البابور الموقع العربي

استهداف المقاومة الفلسطينية من “فصائل السلام” إلى “قوات دايتون”

303

مقارنة ما يسمى “فصائل السلام” التي حاربت الثورة الفلسطينية الكبرى (1936–1939) وقوات دايتون التي تحارب المقاومة الفلسطينية 

سمير الحجاوي 

عبر تاريخ القضية الفلسطينية، تكررت محاولات القوى الاستعمارية لخلق أدوات داخلية لضرب الحركات الوطنية من الداخل. خلال الثورة الفلسطينية الكبرى (1936–1939)، ظهرت ما يسمى “فصائل السلام” كواحدة من هذه الأدوات، وفي العصر الحديث، نشأت “قوات دايتون” ضمن مشروع أمني تحت إشراف أمريكي – إسرائيلي في الضفة الغربية.

المسار التاريخي

يُظهر المسار التاريخي لفصائل السلام وقوات دايتون أن القوى الاستعمارية والاحتلالية لجأت دومًا إلى أسلوب “الاختراق الداخلي” لضرب الحركات الوطنية. سواء عبر فصائل محلية مدعومة بريطانيًا في الثلاثينيات أو عبر أجهزة أمنية فلسطينية مدعومة أمريكيًا في العصر الحديث، كانت النتيجة واحدة: تفتيت الصف الوطني، إضعاف المقاومة، وتمكين الاحتلال من إحكام سيطرته.

إن دراسة تجارب فصائل السلام وقوات دايتون تكشف عن نمط تاريخي مستمر من توظيف الأدوات المحلية لضرب التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني.

في هذا التحليل، نستعرض نشأة فصائل السلام، دورها، تأثيرها، ونقارنها مع تجربة قوات دايتون والسلطة الفلسطينية.

 

أولاً: نشأة ما يسمى “فصائل السلام”

مع تصاعد الثورة الفلسطينية المسلحة ضد الاحتلال البريطاني والمشروع الصهيوني، وجدت السلطات البريطانية نفسها عاجزة عن السيطرة الكاملة، فلجأت إلى استراتيجية “فرق تسد”. تمثلت هذه الاستراتيجية بتسليح مجموعات فلسطينية محلية تحت مسمى “فصائل السلام”، مستفيدة من مخاوف بعض الإقطاعيين والوجهاء التقليديين الذين رأوا في الثورة تهديدًا لمصالحهم.

 

ثانيًا: دور ما يسمى “فصائل السلام”

فُرض على فصائل السلام تنفيذ مهام متعددة:

 مطاردة الثوار وتفكيك خلاياهم.

 تزويد سلطات الانتداب بالمعلومات الاستخباراتية.

 حماية القرى المتحالفة مع البريطانيين.

 نشر الرعب بين السكان لإضعاف الدعم الشعبي للثورة.

وقد أمدت السلطات البريطانية هذه الفصائل بالسلاح والمال والمعلومات، مما جعلها قوة موازية تعمل ضد طموحات التحرر الوطني.

 

ثالثًا: تقييم تاريخي لفصائل السلام

من خلال المصادر التاريخية:

 وصف عارف العارف فصائل السلام بأنها “خطة خبيثة لضرب الثورة من الداخل”.

 أشار عبد الوهاب الكيالي إلى أن هذه الفصائل كانت وسيلة لتمزيق وحدة الصف الوطني.

 بيّن محمد عزة دروزة أن فصائل السلام أحدثت شرخًا عميقًا داخل المجتمع الفلسطيني.

 أما توم سيغيف ومايكل كوهين، فأكدا أن فصائل السلام كانت أداة للاستعمار لتمزيق البنية الاجتماعية للثورة.

 

رابعًا: نتائج نشاط فصائل السلام

 تآكلت الحاضنة الشعبية للثوار.

 تفاقمت الانقسامات الداخلية.

 تمكنت بريطانيا من ملاحقة وتفكيك معظم الخلايا الثورية.

 انتهت الثورة الكبرى بانهيار تنظيمي وشعبي كبير بحلول عام 1939.

 

خامسا: قوات دايتون “السلطة الفلسطينية”

بعد انتفاضة الأقصى (2000–2005)، شرعت الولايات المتحدة في إعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية تحت إشراف الجنرال كيث دايتون. أهداف المشروع شملت:

 إنشاء قوات أمنية فلسطينية مدربة لحفظ الأمن الداخلي.

 ملاحقة خلايا المقاومة، خاصة حماس والجهاد الإسلامي.

 التنسيق الأمني الوثيق مع الاحتلال الإسرائيلي.

 قمع أي عمل مسلح أو احتجاج ميداني ضد الاحتلال.

 

مقارنة تحليلية بين فصائل السلام وقوات دايتون

فصائل السلام عام 1936                       

                          

          قوات دايتون والسلطة الفلسطينية عام 2000                                                                
المؤسس والداعم  سلطات الانتداب البريطاني الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي
الهدف الأساسي قمع الثورة المسلحة ضد الاحتلال البريطاني قمع المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي
طريقة العمل مطاردة الثوار والتجسس على المقاومة الشعبية مطاردة خلايا المقاومة وملاحقة الناشطين السياسيين
أثرها الاجتماعي تفتيت الوحدة الوطنية وبث الفتنة تعميق الانقسام الفلسطيني وتكريس الانفصال بين غزة والضفة
النظرة الشعبية خيانة وطنية وخدمة للاستعمار اتهامات بالعمالة الأمنية وخدمة الاحتلال

 

 

المراجع:

 عارف العارف، “الثورة العربية الكبرى في فلسطين 1936–1939”.

 عبد الوهاب الكيالي، “تاريخ فلسطين الحديث”.

 محمد عزة دروزة، “الثورة الفلسطينية الكبرى: خلفياتها وتطوراتها 1936–1939”.

 Tom Segev, “One Palestine, Complete”.

 Michael Cohen, “The Revolt in Palestine 1936–1939”.

 تقارير ومصادر حديثة عن قوات دايتون والسلطة الفلسطينية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار