البابور الموقع العربي

الروائي الإرتري هاشم محمود يبدع بتصوير حياة السجين داخل زنزانته في “رواية عزيز” (فيديو)

601

الدوحة- البابور العربي

احتفى المثقفون والأدباء والنقاد والقراء في الدوحة بصدور رواية “عزيز” للكاتب الارتري هاشم محمود، حيث تم مناقشتها في مكتبة الرواية العربية في مؤسسة الحي الثقافي (كتارا) ، وفي نادي الجسرة الثقافي.

تدور الرواية حول شخصية محورية حقيقية وهو عزيز ابن المربي الجليل محمد علي زرووم موسس معهد عنسبا الإسلامي بارتريا، وهو خريج جامعة المدينة المنورة، وعمل ناشطا اجتماعيا وتربويا.

ناقش الحضور اللغة الجميلة الشاعرية التي كتبت بها الرواية وتسلسل الاحداث، واستعرض دور الحبشة التاريخي ومكانة ارتريا في التاريخ الاسلامي المرتبطة بهجرة الصحابة الاولى اليها واستقبالهم الحسن من قبل الملك النجاشي.
وقال الكاتب ان ارتريا بوابة العرب نحو أفريقيا فهي الأقرب الي الجزيرة العربية عبر باب المندب، وان مسجد الصحابة بمدينة مصوع الارترية خير شاهد على تلك المرحلة فما تزال له قبلتان قبلة الي المسجد الأقصى المبارك وقبل الي مكة المكرمة، واكد ان الثقافة العربية متجذرة وسط الشعب الارتري الذي يتحدث بتسع لغات منها العربية

وتعتمد الرواية على بطل واحد هو «عزيز» وهو الشخصية المركزية التي تتصادم مع الحدث، وتدور حولها كل الشخصيات الأخرى التي إما أن تتفق أو تختلف معها، ولنعود إلى البدايات التي تبين أهمية التربية في تأسيس الشخصية.

حياة سجين مناضل

رواية “عزيز” للكاتب الارتري هاشم محمود، تتناول حياة السجين المناضل داخل زنزانته الرثة المعتمة، وكيف له وهو على يقين من براءته أن يتحمل قسوة الظلم والتهم التي تلقى على عاتقه، لكن الإجابة كانت واضحة فلأجل الوطن يمكن تحمل أي شيء، فهذا المعلم الإرتري الحر عبدالعزيز يثور على الظلم ويعلم الجميع أن يثور مثله ومعه وعلى كل من يتقنون ويجيدون فن العداء للوطن ولأبناءه، فلا يجب أن تسير على جانبي الطريق خوفا، عليك أن تسير في وسطه شامخا رافعا رأسك مهما كانت بشاعة زنزانتك.

ورغم أن هذا العمل يسرد بعدا كبيرا لشخصية المناضل الإرتري عزيز داخل سجنه المظلم، إلا أنها تحمل طابعا ادبيا به الكثير من خيال المؤلف في سياق الاحداث، كما تصوغ تصورا لحياة أسر السجناء من الصغار والكبار، وكيف أن الحياة تقف عند فقدان السجين، ومعاناة الغياب القسري، لكنها في المقابل تسير على نفس النهج وإن اختلفت الآلية، فالاسرة يشغلها الوطن كما شغل السجين.

أيها السجان!

(أنا بذرة لن تختفي، ضع كثيراً من التراب فوق رأسي، واغمرني بالظلام، سأنبتُ في الزنزانة، وأقتلعك، وأثمر نوراً يحرق كل فلاسفة القضبان).

بهذا المقطع استهل الأستاذ هاشم محمود روايته، عزيز تلك الشخصية التي شخصنة السجن والزنزانة، ثمن الصدق في وطن لا يعرف قيمة الإنسان وعزيز يعرف أنه سيدفع ثمناً غالياً لمجرد أنه رفض أن يغير مبادئه، ويحرف معنى الإخلاص للوطن ويحول الإخلاص للحاكم، عرف منذ البداية أنه سيدفع الثمن “ثمن وفق ما يحدده أولئك الذين منحوه حرية الاختيار بين الحديد والنار”.

تتسلسل الزنازين، وتتابع أيامها وما يعانيه السجين من بيئة قذرة ومعاملة سيئة وتعذيب لا يجعله يفرق بين الأيام، الألم ممنهج والإهانة تستمر، كل هذا يصب في اتجاه واحد، إهانة المعتقل لانتزاع اعترافات في قضايا لم يفعلها لإبقائه بعيداً عن الساحة العامة التي يؤثر فيها، فخوف النظام لا من أفكار المعتقل، بل من مدى تأثيره في الجماهير، فكلما زاد تأثيره وعلاقاته الداخلية والخارجية نظرت إليه السلطات الدكتاتورية بنظرة ريبة وشك، ووضعته موضع الاتهام حتى تحين الفرصة الملائمة لتلقي به في السجن لتغيبه عن مجال تأثيره الفعال.

إن حب الوطن الذي يشير إليه الكاتب لا ينطوي على السيطرة الجبرية فحب الوطن هو انتماء يفوق لغة القوة، ويتعداها لمجال أرحب لا يعرفه العسكر الذين سيطروا على البلاد في غفلة من أهلها بدباباتهم وسطوتم، وفرضوا عليهم الخضوع والذلة، ومن يرون أنه لا يبجل سلطتهم يجب أن يموت أو يختفي، فكل شيء لدى العسكر له طريق واحد، الرأي واحد والقرار واحد والحاكم واحد، ويجب أن يتبعه الجميع ويطيعوه، فهو العارف العليم القوي الأمين.

عندما يصبح الحكم مأوى لمجموعة معينة تضطهد الفئات الأخرى؛ وهذه المجموعة مؤمنة بأن تلك الفئات لا بد أن تطالب بحقوقها طال الزمان أو قصر، وبما أن بطل الرواية مسلم نشط له تلاميذ وأتباع، ويملك هو ووالده مؤسسة تعليم ديني يتضح اضطهاد السلطات الأريتيرية للمسلمين لا لكرههم، بل خوفاً منهم، وتتجلى الإهانة بتهميشهم والنظر إليهم على أنهم فئة دونية يجب أن تخضع وتستسلم للسلطات، وإلا تسلط عليها ألوان العذاب.

تتناول الرواية عناصر مهمة في السجن سواء للسجانين أو المساجين، فالسجان بلا قلب، ولم يكتسب هذه الصفة بين عشية وضحاها، لكنه تبلد مع الوقت، وأصبح سادياً لا يبالي بصراخ وألم الضحايا، هدفه فقط أن يحقق غايته في تلفيق التهم وانتزاع الاعترافات عن طريق التعذيب، لكي يحيل المتهم لقبر آخر يقضي فيه بقية عمره، أو يعلق على أثره على حبل مشنقة.

أما السجين فهو الحلقة الأضعف وصبره لا ينبعث من قوته البدنية، بل من إرادته التي تقاوم الاستسلام، أوضح الكاتب الجوانب النفسية القاسية التي يعانيها السجناء والطرق البسيطة التي يحاولون من خلالها التغلب على قهر السجان وعزلة الزنزانة، الخيال يلعب دوراً هاماً في تلك الوحدة والإيمان كذلك، إلا أن كثافة التعذيب وقسوته تكسر أحيانا إرادة بعض المساجين فيستسلمون لقدرهم، وبعضهم لا يتحمل ويرحل عن الدنيا، دون أن تعقد له محاكمة أو أن يقف أمام قاضٍ.

قضية اضطهاد المسلمين في أريتيريا وبعض القوميات الأخرى من قبل السلطات، على عكس التعايش الذي يحدث في المجتمع، والفتن التي تثور بين الطوائف والأديان أغلبها إن لم تكن كلها من صنع أجهزة الأمن لكي تحكموا سيطرتهم على المجتمع.

رواية “عزيز” ضمن الروايات الأكثر مبيعا في معرض القاهرة

رواية “عزيز” لاقت رواجا كبيرا منذ طباعتها، وكانت ضمن المبيعات الأعلى في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته 55، وتعد أول عمل إرتري في أدب السجون، و تحمل طابعا أدبيا به الكثير من خيال المؤلف في سياق الأحداث، كما تصوغ تصورا لحياة أسر السجناء من الصغار والكبار.

كما سجلت رواية (عزيز) للكاتب الأرتري هاشم محمود اهتمامًا من قبل زوار معرض مسقط الدولي للكتاب

رواية “عزيز” صدرت عن دار النخبة المصرية وعن دار ابن رشيق الأردنية، وتصنف على أنها من أدب السجون.

المصدر: كتارا + نادي الجسرة الثقافي + قناة العربي + موقع جابر غتيق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار