غازي الذيبة

كخيوط الشمس
كالرشفة من شفة الكأس
كأدعية العشاق على باب القدس
كالرعشة في وتر مشدود بالقوس
كالدمعة حين تلامس شفة المشتاق بلا نَبْس
كالغمزة ساعة يلمحها العاشق في شباك الهمس
كالثغرة في سور فولاذي يتزلزل بالبأس
كيدٍ تتزين بالبارودة في دبكة يوم العرس
كدمدمة الأم حين يطول غياب الدار عن الأنس
كالفضة تلمع في أقراط صبايا الأمس
كالألف الممدودة يتهجاها طفل في أول درس
كالزهرة تتمايل فرحا بعد البؤس
عبرنا
وحملنا فوق الأكتاف الطوفان
عبرنا
لم ننظر للخلف ولا للباعة في سوق النحس
عبرنا
لم نترك أثرا للجن وراء بنادقنا أو بابا يدخله معنا الإنس
خبأنا في صندوق الجدات ملامحنا
ونثرنا ضحكتنا في أصقاع الدنيا حتى اعتدل الطقس
كخيوط الشمس عبرنا
كالفجر الصاهل أيقظنا النائم والخائف والمختل
واعدنا للكلمات معانيها
ولأبواب فلسطين أمانيها
وحملنا الأقصى فوق الأكتاف
عبرنا
لم يلتبس الليل علينا
أيقظنا النار المخبوءة في مألمة اليأس
ومشينا نركض نحو القدس
يا باب الله المفتوح على جنتنا جئناك
وثقبنا أسوار الرهبة في أرجاء النفس
كخيوط الشمس عبرنا
كرذاذ يهمي فوق البيارات
كأزهار الدفلى والدحنون
كنصال تنغرز بصدر الرجس
لم نترك غير بقايا آثار لخطانا
وزرعنا في أرض فلسطين ملاحمنا
منذ قيامة آدم حتى اشتعل الرأس
وعلى مهل من دون ضجيج كبّرنا
فالتفت السنوار ودق الباب
تَفتح ورد الكرمل
وتهادى لوز فوق تلال القدس
يا أجمل سحبة ناي مبحوح في هدأته
يا أروع بستان أنبته الله بغزة
يا أعظم غرس.
غ. ذ