا أعتقد أنه يمكن تفسير الإسلاموفوبيا من خلال عوامل فردية بعينها.

في أي الجوانب الاجتماعية تبرز العنصرية ضدّ المسلمين؟

تتأثر جميع مناحي الحياة للمسلمين عموماً بالعنصرية، ولكن يوجد بعض الاختلافات الجوهرية، فالمشكلة قائمة على موقف سياسي بالأساس. ويقيّد عدد من القوانين الحريات الدينية للمسلمين، مثل حظر الذبح الحلال أو حظر ختان الذكور، كما يتجلى التمييز ضدّ المسلمين في الحياة المهنية أو التعليمية. لهذه الأسباب تتخذ العنصرية أشكالاً مؤسسية، فالسياسة الحالية والواقع السياسي يهدّدان أمن المسلمين ومصالحهم، كما ينتج عن ذلك أعمال عنف وهجمات إرهابية ضدّ المسلمين، مثل هجوم الإسلاموفوبيا في نيوزيلندا، وهذا وضع مقلق ومخيف.

ما مسؤولية المسلمين لمحاربة الإسلاموفوبيا؟ وماذا عليهم أن يفعلوا للتغلب على هذه الظاهرة؟

العنصرية في الغرب مشكلة تتجاوز المسلمين، وهي متأصلة ومتجذرة هناك، لكن المسلمين هم الضحايا الأبرز في الوقت الحالي. في الماضي كان المسلمون جزءاً من المجتمع، أما الآن فلم يعودوا كذلك.

لا يمكن أن السؤال عن الحلول والوصفات البسيطة، ولا يمكن مكافحة الإسلاموفوبيا بالقول إن الإسلام دين سلام، لكن علينا أن نسأل: لماذا يُربَط الإسلام بالإرهاب والعنف فقط في هذه المرحلة؟

يجب أن نسأل أنفسنا بجدية: ماذا ومَن تخدم حملات الكراهية هذه؟ وفي أي دوائر تُنظَّم؟ ولأي أغراض سياسية تُعَدّ تلك الأجندة؟

“الإسلام دين سلام”، إذا قلت ذلك فلن تخترق هذا الجدار والحاجز السميك، لأن جذر المشكلة التي نواجهها يكمن في مشروع وموقف عداء ثابت تجاه المسلمين. توجد محاولات لإضفاء الشرعية على الممارسات السياسية المختلفة ضدّ المسلمين من خلال تجريم المسلمين وكيل الاتهامات لهم. أعتقد أن هذه النقطة يجب أن تكون مثار تساؤل بين المسلمين والجاليات المسلمة.

TRT

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار