البابور الموقع العربي

الكاتب اليهودي فريدمان يطالب بايدن بالتدخل لمنع انهيار الكيان الصهيوني من الداخل

180

فريدمان: نيكسون أنقذ إسرائيل من دمار خارجي وعلى بايدن منع انهيارها الداخلي

وجه المعلق في صحيفة “نيويورك تايمز” توماس أل فريدمان رسالة إلى الرئيس جو بايدن رجاه فيها التدخل ووقف ما يجري في الكيان الاسرائيلي

وكان الرئيس بايدن قد استدعى فريدمان للبيت الأبيض من أجل تصحيح ما ورد في البيان الإسرائيلي حول مكالمة جرت بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والتي أكد الجانب الإسرائيلي أنها دارت حول إيران والإرهاب، فيما أكد بيان البيت الأبيض على التعديلات القضائية وضرورة كبح نتنياهو الرغبة والحصول على إجماع مع المعارضة. وهو ما أورده موقع “أكسيوس” بشأن الطلب الأمريكي.

وفي رسالته ذكر فريدمان بحرب أكتوبر في 1973، عندما فتح الرئيس الأمريكي في حينه ريتشارد نيكسون، جسرا جويا لتزويد إسرائيل بالأسلحة والذخائر وساعد كما يقول على “إنقاذ الديمقراطية اليهودية الوحيدة ومنع دمارها من الخارج”. و”بعد خمسين عاما، سيدي الرئيس، تحتاج هذه الديمقراطية لجسر جوي عاجل لمنع تدميرها من الداخل. وهي بحاجة إلى مزيد من الإمدادات من الحقائق الصلبة، وهو أمر تستطيع تقديمه” مع تأكيد الكاتب بالحرف المائل على الكلمات الأخيرة.

لكن ما هي الحقائق القوية هذه؟

ففي حالة استمرار نتنياهو بمشروع القانون الذي سيجرد المحكمة العليا من سلطتها القانونية المهمة، أي الرقابة على القرارات المتطرفة للمسؤولين المنتخبين وبدون أي مظهر من الإجماع، فإن القانون سيؤدي لتشظي الجيش الإسرائيلي ويقوض القيم المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بل والمصالح الحيوية لأمريكا.

وتابع فريدمان قائلا: “سيدي الرئيس، عندما التقينا يوم الثلاثاء الماضي وأعطيتني بيانا مدروسا يحث نتنياهو على عدم “التعجل” في قرار بدون “إجماع واسع” وهو ما لم يستجب إليه، كما هو واضح، حدثت صعقة كهربائية للنظام السياسي تسيدت الأخبار لعدة أيام، فقد كانت صدمة لغالبية الإسرائيليين الذين اعتقدوا- وهم محقون- بأنك صديق حقيقي و”جاءت نصيحتك من القلب”.

ولكن الكاتب يعتقد أن الحكومة الإسرائيلية بحاجة إلى جرعة أخرى من الحب القاسي، وهذه المرة ليس من القلب بل ومن قلب المصالح الإستراتيجية الأمريكية. ولأن نتنياهو ماض في طريقه رغم تهديد أكثر من 1.100 طيار عسكري قالوا إنهم لن يقودوا طائراتهم دفاعا عن ديكتاتورية، ورغم الرسالة المفتوحة من القادة والمسؤولين الأمنيين السابقين، بمن فيهم قادة الجيش الإسرائيلي والموساد وشين بيت والشرطة حثوا فيها رئيس الوزراء على التوقف. وبرغم تحذير رجال الأعمال والشركات المهمة من أن اقتصاد البلاد سيعاني من آثار مدمرة لا يمكن معالجتها. وبرغم الخوف من تشرذم الانسجام في قاعدة الجيش الإسرائيلي والتظاهرات المستمرة منذ خمسة أيام والتي انطلقت من تل أبيب إلى القدس، وهو ما لم يحدث من قبل.

واقترح فريدمان على بايدن أن يقوم وزراء الخارجية والتجارة والدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة والنائب العام والخزانة والزراعة الأمريكيين بالاتصال بنظرائهم الإسرائيليين وإبلاغهم أن مضي نتنياهو في قراره الذي سيقسم المجتمع الإسرائيلي، لن يقوض القيم المشتركة بين البلدين فقط بل وسيحدث ضررا لمصالحنا الإستراتيجية في الشرق الأوسط. وأضاف أن تصويت الكنيست على القانون اليوم الإثنين يعني أن شيئا ما سينكسر في العلاقة مع إسرائيل ولو ذهب فلن يعود أبدا. وأشار إلى المصالح الأمريكية المعرضة للخطر، وقال إن حكومة نتنياهو التي وصفها بايدن بالأكثر “تطرفا” لديها خطة لتفكيك مشروعين. الأول، هو تفكيك قوة المحكمة العليا لمنع الحكومة من مواصلة أجندة متطرفة، أما المشروع الثاني، فهو تفكيك أوسلو وطريق حل الدولتين من أجل فتح المجال أمام ضم الضفة الغربية.

وكان أوسلو هو أساس السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط منذ عام 1993. ويعتقد أن دعاة التفوق اليهودي في حكومة نتنياهو يريدون إزالة المحكمة العليا من طريقهم لمواصلة خطط ضم الضفة الغربية. وتحرك كهذا سيترك أثره على استقرار الأردن، حيث سيدفع المزيد من الفلسطينيين نحوه وسيغير من التوازن الديمغرافي الهش. ويعتبر الأردن دولة عازلة مهمة في المنطقة تعمل أمريكا من أراضيه وبالتعاون معه لمواجهة التهديدات النابعة من سوريا وغرب العراق، حيث ينشط تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي نفس الوقت، فالرئيس يواجه أكبر القرارات المتعلقة في استراتيجية الشرق الأوسط، خصوصا فيما يتعلق بالموافقة على مطالب السعودية من ضمانات أمنية والحصول على أسلحة متقدمة مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في حالة قدمت بعض التنازلات للفلسطينيين وحد السعودية من تعاونها مع الصين. ومن الصعب التوصل لاتفاق عبر الكونغرس بدون دعم أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين.

ويعرف بايدن أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان ونتنياهو لا يحظيان بشعبية وسط التقدميين في الحزب الديمقراطي، وبخاصة بعدما جعل نتنياهو من دعم الجمهوريين قضيته الأولى إلى جانب تخليه عن دعم الأمريكيين اليهود مقابل دعم الإنجيليين المسيحيين له. ويقول فريدمان إن الحصول على دعم الديمقراطيين لتقديم ضمانات للسعودية صعب في الأيام العادية، فما بالك عندما يتحرك نتنياهو ويحيد المحكمة العليا ويمضي بضم الضفة الغربية. وبدون الرئيس بايدن، فلن تكون هناك صفقة، لأن الديمقراطيين لن يدعموا الخطة لو وقف وراءها رئيس جمهوري، وباختصار، فنافذة التوصل لاتفاقية تضيق.

وذكر الكاتب بالصفقة التي وقعها بايدن وباراك أوباما عام 2016 لمنح إسرائيل 38 مليار دولار على مدى 10 أعوام، فهل ستجلس أمريكا تراقب تشرذم جيش استثمرت فيه بشكل كبير لتكبير قوتها في الشرق الأوسط وهو يتفكك بسبب الجهود لتقييد دور المحكمة العليا في إسرائيل، وسيكون هذا كارثة لأمريكا وإسرائيل التي لديها أعداء مثل إيران وحزب الله على أعتابها.

وأشار إلى أثر سياسات الحكومة المتطرفة في الضفة الغربية التي أجبرت دول اتفاقيات إبراهيم على تخفيف مواقفها من إسرائيل وأدت لبرودة علاقات المغرب والبحرين والإمارات العربية المتحدة مع إسرائيل. ويقول فريدمان إن أي مؤسسة في ديمقراطية لا يمكن تعديلها، وهذا ينطبق على المحكمة العليا في إسرائيل. صحيح أنها أفرطت في الماضي باتخاذ قرارات لم تعجب اليمين، لكن حكومة الليكود قامت في الفترة ما بين 2015- 2019 بتعيين أربعة من القضاة المحافظين فيها مما يعطي فكرة عن كذب التعديلات القضائية الحالية. وهناك فرق بين جعل المحكمة العليا شاملة إثنيا وسياسيا وبين منح الحكومة حصانة من قراراتها.

القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار